خطبة قصيرة عن الموت , خطبة عن القبر والعذاب , مقدمة وخاتمة عن الموت

الموت
الحمد لله المتفرد بالعزة والجبروت والبقاء, أذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء, فإذا هم مردودون في الحافرة, أحمده سبحانه جعل الموت مخلصا للأتقياء, وسوء منقلب للأشقياء, إذا ذكر الموت فإذا قلوبهم نافرة, وأشكره وأثني عليه فله الإنعام بالنعم المتظاهرة, وله الانتقام بالنقم القاهرة, وأشهد ألا إله إلا الله وحدة لا شريك له, له الحمد في الأولى والآخرة, وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله, أرسله لإنفاذ أمره, وإنهاء عذره, وتقديم نذره, فأيده بالحجج الباهرة, صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الناس أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله فمن لا يتقي الله تتشابه عليه السبل (( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا))
عباد الله :
ها نحن نعيش أيام الامتحانات التي غيرنا فيها البرامج وأجلنا فيها الترفيه وعزمنا فيها على الجد والاجتهاد لتحصيل أعظم الدرجات ونيل المقدمة في المرتبة وهذا هو شأن العقلاء يبذلون الجهد لينالوا الفوز والفلاح .
وجدير بنا أن نتذكر في هذا الوقت امتحان ربنا ووقت انتقالنا لنعمل مثل العقلاء فنفوز ونفلح.

أيها الناس:

من خاف الوعيد قصر عليه البعيد , ومن طال أمله ضعف عمله , وكل ما هو آت قريب.
إن الله لم يخلقكم عبثا , ولم يترككم سدا, فتزودوا من دنياكم ما تحرزون به أنفسكم غدا, فالأجل مستور والأمل خادع.
نشيع الجنائز ونمشي معها ونحن في غفلة عنها نتكلم كلام الدنيا ونرى مواكب الأموات تمر بنا فلا نفكر ولا نعتبر ولا نقدر أننا سنموت كما ماتوا ومات من كان أصح منا وكان أشد منا قوة وأكبر سلطانا وأكثر أعوانا فما دفعت عنه الموت صحته ولا حماه منه سلطانه ولا أعوانه نعرف بعقولنا إن الموت كأس سيشرب منها كل حي ولكننا ننسى هذه الحقيقة بشعورنا وعواطفنا وتحجبها عنا شواغل يومنا وتوافه دنيانا يقول كل واحد منا بلسانه إن الموت حق وإنه مقدر على كل حي ,ويقول بفعله لن أموت لقد كتب الموت على كل نفس إلا نفسي فلا يزال في العمر فسحه ولن يأتيني أجلي أبدا

أيها الأخوة:

أهل الغفلة أعمارهم عليهم حجة , وأيامهم تقودهم إلى شقوة , كيف ترجى الآخرة بلا عمل , وكيف تكون التوبة لمن طال به الأمل.

يا أهل الغفلة:

هذه الدنيا كم من واثق فجعته , وكم من مطمئن صرعته, وكم من مختال أذلته, وكم من غني أفقرته,
أتدرون يا من ثقل عليكم ذكر الموت ويا من مللتم من التذكير به :
يقول رسولكم صلى الله عليه وسلم (( أكثروا من ذكر هادم اللذات )) أخرجه وصححه الألباني
كلام مختصر وجيز فمن ذكر الموت حاسب نفسه ولكنا ونحن أهل الغفلة نحتاج إلى تطويل الخطاب وتزويق الألفاظ
لقد وقف نبيكم صلى الله عليه وسلم على شفير قبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال (( يا إخواني لمثل هذا فأعدوا ))
ولما سئل عليه الصلاة والسلام من أكيس الناس قال (( أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم استعدادا له , أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة))
وقال عليه الصلاة والسلام (( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت))

أيها المؤمنون:

اذكروا الموت والسكرات, وحشرجة الروح والزفرات, فمن أكثر ذكر الموت عجل التوبة ونشط على العبادة وقنع بالقليل
أيها العصاة توبوا قبل أن تموتوا يروى عن حبيبكم ورسولكم الناصح لكم صلى الله عليه وسلم (( بادروا بالأعمال قبل أن تشغلوا فهل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهىوأمر ))

عباد الله
أكثروا من زيارة القبور فإنها تذكركم بالآخرة اعتبروا بمن صار تحت التراب وانقطع عن الأهل والأحباب اتقوا الله وارجوا الآخرة دار لا يموت ساكنها ولا يخرب بنيانها ولا يهرم شبابها يتقلب أهلها في رحمة أرحم الراحمين (( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله غير مقنوط من رحمته ولا ميؤوس من مغفرته أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمته وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وأقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد
فما زالت الوصية المنجية واحدة ألا وهي تقوى الله ((يا أيها الناس اتقوا ربكم))
وما زلنا مع الحديث عن نهايتنا وتعالوا نختم هذا الحديث بخبر يرويه البراء بن عازب رضي الله عنه يقول خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر مرة أو مرتين ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوهم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها ويجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على الأرض…..
قال وأما العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت عليه السلام فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض))
اللهم هون علينا سكرات الموت وأجعل نفوسنا مطمئنة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى