حكم دعاء النبي عليه السلام بعد موته, لقاء مفتوح مع الشيخين الحوالي والقحطاني

1 – أهمية مجالس الذكر

قال الشيخ : محمد القحطاني حفظه الله :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وصلى الله وسلم على من تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أحمد الله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه على ما منَّ به من هذه الفرصة الطيبة، وأحب أن أنبه وأشير إلى ضرورة الاعتناء بمجالس الذكر التي تغشاها رحمة الله، وتحف بها الملائكة، والتي قال الله عنها في الحديث القدسي: { من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم }، فهذه رياض الجنة، وإذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، فالناس يتجمعون، فمنهم رابح وخاسر، وكذلك تختلف مقاصد الناس في التجمعات والمناسبات واللقاءات.
ولكن الله وهو أصدق القائلين قد بيَّن أن هذه التجمعات وهذه اللقاءات ستنقلب إلى عداوة إلا تجمعٌ واحد، ألا وهم أهل الله وخاصته، لمّا قال تباركت أسماؤه: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]، جعلنا الله وإياكم من المتقين!
هذه المجالس التي وصفها أحد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذ قالوا: { يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنه رأي عين فإذا رجعنا عافسنا الأزواج والضيعة ونسينا كثيرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنتم كما أنتم عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات }.
يلمس الإنسان في نفسه غلظةً وقسوةً وتكاسلاً ونفوراً، فإذا ما رأى وجوه الطهر والتُّقَى، بدأت مشاعره وأحاسيسه تتحسن، وبدأت نفسه تتفتح للخير، ووالله لو لم يكن للإيمان من ثمرة إلا أن المتحابين في الله يُحشرون على منابر من نور، لوجب أن يشمر إلى ذلك بالليل قبل النهار، فالمتحابون في الله يحشرون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، فما اجتمعوا من أجل مال أو منصب أو صديق، إنما اجتمعوا لله وفي الله، لا يبتغون بذلك إلا رضوان الله والدار الآخرة.
2 – واجبنا تجاه مجالس العلم

فالواجب تجاه هذه المجالس الخيرة النافعة إخلاص النية والمقصد.
وإلى الله المشتكى من تشعب النيات، فعلينا أن نستشعر دورنا في الحياة، فلو أن الأمة أدركت تلك الأنانية التي نعيشها اليوم، لما قام لدين الله قائمة على الإطلاق!
لو أن الصحابة رضوان الله عليهم أخذوا هذا الدين وعرفوا محاسنه، ثم جلسوا إلى التجارة والأموال والمزارع، وبقوا في مساكنهم وأهلهم، لما قام لهذا الدين قائمة، بل كان الواحد منهم يستشعر منذ أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أنه أمير على هذا الدين.. فإذا قصَّر في بلاغ هذا الدين، فهو يشعر أنه يحمل جبال الدنيا آثاماً على كتفيه يوم يلقى الله..!
فنحن اليوم قد منَّ الله علينا بهذه المجالس الطيبة، ومنَّ علينا بمن يدعونا برحابة صدر إليه وإلى دينه وشرعه، مِنْ طلبة العلم ومن العلماء الذين يبصِّرون الجاهل ويرشدون الغاوي.
فواجبنا أن نسعى إلى هذه المجالس، وأن ندعو غيرنا إليها من أقاربنا وجيراننا وأصدقائنا وأرحامنا، وأن ندل الناس على الخير؛ فإن دلالة الخير يستطيعها كل فرد في الأمة، فليست مقصورة على العلماء وطلاب العلم؛ فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم }، فهذا القَسَمُ من أشرف مخلوق، وهو المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذه الدلالة يستطيع الأمي -فضلاً عن طالب العلم- يستطيع أن يقول: في المسجد الفلاني حلقة علم يا فلان! هيا بنا إليها.. وقد يهدي الله هذا الشخص فيصلح، ويصبح له من الأثر والتأثير الشيء العظيم، ويكون المتسبب الأول هو ذلك الرجل الأمي البسيط الذي دله على هذا الخير، فهذا أمر يجب أن نتكاتف فيه وأن ندعو الناس إليه.
وليس الواجب أن يكون هناك ندوة واحدة فقط في المسجد، بل الأصل في حياة الأمة أن نكتظ مساجدها بذكر الله وإقامة الصلاة وطلب العلم، وإن كل شيء يستغفر لطالب العلم، حتى الحيتان في جوف الماء، وإن الملائكة لتضع أجنحتها له رضاً بما يفعل…!
فالواجب علينا شَحْذُ الهمة نحو هذه المجالس الخيرة، مجالس الذكر والعلم، التي بها تنشرح الصدور، وتنغلق أبواب الشهوات، وتهرب شياطين الإنس والجن، وتنبع الاستقامة، وتصلح الذوات، ويحصل بها الأمن والأمان، ورضوان الله تبارك وتعالى.
3 – الأسئلة

الفرق بين المصلحة الشرعية والتنازل عن دين الله

أجاب هذا السؤال الشيخ : سفر الحـوالي حفظه الله .
السؤال: ما الفرق بين المصلحة الشرعية والتنازل عن شيء من دين الله؟
الجواب: أي شيء يعارض النص ويقال: إن فيه مصلحة، فهو مفسدة وهو باطل، ولكن المصلحة التي نتكلم عنها: هي في الحقيقة متى نعمل بالنص، وكيف نعمل إذا تعارضت النصوص؟
ولذلك عندما نقول: نوازن بين المصالح والمفاسد، فإننا نقصد هذه الحالة، أي أننا كما لو استخدمنا مصطلحات أصول الفقه، فمثلاً تحقيق مناط النص، المراد به كيف نطبق هذه الآية، أو كيف نطبق هذا الحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى