ضعى إكتئابك الموسمى فى حجمه الطبيعى 2019

رغم أن فصل الربيع من أبهى فصول السنة، إلا إنه يعرف بموسم إزدهار الكآبة والتى تصيب بعض السيدات نتيجة التغيرات الجوية، حيث إن هناك تغيرات تحدث للمرأة نتيجة التقلبات المناخية، يزداد فيها النشاط العصبى، مع ملاحظة الشعور بالسعادة ثم تقلّب المزاج والإحساس بالضيق دون أي سبب واضح، ونتيجة لذلك فلقد أكد الباحثون أن المرأة أكثر عرضة للإصابة بمرض الإكتئاب من الرجل..

ويرجع د.مجدى دهب أستاذ الأعصاب بطب الأزهر هذه التغيرات فى المزاج إلى التغيرات الهرمونية التى تصيبها وما يصاحبها من نقص هرمون الأستروجين، وإضطراب نظام النوم -الأرق- متأثرا بتغير مادة الميلاتونين المنظمة لدورة النوم واليقظة، فضلا عن تذبذب الحالة الإنفعالية، مما يدفعها أحيانا إلى الغضب والثورة لأقل الأسباب، وكذلك يبدو تفكيرها مشوشا غير منظم، ينعكس في أخذ قرارات غير منطقية في بعض الأوقات، هذه الأعراض تظهر في بداية تغير الفصل، وتصيب في الأغلب الشخصية الإكتئابية الهوسية، لكن نسبة كبيرة من السيدات لا يهتممن بما يحدث لهن ويتعاملن مع الموقف بجهل قد يؤدى إلى تدهور الحالة إلى ما هو أبعد من أعراض موسمية.

ومن جانب آخر فإن عدد النساء اللواتى يتم تشخيص إصابتهن بمرض الإكتئاب يعادل ضعف عدد الرجال، وهناك العديد من العوامل البيوكيميائية والوراثية والبيئية يمكن أن تكون المسببة لهذا المرض كتغيرات فيزيائية للمواد الكيميائية التى توجد فى دماغ الإنسان بشكل طبيعي، وهى -ناقلات عصبية- لها علاقة بالمزاج، وتلعب دورا فى الإصابة بالمرض وأيضا الخلل فى التوازن الهرموني فى الجسم، أما هذا بالإضافة للعوامل الوراثية حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن ظهور الإكتئاب أكثر إنتشارا لدى الأشخاص الذين لديهم أقارب مصابون به، أما العوامل البيئية فتتمثل فى المصاعب التى يواجهها الإنسان ويصعب عليه تقبلها أو التكييف معها، مثل فقدان شخص عزيز، أو مواجهة مشاكل اقتصادية.

وعلى الرغم من أن المرأة أكثر تعبيراً عن حالتها النفسية من الرجل وأكثر قبولاً للمساعدة الطبية النفسية فقد أشارت الأبحاث إلى أن معدل الإكتئاب لدى المرأة ضعف معدله فى الرجل، وذلك طبقا للتكوين العاطفى للمرأة والتغيرات البيولوجية التى تتغير معها كيمياء الجسد والمخ، ويزداد هذا الوضع مع الحمل والولادة وبعد إنقطاع الدورة وبالتالى تعانى المرأة من آثار إنخفاض مستوى هرمون الإستروجين فى الدم، وعلى الرغم من أن هذه النسب العالية للإصابة بالإكتئاب تصيب المرأة، فإن كثيراً من الحالات لا يتم تشخيصها لأن المرض ربما لا يظهر فى صورة صريحة ولكن على هيئة شكاوى جسدية مثل الصداع المستمر وآلام بالجسد وإضطرابات فى وظائف الجهاز التنفسي أو الهضمي وغيره، وهذا يجعل الأمر يتداخل مع إضطرابات عضوية أخرى مع أنها فى الأصل حالة إكتئاب نفسى ولكنه متخف فى صورة أعراض جسمانية، وحين لا توجد فرصة للتعبير عن الإضطرابات الوجدانية بشكل مباشر فإن الجهاز النفسي للمرأة يحول جزءاً كبيراً من الإكتئاب إلى أعراض جسمانية لكى تحظى هذه الإضطرابات الجسمانية بالإهتمام.

ويضيف د.مجدى أن المرأة تقع تحت ضغوط شديدة تسبب لها إكتئاباً مزمناً وربما عقداً نفسية، وأن من أهم مصادر إكتئاب المرأة هو الرجل ومعاملته السيئة لها، والإستهزاء بما تقوم به سواء كان فى العمل أو في المنزل، وهذا ما أشارت إليه دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية بالقاهرة، ولأن المرأة سهلة الوقوع في براثن الإكتئاب، نظراً الى تكوينها الجسدي والنفسى فنجدها قد تصاب به لاسيما بعد الزواج لأنه مرحلة حاسمة فى حياتها.

ويشير طبيب الأعصاب أن أعراض الإكتئاب لدى الرجال تختلف تماما عنها لدى النساء، فعندما يتعرض الرجل لضغط عصبى فإنه يحاول التصدي له بتكثيف ممارسته للرياضة أو تركيز إهتمامه على العمل وأنشطة الإنترنت، وذلك لكي يصرف ذهنه عن المتاعب النفسية التي يعاني منها، ونظرا لقلة إعتراف الرجال بما يعانون من أعراض تشير إلى متاعبهم النفسية، لا يتم تشخيص وعلاج الأمراض النفسية لديهم بشكل كاف، ومن ثم تظهر أعداد الإصابة بالإكتئاب لدى الرجال أقل منها لدى النساء.

وعلى الرغم من انه ليس هناك طريقة للوقاية من الإكتئاب، إلا أنه يمكن إتخاذ بعض التدابير للسيطرة على التوتر، من خلال ممارسة النشاط البدنى، فكلما قل مستوى نشاط المرأة البدني وزادت ساعات جلوسها، زاد إحتمال إصابتها بالإكتئاب، فالجلوس لفترات طويلة دون بذل أي مجهود حركي.. يعطي المرأة الشعور بالإنعزال التام والإحباط.. والتوتر النفسي، بينما قضاء الوقت في نشاط بدني يقوي ثقة المرأة بنفسها ويمنحها الإحساس بالسيطرة والإقبال على الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى