حكاية يوم السبت..!!.. بقلم زاهر بخيت الفكي

السودان اليوم:

إصطف القوم أمام الصراف الآلي والكُل يُمني النفس بأن يعود إلى داره موفور الحظ وفي جيبه حفنة من جُنيهات يُقابل بها مُتطلبات الحياة اليومية ومستلزمات المنزل التي لا تنتهي ، جاء صاحبنا يحلم كذلك بأن لا يُعانده الحظ العاثر ويعود يد ورا ويد قدام كالعادة ظلّ يُدندن بأغنية فرقة الهيلاهوب لا يعبأ بمن هُم معه في الصف (قروشي قروشي ) ويضيف عليها من عنده (المشن ما جن والدخلن ما مرقن) ، الحال البائس جعله يذهب بعيداً ويسرح في مآلات الحال في البلاد وما من أملٍ يلوح يُنبئ بانفراج الأزمات وحلحلة المُشكلات العصية ، يلوم في نفسه التي أبت أن تُغادِر الوطن للبحث عن سُبل حياة أفضل من هذه ولماذا يضيع شبابه وراء اللهث وراء الحد الأدني من متطلبات الحياة ومن سبقوه حققوا أكثر مما كانوا يحلمون به ..
الصف يتحرك ببطء شديد وبعضهم يأخُذ الكثير من الوقت داخل الصراف وهو يحملون عدداً مقدراً من بطاقات الصرف الآلي يسحبون بها مبالغ مُحترمة (إن وجدت) في الماكينة سيولة ، بُطاقات يتحايلون بها على السياسة العقيمة التي جاء بها النظام لتحجيم السيولة والدفع بها إلى داخل النظام المصرفي وحرمان أهلها منها ، عاد يُفكِر في الهجرة إذ لا بديل عن الهجرة إلّا الهجرة والهروب من هذه الأزمات المُتلاحقة وساعات عمله المُتقطعة الضائعة بين الصرافات الآلية ونوافذ البنوك للخروج منها بمبالغ تقِل كثيراً عن الإيفاء بقائمة بنود صرفه المُتزايدة وعاد مرة أخرى للدندنة بأغنيته المحبوبة (قروشي قروشي) المشن ما جن والدخلن ما مرقن..
إلتفت إليه من كان يقف وراءه في الصف يُمازحه مُشيداً بصوته الجميل وأغنيته هذه وبادره بالحديث قائلا ..
إنت باين عليك مُشكلتك زي مُشكلتي..؟
وإنت مُشكلتك شنو..؟
أنا يا أخي انطبقت علي حكاية الكلبة..
ومالها الكلبة..؟
هجمت الكلبة على أحدهم وعضته في يده عضة عميقة اضطرته للذهاب إلى دكتور والذي قرر بعد الفحص عليه أن يأخذ عدد عشرون حقنة لداء السعر وعندما انتهت الحُقن ذهب للدكتور والذي نصحه بالذهاب إلى حيث الكلبة إن وجدها حية عليه أن لا يأخذ المزيد من الحقن وإن وجدها ماتت فهذا يعني أن يُعطى المزيد ذهب يبحث عن الكلبة ولم يطول بحثه وجدها حية تُرزق فهجمت عليه مرة أخرى وعضته..
أنا وردت مبالغ كبيرة قبل الأزمة الأولى ولم أستطع إخراجها إلّا بعد مُعاناة وقررت أن لا أدخل أموالي أبداً مرة أخرى وفجاءة الصرافات عادت للعمل بدعم من رئيس الورزاء ومتابعته ، بعد الاطمئنان على السيولة في الصرافات عُدت مرة أخرى أحمل أموالي لأودعها في البنك وليتني لم أفعل وهذه الأزمة عادت مرة أخرى وهذه الصفوف التي جمعتني بك شاهدة على الوضع المُتردئ..
والله المُستعان..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى