تغييب أم تضليل.. بقلم هنادي الصديق

السودان اليوم:

أظن و(إن بعض الظن إثم) ان السادة المحيطين بالسيد رئيس الجمهورية والمكلفين برفع تقاريرهم له فيما يخص شئون البلاد والعباد ما زالوا يمارسون عادتهم السيئة بكتابة المعلومات المضللة التي تجعله بعيدا عن محيط الأحداث خاصة وأن الإعلام الجديد قرَب المسافات وجعل من العالم غرفة صغيرة لا تخفى فيها خافية.

فالسيد رئيس الجمهورية قد لا يعلم أن قانون الانتخابات الذي تمت إجازته امس الاول لم يتم عرضه على جميع الأحزاب (المسجلة) وغير المسجلة، والدليل على ذلك البيانات التي خرجت فورا رافضة للطريقة التي تمت بها الإجازة ما يعني أن فكرة قيام الإنتخابات بهذا الشكل ستكون مثار شكوك واتهام مستمرة من قبل مواطن الداخل والمجتمع الدولي.

فقد جاءت الاخبار في صحف الامس بتعهد سيادته، بوضع دستور دائم للسودان يشارك فيه جميع السودانيين دون استثناء تنفيذاً لبرنامج اصلاح الدولة. وهو ما لن يتحقق في ظل حالة الغليان التي سادت الشارع السياسي.
إضافة إلى كلمته التي جاء فيها إن تعديل قانون الانتخابات تم في اطار تنفيذ توصيات الحوار الوطني بعد مشاورات ومداولات واسعة بين جميع القوى السياسية في البلاد، اسفرت عن صدور قانون مُجمع عليه لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في العام 2020م، (وهو ما نفته الأحزاب التي أصدرت بيانات مناهضة للقانون والطريقة التي تمت بها إجازته والاحزاب التي خرج نوابها من جلسة الإجازة بالبرلمان).
ولعل ما حدث في قانون الانتخابات واللغط الذي دار حوله سيتكرر مع محاولة إجازة الدستور الدائم للبلاد، الذي وصفه الرئيس بأنه يشهد إقبالا من المواطنين وسيشارك فيه جميع السودانيين دون استثناء تنفيذاً لبرنامج اصلاح الدولة، خاصة وأن السودان شهد اصلاحاً تشريعياً وقانونياً استجابة لتوصيات الحوار الوطني. ما قيل مؤكد ليس هو الصحيح مائة بالمائة، وربما يشير إلى عدم شفافية التقارير التي تُرفع بإستمرار والتي تجعل قيادة الدولة بعيدة عن ما يدور من أحداث كان من الممكن ان تغير مسار الدولة متى ما تم تداولها بتجرد وشفافية.

المنطق يقول إن قيادة الدولة تحتاج لأن تكون ملمَة بجميع تفاصيل حياة المواطن، ونزولها للقاعدة يكشف لها الكثير من الامور التي يتم تغييبها من بين سطور التقارير المرفوعة من قبل موظفين منحوا ضمائرهم إجازة مفتوحة، ولم ينتبهوا إلى أن ساعة الحقيقة قد تأت بمفاجآت لن تشفع لهم.

المواطن في الوقت الحالي غير معني بتعديل الدستور ولا حتى قانون الانتخابات لأنه مشغول بأساسيات الحياة كيف وأين يجد رغيف الخبز، ويأكل يوفر ثمن وجبة الفطور او العشاء ، وكيف يصل لمكان عمله او المدرسة او الجامعة أو حتى المستشفى في ظل أزمة الوقود التي ضربت البلاد، وأصبح يهتم بكم يؤمن ثمن مسكنه وأين في ظل إرتفاع أسعار الايجارات وشراء العقارات، مواطن منشغل بقضاياه الاساسية من مأكل ومشرب ومسكن وعلاج ، لن يكون منتبها ولا منشغلا بقضايا تعديل الدستور او إجازة قانون الانتخابات لأنها ببساطة تعتبر رفاهية في ظل الظروف التي يعيشها لأنها ستكون بالنسبة له رفاهية فقط.
الاحزاب والقوى السياسية فقط هي المعنية بتنوير المواطن بحقوقه الاساسية والمحافظة عليها. وهو الدور الذي ينتظرها في مقبل الايام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى