حث عن نظام محاكم الأسرة والعمل علي نجاحه , بحث مفصل عن نظام محاكم الأسرة والعمل علي نجاحه

بحث عن نظام محاكم الأسرة والعمل علي نجاحه – بحث مفصل عن نظام محاكم الأسرة والعمل علي نجاحه

تحاول هذه الورقة الإجابة عن سؤالين أساسيين يعتبران مدخلا في التعرف علي نظام محاكم الأسرة والعمل علي نجاحه.. هذيـــــــــن السؤالين هما:
لماذا محكمة للأسرة ؟

والآخر ما هي الدعائم المطلوب توافرهـا فــي المحكمة لتحقيــق النجاح؟

لماذا محكمة للأسرة؟

إن إنشاء محاكم الأسرة ليس ترفا وليس مجرد تحديث للنظام القضائي، إنه تنظيم متخصص له متطلبات خاصة ، ذلك لأنه يقوم علي فلسفات معينة تقتضيها دواعي الأمور العائلية والمنازعات الأسرية، نوعيتها وتداعياتها.
ويهمنى في البداية الإشارة إلي أمر أعتبره في غاية الأهمية.
لقد أصبح إنشاء محكمة الأسرة اليوم مطلبا يتعلق بالعمل علي إحلال السلام ووسيلة لنشر ثقافة السلام من أجل التصدي لذلك الكم الهائل من المنازعات المسلحة والصدام المدمر الذي ينفجر في كافة أنحاء العالم والعمل علي الحد منه أو منعه. إنه يرتبط بأمرين أساسيين يساهمان في نشر السلام. بمعناه الواسع الذي يشمل ليس فقط منع الصراع المسلح إنما يشمل كذلك السلام مع الغير والسلام مع النفس. هذين الأمرين هما سيادة القانون وتفعيل ثقافة السلام. إن ثقافة السلام تعني ببساطة أن حل الاختلافات لا يكون بالعنف أو الصدام والقتال إنما بالتفاوض والحوار والحلول السلمية. وهذا نمط في السلوك تحدده الثقافة التي تسود المجتمع في أبسط الأمور وأكثرها تعقيدا. مثلا في حالة تصادم بين سيارتين – في بعض المجتمعات ينزل كل راكب ويعطي اسمه وبياناته للآخر للتواصل من احل حل النزاع، وفي مجتمعات أخري ينزل كل راكب ليكيل الضربات للآخر وقد يشتد الاشتباك بالأيدي والصراخ والعنف بما يزيد الأمر تعقيدا.
من هنا فإن نشر ثقافة السلام في الأسرة وفي العلاقات الأسرية أحد الوسائل الهامة الفعالة في غرس أسلوب حل المشاكل بدون عنف. ذلك العنف الذي يلجأ إليه كل من شب وهو يراه الوسيلة الوحيدة المتاحة لفض الاشتباك.
لذلك نقول إن محاكم الأسرة بمحاولتها حسم الاختلافات دون عداوة، تساهم في نشر ثقافة السلام التي يحتاجها العالم اليوم.
إن هذه المحاكم هي قبل كل شيء سياج لحماية الأسرة المصرية التي هي المدرسة الأولي والمستمرة. والأسرة إذا انهارت أو ساد العداء بين أفرادها ، انقطع رباط الأمان والاحترام والالتزام بين الأفراد ، ليس فقط داخل البيت إنما خارجه أيضا وخسر المجتمع بذلك كثيرا.

وقد ظهرت الحاجة إلي محكمة الأسرة تتميز بعدد من السمات تجعلها مختلفة عن غيرها ، وذلك بسبب الخصوصية التي تنفرد بها المنازعات الأسرية. هذه السمات استلزمت إنشاء محاكم متخصصة تختلف أحيانا في وسائل وأساليب معالجتها عن سائر مؤسسات العدالة القضائية.

من هذه السمات:
• إن الهدف عادة في القضايا هو وصول النزاع إلي المحاكمة لاستصدار حكم. ولكن الهدف من محاكم الأسرة هو ألا يصل النزاع إلي المحكمة ، ومحاولة تفادي ذلك حرصا علي العلاقات الأسرية..

• تسعي المحاكم لفض الخلافات والمنازعات بين الأطراف عادة بغض النظر عن نوع العلاقة التي تسود بين الأطراف. بينما نوعية العلاقات بين الأزواج ومع الأبناء عامل أساسي في قرارات وأحكام محاكم الأسرة.

• الخلافات الأسرية لها طبيعة خاصة . ففي قضايا الأسرة ليس هناك غالب ولا مغلوب ، فالكل خاسر. الأطفال يعانون، والمجتمع يتأثر بانهيار العلاقات، حتى لو أخذ كلٍ ذي حق حقه القانوني. إن الشرخ الذي يحدث في الخلافات الأسرية صعب الإلتآم.

• قاضي محكمة الأسرة يسعى لإعطاء الحق لأصحابه مع الإبقاء علي علاقة طيبة بين الأطراف. بينما القضاء العادي لا يحرص علي استمرار هذه العلاقة ، وقد أثبتت الدول التي تطبق هذا النظام بكفاءة أنه من الممكن أن تنتهي العلاقة الزوجية دون مرارة أو عداوة. وأن يستمر التعاون بين الزوجين في الأمور التي تتعلق بالأبناء.

• من أهم خصائص هذا النظام تفعيل دور أفراد الأسرة وإشراكهم في حل مشاكلهم. وهذه المساهمة إحدى ضمانات نجاح القرارات والأحكام.

• تسعى محاكم الأسرة للعناية بشئون الأسرة ، ليس فقط في المنازعات والخصومات ولكن في أمور أخري تهم الأسرة وتنظم علاقاتها.

• إن طبيعة الأمور الأسرية تتطلب عدم التباطؤ في التنفيذ لأنها تتعلق بكيان الأسرة ومصلحة الأبناء. من هنا فإن سرعة تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة ومتابعة تنفيذها – وإن كان مطلوبا في جميع القضايا – إلا أنه أكثر إلحاحا في قضايا الأسرة. وتلك نقطة مهمة تقتضي تفعيل آليات التنفيذ أو استحداث غيرها.

• إن الرباط الأسري لا يمكن قياسه بالمواد القانونية فقط أو الآلات والأجهزة. إنه يحتاج نظرة محنكة داخل النفوس والعقول، وفهم مواقف الأطراف تجاه الموقف، نفسه ، وتجاه الآخر، وتجاه الذات. مما يحتم وجود الأخصائيين في شئون الأسرة. لذلك يقال أن العدالة في محاكم الأسرة ترفع العصابة عن عينيها لتري الأطفال والأطراف وتسمع ما يقولون وتحس بما يشعرون به.

• في أغلب الدول لا توجد النيابة في محكمة الأسرة. فالنيابة تمثل الإدعاء وتطالب بالعقوبة. والادعاء في العلاقات الأسرية ليس له مجال أو مكان. إن النيابة في محاكم الأسرة ، إذا وجدت ، فهي ليست خصما لأي الأطراف ولكنها لصالح القانون ولمراعاة عدم وجود تعارض بين القوانين. إنها تسعى لاتفاق الأطراف وليس اتهامهم. ولذلك فإن النيابة عندما توجد، لابد أن تكون متخصصة ومعدة لهذه المسئولية الجديدة.

• يوجد بالمحكمة موظفون قانونيون متخصصون في قوانين الأحوال الشخصية وعدد من الأخصائيين يقومون معا ، بتبصير الأطراف بحقوقهم وواجباتهم. وبعواقب الخلاف دون الحاجة إلي الالتجاء إلي محامي. وهو ما يزيح عن الأسرة عبء الأتعاب أو مماطلة بعض المحامين.

• في القضايا الأخرى تؤثر المنازعات علي الأطراف أساسا ، ولكن في قضايا الأسرة هناك الأبناء الذين هم ليسوا أطرافا في النزاع، لكنهم ضحاياه وأكثر المتضررين منه. فيما يعني ضرورة حمايتهم والحفاظ علي حقوقهم وهذه مسئولية تلك المحكمة.
• إن العلاقة بين الأطراف في قضايا الأسرة علاقة لا تنتهي بصدور الحكم، بل تستمر العلاقة الطبيعية وإن انتهت قانونيا. فالأب يظل أباً ، والأم تظل دائما أماً، والأبناء يظلون أطفالهم بغض النظر عن أي حكم يصدر ولو بالانفصال.

• لا تنشأ محاكم الأسرة من أجل المرأة. ولكن من أجل المرأة والرجل، الزوجة والزوج والابن والأخ والأطفال والأقارب. والدليل علي ذلك أنه حتى في الدول التي حصلت فيها المرأة علي كافة حقوقها ، فإن هذه الدول استشعرت الحاجة لإنشاء محاكم الأسرة نظراً للدور الذي تؤديه في صيانة العلاقات والحقوق الأسرية من الانهيار . فلا يجوز القول أنها مكسب للمرأة فقط.
******************
بعد توضيح هذه السمات فإنه من المهم أيضا توضيح أن محاكم الأسرة في مصر لن يكون لها دور في الخلافات المدنية أو الجنائية ، وهو خلط شائع كان واضحا في الأسئلة والخطابات التي أثيرت حولها. ولا يجوز أيضا الظن أنها تمس أحكام الموضوع. فهذا ليس قانونا ينظم العلاقات الزوجية أو الحقوق والواجبات ، وهو لا يغير في كنهها بل تحكمها الشرائع القائمة. إن قانون محاكم الأسرة يسعي لتطبيق القوانين التي تحكم هذه العلاقة نصا وروحاً بأفضل صورة تؤدي إلي حماية الأسرة والمجتمع.

ما هي ركائز ومقومات نجاح محكمة الأسرة؟

بعد أن حاولنا الإجابة علي سؤال لماذا محاكم الأسرة، وبينا الاعتبارات المتعددة وجب الإشارة إلي الركائز التي يلزم أن تقوم عليها والمقومات والمتطلبات التي تقود إلي نجاحها وتحقيق أهدافها.
إن الإجابة علي السؤال: هل لدينا محكمة للأسرة؟ يتعلق بمدي نجاح محاولات اليوم، والآن، في قيام المحكمة علي الركائز الأساسية التي تتطلبها سمات خاصة تنفرد بها قضايا الأسرة ، وعلي توفير الآليات التي تتفق مع الأهداف التي أنشئت من أجلها… وعلي مدي إيمان القائمين بها وبرسالتهم وتوفير المعرفة والشفافية لهم والتأكد من وجود مقار لائقة يعملون فيها من أجل تحقيق أهداف المحكمة التي تساهم في رسم مستقبل للأسرة المصرية وللوطن.
وتلك فقط بعض المقومات التي لابد أن يقوم إنشاء محكمة الأسرة علي أساسها.

وابتداءً نؤكد أن محكمة الأسرة نقلة حضارية إنسانية في إدارة العدالة، لمست الحاجة إليها العديد من الدول من بينها الهند واستراليا وبنجلاديش وكندا وإنجلترا واليابان وغيرها ، صممتها كلٍ منها حسب ظروفها وإمكاناتها، ولكن دائما مع الإصرار علي توفير الركائز الأساسية للفلسفة التي تقوم عليها.

وفي مصر لمست السيدة سوزان مبارك بثقافاتها الدولية ، وحسها الوطني، وضميرها الاجتماعي حاجة الأسرة المصرية لهذا النظام. والحقيقة أنه لولا هذه السيدة الفاضلة لحرمت الأسرة المصرية من الكثير من الخدمات الضرورية. وهي تقوم بتوفير هذه الخدمات من خلال قنوات المؤسسات الاجتماعية التي ترأسها. وقد تجاوبت الحكومة، ووزارة العدل علي وجه الخصوص والمحكمة الدستورية العليا برئاسة الراحل الكريم والمصري الوطني المستنير الدكتور محمد فتحي نجيب وشاركت في الاجتماعات التي عقدتها جمعية اتحاد المحاميات المصريات التي بادرت بالاقتراح وكان ذلك مثلا صادقا لمساهمة الجمعيات الأهلية في مسيرة التنمية والتطوير. واشترك في مناقشة مشروع محاكم الأسرة المجلس القومي للأمومة والطفولة والمجلس القومي للمرأة وعدد من الجمعيات الأهلية.
كان طرحه للمناقشة علي نطاق واسع قرارا رشيدا يقوم علي إدراك أن القضية ليست قضية تشريعية قانونية فحسب ولكن لها جوانب اجتماعية وإدارية ونفسية وسلوكية متعددة لكل منها متخصصون فيها.

لقد كان نجاح نظام محاكم الأسرة في الدول التي طبقته مرتبطا بمدي الالتزام – منذ إنشائها – بتوفير المقومات والركائز الأساسية اللازمة لتحقيق أهدافها. نذكر من تلك المقومات:

أولا المراحل: وهي عادة ثلاث:

يقوم نظام المراحل علي أساس جوهري في فلسفة محاكم الأسرة هو أن الأطراف يشاركون في حل مشاكلهم ، وهي لا تذهب أمام القضاء إلا إذا فشلوا في ذلك، فيعاونهم القاضي وطاقمه في حلها. وكما ذكرنا فإن هدف المحكمة هو ألا تصل الأسرة إلي مرحلة المحكمة إن أمكن ذلك.
ولمحاكم الأسرة مراحل ثلاث في حل الخلافات: هي المصالحة، والاتفاق، والتقاضي.

والمصالحة Reconciliation تتمثل في أول محاولة للتصالح في مكتب بالمحكمة يسوده جو بعيد عن رسميات المحاكم والنيابة ويشارك في هذه المحاولة خبير قانوني، وأخصائي أو أكثر في شئون الأسرة. يقومون معا بتعريف الأطراف بالأبعاد القانونية للخلاف ونتائجه وبمحاولة رأب الصدع بأسلوب مهني يقوم علي الدراية بمشاكل الأسرة وعواقبها.

إذا تمت المصالحة أو الاتفاق كسب المجتمع أسرة متماسكة لم يمسها رشاش النزاع القضائي بدرجاته. أما إذا لم تتم ينتقل الملف لمرحلة تالية وهي مرحلة الاتفاق Mediation أي الاتفاق علي حل النزاع بحيث يأخذ كل ذي حق حقه بالاتفاق دون دخول المحاكم ويقوم بهذه المحاولة خبراء في القانون – قاضي سابق مثلا له هيبة أو وكيل النيابة وأخصائيين في القانون أو الاجتماع أو خلافه حسب الحالة. ويقتضي ذلك تنظيم سجلات بأسماء من هم مؤهلون لذلك للاختيار منهم.

أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التقاضي Litigation حيث يحول الملف إلي المحكمة ومعه التقارير التي ترسم صورة واضحة حقيقية للحالة ليصدر فيها حكماً قضائياً يسعى لفض النزاع. حكم يأخذ في الحسبان – بجانب نصوص القانون – الجوانب الاجتماعية والنفسية للنزاع ومراعاة حقوق الأطفال.

وفي كل المراحل تكون مشاركة الأخصائيين وأبحاثهم وتقاريرهم وجوبية. وتحدد بعض القوانين مدة معينة لانتقال القضية من مرحلة إلي أخري وصدور الحكم. وتشترط وجود الأخصائي الاجتماعي أو النفسي مع القاضي.
وفي بعض الدول تبلغ نسبة الحالات التي يتم تسويتها قبل الوصول للمحاكمة 50%، وفي دول أخرى تصل إلي 90%، مما يختصر مدة الخصومة ويقلل الأعباء علي القضاة والحمل الهائل من القضايا المطلوب نظرها والبت فيها وعلي الأطراف كافة.

ثانيا: التيسير والرسوم:

يجب أن تكون الجلسات والاجتماعات غير علنية ، وألا يحضرها الأطفال إلا إذا رأي رئيس الاجتماع ذلك، حماية لهم من تعرضهم للجدل بين الآباء أو تبادل الاتهامات. وفي حالة ضرورة اصطحابهم مع الأسرة تخصص لهم قاعة انتظار مهيئة تناسب أعمارهم وبها مشرف اجتماعي.
كما تنص القوانين علي إعفاء الأسر من الرسوم والمصاريف ، وكذلك النص علي عدم ضرورة توقيع محامي علي عريضة الدعوى لتخفيف الأعباء المالية. وأحيانا تحدد الرسوم حسب الحالة المادية للأسرة.
وتنص قوانين محكمة الأسرة علي تخصص القضاة وعلي تفرغ القاضي أثناء عمله في محكمة الأسرة. ويراعي دائما أن يكون الوصول لمقر محكمة الأسرة سهلا متاحا في دوائر متعددة لرفع المعاناة التي تلاقيها الأسرة عندما يقل عدد المحاكم وتتباعد المسافات.

ثالثا :المقر

يتشكل سلوك المواطن كثيرا حسب ما حوله، والشخص الذي يدخل مكانا نظيفا هادئا يتصرف بهدوء وانضباط أكثر من سلوكه في الأماكن التي لا تتصف بالنظافة ويسودها والضجيج والفوضى لذلك وجب أن يكون المكان معداً ومهيأ بطريقة تحفظ للأسرة كرامتها. مع توفير غرف مناسبة للاجتماعات. وقاعة المحكمة عادة بسيطة هادئة، ليس بها “قفص” أو منصة عالية. قاعة لها الهيبة دون أن يسودها مناخ التوتر والخوف.

رابعا: العنصر البشري

إذا كان نجاح هذه المحكمة في تحقيق رسالتها يتطلب تعديلات في القوانين، وتيسير في الإجراءات، وتوفير المقار المناسبة، فإنه يتطلب قبل ذلك توفير الكوادر البشرية المدربة القادرة علي تحقيق أهداف محاكم الأسرة وهو أهم المقومات جميعا.

ويتوقف نجاح المحكمة علي مدي إدراك كل العاملين بماهية المحكمة وأهدافها، وبقيمة تأثير أدائهم علي الأسر والمجتمع. يأتي ذلك بالتدريب الجاد المخصص له وقت كاف، والمخطـط له بعناية ، وأن يشمل الكل بلا استثناء ، القضاة ووكلاء النيابة ، وقلم الكتاب والمحضرين، حتى المشرفين والسعاة. لقد ثبت أن نجاح أو فشل محاكم الأسرة في تحقيق أهدافها يرتبط باختيار العاملين في المحكمة من بين من يؤمنون برسالتها ، ونوع التدريب الذي يتلقاه العاملين قبل مباشرة مهام وظائفهم.
ذلك الإعداد يحتاج لوقت وجهد .. وتعمل أغلب الدول علي إعداد الكوادر البشرية المطلوبة قبل صدور القانون بحيث يكون الطاقم مستعدا لدي صدور القانون ومدربا للإقلاع بسلامة وأمان ، بل أحيانا يؤجل التنفيذ لحين الانتهاء من تأهيل العاملين.

خامسا: التوعية والتوضيح:

من المهم أن تكون نصوص قانون الإنشاء واضحة سهلة الفهم وتهتم أغلب الدول التي أدركت خصوصية محاكم الأسرة بتوعية المواطنين بخصائص وأهداف وإجراءات هذه المحاكم وتبين لهم نطاق اختصاصها ، والحالات التي تنظرها وتلك التي لا تدخل في اختصاصها وذلك لرفع اللبس والحد من التوقعات أو الآمال غير الواقعية.
كما توضح الإجراءات المتبعة في المحكمة إما عن طريق اجتماعات تعقد في المحكمة أو نشرات وكتيبات واضحة سهلة. وبعض الدول توفر شريط تسجيل أو فيديو يشرح كل هذا بالصوت أو الصورة. وقد ثبت أن هذه التوعية تساعد المواطن وطاقم المحكمة في تحقيق الهدف. والتوضيح والتوعية ليس فقط من أجل الشفافية والمعرفة إنما هو ضمان لمشاركة الأسرة في حل مشاكلها بأسلوب واقعي سلمي متحضر.

وقد لاحظنا في أستراليا أنه بسبب وجود جالية تتكلم اللغة العربية هناك، قامت إدارة “محكمة الأسرة” بإصدار شريط يشرح أهداف المحكمة واختصاصاتها وإجراءات عملها باللغة العربية.

سادسا: التنفيذ:

لما كانت العبرة في تحقيق العدالة هي ليست بصدور القانون أو بالنطق بالحكم، إنما بتنفيذه، لذلك تهتم محكمة الأسرة بمتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة منها والمعاونة في ذلك عن طريق مكتب مخصص يرأسه قاضي التنفيذ أو وكيل نيابة أو محامي الدولة، ولهم الاستعانة بالأخصائيين أو أفراد الشرطة لتحقيق ذلك.

كلمة أخري هامة:

عندما بادرنا الدعوة إلي إنشاء محاكم الأسرة وأكدنا بإصرار علي توفير مقومات النجاح، انصب اهتمامنا عليها جميعا سواء في ذلك توفير المراحل المطلوبة ، أو التوعية ، والمقار ، والالتزام السياسي
وأكدنا علي أهمية التنفيذ السريع مع متابعة التطبيق ورصد المشاكل والمقومات من أجل تحقيق ما يلزم من تطوير أو تعديل تشريعي. وتم طرح مشروع القانون للمناقشة في جلسات استماع شارك فيها كل الأطراف المعنية.
بين كل هذا كان لتوفير العنصر البشري الكفء القادر المدرب المؤمن برسالة مهنته وضرورتها، أولوية خاصة ومكانة متميزة في مطالبنا. طالبنا أن يكون التدريب جزء أساسي من برنامج العمل، وطالبنا أيضا أن يشمل جميع العاملين بالمحكمة قضاة ووكلاء نيابة وأخصائيين قانونيين واجتماعيين ونفسيين وغيرهم وأن يشمل المشرفة والحاجب والساعي ومسئول التنفيذ. الكل بلا تمييز ولا تفرقة ولا تعالي من فئة علي أخري نظرا لما في العمل بتلك المؤسسة القانونية الإنسانية من اعتبارات خاصة تتطلب مدخلا خاصا لا يقتصر علي القانون إنما يشمل غيره من التخصصات التي لها دور أساسي في نجاح النظام. إن الكل يساهم في نجاح هذا النظام الإنساني المتميز وأي حلقة منه إذا كانت ضعيفة تنفرط سلسلة المسيرة.

لقد طالبنا بعقد لقاءات بين العاملين علي مستوياتهم لتبادل الرأي والخبرة والمشورة وتعميق احترام جميع التخصصات ودعم العمل بروح الفريق. وقد استجابت وزارة العدل بتنظيم دورات للقيادات القضائية والقانونية ويسعدني اليوم أن أساهم في هذه الدورة التي ينظمها برنامجكم الناجح لتدريب الأخصائيين لكني أتطلع لندوة أو ورشة عمل تجمع بين أولئك وهؤلاء. بين القانونيين، قضاه ووكلاء نيابة والأخصائيين في التخصصات المطلوبة وذلك من أجل تفعيل نجاح القانون الذي كان صدوره بمثابة قصة نجاح جاءت نتيجة التعاون بين الهيئات والمؤسسات والجمعيات من أجل هدفنا المشترك. وتعكس أهمية البحث دائما عن الأفضل لتطبيقه في مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى