الوفود الرسمية.. تخفيض بأمر الـ(تقشف)

السودان اليوم:

يعتقد كثير من المراقبين أن معافاة الاقتصاد السوداني ستتحقق بعد أن تصدق الدولة وعدها في تحقيق التقشف الحكومي، وأن هذا الأخير لن يتحقق ما لم يُضبط بسفر الوفود الرسمية التي تغادر للخارج، وهو الأمر الذي فطنت إليه الحكومة مؤخراً، إذ أصدرت الجهات المختصة قراراً أمس يقضي بتقليص مرافقي الوزراء في السفريات الخارجية وحصرهم في مدير المكتب أو فرد واحد فقط لمرافقة الوزير في رحلاته العملية للخارج، ووضع القرار خطوطاً واضحة لسفر الوزراء ومرافقيهم في الرحلات الخارجية تقضي بأن يرافق الوزير مدير مكتبه أو شخص واحد فقط، على أن ينضم أعضاء البعثة الدبلوماسية في البلد المقصود بالزيارة إلى الوزير هناك .

سفريات مترهلة

أبرز الوفود الرسمية (المترهلة) التي أثارت جدلاً كبيراً كون- أن وفدها بدا مترهلاً ولا يتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد – وفد وزير الحكم الاتحادي د. حامد ممتاز والذي غادر إلى الصين في مايو الماضي وقد ضم الوفد عشرين وزيرًا وآخرين في دورة تدريبية، الأمر الذي دفع النائب البرلماني مبارك النور لمناقشة السفرية هذه وإيداعها طاولة البرلمان لكون أن هذه المبالغ التي صرفت على سفرية الوزير وحاشيته – حد تعبيره – كان أولى بها أن تصرف على صيانة مصفاة الجيلي أو توفير الجازولين، حيث كانت البلاد تشهد ضائقة حادة في الوقود وقتئذٍ.

مغادرات (خفيفة)

قبل أن يجف مداد حبر إعلان حكومة معتز موسى والتي آلت على نفسها تطبيق شعار التقشف (معنى ومبنى)، فإذا بالوفود الوزارية تغادر للخارج، إذ سافر وزير العدل مولانا محمد أحمد سالم – بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان الحكومة – إلى جنيف للمشاركة في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ (39)، ولعل ذات التوقيت شهد مغادرة وزير الداخلية د. أحمد بلال إلى جنيف أيضاً لحضور اجتماع اللجنة التنفيذية لمفوضية شؤون اللاجئين في دورته (69 ) ومغادرة وزير الصحة محمد أبوزيد أيضاً إلى نيودلهي لحضور مؤتمر (المهاتما غاندي الدولي للإصحاح البيئي)، والذي درس في أحد ورشه والتي امتدت لأسبوع كيفية محاربة ظاهرة التبرز في العراء.

البرلمان على الخط

شهد منتصف شهر أكتوبر الماضي مشاركة وفد رفيع مكون من رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر وأعضاء من البرلمان في أعمال الدورة “139” للاتحاد البرلماني الدولي بجنيف، كما شارك من قبل ذات رئيس البرلمان – في ذات الدورة البرلمانية – في زيارة بوفد رفيع إلى موسكو للمشاركة في فعاليات الاتحاد البرلماني في بطرسبورغ الروسية.

اتجاه سليم

ثمّن المحلل السياسي السفير الرشيد أبوشامة خطوة تخفيض مرافقي الوزراء في السفريات الخارجية، موضحاً أن الخطوة تأتي في الاتجاه الصحيح لتوجّه الدولة نحو التقشف، وقال في حديثه لـ”الصيحة “أمس إن معظم الوفود الرسمية التي تغادر إلى الخارج لا تعود على السودان بفائدة تذكر من مشاركتها في هذه المؤتمرات، مضيفاً أنها تصر على الذهاب من أجل العلاوات والنثريات الخاصة بالرحلة، واصفاً قرار التقليص بالقرار الحكيم، مضيفاً أن البعثات الدبلوماسية في البلد المعني بالمؤتمر قادرة على تغطية المؤتمرات وإرسال تقريرها للجهات المعنية بالسودان.

سفر مشروط

وذهب أبوشامة إلى اتجاه عدم ضرورة ذهاب وفود وزارية إلى المؤتمرات الخارجية، وأن يتوقف ذهاب هذه الوفود على أهمية المؤتمر وفائدة السودان المباشرة المرجوة منه، لأن هناك مؤتمرات عامة متعلقة بالأمم المتحدة ولا يستفيد منها السودان كثيراً، إلا إذا كانت الوفود ذاهبة إلى دولة لدينا معها تفاوض في شأن ما، وعندها يذهب الوفد الخاص بالتفاوض. وطالب أبوشامة الدولة بتقشف أكثر من هذا وأن تترك مهام المؤتمرات العالمية للسفارات فقط، مؤكدًا أن الدولة يمكنها الاعتذار دون أن تدخل في أي حرج مع الدولة المعنية، وأكد أبوشامة على ضرورة ألا تسافر وفود وزارية رسمية إلا إذا كانت هناك فائدة مباشرة تعود على البلاد، مؤكداً أن الوزير ذاته يمكنه أن يصطحب وفداً متخصصاً إذا كانت هناك فائدة قصوى تعود على مشاركة السودان في المؤتمر المعني، ويتوقف ذلك على موضوع التفاوض وأهميته للسودان.

اختبار الحكومة

من جهته، قال القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي في حديثه لـ”الصيحة ” أمس بأنه ضد أي سفر خارجي للوزراء في الوقت الحالي، مطالباً الوزراء بأن يعملوا متطوعين في الدولة، وطالب عبد العاطي بأن يكون الوزير قدوة وأن يركب المواصلات، مضيفاً أن هذه الخطوة تأتي في الاتجاه الصحيح، وطالب الحكومة بالمزيد من الخطوات التي تسير في ذات اتجاه التقشف، وأضاف عبد العاطي أن الحكومة الحالية هي الآن في اختبار حقيقي وأي تلكؤ سيكون خصماً من رصيدها، مضيفاً أن وضعها الحالي لا يمكنها من خسارة الجماهير، وستتعرض حال تلكؤها في اتخاذ هذه الخطوات، لأن تنسحب منها ثقة الجماهير، مضيفاً أن الحكومة إذا فقدت ثقة الجماهير فهي لا محالة ستتعرض للسقوط.

فرقعة إعلامية

توقع المحلل السياسي د. صلاح الدومة أن يكون الحديث عن تخفيض مرافقي الوزراء في السفريات الخارجية فرقعة إعلامية فقط، مثله مثل الحديث عن تقليص السيارات الوزارية ورفع الحصانة عن أي دستوري مطلوب للسلطة القضائية والأمثلة كثيرة، وأضاف الدومة في حديثه لـ”الصيحة ” أمس بأنه كثيراً ما يسمع جعجعة دون أن يرى طحناً، متوقعاً عدم تطبيق القرار على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى