صمت الخطاب

صمت الخطاب

تنطفأ الأنوار كل ليلة ليسكن جميع الأشياء

يصمت المقر.. ويهدأ الدهر

راحة يعم جميع الأشياء

تختلجه دقات الساعة الجدارية متكتكةً رويداً رويداً

تغمض العينان.. وتغلق الجفنان..

ليبدأ أثناءها صراخ من نوع آخر

صراخ الذات الباحثة عن السكون

صراخ تتناقله الأفكار والذكريات

بين لحظة ولحظة يتجاوز أمامك شريط غير منتهي من الذكريات

ذكريات من زمن الوجع والقسوة

ذكريات تشعرك بمرارة الدهر وقسوة الوقت وألم الواقع

تعزف على سريرك ألحاناً من الأنات

ترتلها وتغنيها جروحك النازفات

فمن جرح إلى جرح..

ومن وجع إلى وجع..

تتقلب في فراشك أملاً في الاستسلام للنوم

فإذا بك تقلب صفحات من ذكريات الزمن الفائت

لا يحضرك منها إلا المؤلم والمزعج

وكأنك تتوسد طرفاً من أطراف وسواس خناس

تستعيذ من الشيطان الرجيم ثم تركن الهم جانباً وتنظر إلى الجهة المقابلة

تغمض عينيك مراراً وتحاول الراحة والسُّكون

ولكن الصراخ يعلو.. ويضطرب في جوفك..

صراخ عشت معه زمناً ولكنه أصبح هاجساً لا يطاق..

تحبسه وتمنعه من تخطى عقبة لسانك

وتكابر وتضن نفسك قادراً على كتمانه

شيئاً فشيئاً يعلو الصراخ

تطبق شفتيك اطباقاً لحبسه في سجن أضلعك

تردعه من رفع صوته خارجاً

ولكنك تبدأ في الانهيار

لم تعد بك قوة لتحمل المزيد من الضغط

عندها تطلق له العنان ليعبر عن غضبه

تفتح له مجراً من الدموع

سيلاً جارفاً تغسل به جروحاً لم تندمل

ذكريات تؤرقك في سباتك ويقظتك

ذكريات حرمتك من وقتك

وشغلتك في حزنك

تنظر حولك فلا ترا شيئاً من شدة الظلمة

ترخي سمعك أملاً في صوت يؤنس وحشتك

تك تك تك تك تك

لا تزال هذه الساعة تتكتك

صمت خارجي.. وصراخ داخلي..

وأنت حائر بين التكتم على ذلك والتفكر في هذا

يراودك عندها تساؤل عن صمتك وصراخك…

كيف قابل الصوت والصمت في وقت واحد؟

ولكنه من غير شك: خطاب الصمت أو صمت الخطاب…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى