الحموضة.. الغذاء يحفزها.. والرياضة تهدئها!

د. هشام عبدالله أحمد (اختصاصي الجهاز الهضمي والمناظير، المركز الطبي بجامعة الإمام)

حضر إلى عيادتي شخص في منتصف العمر يعاني شعورا بالحرقان أسفل الصدر وأعلى المعدة.. أخبرني أن هذا الشعور يؤرقه ويقض مضجعه ويخيفه عند تناول الطعام.
بدأ الرجل في شرح معاناته.. فهو في منتصف العمر، مدخن دائم، يتناول الكحول أحيانا. لا يمارس الرياضة. أما عمله فهو جهد ذهني في المقام الأول ناهيك من العصبية الشديدة وتقلب المزاج.. وسرعة الانفعال..
قلت للرجل، لقد عرفت داءك.. أنت تعاني:
الحموضة
ما الحموضة؟
يعرف الأطباء الحموضة بأنها إحساس بالحرقة خلف عظمة القفص أسفل الصدر، وتختلف حدة الشعور بها من شخص لآخر.. وتسمى أحيانا حرقة الفؤاد أو اللذعة.
وينشأ الإحساس بالحموضة عادة بسبب مهاجمة حمض الكلورودريك HCL (الموجود ضمن إفرازات المعدة) للغشاء المخاطي للمعدة والاثني عشر.. وأحيانا الجزء الأسفل للمريء.
ولا يقتصر هذا التأثير على حمض الكلورودريك، بل يمكن لخميرة البيبسين الهضمية (Pepsin) أن تفعل الشيء ذاته، كما يساعد الاحتكاك الدائم لجزيئات الطعام خصوصا ما كان منه غير ممضوغ جيدا أو ذا جزيئات كبيرة نسبيا في ظهور ذلك الشعور المؤلم بالحرقة.
أسباب الحموضة
تتعدد أسباب الحموضة وتختلف ما بين أسباب عضوية وأخرى نفسية إلى جانب تلك التغذوية أو الناشئة عن بعض العادات السيئة.
أول أسباب الحرقان هو الحامض الموجود في المعدة المسمى (HCL). ورغم أن هذا الحامض موجود في المعدة بشكل طبيعي وتقوم هي بإفرازه للمساعدة في هضم الطعام، إلا أن حدوث أي خلل في الغشاء المخاطي المبطن للمعدة (وهو الذي يحمي المعدة من الحامض) يؤدي إلى نقص مناعة الجسم ومن ثم يهاجم ذلك الحامض المعدة مسببا الحرقان.
من جهة أخرى فإن العامل النفسي كالعصبية الزائدة والتوتر الدائم يساعد على إفراز هرمونات معينة تؤدي إلى ظهور الحموضة أو أحد مسبباتها.. ولذلك فإننا نرى أشخاصا لديهم استعداد للإصابة بالحموضة أكثر من غيرهم.
إلى جانب ذلك فإن قيام المعدة بإفراز هرمونات معينة يسبب زيادة أحيانا في إفراز أحماض HCL)).
أما العوامل الخارجية فهي لا تقل خطورة عن تلك العضوية أو النفسية، حيث إن نوعية الغذاء قد تكون سببا في حد ذاتها في إضعاف الغشاء المخاطي المبطن للمعدة فتصبح المعدة عرضة لتأثيرات حمض HCL))
فمن ذلك تناول القهوة والشاي أو التدخين أو شرب الخمور والكحول والعياذ بالله. كما أن بعض الأدوية المحتوية على مواد مضادة للالتهاب ومسكنات الآلام مثل الأسبرين وأدوية الروماتيزم والكورتيزون تقوم بالدور ذاته.
وأخيرا، فإن النوم بعد الأكل مباشرة أو قلة ممارسة الرياضة تقوم بإبقاء الصمام الموصل بين المعدة والمريء مفتوحا.. الأمر الذي يؤدي إلى خروج الحمض من المعدة مسببا الارتجاع، أحد أشهر العوامل المفضية إلى الحموضة.
التشخيص
قبل معرفة المسبب الأول للحموضة عند شخص ما.. لابد من المرور بعدة مراحل واستخدام عدد من الوسائل حتى نحصل على نتيجة نهائية حول أسباب ذلك الحرقان.
يقوم الطبيب بادئ ذي بدء بأخذ الصورة السريرية وتاريخ المرض وأعراضه. بعد ذلك يتم عمل الصور الشعاعية التي يطلق عليها (Barium meal) أو وجبة الباريوم. وهي تساعد في كشف بعض أسباب الحموضة.
أما المرحلة الثالثة فتتم بعمل ما يسمى بالمنظار. حيث يتم إدخال أنبوب مطاطي به عدسة وإضاءة عن طريق الفم، دون الحاجة إلى تنويم أو تخدير. ويمر ذلك الأنبوب بالمريء والمعدة وانتهاء بالاثني عشر، وبذلك يستطيع الطبيب رؤية ما بداخل هذه الأعضاء بوضوح كما يمكنه التقاط صور لكل جزء من هذه الأعضاء الداخلية.
الحموضة والغذاء
يمكن لمرضى الحموضة تناول الخضراوات الطازجة والفواكه، والحليب والسمك، والزبد، والبيض، والمربى، واللحوم البيضاء.
إلا أنه يجب أن يمتنع عن التدخين والخمور والكحول تماما إلى جانب القهوة السادة والشاي الثقيل اللذين يجب التخفيف منهما قدر المستطاع، وكذلك الأطعمة المحتوية على التوابل والبهارات، ومثل ذلك المخللات بأنواعها.
لمحات
– تمتع بأكل الخضراوات والفواكه الطازجة باستمرار.
– حاول ممارسة الرياضة ولو لنصف ساعة يوميا.
– ابتعد عن المأكولات المتبلة والمبهرة.
– لا تنم بعد الأكل مباشرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى