خطبة الأزمة السكانية والحلول الغائبة , لفضيلة الشيخ محمد حسان

أحبتى في الله… عنوان لقاءنا في هذا اليوم المبارك إن شاء الله جل وعلا الأزمة السكانية والحلول الغائبة وحتى لا ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث في العناصر التالية:

أولاً- صراع بين الحق والباطل.

ثانياً- أزمة مفتعلة وحقدٌ دفين.

ثالثا- الحلول المقترحة

* تحديد النسل.

* تأخير سن الزواج .

* الإجهاض.

وأخيراً … الحلول الغائبة.

إنها قصة طويلة بطول هذا الصراع. فإن الصراع بين الحق والباطل.. بين الإيمان والكفر ..بين الفضيلة والرذيلة .. بين الخير والشر.صراعٌ دائمٌ لا تهدأ معاركة. ولا تخبو جذوته.

أولاً: الصراع بين الحق والباطل

وقد ينزوى الحقُ في فترة من الفترات كأنه مغلوب .. وقد ينتفخُ الباطلُ وينتفش كأنه غالب.

ولكن المؤمنين الصادقين لا يخالجهم الشك أبداً في هذه الحقيقة الكبيرة. والسنة الأزلية الباقية التى قام عليها بناءُ السماءِ والأرض وقامت عليها العقائد والدعوات.

ألا وهى : أنه مهما بلغت قوة الباطل وصولتُه ومهما كانت دولتُه وكثرتُه. فإن الحق خالدٌ ظاهرٌ. وإن الباطل زاهق زائل .

يقول الحق سبحانه بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ([4]

إنها حقيقة كبيرة يقرها الحق جل وعلا بذاته بصيغة التوكيد.

وإن بدا للنظرة الأولى أن للباطل صَوْلةً ودَوْلَة.

فقد ينتفخُ الباطلُ وينتفش ..ولكنه هش ضعيف..كشعلة الهشيم ترتفعُ نارها ثم تخبو سريعاً وتصير على رماد.. أو كالزبد يطغى على الماء ولكنه سرعان ما يذهب جُفاء ويبقى الماء.

إن الباطل كان زهوقاً.. وعد الله وإن طال زمن الباطل.

وما من مؤمن ذاق طعم الإيمان إلا وذاق معه حلاوة هذا الوعد ومن أصدق من الله حديثاً؟

أحببتُ أن أقدم لموضوِعنا اليومَ بهذه المقدمة الموجزة… لأننا نشهدُ الآن مرحلةً من أخطرِ مراحل الصراع التى انتفخ فيها الباطلُ وانتفش يتولى كبرها الغربُ الحاقد الذى تقدم ليقوم البشرية كلها على حين غفلة من أمة القيادة والريادة وصاحبة الحق الذى ليقود البشرية كلها على حين غفلة من أمة القيادة والريادة وصاحبة الحق الذى من أجله خُلقت السماءًُ والأرض والجنةُ والنار ومن أجل هذا الحق أنزلت الكتب وأرسلت الرسل.

ومكمنُ الخطرِ في هذه المرحلة أن الغربَ يريدُ بطريقة أو بأخرى أن يُلزمَ المجتمعات المسلمة بما وصل إليه من تفسخ عقدى وتحلل أخلاقى وفساد اجتماعى.

حتى لا يفيق العالمُ الإسلامى من غفلته ويبقى قصعة مستباحة لهؤلاء المجرمين!!

وأخيراً افتعلوا هذه الأزمة التى بينت لكل غافل حقدهم الدفين على الإسلام والمسلمين.

وهذا هو العنصرُ الثانى من عناصر هذا اللقاء.

ثانياً- أزمة مفتعلة وحقد دفين

فلقد أثاروا ضجة إعلامية رهيبة عما يسمونه بالأزمة السكانية أو الانفجار السكانى إذ تشير وثيقة المؤتمر الدولى للسكان والتنمية أنه بحلول عام 2050 يظهرُ الإسقاطُ المنخفض للأمم المتحدة تعداداً سكانياً عالمياً يبلغ 7.8 بليون نسمة…….. يظهرُ الإسقاطُ المنخفض للأمم المتحدة تعداداً سكانياً عالمياً يبلغ 12.5بليون نسمة.[ ثم يتألون على الله عز وجل]

ويقولون: وهذا كارثةٌ بكل المقاييس تدمر أىَّ خُطةٍ للتنمية الاقتصادية إذ من المستحيل أن تفى المواردُ بكل احتياجات هذه الأفواه الجائعة!!‍!

ونسى الإنسان المتبجحُ المغرور أنه لن يستطيع أىُّ مؤتمر للسكان على ظهر الأرض أن يحدد السكان إلا بقدر ما يريد رازقهم جل وعلا وسيأتى القادمون الجُدد إلى هذه الحياة بأمر خالقهم لا بأمر الهندسة الوراثية.

وهؤلاء الذين يقننون ويتعاركون فيمن يأتى غداً إلى الحياة ومن لا يأتى ومن يُخلق ومن لا يخلق هؤلاء أنفسهم لا يملكون أن يكونوا بين الأحياء أو لا يكونوا فالكل راحلٌ رغم أنفه وإن طالت به الحياة!!!

* ولا بد أن نعلم يقيناً أن الغرب ما تحرك اليوم بهذه القوم لحل هذه الأزمة على مستوى البلدان النامية أى الإسلامية بصفة خاصة ما تحرك لحلها حرصاً عليها وحباً لها واشفاقاً على شعوبها كلا..كلا.

فإن الغرب لا يزعجه مطلقاً أن تعيش هذه الأفواه أو أن تموت..بل هو الذى يبيدها بوحشية وبربرية وقحة بأسلحة الدمار الذى أعدها وبحرمانها من فائض كبير في موارده يلقى به في البحر في الوقت الذى يموت فيه الآلاف من أبناء هذه الدول التى يتغنى اليوم بأنه ما جاء إلا لتنميتها!!! وإسعادها.. إنه الكذب الذى لم يعد ينطلى إلا على السذج فلابد أن نعلم أيها المسلمون أن الغرب ما تحرك اليوم بهذه القوم لوقف نسل المسلمين إلا خوفاً من اختلال ميزان القوى في العالم لصالح المسلمين .. ولا نقول هذا تضميداً للجراح أو تسكيناً للآلام أو من باب الأحلام الوردية أبداً.

( علماء السياسة والاجتماع)

* فمنذُ سنوات وعلماء السياسة والاجتماع في أوربا وأمريكان يحذرون بشدة من المصير الذى ينتظر نفوذ أوربا وأمريكا إذا ما استمرت معدلات النمو السكاني في الكرة الأرضية كما هى عليه دون ضبط أو تعديل ، إذ أن شعوب العالم النامي ستصبح هى الكتلة البشرية الأكبر والأعظمُ في الكرة الأرضية فبحسب تقديرات خبراء السكان بالأمم المتحدة أنه مع نهاية القرن الحادى والعشرين سيكون فى مقابل كل فرد أوربى أو أمريكى ثمانية عشر فرداً من أبناء العالم الثالث على حد تعبيرهم وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فالمستقبل ينذر بكارثة كبيرة على حد تعليق أحد مسئولى مركز الأبحاث السكانية الدولية في باريس.

( باول شمتز)

* وقد عبر عن هذا الرعب والفزع المفكر الألمانى ( باول شمتز) إذا يقول: «يوجد لدى المسلمين عنصران يؤثران تأثيراً كبيراً هما:

الزيادة المطردة في عدد سكانه.

والمواد الخام.

وهما مصدرُ القوة النامية في العالم الإسلامى ثم يقول:

وتشير ظاهرةُ النمو السكانى في أقطار الشرق الإسلامي على احتمال وقوع هزة في ميزان القوى بين الشرق والغرب ، فقد دلت الدراسات على أن لدى سكان هذه المنطقة خصوبة بشرية تفوق نسبتها ما لدى الشعوب الأوربية وهذه الزيادة في الإنتاج البشرى سوف تمكن الشرق على نقل السلطة في مدة لا تتجاوز بضعة عقود»

* ويؤكد هذه الحقائق أيضاً بشكل جلى المفوض السابق لشئون اللاجئين بالأمم المتحدة إذ يقول بمنتهى الصراحة:

(المفوض السابق لشئون اللاجئين)

« إن هذه الزيادة المطردة في سكان العالم الثالث والدول الأفريقية خاصة تهدد أمن الدول الأوربية بشكل مباشر.

* ولقد أجرت وزارة الدفاع الأمريكية سلسلة من الدراسات عن طريق مركزها للدراسات الاستراتيجية .

( وزارة الدفاع الأمريكية )

ومن أهم ما خلصت إليه الدراسة:

أن النمو السكانى في العلم الثالث يهدد بصورة مرعبة المصالح الاستراتيجية الأمريكية.

وأن جهود ضبط النسل ووقف النمو السكانى في العالم الثالث ينبغى أن يلقى اهتماًم يعادل ما توجهه الولايات المتحدة لإنتاج الأسلحة الجديدة.

* واحفظوا هذا الرقم الخطير الذي يقول:

بأن التقديرات النهائية لنفقات البرنامج العالمى لخفض السكان يبلغ 17 مليار دولار

والحصة المطلوبة من الدول النامية من مجموع هذه النفقات تقدر بحوالى 11 مليون دولار تؤخذ من هذه الدول الفقيرة التى يتغنون بأنهم يريدون بها تنمية اقتصادية تكفل الاستقرار لأفرادها.

هذه المليارات تنفق كلها على الحد من النسل ولا ينفق منها دولاراً واحداً على التنمية التى ضحكوا بها علينا في عنوان المؤتمر الدولى للسكان والتنمية .

والأعجب من هذا هو:

كيف تتم جباية هذا المبلغ الرهيب من هذه الدول الفقيرة المعدمة ؟

والجواب من رئيس البنك الدولى: بأن تخصم كل دولة من هذه الدول تلك المبالغ الرهيبة من ميزانيات التسليح لديها وهذا قرار ملزم من الأمم المتحدة.

* هذه الخلفية الخطيرة وحدها هى التى تفسر الضغوط القوية التى تمارسها الآن أمريكا والدول الغربية مستخدمة في ذلك الأمم المتحدة لمحاربة وقف نمو العالم الإسلامى بكل وسيلة .. ليس قلقاً على عافيته كما زعموا … وليس سعياً في تنميته كما كذبوا..

بل حماية لنفوذهم واستعلائهم وهيمنتهم وتدعيماً لسياسة العصا الغليظة التى يرفعونها!!! بدليل أنهم صَدَّروا هذه الدعاوى لدول إسلامية تعانى أصلاً من قلة النسل كسوريا وليبيا والسودان والعراق والأردن ولبنان وغيرها.

ثالثا – الحلول المقترحة

* وفى سبيل تخفيف هذه الغاية جاءت حلولهم المقترحة غالباً بصورة تضحكُ وتبكى في آن واحد.

* فلقد خرج علينا [ جراح كبير في لندن] يفتى بأن حل المشكلة يتمثل في تخليف فيروس بالهندسة الوراثية يؤدى إلى العقم عند الرجال والنساء فنعالج المشكلة من جذورها!!! ثم يقول وحتى نهتدى إلى هذا الفيروس علينا ألا نسمح بالإنجاب إلا برخصة من وزارة الصحة وعلى من ينجب بدون رخصة أن يدفع غرامة كبيرة ويُحرم من التأمين الصحى والمعاش وإذا عاد يسجن ويُعامل معاملة الشخصيات الخطرة.

* ويخرج علينا عبقرى آخر من جامعة ست نفورد بأمريكا ويقترح هذا الاقتراح لحل المشكلة السكانية فيقول:

* اقتراح أن [ يخلط القمح] والذى يصدر إلى البلاد النامية بعقاقير منع الحمل.. !! ، وكأنما أصبحت البلاد النامية في نظر هذا الوقح وأمثاله مزرعة للدواجن أو حظيرةً لفئران التجارب!!!

الإجهاض

* وأخيراً.. كان من بين المقترحات التى اقترحها مؤتمر السكان للحدَّ من النمو السكانى في دول العلام الإسلامى اقتراح الإجهاض ومنهم من أيد ، ومنهم من عارض ، دون أدنى خجل أو وجل ولست الآن بصدد بيان الحكم الشرعى في هذه المسألة الخطيرة فهى محسومة في ديننا ولله الحمد.

واقترح المؤتمر أيضاً لحل هذه المشكلة اقتراحاً غريباً جداً يقول:

* بتأخير سن الزواج

* ولا يمكن للأهل أن يؤخروا سنُ الزواج إلا بتيسير البدائل الأخرى لممارسة الجنس، وليس هذا تعسفاً منا في تفسير هذا الاقتراح بل لقد صرحت بذلك وبوضوح وثيقة المؤتمر في صفحة رقم30 في الفصل الخامس.

إذ تقول الوثيقة :« ينبغى ( نعم هكذا ينبغى) أن تتخذ الحكومات إجراءات فعاله للقضاء على جميع أشكال الإكراه والتمييز في السياسات والممارسات المتعلقة بالزواج وأشكال الاقتران الأخرى.

وأشكالُ الاقتران الأخرى غيرُ الشرعية هى زواجُ الرجل بالرجل..، والمرأة بالمرأة..، وهى ممارسات لا تؤدي إلى إنجاب وتصل إلى الحد من النسل من أقصر طريق !! إلى آخر ما في هذه الوثيقة من غثاء فهى فى مجموعها نغمٌ مصنوع بعناية فائقة لنسف الهوية الإسلامية بصفة عامة وقلبِ العالمِ الإسلامى «مصر» بصفة خاصة.

[ وهكذا ]

أنكر هؤلاء أو تناسوا عن عمد مفضوح أن المنجم الحقيقي للتنمية هو الكثافة السكانية فلا توجد ثروة على الإطلاق أغلى من الإنسان الذى يملك وحده القدرة على والإبداع والابتكار فالكثافة السكانية تدخل ضمن الموارد ولا تدخل في حساب الفاقد.

إذا ما استغلت الحكومات هذا العنصر الفعال استغلالاً علمياً مدرباً ونبذت تلك الحكوماتُ هذه البيروقراطية والروتين القاتل الذى يبدد الطاقات ويقتل المذاهب وأفسحت المجال لهذه الطاقات للعمل الجاد والإبداع الفعال وحينئذ فقط تتحول هذه الكثافة السكانية إلى نعمة كبيرة لا إلى نقمة كما يدعون!!!

وأما أعيينا الآن بعضُ النماذج التى تستحق الدراسة الطويلة.

ففى اليابان يتجاوز عددُ السكان مائةً وعشرين مليوناً في مساحة أصغر من مساحة مصر ، ومع ذلك فهى المنافس الأول في الأسواق العالمية للاقتصاد الأمريكي بل ، وأصبحت أمريكا تلوح الآن بالتهديد الصريح لليابان إذا لم تفتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية .

وتعيش اليابان بلا فقر، ولا مجاعة ، بل تملك الآن فائضاً يزيد على الفائض الأمريكي مع أن اليابان ليس فيها بترول ولا فحم ولا حتى خام الحديد وكلنها تملك أثمن كنز ألا وهو الإنسان.

ونفسُ الكلام يقال عن هونج كونج وعن سنغافورة وعن كوريا وغيرها من النمور الأسيوية التى بدأت في الانطلاق.

فالمشكلة يا سادة ليست كثافة السكان ولا تتمثل في قلة الموارد كما يزعمون كلا.

ففى مصر تشير الدراسات إلى أن 98.8% من مجموع سكان مصر يحتشدون بصورة مثيرة في شريط ضيق مساحة مصر هو وادى النيل والدلتا مع أن تلك المساحة لا تجاوز 4% من مساحة البلاد التى تبلغ حوالى مليون كليو متر مربع .

أما الصحارى التى تغطى مساحة 96% من المساحة الكلية لمصر فلا يسكنها سوى 671 ألف نسمة فقط لا غير.

وللأسف الشديد فإن هذا الخلل الرهيب في التوزيع لا يلقى الإهتمام الذى يلقاه مشروعُ الحدِ من النسل أو مشروعُ تنظيم الأسرة.

وإن بلداً شاسعاً كالسودان يملك من الأراضى البكر والمواد الخام ما يكفى العالم كله بل تسقط الثمار على الأرض لا تجد من يأكلها . وفى غيره من البلدان الإسلامية.

فالموارد كثيرة ولله الحمد والسكان أقلُ من المعدل المطلوب لا ستغلال تلك الموارد واستصلاح تلك الأراضى.

ولكنه الروتين القاتل.

والتكاسل المدمر.،

والظلم الجشع فى توزيع الثروات.

وتبديدُ الطاقات فيما لا ينفع على الإطلاق.

أولاً: أيها الأحبة تمنينا أن نُسمع تلك الجمهرة الكبيرة من المؤتمرين من كل الملل أنهم قد تغافلوا عن حقيقة كبيرة اسمها الرزاق ذو القوة المتين.

وأخيرا: الحلول الغائبة

وقد يتململون ويتغامزون من هذا الكلام الذى يحكم اليوم على أصحابه فى مثل هذه المؤتمرات بالتخلف العقلى ولكننا برؤوس عالية تناطح السحاب نعلنه بأعلى أصواتنا ونفخر به.

أن المتكفل بأرزاق هذه الأفواه هو الرزاق ذو القوة المتين. الذى أوجب على نفسه اختياراً منه سبحانه أن يرزق كل دابة على ظهر هذه الأرض.

فقال سبحانه: وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ([5])*

تنعم فما من دابة من هذه الدواب التى لا يحيط بها حصر ولا يلم بها إحصاء إلا وعند الله علمها وعلى الله رزقها.

فما من جبل على ظهر هذه الأرض إلا ويعلم الله ما فى وعره…، ولا بحر على سطح هذه الأرض إلا ويدرى الله ما فى تغره..،ولا تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ([6])*

ومن اللفتات القرآنية الدقيقة التى تستحق الدراسة والتأمل ، تلك اللفتة فى قول الله عز وجل: وفى السماء رزقكم وما توعدون…

مع أن أسباب الرزق الظاهرة فى الأرض حتى لا تتعلق القلوب بالأسباب لأنها وحدها لا تضر ..، ولا تنفع ..، ولا ترزق..، ولا تمنع ..، إلا بأمر مسبب الأسباب جل وعلا

ليس معنى هذا أن نضيع الأسباب وألا نأخذ بها كلا.

فإننا فى هذه الجزئية نطمئن العلمانيين من كل الملل أن ديننا يأمرنا أن نأخذ بالأسباب ، وأن نعلم يقيناً أن الأمر ابتداء وانتهاء بأمر الله عز وجل .

وفى الحديث القدسى الجليل الذى رواه مسلم من حديث أبى ذر رضى الله عنه أن النبى قال: قال الله تعالى :«يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ » ([7])*

وتدبر معى أيها المسلم هذا الحديث الكريم الذى رواه البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى قال واللفظ هذا البخارى في كتاب التوحيد:«إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ» ( [8])*

ثانياً- الإيمانُ التقوى:

قال الرزاق سبحانه وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ([9])*

ثالثاً- الاستغفار:

وقد يضحك العلمانيون بملئ أفواههم حينما يسمعون إلى رجل يقول أيها الناس إن مفتاح الأرزاق هو الاستغفار بل وربما ينشرون على صفحات الجرائد الأولى حكاية هذا الرجل البدائى المتخلف الذى يقترح حلاً للمشكلة السكانية هو الاستغفار.

ولكنها حقيقة مطلقة نصدقها بقدر ما يكذبها العلمانيون لأنها من عند الله خالق ورازق هذا الإنسان.

قال الله سبحانه حكاية عن نبيه نوح عليه السلام : فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا َيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ([10])*

رابعاً- العلم والعمل وفتح الأبواب للإبداع والابتكار:

وديننا يأمرنا بذلك أيضاً في آيات كثيرة جداً وفى الأحاديث الصحيحة

خامساً- الاستغلالُ الأمثل للموارد :والعدالة فى توزيع وإزالة الحواجز الجغرافية والنفسية التى زرعها الاستعمار بين البلاد العالم الإسلامي كخطورة للتكامل الاقتصادي لاسيما ونحن الآن عصر التكتلات

وبعد فيا أيها الأحبة:

هذا ما ندين الله به في هذه المسألة الخطيرة التى دار حولها الجدل في الأيام الماضية وكان واجباً على أهل الحق أن يقولوا كلمتهم وألا يكتموا الحق الذى علمهم الله عظم وجل إياه.

أما ما قدمه المؤتمرون من الإجهاض والعازل الذكرى والجنس الحر فهو من جهالات هذا العصر الذى أراد الله عز وجل أن يطلعنا فيه بجلاء على سفاهة عقول القلة المترفة التى تحكم العالم اليوم.

والله لقد آن الأوان لتفئ البشرية مرة أخرى إلى منهج الله لتستظل بظلاله الوارفة بعد أن أحرقها لفح الهاجرة القاتل.

نسأل الله أن يرد البشرية إلى الإسلام رداً جميلاً وأن يقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين إنه ولى ذلك ومولاه..

الدعاء

([1]) سورة آل عمران: 102.

([2]) سورة النساء:1.

([3]) سورة الأحزاب:70 – 71.

([4]) سورة الإسراء:81

([5]) سورة هود:6

([6]) سورة الأنعام:59

([7]) صحيح: رواه مسلم رقم (2577) في البر والصلة، والترمذى رقم (2497) في صفة القيامة وباب رقم (49) ، وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، قد اشتمل على قواعد عظيمة في أصول الدين، وهو من الأحاديث التى عليها مدار الإسلام ، وقد شرحه العلماء وأفرده بالتأليف.

([8]) متفق عليه :[ص.ج:2277] رواه البخارى ومسلم وأحمد، ولا يغيضها: أى لا تنقص ولا يقل خيرها ، وسحاء :أى دائمة العطاء.

([9]) سورة الأعراف:96

([10]) سورة نوح:10-12

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى