الليل يرخي سدوله

نعم .. هاهو الليل يرخي سدوله .. وخيوط الشمس تلامس الأرض .. وتودع نورها وجه السماء ..

هاهي الطيور عقب عنائها رجعت إلى أعشاشها .. بعدما غطى راحة الليل أرض الحياة ..

هاهم الأطفال عقب صرخاتهم وضحكاتهم .. غلب على أجسادهم الجهد ولازموا اسرتهم بأحلام الطفولة ..

غابوا .. نعم غابوا مع عدم حضور الشمس وهدأة الكون وظلام الليل .. غابوا وبقي هو .. نعم بقي هو وحده كعادته .. وحيداً غريباً في اسرته .. يقطن بين جدران اليأس وسقف الحزن ..

وجه أصفر شاحب .. عينان رقراقتان تملئها الدموع .. جسم نحيل تثقله الألآم والأحزان .. تسابقه الآهات والتنهدات ..

رهاب من المستقبل .. عين الله ترقبه .. يشعر بوجود خالقه .. ملازمته له .. ملئ قلبه خشيته .. يرتجي نعيمه .. ويخشى عذابه ..

بهذا كره الحياة .. وعلم لاحياة للدنيا .. وأن العيش عيش يوم القيامة .. يشتاق لرؤية خالقه .. ولكن ….؟؟!!

من ذا الذي يستحق مشاهدته .. أكل من سجد وركع .. ؟! أم كل من صام وتصدق .. ؟!

أم من كان باراً بوالديه .. عطوفاً رحيماً لاخوانه ..؟! أم أم أم ………؟!!!

هي الأسئلة نفسه دوماً لا تغادر تفكيره .. أأستحق مشاهدة ربي عزوجل .. ؟!

عملي لأجل من .. ؟!

بكائي لأجل من .. ؟!

همي وتفكيري .. تعلقي بمن ؟!!

قلبي بماذا امتلئ .. بحب الله عزوجل أم بحب الدنيا .. ؟!!

كل هذا يدور في ذهنه .. كيانه ..

بدأ صوته يطلع بشدة .. بكاء دموع تهل لا عاقبة لها .. جسم يرتجف .. قدماه لا تقوى حمله .. عبارة لا تغادر تفكيره (( كل مالايراد به وجه الله يضمحل ))

نعم كل هذا وقع لمن سأم الحياة .. لمن أحب الله عزوجل بكل جوارحه ومازال مقصر ..

سواد في مواجهة ناظريه .. ثورة البكاء يسمع صداها في ذاته مرددة (( من ذا الذي يدعوني فأستجيب له .. من ذا الذي يسألني فأعطيه .. من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ))

هرع مسرعا بالكاد يستجمع قواه .. توجه إلى القبلة .. رفع كفيه متضرعاً باكياً .. (( اللهم ثبتني .. اللهم اهدني .. اللهم ردني إليك ))

احتضن الأرض بطول سجدته .. بلّها بدموعه (( لا إله سوى أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )) .

حتّى سمع صوت المؤذن (( الله أضخم .. الله أضخم …… ))

أنارت الدنيا بخيوط شمسها الذهبية .. وهاهو يوم حديث يعيشه .. يحدوه أمله ويقينه لقوله تعالى (( ادعوني استجب لكم )) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى