حقوق الإنسان

تاريخ حقوق الإنسان

مرت حركة حقوق الإنسان بمراحل تاريخية عديدة حتى وصلت إلى ما هي عليه في وقتنا الحاضر، وقبل الحديث عن أهمّ هذه المراحل والأطوار لا بدّ من صياغة وتحديد مفهوم حقوق الإنسان، ويرتبط هذا المفهوم بشكل أساسي بجُملة الحقوق والحريات التي يحق للأفراد الحصول عليها بغض النظر عن لونهم، أو جنسهم، أو دينهم بصورة تضمن الحياة الكريمة لهم.

حقبة الحضارات والشعوب القديمة

ظهر مفهوم حقوق الإنسان في الحضارات والشعوب القديمة، وتمثل في هذه المرحلة في فكرة الدولة وسيادة القانون بصورة تضمن راحة أبناء المجتمع وتنظّم العلاقات فيما بينهم، إلا أنّ وجود مفاهيم حقوق الإنسان وتطبيقها كان أمراً مستحيلاً في ظل سيادة العبودية آنذاك، وسيطرة رجال الدين على الشعوب، ممّا أدّى إلى ضعف في انتشار هذه المفاهيم في ظل اعتبار الشعوب حكامهم بمثابة الآلهة.

حقبة الأديان السماوية

يعتبر هذا العصر نقطة فارقة ومرحلة مفصلية في حقوق الإنسان، حيث أدّى ظهور الأديان السماوية وخاصّة الديانة الإسلامية والمسيحية على نشر مبادىء ووضع بنية تحتية قوية جداً لحقوق الإنسان، من خلال رفع قيمة العنصر البشري ونشر مفاهيم العدل والمساواة والحق كأساس للحياة السليمة، وقد تجلّى ذلك في قوله تعالى في القرآن الكريم “ولقد كرمنا بني آَدم وحمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”، تعبيراً عن تفضيل الدين الإسلامي للإنسان على كافّة المخلوقات، كما اهتم بوذا بشكل كبير في حقوق الإنسان ودعا البوذيين إلى الوقوف في وجه الظلم والعنف.

حقبة تشريعات الحُكام

بعد انتهاء حقبة الأديان السماوية انتقلت الدعوة لمبادىء حقوق الإنسان من الأنبياء إلى حكام المدن، حيث شهدت القارة الأوروبية بشكل خاص والعالم بشكل عام جهوداً واضحة من الملوك والحكام في هذا المجال، حيث قاموا بنشر نصوص مكتوبة ضد الاستبداد والظلم، وأكدوا على استعدادهم الكامل لتعويض الأشخاص الذين هُدرت حقوقهم، وتمثلت أبرز هذه النصوص في العهد الذي قطعه ملك الإنجليز والذي أطلق عليه اسم العهد العظيم، في بداية القرن الثالث عشر الميلادي، ثم تلاه قانون الحقوق الإنجليزي الذي أطلق عليه اسم بيل أوف رايتس في أواخر القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، والذي نص بشكل رئيسي على ضمانات الأفراد لحقوقهم في رفع القضايا والشكاوي لتحصيل ما سُلب منهم، وللتصدي لأي عدوان، أو سرقات، أو مشاكل اجتماعية قد تواجههم، وكانت هذه المرحلة في بداياتها بطيئة إلى أن اشتعلت الثورات الأمريكية والفرنسية التي هدفت بشكل رئيسي إلى التصدي لمن أهدروا حقوق الشعوب سابقاً، وتلا تلك المرحلة الهامة مرحلة العمل الدولي وحشد الجهود على المستوى الرسمي للنهوض بحقوق الإنسان والذي تجلّى بشكل علني في بدايات القرن التاسع عشر، ومن هنا ظهرت المنظّمات الدولية التي تهتم بهذا الجانب وتساند كافّة الفئات المضطهدة حول العالم والتي تعمل حتى يومنا هذا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى