بحث علمي,التربية البدنية

تعد زيادة الوزن الناتجة عن تراكم الشحوم في الجسم عامل تأثير سلبي على الأداء البدني لدى الإنسان في الأنشطة التي يتم فيها حمل الجسم مثل المشـي والجري . وهذا ما يجعل التعبير عن الإمكانية القلبية التنفسية في هذا النوع من الأنشطة ينسب إلى كل كيلو جرام من كتلة الجسم في الدقيقة . لكن نسبة الاستهلاك الأقصى للأكسجين (VO2 max) إلى وزن الجسم لدى البدناء يقود إلى انخفاض ملحوظ في القدرة الهوائية القصوى لديهم مقارنة بغير البدناء، مما يجعلهم في وضع أدنى من غير البدناء في مقاييس اللياقة القلبية التنفسية غير أن رولاند يرى هو وآخرون بأن الشحوم لدى البدناء هي مجرد وزن غير نشط ، يؤثر على أدائهم أثناء الأنشطة البدنية التي يتم فيها حمل الجسم فقط ، وليس أكثر من ذلك ، ويضيفون أن البدانة لم تؤثر على اقتصادية المشي لدى البدناء مقارنة بغير البدناء. وعلى هذا توصي العديد من الدراسات أن على برامج تخفيف الوزن ، والتي تهدف إلى خفض نسبة الشحوم لدى الأطفال البدناء ، أن تركز على زيادة مصروف الطاقة بدلاً من التوجه نحو رفع مستوى اللياقة البدنية ، وما يتطلبه ذلك من رفع الشدة في النشاط البدني الممارس . وهذا في الواقع ما تؤكده التوصيات الحديثة للكلية الأمريكية للطب الرياضي (ACSM) التي تشير إلى أن زيادة عدد مرات الممارسة ومدتها (وليس الشدة) مهم جداً بغرض خفض الوزن . والمعروف أن برامج خفض الوزن التي تعتمد على رفع شدة النشاط البدني تعاني من عدم انتظام الممارسين فيها، بل إن دراسة أجريت على الأطفال البدناء المنخرطين في برامج أنشطة بدنية موجهة لخفض الوزن ، خلصت إلى أن البرامج التي تنتهج أنشطة بدنية ذات شدة عالية تنخفض فيها مدة بقاء الأطفال البدناء في البرنامج،أي يزداد تسربهم من البرنامج.

يتضح إذن أن زيادة مصروف الطاقة عامل مهم في برامج تخفيف الوزن لدى البدناء وخاصة الأطفال منهم الذين هم في مرحلة نمو ، حيث لا ينصح بخفض استهلاك الطاقة لديهم كثيراً . ولزيادة مصروف الطاقة تتبنى العديد من برامج تخفيف الوزن حمل أثقال على وسط الجسم وحول الجذع أثناء ممارسة النشاط البدني الهوائي . وعلى الرغم من زيادة مصروف الطاقة الإجمالي نتيجة لهذه الإجراءات إلا أن الدراسات التي أجريت سواء على الكبار أو الصغار خلصت إلى أن حمل الأثقال حول الجذع يزيد من مصروف الطاقة الكلية، لكنه أيضاً يحسن من الكفاءة ويزيد من اقتصادية المشي أو الجري عند احتساب الوزن المحمول كجزء من وزن الجسم . هذا التحسن في الكفاءة وانخفاض استهلاك الأكسجين النسبي يحدث تبعاً لنسبة الوزن المحمول وسرعة المشي أو الجري.

على أن الملاحظ أن جميع الدراسات السابقة الذكر تم عملها على أفراد غير بدناء ، سواء كانوا كباراً أو صغاراً ، وبالتالي فمن غير المعروف مدى تأثير حمل أثقال حول الجذع على مصروف الطاقة وكفاءة المشي لدى البدناء وخاصة الأطفال منهم مقارنة بغير البدناء ، حيث من المتوقع أن يكون الطفل البدين قد تعود على هذا الوزن الزائد (غير الفعال) ، وبالتالي من الممكن أن تكون استجابته مختلفة عند حمل أثقال مقارنة بالطفل غير البدين . يقودنا إلى هذا الافتراض نتائج دراسة أجريت على نساء أفريقيات من قبائل الليو (Luo) والكيكيو (Kikuyu) والتي أشارت إلى قدرتهن على حمل أثقال على رؤوسهن تزيد عن 20% من أوزان أجسامهن دون تغير ملحوظ في استهلاك الأكسجين لديهم مقارنة بدون حمل. هذه الاقتصادية في استهلاك الأكسجين أثناء المشي يعتقد أنها ناتجة عن التعود والتكيف على حمل الحاجيات على رؤوسهن منذ الصغر ، مما قاد إلى تغيرات تشريحية وميكانيكية ساهمت في ارتفاع كفاءتهن عند حمل الأثقال على رؤوسهن .وعليه فالسؤال المطروح في هذه الدراسة هو : هل تقود السمنة لدى الأطفال إلى إحداث تكيف لديهم يؤدي إلى زيادة اقتصادية المشي وخفض مصروف الطاقة أثناء حمل أثقال حول الجذع مقارنة بالأطفال غير البدناء ؟

أهداف الدراسة:

1. التعرف على تأثير حمل أثقال بنسبة 15% من كتلة الجسم على مصروف الطاقة( وبعض المتغيرات الفسيولوجية ) لدى الأطفال البدناء وغير البدناء أثناء المشي على السير المتحرك بميل وبدون ميل .

2. دراسة دور الشحوم على اقتصادية المشي أثناء حمل أثقال لدى الأطفال البدناء ، من خلال نسبة الثقل المحمول إلى كتلة الجسم مرة ومن ثم إلى كتلة الأجزاء غير الشحمية مرة أخرى .

أهمية الدراسة:

دراسة تأثير حمل أثقال أثناء المشي لدى الأطفال البدناء مقارنة مع غير البدناء سيساعد على فهم أفضل لمصروف الطاقة واقتصادية المشي لدى البدناء ، مما يساهم في تصميم أفضل لبرامج تخفيف الوزن لدى الذين يعانون من السمنة من الأطفال والناشئة .

تساؤلات الدراسة:

أـ هل يختلف كل من استهلاك الأكسجين ومصروف الطاقة ومتغيرات التبادل الغازي وضربات القلب لدى الأطفال البدناء عن غير البدناء أثناء كل من :
1- المشي بدون ميل مع حمل ثقل مقداره 15% من كتلة الجسم مقارنـة بدون حمل ثقل .

2- المشي بميل مقداره 6% أثناء حمل ثقل مقـداره 15% من كتلــة الجسم .

ب ـ في حالة وجود فروق بين الأطفال البدناء وغير البدناء في مصروف الطاقة وكفاءة المشي والمتغيرات الأخرى ، هل تختفي هذه الفروق عندما ننسب الثقل إلى كتلة الأجزاء غير الشحمية بدلاً من كتلة الجسم ؟
عينة الدراســة:

تكونت عينة الدراسة من 30 مفحوصاً ، منهم 15 طفلاً بديناً (ممن لا تقل نسبة الشحوم لديهم عن 30% من كتلة الجسم) و 15 طفلاً غير بدين (ممن لم تتجاوز نسبة الشحوم لديهم 20% من كلته الجسم) ، ولقد تراوحت أعمار العينة بين 10 سنوات و 11سنة ، تم اختيارهم من القسم الابتدائي من مجمع الملك سعود الواقع بحي جامعة الملك سعود بالرياض ، من غير الرياضيين أو المشاركين بصورة منتظمة في النشاط الرياضي ، وممن لا يعانون من أي مشكلات صحية تمنعهم من أداء جهد بدني أقصى . وتم الحصول على الموافقة الخطية على المشاركة في البحث من إدارة المدرسة ومن أولياء أمور الأطفال .

القياسات الجسمية :

1ـ العمر 2ـ كتلة الجسم وطوله 3ـ طول الطرف السفلي

4ـ نسبة الشحوم في الجسم

القياسات الفسيولوجية :

1ـ الاستهلاك الاقصى للاكسجين 2ـ قياس عتبة التهوية الرئوية

3ـ قياس مصروف الطاقة واقتصادية المشي

4ـ قياس تركيز حمض اللبنيك في الدم

5ـ حساب مصروف الطاقة 6ـ حساب كفاءة المشي

الاستنتاجات:

بناءً على نتائج الدراسة الحالية حول تأثير حمل أثقال على الجذع بمقدار 15% من كتلة الجسم و15% من كتلة الجسم غير الشحمية أثناء المشي على السير المتحرك بدون ميل وبميل مقداره 6% لدى الأطفال البدناء مقارنةً بغير البدناء يمكن استنتاج ما يلي :

1- على الرغم من أن هناك فروقاً ملحوظة (دالة إحصائيا عند مستوى أقل من01,0) بين البدناء وغير البدناء في الاستهلاك الأقصى للأكسجين منسوباً إلى كتلة الجسم (BM) ، إلا أن تلك الفروق تختفي عند نسبة الاستهلاك الأقصى للأكسجين إلى كتلة الجسم غير الشحمية(LBM)كما هو واضح في الشكل (1) ، وبالتالي فإن انخفاض اللياقة القلبية التنفسية للبدناء نتيجة للوزن الزائد الذي يحملونه ، مما يؤثر على أدائهم في النشاط البدني الذي يتم فيه حمل الجسم مثل الجري .

2- استجاب الأطفال البدناء للمشي على السير المتحرك تبعاً لمقدار الثقل المحمول ودرجة الميل بشكل مختلف ودال إحصائياً عن الأطفال غير البدناء في المتغيرات التالية: استهلاك الأكسجين المطلق وصافي استهلاك الأكسجين المطلق ومصروف الطاقة ، مما يعني أن للبدانة دور في هذا الاختلاف .

3- على الرغم من ارتفاع اقتصادية المشي عموماً لدى الأطفال البدناء أثناء حمل ثقل مقارنة بغير البدناء (بناءً على حجم الاستهلاك النسبي للأكسجين مل/كجم.ق) ، إلا أن الأطفال البدناء انخفضت لديهم اقتصادية المشي عند حمل ثقل نسبة إلى كتلة الجسم مقارنة بدون حمل ثقل (انخفاض دال عند مستوى 05,0 أو أقل) في حالة المشي بدون ميل وبميل مقداره 6% ، على عكس الأطفال غير البدناء . وربما يعزى ذلك إلى زيادة عدد الخطى وانخفاض طول الخطوة لدى الأطفال البدناء حيث تزامنت تلك مع انخفاض اقتصادية المشي لدى الأطفال البدناء .

4- أظهر صافي ضربات القلب استجابة مختلفة لدى الأطفال البدناء مقارنة بغير البدناء تبعاً لمقدار الثقل ودرجة الميل ، مما يعني ضرورة اخذ ذلك الاختلاف بالحسبان عند وصفة النشاط البدني لدى الأطفال البدناء .

5- تنخفض الكفاءة البدنية(%) لدى كل من الأطفال البدناء وغير البدناء مع حمل أثقال على الجذع ، وبشكل متقارب جداً .

التوصيات:
1- استخدام أثقال على هيئه صدرية حول الجذع أثناء المشي وبنسبة تصل إلى 15% من كتلة الجسم وسيلة فعالة لزيادة مصروف الطاقة لدى الأطفال البدناء ، ولا يبدو أنهم يجدون صعوبة في استخدامها وتحمّل وزنها ، وبالتالي يوصي الباحث باستخدام الأثقال على هيئة صدرية في برامج الأنشطة البدنية الموجهة نحو تخفيف الوزن لدى الأطفال البدناء .
2- يوصي الباحث باستقصاء تأثير حمل أثقال عند نسب أخرى من كتلة الجسم على مصروف الطاقة لدى الأطفال البدناء ، وفي حالة الجري مقارنة بالمشي، وفي حالة حمل أثقال على اليدين أو الساقين. وعند مستويات فوق العتبة اللاهوائية وتحتها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى