الفرق العجيب

الفرق العجيب

لا ينكر أحد أن العلاقة بين المرأة والرجل كما خلقها الله تعالي هي علاقة تجاذب حيث يستشعر كل منهما نحو الآخر راحة ما عند اللقاء والنقاش والحوار والتقارب وخاصة إذا ما كانت الظروف مهيأة والمناخ مناسب..

ولذلك يقول تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا .

وعندما نقف أمام كلمة (أزواج) نستشعر الفرق العجيب بين كون العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة (زوجية) وبين كونها علاقة بين رجل وامرأة.. ولذلك لا يصلح أن تستبدل كلمة أزواجاً هذه في الآية بنساء مثلاً أو رجال إذا كان الحديث موجه للمرأة.

وواضح الفرق العجيب أن النتيجة الأساسية لخلق الله تعالي الانسان في الكون -نساءاً ورجالاً- وهي السكن لن تحصل عليها من مجرد علاقة بين رجل وامرأة أياً كانت العلاقة وإنما ستحصل علي هذه النتيجة من علاقة واحدة بينهما وهي (الزوجية) فإذا كانت هذه العلاقة (الزوجية) كان السكن فإن الله تعالي جعل بين الزوجين في تلك المؤسسة المختلفة عن أي مؤسسة تجمعهم.. المودة والرحمة فإن المودة والرحمة لا تتواجد بشكلها المطلوب والذي جعله الله بين الرجل والمرأة إلا إذا تحولا إلي زوجين.. فلا تكون المرأة في قمة حالات العطاء من المودة والرحمة إلا إذا كانت زوجة ولا يكون الرجل في حالة تودد وتراحم إلا إذا كان زوجاً.

وتسير الحياة الزوجية بين السكن والمودة والرحمة.. بأي درجة من درجاتها. ولحظة الانفصال بين الزوجين هي لحظة الجفاف الفاصل للمودة والرحمة.. وإذا بحثت بكل الطرق عن أثر لهما في القلوب فلن تجده..

في هذه اللحظة يعود الزوجان مرة أخرى رجل وامرأة..

قال لي صاحبي الحزين.. ومن يكون السبب؟

قلت له.. إن الله تعالى بين أن الأمر متبادل.. وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً  فهي ليست مسئولية أحد الطرفين إنما هي ينبوع متدفق بين طرفين إذا انقطع من مصدره جف من الناحية الأخرى وإذا انسد من الطرف الآخر انفجر عند المنبع ولم يجرى.

قال لي صاحبي وهو يعلق عينيه في لا شيء

وأين الحب ؟

قلت له: الحب فعل.. تصرف. عشرة كما يقولون.. الحب الذي تنسجه الروايات والأغاني مجرد. غلالة رقيقة تكشف السؤات ولكن الحب الذي ذكر في الآية حب ينمو مع الأيام ويضرب بجذوره في أرض الحياة.. ويسقي بالمودة والرحمة.

انتبه صاحبي فجأة وقال: تقول الحب ذكر في الآية أين هو؟

قلت له وأنا ابتسم منتشياً.. إنه المسافة بين المودة والرحمة.

إن البيوت في حالة الحب تجد المودة هي سائل الحياة يجري فيها.. وتكون ترجمة هذه المودة لين ومؤانسة وتباسط.. وانجذاب.. وشوق.. ونشوى وهذه أعلي درجات الحب.. (المودة) ومن أجل هذا فإن الله تعالى سمى نفسه من أجلنا الودود

وعندما يقل الحب لسبب ما فمن أجل ألا تنقطع الشرايين في البيوت ومن أجل أن نستمر زوجين فإن الله تعالي جعل لنا الرحمة صمام أمان وقاعدة انطلاق قد ينمو الحب في تربتها الخصبة مرة أخرى لنقطف مرة أخرى ثمار المودة..

وتتعدد ملامح الرحمة.. فهي تسامح وتغافر وسعة صدر.. وهي احتواء وصبر وكظم غيظ. هي تلمس لمواطن الضعف عند الطرف الآخر ومسامحته من أجلها.. وهل يرحمنا الله إلا من أجل ضعفنا؟

قال لي صاحبي وهو يخرج من تفكير عميق ! وعندما تنتهي الرحمة بين الزوجين يتحولا إلي رجل وامرأة.

قلت له في أسى.. وأي رجل وأي امرأة!!؟.. إن مخزون الألم عندما تجف الرحمة بين الزوجين يكون انفجاراً مدوياً.

ومن أجل هذا نقول لكل رجل وامرأة في البيت تعاملا علي أنكم زوجين تدور حياتكا في مساحة المودة والرحمة.. ولا تتعاملا علي أنكما جنسين يتحول بيتكما إلي حلبة صراع بين رجل وامرأة.

اتسعت ابتسامة صاحبي وهو يقول نعم إنه فرق عجيب.. إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

*************

منقول من صفحتنا علي الفيس بوك
أنا هكون يوسف وأنتي هتكوني مريم ومش هنحب إلا أزواجنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى