بعودة الحملات تجارة العملة في البلاد.. هل تتراجع؟

تجارة العملة تحتلّ أهمية كبيرة في حياة الأفراد في مختلف أنحاء العالم؛ إلا أن بعض الدول تمنع العمل فيها وفقاً لقوانينها وتفادياً لحدوث أضرار بالاقتصاد، بينما تعتبره دول أخرى عملاً طبيعياً بوجود هوامش ربحية قليلة عبر البيع عن طريق الصرافات.. الوضع في السودان يبدو مختلفاً قليلاً، برزت تساؤلات في مختلف الأوساط عن حجم التجارة ونشاطها خاصة من قبل السودانيين في الخارج.

ما أن يُطل يوم جديد إلا وتعلن الحكومة عن محاربة تجار العملة والعمل على استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني بعد أن تحولت العملات الصعبة إلى تجارة رائجة بشكل كبير لجهة ما تدرّه من دخل على ممارسيها دون مخاطر كبيره أو خسائر.
أهم الدول التي تنشط فيها تجارة العملة في الخارج الإمارات بمدينة دبي إلى جانب الصين وبعض الدول الأخرى.
تاجر العملة نادر الهلالي يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن سياسة التحرير وحدها التي تمكّن من دخول مدخرات المغتربين إلى داخل البلاد، وأضاف: أسهل طريقة حالياً أن يتصل المغترب بتجار العملة لتحويل بعض الأموال إلى ذويه دون أن يرسل ذلك عن طريق المصارف لجهة فارق السعر بينها والسوق الموازي.
وأشار نادر إلى أن السوق الموازي لديه شبكة في كل الدول ويوجد أينما يوجد سودانيون مغتربون بالخارج، منوهاً إلى أن أمر تجارة العملة لا يقتصر على دبي والصين فقط خاصة أن كثيراً من التجار يشترون العملات الصعبة من الخارج لاستيراد السلع وتوريدها إلى داخل البلاد، وأضاف: “الحملات التى تنفذها السلطات على تجار العملة تؤدي إلى تهييج سعر الدولار وليس انخفاضه باعتبار أن المستوردين لا يحصلون على العملات الصعبة لأغراض الاستيراد”.

سيناريو الاستيعاب

الهلالي اعتبر أن أفضل طريقة للتعامل مع تجارة العملات الصعبة هو استيعاب التجار العاملين في المجال عبر تقنيين التجارة وتحرير سعر الصرف والسماح لهم العمل عبر الصرافات الخاصة بالتحاويل المالية، مؤكداً صعوبة محاربة تجار العملة بالخارج خاصة أنه ليست لهم أماكن محددة يعملون فيها بالخارج بجانب أنه لا يمكنها معرفة أين يودعون أموالهم، وأضاف: “تجارة العملة في الخارج أكثر من الداخل”. مشيراً إلى أن معظم عمليات الاستيراد تتم من الخارج، مؤكداً أن أكثر العملات استخداماً في عمليات الاستيراد الدرهم الإماراتي حيث بلغ سعره في دبي 12,900 جنيه ليوم أمس وفي الخرطوم 17.500 جنيه.
وكشف نادر عن أن تجار العملة لا يمكنهم الدخول في أي عمليات للبيع أو الشراء دون التعرف على سعره في دبي والخرطوم، لافتاً إلى أن الدولار والريال لا يتم استخدامهما في الاستيراد كثيراً مقارنة بالدرهم.
وشدد الهلالي على أهمية أن تعمل الحكومة على تحرير سعر الصرف لضمان دخول النقد الأجنبي، لافتاً لتوقف الصادرات لمعظم السلع الرئيسية السمسم والقطن والذهب بسبب سعر آلية صناع السوق خاصة أن هناك سعراً أفضل منه بالسوق الموازي.

هل تنجح الحملات في ضبط الدولار؟

تاجر العملة الحاج أحمد أشار في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى تزايد الحملات على عدد من تجار العملة مؤخراً، مشيراً إلى أنها ربما تكون رسالة لإيقاف تجار العملة عن العمل خاصة بعد الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة مؤخراً بإنشاء آلية صناع السوق.
ولفت أحمد إلى أن أكثر الدول التي تنشط بها تجارة العملة في الخارج هي الصين ودبي، لجهة أن نشاط الاستيراد من هذه الدول كبير. مشيراً إلى أن سعر الدولار بلغ 57 جنيهاً عن طريق البيع بالنقد (الكاش) وبالشيك 61 جنيهاً ليوم أمس، وأضاف: “وهذا ما يدفع التجار للتعامل عبر أسعار السوق الموازي وليس عبر سعر آلية صناع السوق”.
تاجر العملة محمود ناجح أشار في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن نشاط تجارة العملة بالخارج كبير، مستبعداً أن تنجح الحملات في الحد من ارتفاع أسعار الدولار خاصة وأن هنالك طلباً على الدولار لأغراض الاستيراد.

قوانين رادعة:

الخبير المصرفي محمد عبد العزيز يرى في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن القوانين يجب ألا تكون الأساس في الحد من تجارة العملة، وتكمن أهمية القوانين في الردع، راهناً انحسار الظاهرة بتحسن وضع الاقتصاد السوداني وتوفر نقد أجنبي يغطي حاجة كل شرائح المجتمع، لافتاً إلى أن تجارة السوق الموازي تنشط عندما يكون هنالك شح للسلعة محل التجارة، منوهاً إلى أن العملة الأجنبية في السودان أصبحت كالسلعة، مشيراً إلى ضرورة فرض الرقابة على ذلك.

ولفت الخبير الاقتصادي د. عبد العظيم المهل في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن الإجراءات الجزائية لا تسهم في السيطرة على تجار العملة بالخارج ولا تنعكس على استقرار سعر الصرف على المدى البعيد، مشدداً على أهمية إصلاح السياسات المالية والنقدية وتغطية الطلب المتزايد للدولار عوضاً عن أي إجراءات عقابية.
وأصدرت الحكومة السودانية نهاية العام الماضي قرارات مشددة لمواجهة انهيار الجنيه أمام الدولار، وقررت توجيه تهم تخريب الاقتصاد القومي وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب لتجار العملة والسماسرة والمتعاملين في النقد الأجنبي خارج الدوائر الرسمية – السوق السوداء- وتصل عقوبات هذه التهم للإعدام والسجن المؤبد. وقال النائب العام عمر أحمد في وقت سابق سيتم توجيه تهم تخريب الاقتصاد القومي وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب لتجار العملة والسماسرة والمتعاملين فيها بمختلف مستوياتهم لضبط سعر الصرف، وأضاف: “سيتم اتخاذ الإجراءات فوراً وبكل حسم وسيتم اتخاذها عبر النيابات العامة والمتخصصة ونيابة مكافحة التهريب وستتم هذه الإجراءات فوراً وبدأت السلطات الأمنية على الفور حملات لتوقيف المتعاملين في السوق الأسود والذين ينتشرون بشكل أساسي وسط العاصمة الخرطوم.

تقرير : الطيب علي

الخرطوم (صحيفة السوداني)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى