الزاجل ..!!.. بقلم الطاهر ساتي

السودان اليوم:

:: يوم الثلاثاء الفائت، تعليقاً على انعدام مصل التيتانوس بالبلاد، أقر وزير الصحة محمد أبوزيد – لنواب البرلمان – بنفاذ (34 صنفاً) من الأدوية – المنقذة للحياة – بمخازن الإمدادات الطبية، ولا توجد بدائل لها في القطاع الخاص .. ثم كشف عن رفض (33 شركة) التعامل مع الإمدادات الطبية لتراكم مديونيتها البالغ قدرها (34 مليون يورو)، فيما قدر المبلغ المطلوب لاستيراد الأدوية بـ(19 مليون يورو)، وأعلن عن وجود (27 صنفاً) يكفي مخزونها لمدة شهر واحد فقط لاغير، و (41 صنفاً آخر) قد ينفذ بعد شهرين..!!
:: وبعد أن كشف حال الإمداد الدوائي بالإمدادات الطبية، حذر أبوزيد من حدوث فجوة دوائية بالبلاد، وطالب البنك المركزي بسداد الديون لتنساب الأدوية والأمصال إلى مخازن الإمدادات الطبية (الفارغة).. وبعد ثلاثة أيام من حديث وزير الصحة لنواب البرلمان، صدر الخبر بصحف الجمعة الفائتة بالنص الآتي : كشفت د. تهاني عبدالرحيم محمد مدير إدارة الإمداد الطبي بالهيئة العامة للإمدادات الطبية عن توفير خدمة جلب الأدوية النادرة من الخارج خلال (48/ 72 ساعة) ..!!
:: وليس في الأمر عجب، فالشاهد أن الكثير من الأمصال و الأدوية – بما فيها المنقذة للحياة – أصبحت (نادرة)، وغير متوفرة في مخازن الإمدادات الطبية ولا توجد لها بدائل في القطاع الخاص، وذلك حسب شهادة وزير الصحة (شخصياً).. ولهذا – بدل يقعد ساكت – تحول الصندوق القومي للإمدادات الطبية إلى (بريد سريع)، لجلب الأدوية من الخارج خلال تلك الساعات المعلن عنها في إعلان تهاني عبد الرحيم .. ويبدو أن بنك السودان معجب بهذا الدور الجديد لصندوق الإمدادات الطبية، أي بدور (البريد السريع).. فالبريد السريع لن يطالب بنك السودان بالدولار، أو كما يفعل حين يكون مخزوناً استراتيجياً للأمصال والأدوية المنقذة للحياة..!!
:: وبالمناسبة، كما ذكرت في زاوية سابقة، فإن الاستعمار كان رحيماً بشعبنا عندما أسس هيئة الإمدادات الطبية لتكون مخزوناً استراتيجياً للأمصال والأدوية المنقذة للحياة .. تلك كانت أهداف هيئة الإمدادات الطبية، وكانت تؤديها بجدارة وبلا صخب أو (فجوة)، قبل أن تحولها هذه الحكومة إلى (هيئة تجارية)، كأية شركة أدوية، تشتري وتبيع وتربح و تخسر .. وبما أن الديون قد تراكمت على الإمدادات الطبية – بعلم بنك السودان – لحد العجز عن توفير الأمصال والأدوية المنقذة للحياة، فعلى مجلس الوزراء تحويل غرضها واسمها بحيث يكون (الزاجل للجلب السريع).. !!
:: والأدهى والأمر في أمر هؤلاء، أنهم بعد إقرارهم الصريح بنفاذ الأدوية والأمصال من المخازن، وبعد إعلانهم الجهير عن خدمة جلب الأدوية من خارج البلاد، فإنهم يبشرون الناس عن قرب موعد افتتاح صيدلية مساحتها (ثلاثمائة متر مربع)، أو كما قالت تهاني .. تأملوا بحزن .. فجوة دوائية في المخزون الاستراتيجي للبلاد لحد نفاذ الأمصال والأدوية المنقذة للحياة، ومع ذلك احتفلوا بافتتاح أكبر مخزن دوائي في إفريقيا، ثم يتأهبون للاحتفال بافتتاح أكبر صيدلية، ربما في الوطن العربي ..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى