حفظ الدروس

تختلف قدرات الإنسان العقلية من شخص لآخر وهذه القدرات منها ما يظهر منذ الصّغر ومنها ما يظهر مع مرور الوقت في موقفٍ معين.

ومن هذه القدرات العقلية هي الحفظ، وهي قدرة مهمة جداً منحها الله للإنسان فلولا هذه القدرة العقلية لما استمر بالحياة، لذلك فإن مرضى الزهايمر (النسيان الكثير) يموتون بعد فترة وجيزة لمرضهم لأنهم لا يقدرون على مواجهة الحياة بلا ذاكرة.

تظهر قدرات الحفظ منذ الطفولة فتجد طفلاً نابغاً يحفظ الدرس من أول مرة، بينما طفل آخر قدراته في الحفظ أقل فيأخذ وقتا أطول.

مما لا شك فيه أنّ هناك اختلافٌ في القدرات لكن ذلك لا يعني أن يستكين كل فرد لحدود قدرته العقلية، فالقدرات العقلية في الحفظ وغيرها بإمكانها أن تزيد أو أن تنقص بالممارسة، فكل قدرة عقلية تشكل عضلة من عضلات المخ وكعضلات الجسم تماماً التي تحتاج لتمارين رياضية للحفاظ على رشاقتها وقوتها فإن عضلات العقل تحتاج أيضاً لتمارين لتقويتها وزيادة فعاليتها.

إذن كيف ننمي قدراتنا العقلية وبالأخص القدرة على الحفظ ؟

أوّلاً : أن تعرف مقدار قوة الحفظ لديك وهناك اختبارات عالمية على الانترنت وموثوقة موضوعة على أسس علمية واضحة بإمكانك تجربتها لقياس قوة الحفظ لديك. بجب أن تكون متابعا لذاتك ومقيماً لها، إذا حفظت شيئا اليوم فعليك أن تسجّل في أي يومٍ بعد بدأت تفقد فيه المعلومات التي حفظتها، إذا كانت الفترة الزمنية قصيرة فأنت بحاجة للمتابعة المستمرة لما تحفظ كي لا يتشتت مع الأيام.

مقالات ذات صلة

لديك الآن خطوات عمليّة لزيادة نسبة الحفظ لديك عن معدّلها :

1.قبل حفظك لدروسك أو أي شيء آخر ضع في حسبانك أنّك ستتذكره، فهذه رسالةٌ إلى العقل الباطن بأنّك ستتذكر أي أنّك ستحفظ جيداً وهذا بمثابة فتح باب واسعٍ للحفظ لمدة أطول.

2.عليك أن تعرف الطريقة التي تنسجم معها في الحفظ وهي المدخل الأساسي لأسهل طريقة لحفظ الدروس ، فمثلا بعض الأشخاص تزيد قدرتهم على الحفظ أثناء المشي لذلك تراه يمشي ذهابا وإيابا في وقت الحفظ، البعض الآخر تتمثل قدرته على الحفظ في التحدث بصوتٍ عالٍ للدرس الذي يود حفظه، والبعض يعتمد طريقة التلخيص والكتابة.

تتعدّد الطرق والتي يفضلها كل شخص حسب ما اعتادت عليه شخصيته،لكن ننوّه في هذه النقطة لأمر مهم هو أن القوى العقلية تعتمد على الإشارات العصبية الحسية التي تأتي إليها من حواس الإنسان، فعندما تصل إشارة للعقل لشيء تريد حفظه عن طريق البصر سيكون لها تأثير ووقت معين للحفظ، وعندما تصل إشارات للعقل للشيء الذي تريد أن تحفظه عن طريق البصر والسمع في حالة أنك ترى الكلام وتردده فهذا أيضا سيكون له تأثير آخر في الحفظ وتأثيره أكثر فعالية من سابقتها لأن الاشارات التي وصلت للعقل زادت وبالتالي تم التركيز أكثر على الشيء المراد حفظه وبالتالي تزيد القدرة على الحفظ.

لذلك ينصح باستخدام أكثر من حاسّة أثناء الحفظ فبجانب حركتك ومشيك لتحفظ درسك، ردّد بصوتٍ عال لتجتمع إشارات السمع مع الحركة.

وكذلك استخدم أسلوب التلخيص وكتابة رؤوس الأقلام واستخدام مفاتيح الدراسة للأشياء فإنها ستسهل عليك الكثير من الوقت لأنك بذلك تكون قد أضفت إشارة جديدة تصل للدماغ وهي الكتابة.

3.اختر الوقت المناسب للحفظ وأيضا المكان المناسب، فمهما كان انسجامك مع الوضع العام لا يمكن لك أن تحفظ جيداً وبفعاليّة تامّة في مكان مليء بالفوضى والضّجيج ، وكذلك الوقت اختره بحيث تكون قدرتك على التّركيز في ذروتها فالبعض يحبّذ الدّراسة صباحاً وبعضهم يحبّذها مساءً.

وهنا نستذكر أن هناك وقت عظيم بإمكانك استثماره في الحفظ وهو وقت الفجر حيث يجتمع النقاء والهدوء ويكون العقل قد نال نصيبه من الراحة في النوم ، جرب وقت الفجر بعد أن تصلي ركعتين لله تعالى وستشعر كأن عقلك يتفتح كالزهرة ، وتوكل على الله.

4.لتعلم أن أهم شيء هو المتابعة ، فبعد أن تتأكد أنك حفظت درسك ، هذا لا يعني أن تتركه لفترة طويلة ، لأن الدماغ مرتب على إزاحة المعلومات القديمة ووضع المعلومات الجديدة ، وبالتالي يصعب تذكّرها لأنّها أصبحت في آخر الدماغ ، إلا إذا كنت على تواصل مع الدّماغ من خلال استذكارك لما تحفظه بين الحين والآخر .

في الختام :تأكّد أنّ كلَّ القوى البشرية العقليّة أو الجسديّة بإمكانها أن تزيد أو تنقص من خلال التدريب والممارسة، فاجعل لعقلك فرصة كبيرة من الممارسة ليرتقي لأعلى الدّرجات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى