العائلة 2019

بسم الله الرحمان الرحيم

نُجيب في هذا الفصل عن عشرة أسئلة حول العلاقة بين المراهق والوالدين.:
السؤال الأول: لماذا تصعب محبة المراهقين؟

السبب الرئيسي يُلخّص بفكرة واحدة هي “التغيير المستمر”. فالمراهق يتغير خلال هذه الفترة من يوم إلى آخر ومن أسبوع إلى آخر ومن شهر إلى آخر ومن سنة إلى أخرى، وتدوم هذه الحال مدة عشر سنوات تقريباً. ويحصل التغيير في خمس نواح شاملة من الناشئ، وهي:
1- الناحية الجسدية: يتطور جسد المراهق وينمو بسرعة مدهشة، بحيث إنه إذا تذمر من التعب الجسماني فلا عجب، إذ يحتاج المراهق باستمرار إلى شيئين رئيسيين هما الطعام والراحة. وهذه هي سُنَّة الحياة.
2- الناحية الفكرية: ستغير تفكير المراهق بالنسبة إلى كل شيء حوله دون استثناء. ولهذا السبب قد يتطرف في تفكيره بالنسبة إلى بعض الأمور. وهنا، إذا عامله الأب أو الأم بقساوة واشمئزاز، فسيتطرف أكثر كردة فعل. وسيطرح المراهق تساؤلات كثيرة تتعلق بالعالم حوله وكذلك بالعالم المصغّر في داخله. ولن يتردد في طرح الأسئلة العديدة لا لنبذ القيم الاجتماعية بل تكويناً لتفكيره الخاص وشخصيته الفريدة بنوعها.
3- الناحية المشاعرية: ستنمو عواطف المراهق تجاوباً مع بيئته وتحسساً لها. لكن هذا النمو سيتفاوت، ولا شك، بين يوم وآخر. فلأول مرة مثلاً سيتكون شعور المراهق الخاص تجاه الجنس الآخر. وهذا بالتالي سيؤثر في شعوره تجاه أمور أخرى في حياته.
4- الناحية الاجتماعية: فالفتاة مثلاً تمضي وقتاً أطول أما المرآة منتبهة للبثور على وجهها ومهتمة بحجم أنفها أو شكل عينيها أو سرعة سقوط شعرها. وستتأثر علاقاتها الاجتماعية بشكل جسمها من طول أو بدانة. وكذلك الشاب أيضاً، فشكله واهتمامه بنمو عضلاته وقدراته المختلفة سيكون لها التأثير الكبير في سهولة تكوين الصداقة أو صعوبتها.
5- الناحية الروحية: سيتساءل الشاب والفتاة على السواء في المواضيع الروحية طارحَين أسئلة كهذه: من أنا؟ من أين أتيت؟ وإلى أين أنا ذاهب؟
أما محبة المراهق، كعنصر أساسي للتعايش معه، فضرورية جداً خلال هذه الفترة. والله لم يتركنا في الظلام بل علّمنا الكثير عن المحبة وأظهر لنا محبته، كيف لا وهو محبة؟ ويصف الكتاب المقدس المحبة بأنها “تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ… لاَ تَحْسِدُ… لاَ تَتَفَاخَرُ… لاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ” (1 كورنثوس 13: 4- 6). إن محبة الله التي يحتاج إليها الآباء والأمهات هي الوحيدة القادرة أن تشد الأواصر بينهم وبين المراهقين إذ إنها “تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (عدد 7). وفي طليعة ما تمتاز به محبة الله أنها “لا تسقط أبداً” (عدد 8).
السؤال الثاني: لماذا لا يُبدي المراهقون الاحترام الكلي للأهل؟

لابد أن يكون هذا السؤال قد جال في أفكار آباء كثيرين وأمهات كثيرات. وهذه مسألة مزعجة للأهل ومخيّبة للآمال. وخصوصاً بعد أن تكون الأم مثلاً قد أمضت وقتاً طويلاً في تحضير وجبة طعام لابنتها، فتدخل البنت إلى البيت مستاءة من معلّمتها فترفض الأكل والكلام وتنزوي في غرفتها. إذ ذاك تتحير الأم، وتسائل نفسها: “أواه، ما الخطأ الذي قمت به تجاه ابنتي اليوم؟”
على الرغم من أن هذه المعضلة ليست سهلة الحل، فبإمكان الأهل منذ سني المراهقة الأولى أن يعملوا على إنشاء علاقة بينهم وبين المراهق مؤسسة على الاحترام المتبادل. وذلك لسببين: السبب الأول هو أن للولد المراهق كيانه الشخصي المستقل. وإن أخذ الأهل هذه النقطة بعين الاعتبار، فسيبادلهم ابنهم أو ابنتهم بالمِثْل معتبراً كيانهما الخاص والمختلف عن كيانه هو. والسبب الثاني هو أن أدافع العلاقة هذه ومحرّكها ينبغي أن ينمو من داخل القلب ولا يتأثر كثيراً بالظروف الخارجية. فمزاج المراهق هو في حالة تغير مستمر. ومن المخزي أن يكون تجاوب الأهل مع ابنهم أو ابنتهم متقلّباً دوماً مع تقلّب مزاج المراهق، إذ يجب بالأحرى أن يكون ثابتاً قدر الإمكان. مثلاً على هذا الاحترام المتبادل أن يعلّق الأب قائلاً لابنه: “هذه فكرة حسنة جداً يا حبيبي. تعال لنبحثها مع أمك في المطبخ”.
يقدم الدكتور بوثريك سبعة اقتراحات لإيجاد الاحترام والمحافظة عليه، وهي:
1- اسمع بانتباه للمراهق.
2- اعتبر المراهق- وكل ما يخصه- بجدية تامة.
3- تفهم عالم المراهقين- فمن شأن هذا أن يساعدك كثيراً.
4- افسح في المجال أمام الاختلاف في الرأي.
5- سلّم ابنك المراهق للعناية الإلهية وافسح له في المجال ليختبر الحياة بحُلْوها ومُرِّها.
6- احترم نفسك ليحترمك ابنك أمام الآخرين.
7- إن اختبار غفران الله ومحبته يسهّل على الأهل أن يغفروا زلّات أولادهم ويحبوهم مهما كلف الأمر.
السؤال الثالث: لماذا يحتاج المراهقون المتّكلون على أهلهم إلى تعلّم الاستقلال عنهم تدريجياً؟

السبب الرئيسي، بكل بساطة، هو أن المراهق متجه في حياته نحو البلوغ وليس نحو الطفولة طبعاً. ومن الأفضل وضع الأساس السليم قبل الوصول إلى تلك المرحلة المهمة من الحياة. وبعبارة أخرى نقول إن على الأهل أن يدربوا المراهقين في البيت على اتخاذ بعض التصاميم التي تزداد أهمية بتقدم سني المراهقة. هذه ناحية من النواحي الرئيسية التي تدل على نجاح الأهل أو فشلهم في تربية أولادهم. وعلى الولد أن يدرك أنه إذا أراد أن يكون مستقلاً في تصاميمه. فعليه أيضاً أن يكون مسؤولاً عن تلك التصاميم. وبإمكان المراهق أن يتعلم تحمل المسؤولية في ستة أمور على الأقل: المسائل الدراسية؛ المال؛ الأصدقاء؛ المهمات البيتية؛ كيفية تمضية الوقت؛ الأمور الروحية. وبينما يتعلم المراهق المسؤولية في هذه المجالات، بإمكان الأب الحكيم والأم الواعية الانتباه إلى الأمور التالية: أولاً، دع ابنك يختبر الفشل في الحياة. فإن لم يختبر الفشل، لن يعرف معنى النجاح الصحيح. ثانياً، كن راغباً في تنمية ابنك لا في نموك الشخصي. ثالثاً، كن مشيراً لا مديراً. رابعاً، كن مصلّياً لله تعالى كي يمنحك وابنك المقدرة على النمو معاً.
السؤال الرابع: لماذا يصعب إعطاء الأجوبة في بعض الأحيان؟

لو طوينا بعض الوقت ونحن نفكر بالإنسان على مر العصور والأجيال، لكانت تُلفت انتباهنا ميزة رئيسية مهمة وهي أن بيئة الإنسان- وبالتالي تفكيره- كانت تزداد تعقيداً جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن. ويخبرنا العلماء اليوم أن كمية العلم والمعرفة عند بداية هذا القرن كانت ضعف الكمية التي تجمعت من القرن الأول حتى نهاية القرن الماضي. ومنذ ذلك الوقت حتى منتصف السبعينيات كانت كمية العلم تتضاعف كل عشر سنوات. وخلال الخمس عشرة سنة الماضية كانت كمية العلم تتضاعف كل سنتين. والتكنولوجيا الحديثة اليوم تتيح لنا أن نضع جميع الكتب المكتوبة، التي مازالت تملأ المكتبات في الجامعات، على اسطوانات كمبيوتر تُحمل في سيارة واحدة. فهذا العصر هو عصر المعلومات. ولبحث أبعاد أي سؤال، أصبح من الضروري البحث عن المعلومات للحصول على الأجوبة الصحيحة. والمعلومات المتعلقة بأخلاق الإنسان وآدابه مازالت غير مكتملة، ولكن وجودها قد أثّر في فكر الإنسان وزاده تعقيداً. فالآراء تختلف بين الجيل والآخر، ومن السهل أن يتواجد تفاوت بين تفكير الأهل وتفكير الجيل الصاعد. فمن جهة الأهل، يتميز تفكيرهم عادة ببعض التحليل والتركيز والاهتمام بضرورات الحياة أولاً. وهذه الأمور ليست موجودة بعد في تفكير المراهقين. أما من جهة الجيل الناشئ، فتفكيرهم يتميز بالتعقيد الأكثر وبضرورة التفاعل والتعامل والتجاوب مع عوامل اجتماعية وفكرية وفلسفية، بعضها لم يكن موجوداً عند الجيل الماضي وبعضها الآخر لم يكن ذا أهمية كبيرة. فما العمل؟ وهل هناك من وسيلة لردم الهوة بين الجيلين من هذه الناحية؟
الجواب هو بالإيجاب، ونقسمه إلى أربع نقاط:
أولاً، على الأهل أن يقوموا بالدور الرئيسي في خلق الجو الضروري للأخذ والعطاء حول أي سؤال. وعليهم أيضاً أن يكونوا الوسيلة الرئيسية التي بها يحصل الأولاد على الأجوبة عن جميع أسئلتهم.
ثانياً، على الأهل ألا يترددوا في إعطاء الجواب ولو كان مؤقتاً: “لا أعلم يا ابنتي”. وبالتالي، فمن واجبهم أن يستقوا الجواب من مصادر موثوق بها، كالمكتبة أو طبيب الصحة.
ثالثاً، من الطبيعي أن يتوقع الأهل اختلافاً في الرأي. وليس معنى هذا أنهم قد خسروا سلطتهم الأبوية أو فقدوا ثقة أولادهم بهم. وهنا على الأبوين الحكيمين أن يميزوا في مواضيع الحياة وشعابها بين ما هو أساسي وأولي وما هو ثانوي.
يتمتع الأهل بامتياز يخوّلهم إرساء أسس حياتهم العائلية قبل بلوغ الأولاد سن المراهقة. وهكذا يسهل الأمر إذا اتفق الوالدان منذ البداية على هذه الأمور الأساسية. أما الأمور الثانوية فليس من الصعب أن يتفاهم الأهل والأولاد عليها ويتعايش الفريقان بسلام على الرغم من بعض الاختلاف في الرأي.
ولما كان لموضوع السلوك الجنسي أكبر الأثر في النواحي الأدبية والاجتماعية والنفسية والروحية، فقد بات الموضوع بطبيعته موضوعاً أساسياً في العائلة. فإن كان الوالدان متفاهمين بالنسبة لأية مشكلة جنسية، يصبح من السهل أن يتفاهم أحد الوالدين مع المراهق في جو من العطف والرغبة في حُسن سير الحياة العائلية.
رابعاً، على الأهل أن يميزوا بين النسبي والقاعدي. فالأمور النسبية تقتضي تصاميم تختلف بين فرد وآخر. ومعظم الناس اليوم يختارون النسبي في معظم أمور حياتهم إن لم يكن في كلها. بهذه الطريقة يظن هؤلاء الناس أن هذا الأسلوب من الحياة يعطيهم الحرية الفردية لعمل ما يريدون.
أما المؤمن الراغب في إطاعة إلهه بكل جوارحه فهو يكتشف بسرعة أنه بحاجة إلى مقياس للعيش الصحيح في هذه الأيام. وقد جاء في أحد المزامير: “سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي” (119: 105). وفي آخر: “طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لَكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَاراً وَلَيْلاً” (1: 1 و2). فكلمة الله في كتابه المقدس تضع للمؤمن الأساس الضروري لبناء حياته. وعليه، فمن المنطقي أن يستخلص الإنسان المؤمن من الكتاب المقدس ما يُعتبر أساسياً للسلوك الجنسي السليم. (وبالإمكان الاتصال بالناشر للحصول على نسخة من الكتاب المقدس، بسعر مخفّض).
السؤال الخامس: لماذا تصعب عملية التمييز عند المراهقين؟

السبب الرئيسي لهذه الصعوبة، بمختلف درجاتها عند جميع المراهقين، هو أن وسائل الإعلام بكاملها توفر المعلومات للشبيبة، ودافعها- وإن كان باطنياً- هو التأثير في من يتلقى تلك المعلومات. وهذه المعلومات هي على نوعين، الصادق والكاذب. الواقعي والخيالي، الهادي والمضلل. وقليلون من الراشدين يهتمون بتعليم الجيل الصاعد وتدريبه على التمييز بين هذه العناصر المختلفة. فكم هو مهم وأساسي الدور الذي يؤديه الأب والأم في حياة المراهق، وكم هي عظيمة مسؤولية الأهل تجاه أولادهم. فالأولاد في هذه الأيام يستطيعون الحصول على الأكل والشرب والملبس من أماكن مختلفة خارج البيت. ولكن البيت كان وما يزال هو المكان الأهم لبناء الأسس الصحيحة للعيش بسلام. ويقول الكتاب المقدس: “إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ” (مزمور 127: 1). وفي نهاية الإجابة عن هذا السؤال نقدم للأهل خمسة اقتراحات لتدريب المراهقين من البداية على تنمية مقدرة التمييز:
1- كن أنت مميزاً لأمور الحياة فيسهل على الناشئ التمثُّل بك.
2- أطلع المراهق على الحقيقة. فبالنسبة إلى السلوك الجنسي مثلاً، ينبغي أن يُدرك المراهق في نهاية الحديث أن الجنس في الواقع يختلف عنه في الأفلام السينمائية، والرغبة الجنسية السليمة تُبنى على أساس آخر غير ما يُشاهَد على الشاشة.
3- ساعد المراهق على السمو فوق المؤثرات اليومية التي يتلقاها من مراهقين آخرين. وعلينا ألا ننسى أن المراهق، نظراً لطبيعة نموه، يكون أميل إلى الأخذ برأي صديق أو صديقة منه إلى الأخذ برأي الأهل.
4- تكلم مع المراهق بثقة ودون إصدار أي حكم مسبق.
5- علِّم المراهق التفكير المستقل. والقصد هنا الاستقلال عن تأثير الوسائل الإعلامية وأبناء جيله.
السؤال السادس: لماذا تدعو الضرورة إلى العمل المستمر مع المراهقين عن إقناع واقتناع؟
من أسهل الأمور في هذه الأيام التبدُّل والتغير وفقاً للبيئة الخارجية. أما الحياة عن إقناع واقتناع فتتطلب أكثر من ذلك. وإليك يا عزيزي القارئ ست خطوات تساعدك على تدريب المراهق على ذلك العمل:
1- كن أنت مثالاً للعيش عن إقناع واقتناع.
2- أرشد المراهق إلى ما يقوله الله في الكتاب المقدس.
3- ركز على الأساسيات دون الثانويات.
4- أعطِ المراهق مسؤولية اختباراته المختلفة. وسيكتشف المراهق بسرعة أن الحياة اليومية إنما تُبنى على الاقتناعات.
5- ساعد المراهق على الاقتناع بما هو في ذاته وبقيمته كفرد مهما كان عمره.
6- وفِّر للمراهق الوقت والانتباه الكافيين.
السؤال السابع: لماذا يحتاج الأهل إلى التكلم باكراً عن بعض الأمور الجنسية والسلوك الجنسي؟

بعد فترة من الصمت تكلّم الأب بتردد قائلاً لابنه المراهق: “أظن يا ابني أن الوقت قد حان لأتكلم معك عن أمور الحياة… وأنت تعرف ما أقصد”. فأجاب ابنه دون تردد: “نعم يا أبي ماذا تريد أن تعرف؟”
هذا الحوار يعكس حال الشبيبة في أيامنا. فالمعلومات المتعلقة بالجنس تأتيهم غالباً من الأصدقاء والكتب وشاشات التلفزيون والسينما والنكهات السفيهة التي يتناقلونها ولهذا وجب على الأهل التكلم عن السلوك الجنسي السليم حسب المبادئ التالية:
1- ابدأ باكراً.
2- تحمل المسؤولية.
3- تكلم بصدق.
4- تحدث ولا تحاضر.
5- تفهم عالم اليوم وبالأخص ما يتعلق بالشبيبة.
6- أعطِ أنت المثال الصحيح.
7- كن إنساناً غافراً.
8- كن إنساناً مميزاً.
السؤال الثامن: لماذا يحتاج المراهقون إلى الشعور بالفشل أحياناً؟

السبب الأول هو أن عالم الإنسان يختلف عن عالم الحيوان. ففي عالم الحيوان يحدث النُضج خلال سنين قليلة جداً. أما في عالم الإنسان فالمدة أطول بكثير. وإذا كان النضج الجسماني عملية تلقائية وسهلة، فإن النضج فكرياً ومشاعرياً واجتماعياً يكون في بعض الأحيان صعباً عند كثيرين. والسبب الثاني هو التفاوت بين الأعمار، فبينما يستطيع بعض المراهقين تحمل المسؤولية باكراً مع الشعور بالحرية، ما يزال آخرون يفضلون التمتع بالحرية دون حَمْل المسؤولية. أما واقع الحياة فيتميز بضرورة إعداد المراهق وتدريبه، أياً كان.
ولعملية إعطاء الحرية المرفقة بالمسؤولية خمسة وجوه:
1- إعطاء هذه الحرية تدريجياً مع الانتباه الدقيق إلى ما تتميز به كل سنة من سنوات النمو من ميزات وحاجات واهتمامات. فمن حيث المبدأ، نعامل ابن الحادية عشرة كابن الحادية عشرة وابنة السادسة كبنت السادسة عشرة.
2- إتاحة الفُرص للفشل. مع أن تجنب العواقب السيئة هو من طبيعة الإنسان، فمن ميزات النمو الرئيسية ارتكاب الخطأ والتعلم منه. وعلى الأهل الحكماء إتاحة الفرصة أمام المراهق لاختبارات من هذا النوع.
3- تجنب الفضولية. تأمل هذا الحوار الذي جرى بين أم وابنتها البالغة ثلاث عشرة سنة.
الأم: “ما هذا الذي في يدك؟”
الابنة: “دفتر يومياتي”
الأم: “ماذا تكتبين فيه؟”
الابنة: “آه… لا شيء”.
وتغرق الأم في التفكير بما تكتب ابنتها في مذكراتها اليومية ولأول مرة تشعر بأن عند ابنتها “أسراراً”. والأمر الذي لم يكتشفه أهل كل مراهق- شأنهم شأن هذه الأم هنا- هو أن ابنهم أو ابنتهم لم يعد طفلاً بل هو شخص ينمو يوماً بعد يوم، وإنسان سيصبح بالغاً بعد فترة من الزمن.
4- تجنب إخجال المراهق. في دراسة أُجريت على عدد كبيير من المراهقين، أشار هؤلاء إلى ما يريدونه من أمهاتهم، فقدموا الأفكار التالية وكأنهم يكلّمون أهلهم كتابة:
(أ) “لا توبّخني أمام أصدقائي”.
(ب) “لا تنتقدني أو تمدحني أمام أصدقائي”.
(ج) “لا تعاملني كطفل”.
(د) “عند وجود أصدقائي في بيتنا، لا تتدخل في شؤون حياتهم الخاصة”.
(هـ) “لا تتصرف بهزل ومزح أمام أصدقائي”.
5- إعطاء الحرية مع أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار.
(أ) العمر
(ب) الجنس
(ج) الخبرة
(د) البيئة الدراسية
(هـ) الدوافع
السؤال التاسع: لماذا يصعب تواجد الثقة باستمرار؟

الحق يُقال إن إنشاء علاقة أساسها الثقة بين الأهل وابنهم المراهق أو ابنتهم المراهقة لَهو مهمة عظيمة جداً، ولكن لا مفر منها. فالثقة الصحيحة لا تعني الوثوق الأعمى بالابن أو الابنة، ولا تعني التسرع في إعطاء الحرية؛ فالثقة شيء يُكتسَب ويُخالَف. ولإنشاء علاقة ثقة مع المراهق، على الأهل العمل بالمبادئ التالية:
1- حدد قوانين التصرف البيتية بوضوح. وبهذا تتجنب الجواب التالي: “…. ولكني لم أعرف ذلك من قبل”.
2- كافئ المراهق عندما يتصرف جيداً بناء على ثقتك به.
3- كن أنت جديراً بالثقة.
4- تعلم المسامحة. فكما سامحنا الله ناسياً ماضينا، كذلك على الأهل ألا يجعلوا الماضي عصاً يلوحون بها بين الحين والحين.
السؤال العاشر: لماذا يحتاج المراهقون- والأب والأم- إلى تعلم المسامحة؟

عند قيام المراهق بعمل خطأ، يتصرف الأهل بطريقة من أربع: أولاً، عدم الاكتراث. ثانياً، لوم الذات. ثالثاً، لوم المراهق. رابعاً، المسامحة. والطريقة الرابعة هي الفضلى.
لماذا المسامحة؟
1- لأن الجميع يخطئون. فالكتاب المقدس يقول: “أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ…. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً…. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” (رومية 3: 10، 12، 23). فالأولاد يخطئون، وكذا الآباء والأمهات. وحذار التظاهر بالعصمة من الخطأ. فهذا أمر يستحيل إذ ليس كاملاً إلا الله. وسيكتشف المراهق حقيقة الأمر أن عاجلاً أو آجلاً فتُفقد الثقة ويصعب استرجاعها.
2- للإبقاء على أواصر الألفة والوئام في البيت. فليس من الضروري الشعور بالتهديد للسلطة أو القيادة الأبوية ما دامت لم تُنتزع.
كيفية المسامحة؟
تتم المسامحة:
1- بطلبها من الشخص الآخر.
2- بتطبيقها تجاه الشخص الآخر.
3- بتطبيقها تجاه النفس تجنباً للوم الذات.
4- بإدراك أنها ليست رخصة لعمل الخطأ بتكرار.
5- بالتمييز بين تطبيقها ودفع كلفة الخطأ.
العائلة 3dlat.net_24_15_817a

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى