المنابع الضوئية , منابع ضوئية فائقة السرعة , ماهي المنابع الضوئية, معلومات عن المنابع

تَعتَمِدُ المنابعُ الضَّوئيَّةُ في عملها على امتصاصِ طاقةٍ مُعيَّنَةٍ – مِنْ تيَّارٍ كهربائيٍّ مثلاً- وإعادةِ إِصدارِها على شكلِ ضوء. لكنْ مِنَ المُمْكِنِ لهذهِ الطَّاقة المُمتَصَّةِ أنْ تُفقَدَ حرارايَّاً داخلَ تلكَ المنابعِ، ممَّا يدفعُنا لجعْلِ الإصدارِ الضّوئيِّ سريعاً قدرَ الإمكانِ تجنُّباً للضّياع الحراريِّ للطّاقةِ.
يُمكِنُ استخدام المنابعِ الضّوئيَّةِ فائقةِ السُّرعةِ في المنابع المُصدِرةِ لضوءِ الليزر وثنائيّات القطب المُصدرة للضّوء “LED” ومنابعِ الفوتوناتِ المنفردة، وذلك اعتماداً على التَّقانة الكموميَّة. أظهرَ بحثٌ جديدٌ في معهد نيلز بور”Niels Bohr”، والذي نُشرِت نتائِجُهُ في مجلَّةِ العلوم أنَّه يمكنُ زيادةُ سرعةِ إصدارِ المنابعِ الضوئيَّةِ للضّوءِ استناداً إلى مبدأٍ مُستَنتجٍ نظرياً عام 1954.
عَمِلَ الباحثونَ في معهدِ “Niels Bohr” على النِّقاطِ الكموميَّةِ وهي نوعٌ منْ الذرَّاتٍ الاصطناعيَّةٍ يُمكِنُ دمجُهَا في رقاقاتٍ ضوئيَّةٍ. يُمكن للإلكترون في النّقطةِ الكموميَّةِ أنْ يُثارَ (يقفز) بتسليطِ ضوءِ ليزر عليه مثلاً تاركاً وراءَهُ ثقباً، وكلمَّا كان التّفاعل بين الضّوء والمادَّةِ أقوى كانت عودةُ الإلكترونِ إلى ثقبه أسرع، وبالتَّالي إصدارُ الضَّوءِ سيكون أسرع.
إلَّا أن التَّفاعلَ الطبيعيَّ بينَ الضَّوء والمادَّة ضعيفٌ أصلاً؛ أي أنَّ إصدارَ المنابعِ سيكونُ بطيئاً جدَّاً، ممَّا يُقلِّل منْ كفاءَة المنبع الضوئيِّ.
توقَّع الفيزيائي “Robert Dicke” في عام 1954 أنَّ زيادةَ عددِ الذرَّاتِ التي “تشترك” بالحالةِ المثارةِ والمتراكِبَةِ كموميَّاً يزيدُ من التَّفاعل بينَ الضّوءِ والمادَّةِ. يُعدُّ البرهانُ على هذا الأثَرِ النظريِّ تحدِّياً صعبَ المنالِ نظراً لأنَّ الذّراتِ إمَّا أنْ تكونَ متقارِبَةً جدّاً فتصطدم ببعضها، أو أنْ تكونَ مُتباعدةً جدَّاً وبالتالي لنْ يعملَ معها التَّسريعُ الكموميُّ. إلا أنَّ الباحثينَ في معهد نيلز بور استطاعوا تحقيقَ ذلكَ تجريبيَّاً، ولكن بآليَّةٍ فيزيائيَّةٍ مختلفةٍ تماماً عنْ تلكَ التي دارَتْ في ذهن “Dicke” أطلقوا عليها اسمَ الإشعاعِ الفائِقِ للفوتوناتِ الصَّادرةِ عن نقطةٍ كموميَّة.

يقول الأستاذ المُساعدُ في مجموعة أبحاث الضّوئيّات الكموميّة في المعهد “Søren Stobbe” : “قُمنا بتطويرِ نقطةٍ كموميَّةٍ تعمَلُ بقوّةِ خمسِ نقاطٍ كموميَّةٍ، ممّا يعني أنَّ الضّوءَ سيكونُ أقوى بخمسِ مرَّاتٍ، ومرَدُّ ذلكَ إلى التّفاعلِ بين الإلكترون والثّقب. ليستْ خصوصيَّة هذا العمل بأنَّ النّقطة الكموميَّة ما زالَتْ تُصدِرُ فوتوناً منفرداً، بل بأنَّها أصبحتْ منبعاً ممتازاً لفوتونٍ منفرد”.
أُنجزَتِ التَّجربةُ بالتّعاونِ بينَ مجموعةِ البحثِ ومجموعة البروفيسور”David Ritchie” الباحث في جامعة كامبريدج، والذي قامَ بتصنيعِ النِّقاطِ الكموميَّةِ.
يُفسِّر الباحثُ “Petru Tighineem” ” والذي أنهى مرحلة الدكتوراه، الأثر السّابق: “الذرَّات صغيرةٌ جدَّاً والضّوءُ “كبير” نظراً لكِبرِ طولِ موجته، لذا لنْ يكونَ بإمكانِ الضَّوءِ أنْ “يَلْحَظَ” الذرَّة؛ تماماً كما لا تلحظُ الشَّاحنةُ حصاةً صغيرةً اعترَضَتْ طريقَها! لكنْ إن اجتمعَ عددٌ من الحصيَّاتِ لتكوِّنَ حجراً كبيراً يكونُ تأثُّر الشاحنةِ بها عندئذٍ جليَّاً، وكذلك يزدادُ تفاعلُ الضَّوءِ مع النقطة الكموميَّةِ عندما تكون في الحالة الكموميَّة الخاصَّة بالإشعاعِ الشَّديدِ والتي تجعَلُها تبدو أكبرَ.”
يقولُ سورين “إنَّ زيادة التّفاعل بينَ الضَّوءِ والمادَّة يجعلُ النّقطة الكموميَّةَ أكثرَ قوَّةً تجاهَ تلكَ الاضطراباتِ التي تحصَلُ في مختلَفِ المواد، كالاهتزازاتِ الصَّوتيَّةِ مثلاً، مما يساعدُ في جعلِ الفوتوناتِ أكثرُ انتظاماً، وهو أمرٌ هامٌّ في بناء الحواسيبِ الكموميَّة المستقبليَّة”. ويضيفُ شارحاً إنَّ ما يحدّ من سرعةِ إصدارِ الضَّوءِ في التّجاربِ الحاليَّة هو الحرارةُ التي تصلُ إلى عدّةِ درجاتٍ فقط فوقَ الصِّفر المطلَقِ، أمَّا على المدى الطَّويل فستكونُ دراسةُ النِّقاط الكموميَّةِ في درجاتِ حرارةٍ أخفضُ منْ هذهِ حيثُ تصبِحُ الآثارُ أكثرَ إثارةً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى