بكرة العيد

قيل ان احدهم قد لمح شبح امراة من على البعد ..كانت تقف شامخة مثل تمثال فينوس ..والتوب يهفهف ..والنسيم يلعب بخصلات الشعر الجميل ..عندما أقترب منها وجد ان ملامح وجهها أقرب الى القبح منها الى الجمال ..فتحسر قائلا مقولة ذهبت مثلا (البشوف الوقفة ..يقول بكرة العيد).

وقد تابعت (وقفة) الدورة المدرسية ..وشاهدت مقتطفات منها ..وسمعت عن ذلك الرقم الخرافي للمبالغ التي دفعت بها الحكومة لدعم الدورة ..وعندما شاهدت صورا لمدارس في ذات الولاية ..تحسرت قائلة انني كنت فاكرة (بكرة العيد) ..

اصدقكم القول.. انني اصلا وفي الحقيقة ..قصة (الهيلمانة) تبع الدورة المدرسية دي ما نازلة لي من حلقي ..ما هو الشئ الجديد الذي اضفى على الدورة المدرسية زخما بهذه الضخامة حتى تصير الشغل الشاغل من اجله تتعطل المدارس ..ويتغيب الوزراء جميعهم لمتابعة احداثها …ويتم خصم (مليااااارررراااات الجنيهات ) من ميزانية بلاد يكاد اقتصادها ينهار تحت وطأة الديون وانعدام السيولة وقلة حيلة البنوك السودانية في مجابهة اكبر حالة قطيعة من قبل البنوك العالمية وحتى تاريخه (ما لقت ليها وجيع).

الدورة المدرسية في زماننا كانت امرا روتينيا ..تقام كل عام في مدينة سودانية ..نتابع المنافسات في المدارس ..يتم سفر الفائزين الى المدينة المعنية ..تجرى المنافسات بهدوء تام بمراقبة الاساتذة والمختصين ..ويعود المشاركين الفائزين والذين لم يحالفهم الحظ الى مناطقهم دون اثارة ضجة تذكر ..والعملية برمتها لا تؤثر على سير الدراسة ولم يحدث ان تم تعطيل الدراسة لخاطر الدورة المدرسية ..في اي عام من الأعوام ..وكان المشاركين ياخذون عناية خاصة من طاقم التدريس للحاق بالدروس التي فاتتهم اثناء سفرهم ..وكفى الله المؤمنين القتال .

الدورات المدرسية في تلك الايام افرزت اناس رفدوا الحركة الفنية في السودان ..اذكر على سبيل المثال لا الحصر (حنان النيل ) ..وعدد من شباب تيراب الكوميديا ..والشاعر امين صديق مؤسس فرقة الوان الطيف ..وفي الدروات المدرسية ظهرت لأول مرة مسرحيات الراحل ذو الفقار حسن عدلان ..التي كانت تحصل على المركز الاول بلا منازع لأعوام ..كانت الدورة المدرسية ..فعلا وقفة وبعدها عيد ..ولم تكن تاخذ من ميزانية الدولة شئ يذكر ..ولم نكن نمر بهذه الضيق ..وهذه المعاناة ..

لو كنت في مكان الوالي ..وتلقيت ذلك الدعم الخرافي ..لأنفقته كله او معظمه على ترمبم المدارس ..واجلاس التلميذ ..واصلاح الداخليات ..ولهاتفت الوزارة شاكرا على الدعم الذي ساهم في البنيات التحتية التي ستدوم لاجيال وأجيال ..ولأرسلت لكل وزير برقية شكر على دعمه الدورة المدرسية وتبرعه بالميزانية المرصودة لسفره واقامته (هو ووفده المرافق) لصالح بناء مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة والتي تفتقر لها معظم الولايات ..ولصالح دعم مرتبات المعلمين الذين يعانون الامرين في الولايات من ضعف الرواتب وتأخرها في الوصول ..وصار المعلم في (الحالتين انا الضائع).

السيد سعادة رئيس الوزراء ..كنت قد طلبت رأي الشعب في الأزمة الاقتصادية الحالية ..انا اتحدث بالاصالة عن نفسي ..ونيابة عن كثيرين ممن يوافقوني الرأي والرؤية ..(الصرافات خلهن ..اقرع اللمات الهلامية والمؤتمرات ) ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى