دعاء القنوت في صلاة الفجر

الدعاء

الدعاء لغة: الطلب والابتهال: يُقال: دعوتُ اللَّه أدعوه دعاءً: ابتهلت إليه بالسؤال، ورغبت فيما عنده من الخير، ودعا اللَّه: طلب منه الخير، ورجاه منه، ودعا لفلان: طلب الخير له، ودعا على فلان: طلب له الشر.[١] والدعاء اصطلاحاً: سؤال العبد ربه بشتّى الأمور على وجه الابتهال، وقد يُسمّى الدعاء بالتقديس، أو التحميد، أو غير ذلك.[٢]

دعاء القنوت وحكمه في صلاة الفجر

اختلف الأئمة حول القنوت في صلاة الفجر، فذهب الإمام أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله أن القنوت لا يُسن في صلاة الصبح أو غيرها من الصلوات، ويقتصر على الوتر فقط، وهو أمر ورد في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (أنَّ رسولَ اللَّهِ قنتَ شَهرًا يدعو على حيٍّ من أحياءِ العربِ ثمَّ ترَكَهُ)،[٣] وحديث الرّسول عليه السّلام: (عن أبِي مالكٍ قال قلتُ لأبِي: يا أبَتِ إنَّك قد صَلَّيتَ خلْفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأبِي بكرٍ، وعُمرَ، وعُثمانَ، وعلِيِّ بنِ أبِي طالِبٍ هاهُنا بالكُوفةِ، نَحْوًا من خَمْسِ سِنينَ، أكانُوا يَقْنُتُون؟ قال: أيْ بُنيَّ! مُحدثٌ).[٤]
أمّا كل من الشافعي ومالك فذهبا إلى أنّ القنوت في صلاة الفجر هي سنة على اختلاف الأزمان، وذهب مالك والشافعي إلى أن القنوت في صلاة الصبح سنة في جميع الزمان، للحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (ما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقنُتُ في الفجرِ حتى فارَق الدُّنيا)،[٥] وسار الصحابة على هذا الأمر؛ فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقنت في صلاة الصبح بحضور الصحابة وغيرهم.[٦]

دعاء القنوت

  • (علَّمني جَدِّي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَ في الوِترِ: اللَّهمَّ اهدني فيمن هديتَ، وعافني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقِني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يُقضى عليكَ، وإنَّهُ لا يذِلُّ من واليتَ، ولا يعِزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).[٧]
  • (اللَّهُمَّ اغفِر لَنا وَلِلْمُؤمنينَ والمُؤْمِناتِ، والمسلِمينَ والمُسْلِماتِ، وألِّف بينَ قلوبِهِم وأصلِح ذاتَ بينِهِم، وانصُرهم علَى عدوِّكَ وعدوِّهم، اللَّهمَّ العَن كفَرةَ أَهْلِ الكِتابِ الَّذينَ يصدُّونَ عَن سبيلِكَ ويُكَذِّبونَ رُسُلَكَ، ويقاتِلونَ أولياءَكِ، اللَّهمَّ خالِف بينَ كلِمتِهِم، وزَلزِلْ أقدامَهُم، وأنزِلْ بِهِم بأسَكَ الذي لا تردُّهُ عنِ القومِ المُجرمينَ، بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللَّهمَّ إنَّا نَستعينُكَ ونَستغفِرُكَ، ونُثني علَيكَ ولا نَكْفرُكَ، ونَخلعُ ونَترُكُ من يفجُرُكَ، بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعبدُ، ولَكَ نُصلِّي ونسجُدُ، ولَكَ نَسعَى ونَحفِدُ، ونخشَى عَذابَكَ الجِدَّ ونَرجو رحمتِكَ، إنَّ عذابَكَ بالكافِرينَ مُلحِقٌ).[٨]

فضل صلاة الفجر

من فضل مداومة المسلم على صلاة الفجر ما يأتي:[٩]

  • من صلّى الفجر فهو في حفظ الله، ورعايته، وعنايته، وذلك لما ورد عن الرّسول عليه السّلام في الحديث الشريف: (مَن صلى الصبحَ فهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّ من يَطْلُبْه من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، يُدْرِكْه، ثم يَكُبَّه على وجهِه في نارِ جهنمَ)[١٠].
  • صلاة الفجر تُنجي المسلم من النار وعذاب جهنّم، وهو الأمر الذي ورد في الحديث الشريف عن الرسول عليه السّلام: (لن يلجَ النارَ أحدٌ صلى قبل طلوعِ الشمسِ وقبل غروبها – يعني الفجرَ والعصرَ -. فقال لهُ رجلٌ من أهلِ البصرةِ: أأنت سمعتَ هذا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قال: نعم. قال الرجلُ: وأنا أشهدُ أني سمعتُه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، سمعتْهُ أذنايَ، ووعاهُ قلبي).[١١]
  • تُعدّ صلاة الفجر سبباً لدخول المسلم الجنّة، كما ورد في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: مَن صلَّى البردَينِ دخَل الجنةَ).[١٢]
  • قراءة القرآن الكريم عقب صلاة الفجر له ميزة خاصّة دون الأوقات الأخرى، فقد ورد ذلك في القرآن الكريم: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)،[١٣] وفي الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (يَتَعاقَبونَ فيكُم: ملائِكَةٌ بالليلِ، وملائِكةٌ بالنهارِ، ويجتمعونَ في صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العصرِ، ثم يَعْرُجُ الذينَ باتوا فيكُم، فيَسألُهُم وهو أعلَمُ بِهِم: كيفَ تَرَكتُم عِبادي؟ فيقولون: تَرَكْناهُم وهُم يُصلونَ، وأتَيناهُم وهُم يُصلونَ).[١٤]
  • في أداء كل من صلاتي الفجر والعشاء أجر قيام الليل كلّه، فقد ورد هذا الأمر في الحديث الشّريف عن الرّسول عليه السّلام: (دخل عثمانُ بنُ عفانَ المسجدَ بعد صلاةِ المغربِ، فقعد وحدَه، فقعدتُ إليهِ. فقال: يا ابنَ أخي! سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: من صلّى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ، ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلّى الليلَ كلَّهُ).[١٥]
  • تنقية النفس والقلب من النّفاق، فهي من أصعب الصلوات، إذ إنّ صلاة الفجر تُفرّق بين المسلم الحق والمنافق، وهو كما ورد في الحديث الشّريف عن الرّسول عليه السّلام: (إنَّ أثقلَ صلاةٍ على المنافقِينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوهُما ولو حَبوًا، ولقد هممتُ أن آمرَ بالصلاةِ فتقامُ، ثم آمرُ رجلًا فيُصلِّي بالناسِ، ثم أنطلقُ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاةَ، فأُحَرِّقُ عليهم بيوتَهم بالنارِ).[١٦]
  • ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، وهو الفضل الوارد في الحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها).[١٧]
  • في المحافظة على صلاة الفجر صحّة في الروح، وقوّة في القلب، ونشاط في الجسد، وهو كما ورد في الحديث الشّريف عن الرّسول عليه السّلام: (يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَةِ رأسِ أحدِكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مكانَ كلِّ عُقْدَةٍ: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارْقُدْ، فإنِ استيقظ فذكر اللهَ انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإن توضأ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإن صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كلُّها، فأصبح نشيطًا طَيِّبَ النفسِ، وإلا أصبح خبيثَ النفسِ كسلانَ).[١٨]

المراجع

  1. مجمع اللغة العربية (2004)، المعجم الوسيط (الطبعة الرابعة)، جمهورية مصر العربية: مكتبة الشروق الدولية، صفحة 194، جزء 11.
  2. د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 5، جزء 1. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1078.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 402.
  5. رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1/303.
  6. “دعاء القنوت: معناه وحكمه”، إسلام ويب، مركز الفتوى، 24-3-2000. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1425.
  8. رواه البهيقي، في السنن الكبرى للبيهقي، عن عبيد بن عمير، الصفحة أو الرقم: 2/211.
  9. د. أمين بن عبدالله الشقاوي (20-8-2014)، “فضل صلاة الفجر”،الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جندب بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 6339.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمارة بن رؤيبة، الصفحة أو الرقم: 634.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 574.
  13. سورة الإسراء، آية: 78.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 555.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 656.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 651.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725.
  18. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 8107 .

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى