خطبة محفلية قصيرة عن الصبر , مقدمة عن الصبر , خاتمة ومقدمة عن الصبر

الصبر
الحمد لله العزيز الغفار الواحد القهار مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار سبحانه وبحمده يعلم عدد ورق الأشجار وقطر الأمطار وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يعزب عن علمه شئ ولا يخرج عن سلطانه شئ يعز من يشاء ويذل من يشاء بحكمة بالغة ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ………….أما بعد
( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم )
عباد الله انتهت الامتحانات كل حصد ما زرع فمجتهد حصل النجاح ومضيع حصل الألم والحسرات وما نجح من نجح إلا بالصبر فلا تحقق الآمال ولا تنجح المقاصد ولا يؤتي عمل أكله إلا بالصبر فلولا الصبر ما حصد زارع ولا جنى غارس
إني رأيت في الأيام تجربة للصبر عاقبةً محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يحاوله واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
فالصبر طريق المجد وسبيل المعالي فالرفعة لا تنال إلا بركوب المشقات وتجرع الغصص فمن اختط طريقا يبلغ به أمانيه غير هذا فقد أخطأ وما أصدق القائل :
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
أيها المؤمنون :
إذا كانت الدنيا وهي لا تعدل عند الله جناح بعوضة لا تحصل إلا بالصبر فكيف بالجنة التي عرضها السموات والأرض هل تحصل بغير الصبر
إن الصبر أيها الأحبة : بمنزلة الرأس من الجسد ولا سبيل لأن تكون مؤمنا كامل الإيمان إلا به
أتدري أن الله ذكره في القرآن بما يقارب تسعين مرة اسمع بعض هذه الآيات (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا )( فا صبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ) ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) ( والله يحب الصابرين ) ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب )
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( ما أعطي عبد عطاء خيرا وأوسع من الصبر)
إذا نحن محتاجون للصبر عند فعل الأوامر وعند ترك النواهي وعند حلول الكرب والبلاء
ففعل الأوامر فيه مخالفة لدواعي الراحة وحب الكسل وانظر ماذا قال الله في الصلاة ( وأمر أهلك بالصلاة وأصطبر عليها )) وماذا قال في صحبة الأتقياء (( وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي)
وعند الأمر والنهي يقول الله (وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر وأصبر على ما أصابك)) فإذا أردت أن تكون من المحافظين على الصلاة فالطريق الصبر إذا أردت المحافظة على الذكر فلا طريق إلا الصبر
أما ترك النواهي فالصبر فيه بين فكيف تترك ما تحبه نفسك إلا بالصبر من تعود الدخان قولوا له الصبر علاجك من تعود سماع الغناء مشاهدة القنوات فالحل واحد هو الصبر
أما أقدار الله المؤلمة إذا خسرت مالك أو مات ولدك أو مرض جسدك أو احترق بيتك فما هو طريقك المقدر جرى لا سبيل لتغيره إما أن تصبر وتؤجر أو تجزع وتخسر الدنيا والآخرة والحياة كلها مصائب أما تسمع قول الله (لقد خلقنا الإنسان في كبد)
عباد الله:
آمنوا بالله واصبروا وأعلموا أن الصبر عواقبه محمودة ومنها
أن الصابرين يحبهم الله – وأن الله معهم – وأن الجزاء يصب لهم صبا حتى يتمنى أهل العافية يوم القيامة أن لو قرضت جلودهم بالمقاريض – ومن عواقب الصبر النصر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلم أن النصر مع الصبر ومن عواقبه أيضا أن الصابرين هم أهل الإمامة في الدين وأنهم لهم النور في الدنيا وفي القبر ويوم القيامة
عبادة الله هذا هو حل كل مشاكلنا فلنتواصى به كما قال الله
والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما قلت واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على فضله وامتنانه وأشهد ألا إله إلا هو تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أخوانه أما بعد:
فمازالت الوصية مبذولة وصية رب العالمين يقول الله ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله )
عباد الله : إن الكلام عن الصبر جميل ولكن ما إن تحين عباده أو تظهر شهوة أو تحل مصيبة حتى ننسى هذا الكلام لأجل ذلك وجب علينا تعلم أشياء تعيننا على الصبر وأعظم ما يعينك الاستعانة بالله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ومن يتصبر يصبره الله ومما يعيننا أيضا تذكر عظيم الأجر الذي ينتظرنا إذا صبرنا يقول الله( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) يقول الأوزاعي ليس يكال لهم ولا يوزن إنما يغرف لهم غرفا ومما يعين أيضا على الصبر انتظار الفرج ومعرفة أنه قريب يقول الله ( آلا إن نصر الله قريب ) ومما يعيننا على الصبر أن تعرف أن الله مع الصابرين ومما يعين أيضا تذكر سير الصالحين وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله عليهم الصلاة والسلام
وليعلم أيها الأحبة أننا في هذه الأزمنة المتأخرة نحتاج إلى الصبر أكثر وقد قال لنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم ((فإن من ورائكم أيام الصبر الصبر فيها مثل القبض على الجمر للعامل فيها أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله )) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وهو حديث حسن
فبقدر الكد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
ومما ينبه عليه في نهاية هذه الكلمات أن الإنسان يحتاج الصبر في أيام الرخاء والنعم فقد قال بعض السلف ( البلاء يصبر عليه المؤمن والكافر ولا يصبر على العافية إلا الصديقون)
وقال عبد الرحمن بن عوف (( ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر )) فلا تنسى في حال العافية والفراغ أن تصبر عن المعصية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى