انسحاباتٌ كبيرة: إجازة قانون الانتخابات.. يوم برلماني استثنائي

وسط تهليل وتكبير و(هي لله.. هي لله) أجاز البرلمان قانون الانتخابات للعام ٢٠١٨م بـ(٤٣٠) عضواً، بعد أن مكث القانون في مكاتب البرلمان لخمسة أشهر و١٣ يوماً.. وجاءت الإجازة بعد أكثر من تأجيل في جلسة قاطعتها كتل برلمانية احتجاجاً على إصرار المؤتمر الوطني تمرير القانون دون حدوث توافق عليه وفقاً لتوصيات الحوار الوطني.
واختلفت الكتل البرلمانية مع المؤتمر الوطني في جلستين سابقتين لإجازة القانون حول العديد من المواد في مقدمتها ولاة الولايات، ومدة الاقتراع بالإضافة إلى السجل الانتخابي، وتصويت القوات النظامية.

نقطة نظام تُنهي التوافق

بعد أن اتهمت المؤتمر الوطني بالإصرار على إجازة القانون دون توافق، واعتماده على أغلبيته الميكانيكية؛ نفذت كتل البرلمانبة تهديداتها بالانسحاب.. فبعد تقرير لجنة التشريع والعدل عن القانون، وتوضيحاتها بإجراء أكثر من 40 تعديلاً على القانون، ومع بدء التداول طلب نائب رئيس حزب الإصلاح الآن والنائب البرلماني حسن عثمان رزق (نقطة نظام) أعلن خلالها انسحابهم وممثلي قوى سياسية أخرى من الجلسة، مشيراً إلى أنهم كانوا يأملون في حدوث توافق سياسي حول القانون إلا أن ذلك لم يحدث، معلناً انسحابهم من الجلسة كخطوة احتجاجية.
ورصدت (السوداني) انسحاب (34) حزباً بالإضافة إلى كتلة التغيير ونواب مستقلين من جلسة البرلمان المقررة لإجازة قانون الانتخابات، احتجاجاً على عرض رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر لقانون الانتخابات دون توافق الأحزاب على النقاط الخلافية حول القانون مع المؤتمر الوطني، ومن أبرز الكتل التي انسحبت: الإصلاح الآن، الاتحادي الديمقراطي (إشراقة)، المؤتمر الشعبي، حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل، تيار الأمة الواحدة، في حين بقيت داخل الجلسة كتل أخرى بخلاف المؤتمر الوطني أبرزها منبر السلام العادل وحركة التحرير والعدالة وتحرير السودان.
وأكد رئيس كتلة التغير أبو القاسم برطم الصحفيين بالبرلمان أمس، أن الوطني غير حريص على التوافق السياسي، مشيراً إلى أن انسحابهم من الجلسة تم اعتراضاً على عرض القانون قبل الاتفاق بين القوى السياسية والمؤتمر الوطني حول النقاط الخلافية بالقانون، وأضاف: التقرير الذي أتت به اللجنة أقفل اعتماد السجل المدني كمعيار للدوائر الجغرافية، وعدم اعتماد المستقلين للتحالف في الأحزاب السياسية، وعدم إدراج كيفية تصويت القوات النظامية، قاطعاً بإصرار الوطني على أن تكون مدة التصويت ثلاثة أيام الأمر الذي أدى لقرار الانسحاب من الجلسة.
النائب عن حركة (الإصلاح الآن) حسن عثمان رزق، أكد أن الوطني أصر على رفض المقترحات التي قدّمتها القوى السياسية من أجل التوافق على القانون وأراد أن يملي شروط “إذعان”، وهو ما يجعل القانون ناقصاً، وأضاف: “وضعنا ضوابط في القانون لنضمن نزاهة الانتخابات لكن الوطني لم يستجب لها”. وكشف رزق عن محاولاتهم للتوافق مع الوطني عبر طرح عدد من النقاط وصفها بالمهمة كتصويت المغتربين، وإعطاء المستقلين حق التحالف مع القوائم الحزبية لخوض الانتخابات، وأضاف: “حول النقطة الأولى المؤتمر الوطني أصرَّ على عدم تصويت المغتربين في الدوائر القومية، وحول حق المستقلين رَفَضَ تماماً”.
من جانبها أكدت النائبة عن الاتحادي الديمقراطي إشراقة سيد محمود أنهم فشلوا في التوصل مع الوطني لقانون انتخابات يضمن عدالة الانتخابات، منوهة إلى أن إصرارهم على المواد الخلافية في القانون وتمسكهم بها لضمان عدالة الانتخابات، وأضافت: “الوطني تنصل عن اتفاقه معنا وفاجأنا بالإصرار على ثلاثة أيام”، مشيرة إلى اتفاق الوطني معهم في نقاط لم يدخلها في التقرير كالإحصاء السكاني وتقسيم الدوائر الجغرافية، كاشفة عن إضافات فوجئوا بها في القانون وإدخال مواد لم تكن موجودة صباح أمس.
وأكدت إشراقة أن الوطني التفَّ على الانتخاب الحر للوالي وأدخل مادة جديدة وكذلك في السجل الانتخابي والمستقلين، واضافةً أسلوب الوطني بغير المقبول للتفاوض السياسي، وأضافت: حتى وقت متأخر من مساء أمس الأول كان هناك اتفاق تم التنصل منه صباح أمس. قاطعة بأن القانون لن يؤدي إلى انتخابات نزيهة بل سيقود إلى مقاطعة الانتخابات من الذين يرغبون في الشفافية والنزاهة.

أبرز ما جاء في القانون

القانون المجاز دون توافق تلا التقرير عنه رئيس لجنة التشريع والعدل عثمان نمر أمس، حدد ثلاثة أيام كفترة الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية وولاة الولايات وأعضاء البرلمان والمجالس التشريعية الولائية والمجالس المحلية، على أن عدد أعضاء البرلمان (380) عضواً، وعدد أعضاء المجالس التشريعية (48) عضواً عدا ولايتي الخرطوم والجزيرة اللتان حدد القانون عدد أعضائها بـ(84) عضواً، وينتخب أعضاء المجالس التشريعية لكل ولاية ثلاثة ممثلين ليكونوا أعضاءً في مجلس الولايات، في وقت أعطاها حق حجب الثقة من الولاة وفقًا لدستور كل ولاية.
وأضاف القانون النازحين إلى الرحل غير أنه اشترط عليهم الإقامة في الدائرة الجغرافية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل تاريخ قفل السجل الانتخابي. وبشأن المغتربين أعطاهم القانون حق انتخاب الرئيس والقوائم الحزبية وقوائم المرأة للبرلمان.
وامتلك رئيس الجمهورية أحقية تعيين رئيس وأعضاء مفوضية الانتخابات بعد التشاور والتوافق مع القوى للسياسية على أن يعتمدهم المجلس الوطني. وطالب القانون إدارة السجل المدني باستكمال تسجيل المواطنين الذين لم يسجلوا أو يستكملوا الرقم الوطني قبل وقتٍ كافٍ من قيام الانتخابات.

نواب الحزب الحاكم.. توقيعات على الضفة الأخرى

لو لا أن توصيات الحوار لم تكن هناك لقانون جديد كان يمكن أن نكتفي بالتعديل
(أحمد التجاني) نائب رئيس البرلمان

الذين انسحبوا يريدون أن يحكموا برأي الأقلية على الأغلبية بنقطة خلاف واحدة، لابد أن يكون هناك وسيط بينهم حتى يعودوا للجلسة وما حدث منهم تعبير عن رأي، ونحن (الجودية بنعقدها جمب المشنقة).

(الزبير أحمد حسن)

انسحاب المعارضة من الجلسة رسالة من قبلهم بعدم رغبتهم في التوافق معنا، لكن يجب منحهم فرصة أخرى خصوصاً وأن ميدان المعركة الفاصل بيننا هو انتخابات 2020م.
(أحمد هيكل)

الخلافات في القانون تهدد الانتخابات، وكان على اللجنة أن تتعاون مع جهات فنية واستشارية لحسم الخلاف، ويمكن للناخبين المبيت داخل مراكز الاقتراع.
(حياة الماحي)

طبع المعارضة يغلب تطبعها، الخلاف ليس جذرياً وليس أصيلاً، وهم يرغبون في مقاطعتها بفبركة إعلامية أكثر من الحرص على توافقٍ سياسي.
(آمنة السيدح)

نقطة الخلاف لعرقلة مسيرة التدوال السلمي للسلطة وتعطيل مسيرة الانتخابات وهذا أمر خطير لكونه بداية تجمعات تريد أن تعطل وتدخل البلاد في متاهات لا يعلمها إلا الله، يجب الاحتساب لذلك. القانون به مواد
تكبل مفوضية الانتخابات عبر وضع عراقيل أمامها تمنعها من أن تكون مستقلة.
(سامية أحمد محمد)

المؤتمر الوطني يدفع فاتورة الوفاق وقد تنازل من أجل الوطن، لكن الانتخابات من المستحيل أن تتم في يوم واحد، وكان يجب على الأحزاب وكتلة التغيير الذين انسحبوا أن يحترموا قبة البرلمان التي جاءت بهم ويقولوا رأيهم فيها، وعندما يأتي التصويت على القانون ينسحبوا، عموما ما نزال نرغب في الوصول إلى وفاق وتراضي
(حسبو محمد عبد الرحمن)

كلمات داخل الجلسة…!!

اتهمت كتلة المؤتمر الوطني بالبرلمان، القوى السياسية وكتلة التغيير اللتان انسحبتا من جلسة مناقشة قانون الانتخابات، بالسعي لإفشال الانتخابات المقبلة، وتمسك رئيس الكتلة عبد الرحمن سعيد، أثناء حديثه في مداولات البرلمان حول قانون الانتخابات بأن تكون أيام الاقتراع ثلاثة، وأضاف: “الذين خرجوا يريدون أن يُفشِّلوا الانتخابات لأن تحديد أيام الاقتراع بيومٍ واحد يقود لذلك”.

طالب رئيس حزب التحرير والعدالة بحر إدريس أبو قردة، النواب بتأجيل إجازة قانون الانتخابات، ومنح المجموعة التي انسحبت فرصة أخيرة للتوافق في النقاط الخلافية. وحذر أبوقردة أثناء حديثه في مداولات البرلمان حول قانون الانتخابات، من خطورة تمرير القانون بدون توافق الجميع، وقال :”إذا خرج القانون بهذا الشكل، الشعب والعالم سوف يفهم أن هناك خلافاً بين الأحزاب”، مشيراً إلى أنه ليس من الممكن قيام الانتخابات في يوم واحد.

وصف الأمين العام المكلف بالحزب الاتحادي الديمقراطي، وزير الداخلية، أحمد بلال، الوحدة الوطنية بالبلاد، بـ(الهشة)، وأضاف: “علينا ألا نُعرِّض أنفسنا لذلك من خلال قانون الانتخابات”. وأكد الوزير، أثناء حديثه في مداولات البرلمان حول قانون الانتخابات، ما بذلته الداخلية من جهود لتسجيل جميع المواطنين في السجل الانتخابي، مشيراً إلى أنه ولأول مرة يكون السجل أوفى الوسائل لاتباعها في الانتخابات المقبلة.

الكتل البرلمانية.. هل من تصعيد جديد؟
قال حسن عبد الحميد، ممثل الأخوان المسلمين، لـ(السوداني) إن انسحاب اليوم سيكون له ما بعهده، وأن الأحزاب ستجلس مرة أخرى لتقييم ما حدث، ولم يستبعد، عبد الحميد، التصعيد ضد القانون بخطوات أخرى، منها الانسحاب كلياً من البرلمان ومعارضة تعديل الدستور أو حتى نفض الأحزاب يدها جملة وتفصيلاً من الحوار الوطني.

مشاهدات من شرفة البرلمان
عقب الانتهاء من إجازة القانون جاء النواب ورؤساء الكتل يباركون لرئيس البرلمان بعد أن وقف جميع الأعضاء رافعين السبابة بالتهليل والتكبير (هي لله.. هي لله).. في المقابل اختتم رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر يوم أمس بالدعوات مبتسماً متضرعاً وقال: (نسأل الله أن يكون هذا العمل مصالحة للسودان جميعاً ويؤدي إلى استقرار سياسي في السودان).
الجلسة استمرت حوالي الستة ساعات متتالية لم تتوقف، تحدث فيها ما يقارب الخمسين عضواً، ولعل أبرز ما لاحظته (السوداني) أن تدوال النواب ترك القانون وركز على انتقاد انسحاب القوى السياسية.
أثناء الجلسة انسحب النائب عن حزب السودان باكو تالي، مبرراً لذلك بأنه عندما طلب نقطه نظام لجهة أن له رأي حول القانون لم يعطِهِ رئيس البرلمان فرصة. بذات التصرف ولكن قبيل إجازة القانون في مرحلة العرض الثالث؛ انسحبت النائبة عن حزب الحقيقة الفيدرالي انتصار حسن، معللة ذلك بأن ما حدث ليس فيه توافق.
إبراهيم أحمد عمر، انسحب هو الآخر ولكن ليس احتجاجاً، إنما لأداء صلاة الظهر في المرة الأولى ولصلاة العصر في المرة التانية، الملاحظة أن خلفه في إدارة الجلسة أحمد التجاني وبدرية سليمان في المرة الثانية.
بدا الحضور كبيراً مع بداية الجلسة، لكنه تناقص كثيراً عند نهايتها.
العضوة آمنة السيدح ممثلة المؤتمر الوطني، حينما تحدثت خلال الجلسة، قالت إن الكتل المنسحبة أرادت خلق حدث إعلامي بانسحابها وأنها لو كانت تعمل كصحفية لكان خبرها هو الانسحاب، السيدح، كانت في الماضي تعمل في الصحافة وشاركت في تغطية البرلمان من شرفة الصحفيين.
ربكة حدثت بعد خروج الكتل البرلمانية المحتجة، حيث تزاحم كثير من الأعضاء للحديث لوسائل الإعلام.
تغطية صحفية واسعة للجلسة من القنوات العربية ووكالات الأنباء، وجميعهم خرجوا بعد في لحظة إعلان حسن عثمان رزق الانسحاب.
رصدت السوداني حديثاً ضاحكاً بين يوسف لبس عن الشعبي، وفتحي مادبو عن حزب مبارك، لبس سأل مادبو عن أي حزب أمة يتحدث؟، مادبو رد بأنه من حزب الأمة الذي انقلبتم عليه.

تقرير : مشاعر أحمد

الخرطوم (صحيفة السوداني)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى