الهيئات الإعلامية الحكومية..( أوان) الخروج من النفق المظلم…

السودان اليوم:

يبدو أن الهيئات الإعلامية الحكومية باتت في أمس الحاجة إلى تشريعات وقوانين تحكمها للخروج من نفق الخدمة المدنية والبيروقراطية، وحتى تستطيع العمل بكفاءة، لابد من استقلاليتها في المجال المالي والإداري أسوة بكثير من الأجهزة الإعلامية العالمية.

أمس الأول أعلن رئيس لجنة الإعلام والاتصالات بالبرلمان المهندس الطيب مصطفى سعي لجنته بالدفع بمبادرات تشريعية لسن قوانين للهيئات الإعلامية لإخراجها من أوامر التأسيس التي كبلتها وأعاقت مسيرتها.

وطبقاً لخبراء في مجال الإعلام، فإن أوامر التأسيس أحدثت خللاً كبيراً في المنظومة الإدارية للهيئات الإعلامية الحكومية خاصة فيما يختص بقرارات الدمج وفك الارتباط، مما أدى إلى ربكة في دولاب العمل، وفاقم من إشكاليات الهيئة خاصة فيما يتعلق بالميزانية، وهذا ما عانت منه الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، إذ أن المشاكل المتراكمة التي عانى منها التلفزيون ألقت بظلالها على الإذاعة، وضاعفت من إشكالياتها سواء على المستوى الهندسي أو البرامجي.

1

قانون الهيئات… استقلالية مالية وإدارية

مدير الهيئة القومية للتلفزيون الأسبق محمد حاتم سليمان قطع بضرورة سن قوانين وتشريعات تنظم عمل الهيئات الإعلامية، مشيراً إلى إن وجود القانون يعطي الهيئات استقلاليتها المالية والإدارية مما يجعلها في وضع أفضل ويمكنها من استغلال مواردها، مبيناً أن العمل في الهيئات الإعلامية يختلف عن الهيئات التقليدية لأن الإعلام قائم على المبادرة وسرعة الإيقاع التي تتطلب إجراءات مرنة غير معقدة. وطالب سليمان في حديثه لـ(الصيحة) أمس بضرورة الإسراع في سن هذه التشريعات حتى تستفيد منها الهيئات الإعلامية، وتستطيع التنافس في ظل الفضاء المفتوح، مشيراً إلى أن واحدة من مشاكل أوامر التأسيس الحد من الاستثمار، لأن هذا الأمر يصطدم بإجراءات موزعة بين جهات عديدة.

وقال سليمان إن الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون تمتلك من الموارد ما يجعلها تستغني عن الدعم الحكومي والاعتماد على نفسها، فقط تنقصها التشريعات التي تجعلها تستغل هذه الموارد وتحسن من أوضاعها، وأضاف: من الخطأ أن تحتكم الهيئات الإعلامية لقوانين الخدمة المدينة وهياكلها الراتبة، لأن طبيعة العمل هنا مختلفة والاستقلالية المالية المنصوص عليها عبر التشريعات تمكن من التعاقد مع الكفاءات المهنية والإدارية ما يجعلها تقفز نوعياً وتنافس.

2

الراهن الإعلامي … وضع (مزرٍ) يفرض سن التشريعات

بدوره يؤكد الناقد السر السيد، أن الهيئات الإعلامية بحاجة إلى قرارات ثورية لا سيما الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون عبر سن قوانين وتشريعات تتيح لها فرص الاستفادة من مواردها وتوظيف ريعها في البرامج وتحسين أوضاع العاملين، مشيراً إلى أن الوضع الراهن يفرض سن هذه التشريعات خاصة فيما يتعلق بمسألة الدمج، وطالب السيد بضرورة فصل الإذاعة عن التلفزيون، بحيث تكون كل واحدة منهما هيئة مستقلة، وأن يجمعهما اتحاد أسوة بما يحدث في معظم الدول العربية على رأسها مصر. ويضيف السر السيد: فيما يتعلق بمسألة تعيين المدير العام ومديري الإدارات، فإن قرارات التأسيس في الغالب تأتي بتعيينات سياسية، قد تكون واحدة من الأزمات التي تضاعف من مشاكل الهيئة، غير أن وجود تشريعات وقوانين يمكن أن تتيح فرصة انتخاب المدير العام أو أن يتقلد المنصب عبر التدرج الوظيفي كما كان في السابق. ويقول إن سن التشريعات يمكن أن يحافظ على الحق الأدبي لصاحب الفكرة أسوة بما يحدث في الصحافة الورقية ويمكن للتشريعات أن تحسم مسألة العلاقة بين الإذاعات والقنوات الولائية والمركز بتوحيد الخطاب الإعلامي مع مراعاة خصوصية أي ولاية.

3

فك الارتباط … استقلالية وشخصية اعتبارية

وحول مدى استقلاليتها في حال فصلها عن الجهاز التنفيذي، يشير الكاتب الصحافي والمحلل السياسي د. عبد الطيف البوني إلى أن سن القوانين والتشريعات يعطي الهيئات الإعلامية شخصيتها الاعتبارية، ويجعلها لا تخضع للجهاز التنفيذي وإملاءاته، ويقول إنه بإمكان التشريعات أن تكسر حاجز الرعب الذي يسيطر على الهيئات ويجعلها تعمل بحرية تامة، والشاهد في ذلك هيئة الإذاعة البريطانية التابعة للحكومة، وتخصص لها الميزانيات من الخزانة البريطانية ولكنها تتمتع بالاستقلالية الكاملة التي لا تؤثر على مهنيتها، ولا يستطيع الجهاز التنفيذي أن يؤثر عليها. وتابع البوني أن سن القوانين والتشريعات أمر مهم في الوقت الراهن، يمكن الهيئات الإعلامية من المضي قدماً إلى الأمام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى