خلو البلاد !.. بقلم الفاتح جبرا

السودان اليوم:

من نوائب الدهر وعزائم الصبر وتصريفات القدر ما أبتلينا به في هذا العهد الزاهي النضير من آفات وإحن وأهوال ومحن تصيب أولي النهى وأصحاب العقول بالاستغراش المفضي إلى الشلل (كان ما لحقتهم أمات طه).. وإلا بالله عليكم أخبروني كيف لمسؤول في مؤسسة (دينية) أن يصرح بخلو البلاد من الخمور؟
فقد جاء على صدر عدد الأمس من هذه الصحيفة كعنوان أول (مجلس الدعوة: البلاد خالية من الخمور)! وجاء في متن الخبر ضمن ما ورد (أكد رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد بولاية الخرطوم الدكتور جابر إدريس عويشة في تصريح لبرنامج حوار مفتوح عن جهود لتحصين الشباب السوداني المتدين الذي يعمر المساجد والشابات الملتزمات بالمظهر الديني من التأثيرات الخارجية والغزو الفكري مشيراً إلى أن البلاد خالية من الخمور) !!
دعونا نتجاوز حديث (الدكتور) عن تحصين الشباب والمظهر الديني والغزو الفكري (والكلام ده) فهو لا يعدو أن يكون (إنشاء وكلام ساكت) وخلونا نمسك في حتة (خالية من الخمور) دي، فلعمري أن الرجل يصرح مهرفاً بما لا يعلم، بل بما ليس يقع في نطاق اختصاصه البتة، وحتى إن فرضنا جدلاً بأنه قد استقى المعلومة من (مكانها الصحيح) وهو وزارة الداخلية ممثلة في الشرطة فقد كان من واجبه وهو يحمل هذه الدرجة العلمية الرفيعة أن ينسب (المعلومة) لمصدرها (لكنها الإنقاذ) !
دعونا نسأل سؤالاً هو إلى الغباء أقرب (هل يمكن لأحد الجزم بخلو أي مدينة في العالم من الخمور)؟ بالطبع لا يمكن إلا في عهد هذه الدولة المباركة التي لا يأتيها الباطل (من أي اتجاه) والذي يصرح أحد دكاترة مسؤوليها بمثل هذا التصريح الغريب الذي (رغم عجز منطقه) فهو لا يسنده أي واقع، مما يعضد القول بأن (هؤلاء المسؤولون) يعيشون في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه !
فالواقع يقول إنه الآن (وليس أي وقت آخر) تزدهر صناعة وتوزيع وبيع الخمور بصورة لم يحدث لها مثيل من قبل، رغم المجهودات المضنية التي تقوم بها الجهات المختصة، ولو (ختف) الدكتور (كراعو) لأي قسم شرطة وخاصة (الأحياء الطرفية) لوجد أن ردهاته تمتلئ يومياً بالبراميل والباغات و(عدة الشغل) التي تتم مصادرتها (يومياً) من صانعي الخمور، بل لو كلف (الدكتور) نفسه وقام بالاتصال هاتفياً بمسؤول شرطة أمن المجتمع لأخبره بأن الأمر (لنموه المضطرد والمتسارع) قارب أن يكون خارج حدود السيطرة على الرغم من الكشات اليومية والعقوبات الرادعة، فأماكن صناعة الخمور تتكاثر كالأورام السرطانية وقد تطورت أساليب بيعها وتوزيعها (في ظل ضخامة الإنتاج) لتصبح في متناول المتعاطين عبر (الديليفري) حتى باب المنزل كما (البيتزا) والهوت دوق (البناكلو)، ولو سأل (الدكتور) أحد اختصاصي الأمراض النفسية (بمصحة كوبر) لأخبره عن تزايد أعداد (المدمنين) الهاربين من واقع (المشروع الحضاري) المأزوم إلى نشوة الخمر الزائفة وهلوسة (المخدرات) التي تدخل (بالكونتينرات) عبر الموانئ الرسمية ومعاها (الويسكي والجن) !
ولعلم (الدكتور) أنه في استطلاع لمنظمة الصحة العالمية أواخر عام 2014، تقدم السودان في ترتيب الدول المستهلكة للكحول، إذ أتى بعد تونس والإمارات العربية المتحدة، بمعدل استهلاك شخصي يصل إلى 24.10 لتراً (شوفوها كم قزازة) وهذا معدل يفوق معدل الاستهلاك لدى بعض الدول العربية التي تبيح (لا تجرّم) بيع واستهلاك الكحول مثل مصر ولبنان (تقول ليا خلو)؟
لا (تستغرش) أيها المواطن (المكلوم) إن صرحت مؤسسة (دين ودعوة) عن (خلو البلاد من الخمور) فغداً من الممكن أن تصرح (مؤسسة الأسواق الحرة) عن خلو ولاية كسلا من (حمى الكنكشة) كما لا نستبعد أن تصرح (مؤسسة الري والحفريات) عن توفر ملابس الشتاء بأسعار زهيدة !
كسرة :
في هذا المنعطف الخطير.. ساعدونا بالسكات الله يرضى عليكم!!
كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 103 واو – (ليها ثماني سنين وسبعة شهور)؟
كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 62 واو (ليها خمس سنين وشهرين).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى