النعت , اقسام النعت , اشكال النعت

الشرح
التعريف:
هو التابع المشتق، أو المؤول به المباين للفظ متبوعه.
شرح التعريف:
– قوله: (التابع) جنس يشمل جميع التوابع.
– قوله: (المشتق) أو مؤولٌ بالمشتق يخرج بقية التوابع، وتعني أنه مشتق من مادة الفعل أو المصدر، تقول: زيد الكريم، فالكريم مشتق من المصدر، وهو الكرم.
والمشتق هو: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، وصيغ المبالغة.
والأمثلة على الترتيب: هذا رجل ضاربٌ، ورجل مضروب، ورجل حسن الوجه، وأعلمُ منك، وضرابٌ.
فإذا لم يكن مشتقًّا ولا مؤولًا به فلا يصح أن يكون نعتًا، مثل: منشار، وملهى.
والمؤول بالمشتق، مثل:
1- اسم الموصول: فإنه يؤول منه مع صلته بالمشتق، نحو: هذه هي المحاضرات التي نسختها، أي: المحاضرات المنسوخة، وجاء الرجل الذي كذب، أي: الكاذب.

جاء

فعل ماض مبني على الفتح.

الرجل

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الذي

اسم موصول، مبني على السكون، في محل رفع نعت للرجل.

كذب

فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر جوازًا، تقديره: هو، والجملة صلة الموصول، لا محل لها من الإعراب.
* وإنما جاز الوصف بالاسم الموصول مع جموده؛ لأنه يؤول مع صلته بالمشتق، والتقدير: جاء الرجل الكاذب.
* ويستثنى من الاسم الموصول: مَنْ، مَا، فلا يقعان صفة البتة.
2- اسم الإشارة: فإنها تؤول بالمشتق،نحو: عملك هذا يريبني، ومررت بمحمد هذا… والتقدير – في المثالين – المشار إليه.
عملك

مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وعمل مضاف، والكاف: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.

هذا

اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع نعت لـ: عمل.

يريبني

فعل وفاعل ومفعول، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ.
3- الاسم المنسوب: رأيت رجلًا قطريًّا، أي: منسوبًا إلى قطر، ودرست في الجامعة الأزهرية، أي: المنسوبة إلى الأزهر.

رأيت

فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.

رجلًا

مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

قطريًّا

نعت منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
4- (ذو): التي بمعنى صاحب، نحو: جاء رجل ذو علم، أي: صاحب علم.
وأما بقية التوابع فلا يلزم أن تكون مشتقة.
– مثال التوكيد: جاء القوم أجمعون، فأجمعون ليست مشتقة ولا مؤولة به.
– مثال عطف البيان: جاء ممدوح أبو عبد الله.
– مثال عطف النسق: جاء محمد وعلي، فكلها جامدة وليست بمشتقة.
– أما التوكيد اللفظي: فقد يكون مشتقًّا، لكن ليس إلا لكونه إعادة اللفظ، نحو: جاء زيد الفاضل الفاضل، فالفاضل الثاني توكيد وهو مشتق.
قال ابن هشام: فإن قلت: قد يكون التابع المشتق غير نعت، مثال ذلك في البيان والبدل قولك: قال أبو بكر الصديق، وقال عمر الفاروق، وفي عطف النسق: رأيت كاتبًا وشاعرًا.
قلت: الصديق والفاروق، وإن كانا مشتقين إلا أنهما صارا لقبين على الخليفتين – رضي الله عنهما – لاحقين باب الأعلام، كـ: زيد وعمرو، فسحبا من دائرة الاشتقاق إلى دائرة الجمود و(شاعرًا) في المثال المذكور نعت حذف منعوته، وذلك المنعوت هو المعطوف، وكذلك (كاتبًا) ليس مفعولًا في الحقيقة، إنما هو صفة للمفعول، والأصل: رأيت رجلًا كاتبًا ورجلًا شاعرًا.
قال ابن مالك:

فَالنَّعْتُ تَابِعٌ مُتِمٌّ مَا سَبَقْ

بِوَسْمِهِ أَوْ وَسْمِ مَا بِهِ اعْتَلَقْ([1])

وَانْعِتْ بِمُشْتَقٍّ كَصَعْبٍ وَذَرِبْ

وَشِبْهِهِ كَذَا وَذِي وَالمُنْتَسِبْ([2])

أغراض النعت:
وأغراض النعت كثيرة أهمها:
1-التخصيص، أي: تخصيص النكرات، بمعنى التقليل من إبهامها، وتقريبه من الوضوح، نحو: مررت برجل كاتب، فهناك رجال كثيرون، لكن الذي مررت به هو الكاتب.
2- التوضيح، أي: توضيح المعارف، مثل: حضر الطالب المجدُّ، فهناك طلبة كثيرون، لكن الذي حضر هو المجد.
3-المدح، مثل، بسم الله الرحمن الرحيم، فالرحمن: نعت، وهو لا يفيد تخصيصًا ولا تعريفًا؛ لأن (الله) ليس بحاجة إلى ذلك، فأفاد المدح.
4- الذم، مثل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالشيطان معروف، فالنعت لم يفده تخصيصًا، وإنما أفاد الذم.
5- الترحم، مثل: اللهم ارحم عبدك المسكين، فالمسكين لم يفد تخصيصًا ولا توضيحًا؛ لأن العبد معروف، نحو: ما ذنب الطائر المكسور جناحه يعذبه اللئيم.
6-التوكيد، مثاله: قول الله تعالى: { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196] و(كاملة) نعت مؤكد لعشرة؛ لأن العشرة لا بد أن تكون كاملة، وهو ضعف الخمسة، ومثاله – أيضًا -: { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13] فـ: (واحدة) نعت لـ (نفخة) وهو نعت توكيدي؛ وذلك لأن كونها واحدة مفهوم من قوله (نفخة)، ومنه قولهم: أمسِ الدابِرُ لا يعودُ.
أقسام النعت:
ينقسم النعت إلى قسمين: حقيقي، وسببي.
أولًا: النعت الحقيقي:
تعريفه:
هو ما دل على صفة في نفس متبوعه، أو فيما هو بمنزلته.
علامته:
أن يرفع ضميرًا يعود على المنعوت.
مثاله: دخلت الحديقة الغَنَّاء، فالغناء صفة الحديقة، وكونه نعتًا حقيقيًّا لأجل أن غناء صفة لذات الحديقة، وفيه ضمير مستتر يعود على الموصوف (الحديقة).
دخلت

فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل.

الحديقة

مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

الغناء

نعت منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
حكمه:
حكم النعت الحقيقي، أنه لا بد أن يتبع موصوفه في أربعة من عشرة، والعشرة هي:
– العدد: الإفراد، أو التثنية، أو الجمع.
– النوع: التذكير، أو التأنيث.
– التعريف، أو التنكير.
– الإعراب: الرفع، أو النصب، أو الجر.
مثال ذلك: جاء زيد الكريم، فالكريم طابقَ زيدًا في أربعة من عشرة، فهو: مفرد، مذكر، معرفة، مرفوع.
مسألة:
إذا كان المنعوت جمع تكسير لمذكر غير عاقل جاز في نعته أن يكون مفردًا مؤنثًا أو جمعَ مؤنث سالمًا، نحو:
– هذه جبال شاهقة.
– هذه جبال شاهقات.
– هذه مسارب طويلة.
– هذه مسارب طويلات.
– هذه أخبار ملفقة.
– هذه أخبار ملفقات.
والأولى الإفراد.
إذا كان المنعوت جمع تكسير لمذكر عاقل جاز في نعته أن يكون مفردًا مؤنثًا أو جمع تكسير، أو جمع مذكر سالمًا.
* قابلت أطفالًا ذكية، أذكياء، ذكيين.
* رأيت جنودًا وفية، أوفياء، وفيين([3]).
اعتراض وجوابه:
اعْتُرِضَ على ذلك بقولهم: هذا جحرُ ضَبٍّ خَرِبٍ. فوصفوا المرفوع وهو الجُحْر بالمخفوض وهو خرب.
والجواب: أن أكثر العرب ترفع خربًا، ولا إشكال فيه، ومنهم من يخفضه، والسبب في ذلك مجاورته للمخفوض،فانخفض بالمجاورة، وأنشدوا في ذلك:

إِعْطَاءُ حُكْمِ الشَّيْءِ لِلْمُجَاوِرْ

أَصْلٌ مِنَ الْقَوَاعِدِ النَّوَادِرْ

كَمِثْلِ هَذَا جُحْرِ ضَبٍّ خَرِبِ

إِذْ قَالَهُ بِالْجَرِّ بَعْضُ الْعَرَبِ

وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ الجِوَارِ

قَدْ يُؤْخَذُ الجَارُ بِجُرْمِ الْجَارِ

ثانيًا: النعت السببي:
تعريفه:
هو ما لا ينعت الاسم السابق عليه على وجه الحقيقة -وإن كان الاسم السابق يسمى في الاصطلاح النحوي منعوتًا أيضًا- لكنه ينعت اسمًا ظاهرًا يأتي بعده، ويكون مرفوعًا به مشتملًا على ضمير يعود على الاسم السابق، وهذا الاسم الأخير هو الذي يسمي السببي؛ لأنه يتصل بالسابق بسبب ما.
مثاله: تقول: هذا رجل مجتهد ابنه، فكلمة مجتهد وقعت نعتًا، والاسم السابق هو المنعوت، ومن الواضح أن النعت هنا ينعت الاسم اللاحق المرفوع به المتصل به ضمير يعود على المنعوت.
ونعرب هذا المثال كالتالي:
هذا

اسم إشارة مبني على السكون، في محل رفع مبتدأ.

رجل

خبر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

مجتهد

نعت سببي مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

ابنه

فاعل لاسم الفاعل مجتهد مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل، مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
ومنه: هذا رجل محبوب ابنه.
هذا

اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

رجل

خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

محبوب

نعت سببي مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

ابنه

نائب فاعل لاسم المفعول محبوب مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
حكمه:
النعت السببي يتبع المنعوت (الاسم السابق) في شيئين من خمسة فقط:
1- الإعراب.
2- التعريف والتنكير.
ويتبع الاسم اللاحق في شيء واحد فقط هو التذكير أو التأنيث، تقول: هذا رجل مجتهد ابنه، وهذا رجل مجتهدة ابنته.
· إذا كان الاسم اللاحق مفردًا أو مثنى وجب إفراد النعت، فنقول: هذا رجل مجتهد ابنه، وهذا رجل مجتهد ابناه.
· إذا كان الاسم اللاحق جمع مذكر سالمًا، أو جمع مؤنث سالمًا فالأفضل أن يكون النعت مفردًا،فنقول: هذا رجل مخلص محبوه، وهذا رجل مجتهدة بناته.
· أما إذا كان جمع تكسير، فإنه يجوز في النعت الإفراد، أو الجمع، فنقول: هذا وطن كريم أبناؤه، وهذا وطن كرماء أو كرام أبناؤه.
قطع النعت عن التبعية:
* والنعت من حيث القطع أو الإتباع له حالتان:
الأولى: إذا كان المنعوت معلومًا بدون النعت جاز في النعت الإتباع والقطع.
والإتباع هو: مماثلةُ النعت للمنعوت، رفعًا، ونصبًا، وجرًّا.
أما القطع فهو: إلغاء تبع النعت للمنعوت لسبب بلاغي، بنصبه إذا كان مرفوعًا، ورفعه إذا كان منصوبًا، ورفعه أو نصبه إذا كان مجرورًا.
– فإذا كان القطع من الرفع إلى النصب أعرب مفعولًا به لفعل محذوف.
– وإذا كان من النصب إلى الرفع أعرب خبرًا لمبتدأ محذوف.
مثال ذلك: جاء زيدٌ الكريمَ.
فالكريم: منصوب بفعل مقدر (أعني، أو أمدح).
جاء

فعل ماض، مبني على الفتح الظاهر.

زيد

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الكريم

مفعول به – لفعل محذوف تقديره: أعني أو أمدح – منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
ومثله: جاء زيد البخيلَ.
جاء

فعل ماض مبني على الفتح.

زيد

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

البخيل

مفعول به منصوب بفعل محذوف، تقديره: أعني أو أذم؛ لأن البخل ذم.
ومثله: مررت بزيدٍ المسكينَ.
المسكين: مفعول به منصوب إما بـ (أعني)، أو بـ (أرحم) المحذوفة.
قال ابن هشام في «شرح الشذور»:
وإذا كان المنعوت معلومًا بدون النعت، نحو: مررت بامرئ القيس الشاعر، جاز لك فيه ثلاثة أوجه: الإتباع فيخفض، والقطع بالرفع بإضمار هو، والنصب بإضمار فِعْل، ويجب أن يكون ذلك الفعل أخص أو أعني في صفة التوضيح، وأمدح في صفة المدح، وأذم في صفة الذم، فالأول كما في المثال المذكور، والثاني في مثل قول بعض العرب: الحمد لله أهلَ الحمد – بالنصب – والثالث كما في قوله تعالى: { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}[المسد: 4] يقرأ في السبع: حمالة الحطب بالنصب بإضمار (أذم) وبالرفع على الإتباع أو بإضمار (هي)([4]).
قال ابن مالك:

وَاقْطَعْ أَوِ اتْبِعْ إِنْ يَكُنْ مُعَيَّنَا

بِدُونِهَا أَوْ بَعْضِهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا

وَارْفَعْ أَوِ انْصِبْ إِنْ قَطَعْتَ مُضْمَرَا

مُبْتَدَأً أَوْ نَاصِبًا لَنْ يَظْهَرَا([5])

الثانية – من حالات القطع-:
إذا كان النعت لا يُعْلَم إلا بمجموع الصفات، فإنه يجب الإتباع ولا يجوز القطع.
مثاله: مررت بمحمد الكاتب الشاعر الخطيب، وذلك إذا كان الموصوف (محمد) يشاركه في اسمه ثلاثة يتصفون بصفتين من هذه الصفات، فلا يعلم محمد الذي ترى وصفه إلا بالصفة الثالثة، فيجب هنا الإتباع؛ لأن النعت متمم لمعنى المنعوت.
* وإذا تعددت النعوت لمنعوت واحد، وكان المنعوت متضحًا بدونها كلها جاز فيها جميعًا الإتباع والقطع، وإن كان معينًا ببعضها دون البعض وجب فيما لا يَتَعَيَّن إلا به الإتباع، وجاز فيما يتعين بدونه الإتباع والقطع([6]).
قال ابن مالك:

وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَدْ تَلَتْ

مُفْتَقِرًا لِذِكْرِهِنَّ أُتْبِعَتْ

وَاقْطَعْ أَوِ اتْبِعْ إِنْ يَكُنْ مُعَيَّنَا

بِدُونِهَا أَوْ بَعْضِهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا([7])

فائدة:
* يأتي النعت شبه جملة أو جملة، وفي هذا لا بد أن يكون المنعوت نكرة، ولا بد أن تشتمل الجملة على ضمير يربطها بالمنعوت.
حضر

فعل ماض مبني على الفتح.

طالب

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

في سيارة

جار ومجرور، وشبه الجملة في محل رفع نعت لـ: (طالب).
الخلاصة:
أن النعت هو التابع المشتق أو المؤول به المباين للفظ متبوعه.
المشتق هو اسم الفاعل، والمفعول، والصفة المشبهة…إلخ.
والمؤول به اسم الموصول، والإشارة…إلخ.
– وأهم أغراض النعت: توضيح المنعوت إن كان معرفة، وتخصيصه إن كان نكرة، ومدحه، أو ذمه، أو توكيده.
– وللنعت قسمان هما: الحقيقي، والسببي:
فالحقيقي: هو ما يدل على صفة في نفس متبوعه، والسببي هو: ما لا ينعت الاسم السابق عليه بل ينعت شيئًا هو بسبب منه.
– إذا كان المنعوت يتضح بدون النعت جاز فيه القطع والإتباع، ويعرب المقطوع مفعولًا به لفعل مقدر، أو خبرًا لمبتدأ محذوف.
– وكذلك إذا تعددت النعوت وكان المنعوت لا يتضح إلا بها وجب فيها الإتباع إن اتضح ببعضها دون البعض، وجاز فيما لا يتضح به القطع والإتباع.
وقد تقدم الشرح والتمثيل فارجع إليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى