د.عيسى حمودة: حول صناعة الثورة

حالة ركود ثوري غريبة في السودان. وحالة من اللاتوحد وسط السودانين – في الخارج والداخل – بصورة لم يسبق لها مثيل

هل غياب الفكرة الكبيرة ( أيدلوجيا مثلا) هو السبب؟ يحتاج بناء النظم الي ‘فلسفة ما’ توحد مجموعات الناس حول هدف كبير ينجز في فنرة محددة وبعدها ينصرف الناس الي شؤونهم الخاصة ( فلسفاتهم وأهدافهم الخاصة). لا احد يود ان يوقع علي ‘ شيك بياض’ ومن غير رصيد ليكون رهينة له طوال حياته.

الثورة المهدية مثال جيد للاستلهام منها. وحدت الثورة المهدية شتات الناس من خلال صياغة رؤية فلسفية وأيديولوجية مدروسة. وعملت من خلال خطة تواصل وإعلام محكمة علي اختصار الامر في : الاصلاح الديني، التحرر الوطني والحكم الذاتي – كانت تلك محركات أيدلوجية وفكرية ساعدت في دعم الثورة المهدية من مجموعات لم تؤمن بمهدية المهدي ولا بشخصية الخليفة غير المعروفة بصورة كبيرة في الوسط الديني او الاجتماعي. مع ذلك إلتف الناس حول قيادات المهدية. وحقيقة كان خطاب الثورة المهدية يتحدث عن كل قضايا السودان وقتها – من فساد وضيق معيشة وازمة اخلاقية وغيرها- ولكن ربط ذلك بايدولوجيته المركزية كانت هي من خلقت الحراك الشعبي وجيشت الجيوش.

ماهو المحرك الايدلوجي او الفلسفي الذي يمكن ان نطرحه لإحداث التغيير؟ فيما عدا الحركة الشعبية وحركة السودان الجديد بقيادة عبدالواحد ليس هناك في الساحة فكرة أيدلوجية فلسفية مطروحة بصورة واضحة. البعض يطرح مبادي واهداف عامة – مثل إستعادة الديمقراطية ومحاربة الدولة الدينية. والبعض الأخر يتحدث عن تغيير مظاهر الأزمة- ازمة سياسية، ازمة اقتصادية، ازمة أمنية. المواطن يري أن من يطرح هذه الرؤي ساهم بصورة أ أخري في صناعة وتزايد تلك الازمات. ويري أن قيام الإنقاذ جاء من تمكين الإسلاميين بصورة غير متكافئة من محاباة اقتصادية وسياسية مكنتهم من الانقضاض علي الديمقراطية. وحدث ما حدث من بعد ذلك. حقيقة هدم الترابي لتلك الفلسفة الكبيرة التي مكنت الحركة الاسلامية من النجاح هي من عجلت بنهايته ونهاية الإسلاميين. هذا ما حدث للحركة الشعبية ايضا بعد وفاة قرنق.

هل طرح روية فلسفية كبيرة تخرجنا من حالة التشتت واللوم وعدم الثقة في منظوماتنا الحالية وبالتالي يساعد في إحداث حراك لإنجاز هدف كبير؟ هل مثلا تسويق أن البشير – اى الانقاذ – تحولت ديكتاتورية فرد وإن هناك فرصة مؤاتية الآن لإنقاذ الوطن وأن حديثنا عن البديل هو محل نقاش ولكن إيقاف هذا العبث في حد ذاته امر كبير ويسمو فوق اَي تفاصيل اخري؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى