سوق أم درمان.. تفاصيل الحريق (الكبير)…

السودان اليوم:

والساعة تشير للثانية صباحاً، كان سوق أم درمان على موعد مع الكارثة عندما شب حريق تسبب في إتلاف ودمار عشرات المحلات التجارية لاسيما المتخصصة في بيع الأقمشة والكريمات واستمر الحريق زهاء الـ12 ساعة، بذلت فيها قوات الدفاع المدني مجهودات جبارة لإخماد النيران بقوة غير مسبوقة، وأسطول من عربات الإطفاء بلغ 24 عربة، وقد هرع المسؤولون إلى موقع الحدث للوقوف على الأضرار والخسائر يتقدمهم والي ولاية الخرطوم الفريق أول هاشم عثمان الحسين، ومدير عام شرطة ولاية الخرطوم، ومعتمد أم درمان الفريق الركن أحمد علي أبوشنب. ولم تحدد الجهات المختصة أسباب الحريق والخسائر، غير أن شهود عيان أكدوا للصيحة أن سبب الحريق ناتج من التماس كهربائي في إحدى “الأميات” من الناحية الشمالية للسوق.

1

قلب الحدث… مغامرة وسط سحب الدخان

فور وصول نبأ الحريق، توجهت الصيحة إلى موقع الحدث، فوجدت ازدحاما كبيراً في شارع كرري، والشرطة تطوق المكان، توقفت الحركة تماماً وأغلقت المحلات التجارية، لم يكن الطريق سالكًا لكي نصل إلى موقع الحدث، فالدخول إلى مكان الحريق يحتاج إلى مغامرة وسرعة اقتحام وقليل من الحذر، بعد جهد وعناء كانت الصيحة في قلب الحدث، وسط سحب من الدخان والنيران المشتعلة التي ساعد في اشتعالها المواد الكيميائية الموجودة في مستحضرات التجميل، لتنتقل النيران من محل إلى آخر وتقضي على الأخضر واليابس.

2

شاهد عيان.. من هنا بدأت الكارثة

بحسب شاهد عيان، ويدعى حذيفة يعمل في محلات أرض الذهب لبيع المجوهرات، أنه في حوالي الساعة الثانية صباحاً حدث التماس كهربائي في إحدى “الأميات” وتطاير الشرر ليمسك بأحد المحلات القريبة لتشتعل النيران، وقد ساعد ارتفاع معدل تيار الهواء في تأجيج النيران. ويضيف حذيفة: فور اندلاع النيران هرعنا لإنقاذ الموقف، ولكن للأسف فشلنا في إخماد النيران نتيجة لعدم وجود معينات، ففضلنا أن نساعد في نقل البضائع الموجودة في المحلات لتخفيف الخسائر.

ويكشف حذيفة أنه وبعد ساعة من اندلاع النيران حضرت إلى السوق عربتا إطفاء من قوات الدفاع المدني، ثم توالى حضور العربات ألى أن بلغت 24 عربة.

3

التجار.. سلوك فردي يقود إلى الضرر الجماعي

بعد نصف ساعة من اشتعال الحريق، انتشر الخبر، وهرول التجار إلى محلاتهم، وتبقى واحدة من الأخطاء الكبيرة التي ساهمت في الدمار الذي تعرض له سوق أم درمان، وبحسب إفادات من التقتهم الصيحة، أن كل شخص فكر في نفسه وهرول ناحية متجره لإفراغه من البضاعة، فكان الضرر جماعياً والثمن غالياً. وفي ذلك يقول سمير محمد أحمد: لو تضامن البعض وسعوا لإخماد النيران التي شبت في أول متجر كان يمكن أن يكون الضرر خفيفاً، غير أن تفكير كل شخص في نفسه قاد إلى توسيع دائرة الكارثة.

4

الخسائر.. 300 محل و“850” مليون جنيه و”4″ ملايين دولار

الهمس الذي ظل يدور طيلة ساعات وجودنا بقلب الحدث في سوق أم درمان، إنه بجانب الدمار الكلي الذي لحق ببعض المحلات التجارية، فإن النيران التهمت ملايين الجنيهات من الكتل النقدية فضل أصحابها تخزينها في محلاتهم التجارية بدافع تحريكها في عمليات البيع والشراء، وتحدث الناس عن مبالغ ضخمة، وقال عدد من تجار سوق أم درمان الذي اندلعت فيه النيران فجر أمس بسبب التماس كهربائي، أن النيران قضت على عدد “300” محل تجاري والتهمت سيولة تقدر ب “850” مليون جنيه و”4″ ملايين دولار، كانت بداخل المحلات التجارية التي قضت عليها النيران.

5

العرض الخارجي.. المعيق الأكبر لإخماد النيران

واحدة من المعيقات التي أعاقت قوات الدفاع المدني وصعبّت من مهمتها ضيق مداخل ومخارج السوق، الفرندات والمظلات الطائرة المخصصة للعرض الخارجي، مما أعاق دخول عربات الإطفاء، وأدى إلى استمرار الحريق لساعات طويلة، الأمر الذي جعل قوات الدفاع المدني تضطر الى استخدام أكثر من خرطوم مياه وتوصيلها مع بعضهم البعض، لأن العربة تقف على مسافة 200 متر من مكان الحريق، وهذه واحدة من النقاط التي أشار لها معتمد أم درمان في إفادته للصيحة بقوله، كان يمكن أن تتم السيطرة على الحريق في أقل من ثلاث ساعات، ولكن العرض الخارجي للمحلات صعّب من المهمة ووعد بمعالجة، هذا الأمر على جناح السرعة.

6

أصحاب الدرداقات.. مصائب قوم عند قوم فوائد

مصائب قوم عند قوم فؤائد، مقولة جسدها أطفال الدرداقات، الذين نشطوا وراج سوقهم وكثر الطلب عليهم، حيث تم استخدامهم في نقل البضاعة خارج السوق، رأينا عدداً مهولاً من أصحاب الدرداقات يعملون في همة ونشاط جيئة وذهاباً، وعلى الرغم من أن وجودهم أعاق من حركة السير وخلق نوعاً من الازدحام، إلا أنه كان ضرورياً ومبررًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وظهر أيضاً في مسرح الأحداث بعض المتطوعين الذين حملوا البضاعة على ظهورهم من باب الشهامة والمروءة، ولا تخلو هذه اللحظات من أصحاب القلوب المريضة الذين لديهم مآرب أخرى من باب الزحمة فيها الرحمة.

7

الغرفة التجارية.. حجم الخسائر فوق التصور

عوض الجيد علي الزبير رئيس الغرفة التجارية بأم درمان عبر عن بالغ حزنه وأسفه الشديد لما أسماه بالكارثة التي حلت بسوق أم درمان من جراء الحريق، وأشار في حديثه للصيحة إلى أنهم تلقوا نبأ الحريق من أفراد من الشرطة الموجودين بالسوق فهرعوا إلى موقع الحدث، ووجدوا أن شرطة الدفاع المدني قد باشرت مهامها، وأشار عوض الجيد أن الخسائر أكثر مما كانوا يتصورون، وبحسب إفادته أن الخسائر تقدر بملايين الجنيهات، مبيناً أن الحريق شبّ في سوق الأقمشة والكريمات وجُلّها مواد تساعد على الاشتعال، مشيراً إلى أنه لم تكن هنالك خسائر في الأرواح، إلا أن هنالك أضراراً بالغة في الممتلكات والمباني، بجانب أموال ضخمة من الكتلة النقدية تقدر بمئات المليارات بحسب قوله، ويمضي عوض الجيد في حديثه للصيحة، لم نستطع حصر الخسائر، لكن واقع الحال يشير إلى نتائج كارثية، وثمن دور قوات الدفاع المدني على وجه الخصوص ورجال الشرطة والمسؤولين، على رأسهم والي الولاية ومعتمد أم درمان لوقوفهم وقفة رجل واحد، وطالب عوض السيد بلقاء مع الوالي لترتيب بعض الأمور المتعلقة بالسوق تفادياً لما حدث في مقبل الأيام.

8

معتمد أم درمان.. أبوشنب في قلب الحدث

أكد معتمد أم درمان الفريق ركن أحمد علي أبوشنب أن العديد من المحلات التجارية بسوق أم درمان قد تأثرت بالحريق لاسيما تلك الواقعة في الشمال الشرقي من السوق، حيث تعرضت لأضرار بالغة، وقال أبو شنب إن الخسائر كان يمكن أن تكون أقل بذلك بكثير لولا وجود العرض الخارجي الذي أدى إلى إغلاق الشوارع مما أعاق حركة عربات الإطفاء، فضلاً عن وجود ألواح الزنك المستخدمة كعريشة والتوصيلات العشوائية لأسلاك الكهرباء، كلها عوامل أدت إلى إعاقة رجال الإطفاء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإخماد النيران في وقت وجيز، وأكد أبو شنب أنه سيصدر توجيهات بإزالة العرض الخارجي، وفتح الممرات حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث، مشيراً إلى أن الفريشة والبائعة الجائلين ساعدوا على حدوث الفوضى بالأسواق، ووعد بمعالجات جذرية ستطال السوق في القريب العاجل.

9

الخاسرون.. تفاصيل صادمة ومؤلمة

لم يدر بخلد حسن جمعة، أن الأقدار تخبئ له خبراً فاجعاً عندما رن جرس هاتفه عند الرابعة صباحًا ليعلم أن حريقاً قد شب بسوق أم درمان، فهرول على جناح السرعة، لم تصدق عيناه ما حدث، وهو يتحسس الطريق وسط سحب من الدخان ليجد محله منهاراً تماماً وأتلفت كل البضائع الموجودة بداخله، ولم ينج من ذلك جاره من الناحية اليمنى أحمد ليتوالى مسلسل انهيار المحلات تباعاً.

يمضي حسن في حديثه للصيحة، ويقول: الخسارة كبيرة، والأمر فاجع للغاية والضرر بالغ خاصة وأن بالمحل مبالغ مالية عبارة عن أمانات خاصة بصناديق وأناس أودعوها لي يفترض أن تسلم لأصحابها، كاشفاً أن السيولة الموجودة بالمحل تقدر بقيمة 262 ألفاً خاصة بصرفة صندوق، مشيراً إلى أن البضاعة التي دمرتها النيران تم شراؤها بالدفع الآجل وتقدر بمليوني جنيه، وكلها عبارة عن ديون واجبة السداد.

11

شرطة الخرطوم.. تقرير (ميداني) أولي

في تصريحاته أمس بموقع الحدث، كشف الفريق شرطة إبراهيم عثمان، مدير شرطة ولاية الخرطوم أن بداية الحريق كانت بسوق التوابل، ثم انتقلت إلى سوق الأواني المنزلية مروراً بسوق العطور ومستحضرات التجميل ليشمل عدداً من المحلات داخل السوق، وأشار الى أن العاملين بالأدلة الجنائية يباشرون أعمالهم لتحديد سبب الحريق، موضحاً أن قوات الدفاع المدني شاركت في إطفاء الحريق بـ 21 عربة إطفاء وتم تأمين السوق بأربعة فصائل من الشرطة تأميناً كاملاً، مؤكداً أن قوات الدفاع المدني سيطرت على الحريق عند العاشرة صباحاً، وأكد أنهم سيقومون بحصر الخسائر وتحديد المحلات المتضررة، وأشار مدير شرطة ولاية الخرطوم إلى وجود معوقات بسوق أم درمان ينبغي معالجتها بصورة عاجلة.

13

عزيزة … ضياع ملايين (الدكوة)

كشفت عزيزة عبد الله إحدى بائعات الدكوة بسوق أم درمان عن خسارتها مبلغ مليوني جنيه التهمتها النيران كانت تودعها كأمانة عند أحد التجار الذين تعرضت محلاتهم للدمار الكلي، وقد أجهشت عزيزة بالبكاء وأصيبت بحالة أشبه بالانهيار، وهي ترى كد عمرها يتلاشى في دقائق معدودات وسط مواساة أقربائها ومعارفها، وقد كشف عدد من أصحاب المحلات أن مبالغ مالية مقدرة التهمتها النيران، لم يتم حصرها بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى