دروس اللغة العربية , درس العطف

دروس اللغة العربية , درس العطف , دروس النحو

من التوابع العطف. ذكر أن التوابع أربعة النعت والعطف والتوكيد والبدل. ذكر النحويون أن العطف ينقسم إلى قسمين؛ عطف بيان، وعطف نسق. والبعض هنا في عطف النسق. وهو أن يعطف اسم على اسم، أو فعل على فعل. سموه عطفا من باب الانعطاف إلى الشيء أي الرجوع إليه انعطف إلى المكان يعني رجع إليه. ويقال عطف العود يعني رد رأسه إلى رأسه، وعطف البعير رأسه يعني رده إلى جنبه مثلا، وعطفت الثوب بعضه إلى بعض؛ يعني رددت بعضه إلى بعض.

فالعطف معناه رد كلام إلى كلام سابق. عطف البيان يكون بغير حروف بل اسم بعد اسم بدون حرف فاصل بينهما؛ مثل أن يقول: جاء زيد أخوك؛ فأخوك عطف بيان لزيد؛ لأنه هو المعنى الأول. فالأول الذي هو الاسم تبعه الاسم الثاني الذي هو لفظ أخوك. أما عطف النسق فهو الذي يكون بهذه الحروف.

حروف العطف عشرة وهي:

“الواو والفاء وثم وأو وأم وأما وبل ولا ولكن وحتى في بعض المواضع. فإن عطفت بها على مرفوع رفعت، أو على منصوب نصبت، أو على مخفوض خفضت، أو على مجزوم جزمت. تقول: جاء زيد وعمرو، ورأيت زيدا وعمرو، ومررت بزيد وعمرو وزيد لم يقم ولم يقعد.”

يعني استوفى الحروف المشهورة التي يعطف بها. وأكثرها استعمالا الواو؛ فإن العطف بها هو المشتهر الكثير. ولهذا يكثر ذكر العطف بها في القرآن. فتعطف بها مرفوعا على مرفوع؛ مثل قوله تعالى: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ يعني داود مرفوع وسليمان مرفوع. وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ كلها مرفوعة معطوف بعضها على بعض بالواو.

وكذلك أيضا قد تعطف على منصوب مثل قوله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ لما كان الأول منصوبًا كانت كل البقية منصوبة تابعة للمنصوب. وكذلك قوله تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ هذه مجرورة؛ ولكن الأسماء التي لا تنصرف جرها بالفتحة ولهذا عطف والأسباط وعيسى وأيوب ويونس.

الحاصل أن العطف على المجرور تكون المعطوفات بعدها كلها مجرورة. وكذلك العطف على المنصوب. فالواو هذه أم الباب. وقد اختلف النحويين هل المعطوف بالواو يقتضي الترتيب، أو لا يقتضي الترتيب وأكثرهم على أن الواو لا تقتضي الترتيب، بل الواو لمطلق الجمع. فإذا قلت مثلا: جاء خالد وإبراهيم وسعيد؛ فلا يلزم أن يكون الذي ذكرته هو أول من جاء، وإنما أثبت أنهم كلهم جاءوا، ولم تذكر الأول والثاني والثالث فى المجيء؛ إنما هي لمطلق الجمع. وقالوا: من الأدلة على أنها لا تقتضي الترتيب ذكر الأنبياء في سورة الأنعام في قوله: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا لم يذكر الله تعالى الترتيب؛ لا ترتيبا في الزمان، ولا ترتيبا في الرتبة والفضل. عطف بعضهم على بعض لمطلق الجمع. فالحاصل.. أنه إذا عطف اسم على اسم فإنها كلها تتبعه أي تتبع الأول في إعرابه.

فاستحضر إذا قرأت الاسم الأول؛ إذا قرأته استحضر إعرابه، وحاذر أن تعطف عليه ما يغيره في الإعراب. فإذا قرأت مثلا: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ لما كان الأول مجرورا تبعته بقية المعطوفات في الجر. أما قوله: جِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ؛ فإنها لا تنصرف وإلا فمحلها الجر. يخطئ يعني يخطئ الكثير في عدم الانتباه للاسم الأول، فلا يبالون برفع المعطوف على المجرور، أو نصب المرفوع مع أنه معطوف، رفع الاسم المعطوف على مجرور أو على منصوب. وذلك من عدم الانتباه. القارئ عليه أن ينتبه للاسم الأول، ثم يعطف عليه ما بعده؛ ويجعلها على وتيرة واحدة وإعراب واحد؛ حتى لا يقع في هذا الاختلاف، ولا يقع في اللحن؛ هذا العطف بالواو.

أما العطف بالفاء؛

فإن الفاء للترتيب ولكنه ترتيب متوال متقارب. فإذا قلت مثلا: صلى سعيد فعمرو فزيد فخالد؛ اقتضى أنه كلما صلى واحد ابتدأ الثاني. وكذلك في الدخول؛ إذا قال لك مثلا: أدخل زيدا فعمرا فسعدا فسعيدا؛ المعنى كلما دخل الأول فأتبعه الثاني. فهذا لا يقتضي أنهم يدخلون دفعة واحدة؛ بل مرتبين. فالواو للترتيب. ويلاحظ العطف بالفاء، وأنه يقتضي المتابعة في الإعراب. فإن كان مرفوعا؛ فإنه يرفع ما عطف عليه؛ إذا قلت مثلا: قرأ سعد فبكر فبشر؛ فالمعنى: قرأ كل واحد منهم بعد الآخر؛ فكلها مرفوعة.
وإذا قلت مثلا: أدخلت سعدا فزيدا فعمرا؛ اقتضى أنها كلها منصوبة. وإذا قلت: بدأت بالقرآن فالحديث فالتأريخ فالتفسير؛ معناه: أنك رتبت قرأت آية، ثم قرأت حديثا، ثم قرأت ترجمة. وهكذا فتكون أيضا كلها مجرورة لأنها معطوفة على مجرور.

أما العطف بثم؛

فإنها للترتيب والتأخر. المعطوف بثم لا شك أنه متأخر عن المعطوف عليه، وبينهما مهلة وزمن قليل أو كثير فقوله تعالى: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ كل هذه أفعال مرتبة؛ حصل الأول قتل كيف قدر كيف قدر . حصل بعده النظر ثُمَّ نَظَرَ حصل بعده العبوس ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ حصل بعده الإدبار ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فهذه الأفعال كلها معطوف بعضها على بعض بثم. وهي مرتبة؛ أولها مثلا التقدير قَدَّرَ وثانيها النظر، وثالثها العبوس إلى آخره. وهكذا مثلا إذا قلت: جاء زيد ثم إبراهيم ثم سعيد ثم بشر؛ بين كل اثنين مهلة وزمان.
ولاحظ أيضا الإعراب؛ أن الأول يتبعه ما بعده. إن كان مرفوعا فإن ما بعده تتبعه بالرفع، وهكذا إن كان منصوبا حافظ على أن تكون الأسماء المعطوفة عليه بعده تنصب.

من حروف العطف حرف لم ممثلة بقوله: لم يقم ولم يقعد، ولكن هاهنا موجودة الواو وموجود حرف لم التي هي من حروف الجزم؛ جزم الفعل. ولكن حصل بها عطف مع الواو؛ زيد لم يقم ولم يقعد.

أما العطف ببل؛

فحرف بل للإضراب. الإضراب هو ترك الكلام الأول والانتقال إلى كلام ثان. فإذا قلت مثلا: جاء زيد بل عمرو، أو قلت ما قرأت الحديث بل التفسير؛ فهاهنا أضربت عن الأول الذي قبل بل، وانتقلت إلى الثاني؛ فالمثبت هو الذي بعد بل.

وأما لكن

فقد تقدم أنها حرف استدراك، ولكن هناك مثلا مشددة النون؛ وتكون حرف استدراك في أخوات إن. وأما هنا فإنها ساكنة النون. فتقول: ما جاء بكر لكن عمرو، ما رأيت أخاك لكن أباك، ما صليت الظهر لكن العصر؛ وهكذا. فلكن هنا على حالها؛ أنها للاستدراك؛ استدراك شيء لم يكن؛ يعني تداركت ما كان مظنونا وبينت غيره وضده. بقية الحروف هذا حالتها.

أما ذكر أن حتى

تكون حرف عطف في بعض المواضع؛ لأن أصلها أنها لانتهاء الغاية، ولكن قد يعطف بها على المرفوع أو المنصوب أو نحوه؛ فيقول الشاعر:
قهرنـاكم حـتى الكمـاة فأنتم
تهـابوننا حـتى بنينا الأصـاغـرا

قهرناكم: الضمير منصوب؛ لأنه وقع عليه الفعل حتى الكماة منصوب. نصب ما بعد حتى. فأنتم تهابوننا: الضمير في تهابوننا منصوب أيضا؛ لأنه وقع عليه الفعل تهابوننا. حتى بنينا؛ بنينا أيضا منصوب الذي بعد حتى. فالأصل أن حتى لانتهاء الغاية مثل قوله تعالى: هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ أو: قرأت حتى سورة الأعراف. فتكون ناصبة وتكون جارة وتكون حرف عطف في بعض المواضع؛ فيتفطن القارئ مثلا في كتب الحديث ونحوها؛ فيحذر أن يعطف منصوبا على مرفوع حتى لا يقع في اللحن والخطأ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى