الإخوان المسلمين والديمقراطية: انحطاط الحركة الإسلامية أصيل في بطنها . بقلم: عبدالله الشقليني

السودان اليوم

انحطاط الحركة الإسلامية أصيل في بطنها

لم يكسب السودان من الحركة الإسلامية، إلا تعطيل لتنميتها ، وهدم دولتها، وإطلاقها الفاسدين من عقالهم، لتزيّنهم الحركة الإسلامية، ودفعت بهم آخر الأمر إلى سدة السلطة غصباً. ليخلطوا الحق بالباطل. يتلونون بكثير أسماء ، في كل مرحلة من مراحلهم لهم لكل حادث حديث . حرموا السودان من تنوع الهوية والتسامح تجاه المختلفين من القوميات والثقافات، وحرموا السودان من العدالة الاجتماعية. وناصبوا أهله جميعاً العداء السافر، يريدون أن يقيموا الناس كلهم صفاً خلف تنظيمهم، وإلا هجروا الحديث إلى قوة السلطان الباطشة. ما قامت قائمة من تصالح قومي، إلا وهبت الحركة الإسلامية وجنودها لتخريب التصالح، باسم الدفاع عن بيضة الدين.

(2)

لم يزل البروفيسور” عبدالله علي إبراهيم “، يلبس لباس اللين والرأفة تجاه الحركة الإسلامية

ومسمياتها الحربائية وهي تتلون كل يوم ولها في كل يوم شأن جديد .ونقتطف من مقاله (ماذا خسر السودانيون بانحطاط الحركة الإسلامية ..) بتاريخ 20 نوفمبر 2018:

{ كنت أحضر لقاء لإخوة كرام من الإسلاميين يوماً. فتوقفت عند عبارة للدكتور خالد التيجاني زبدتها “ماذا خسر السودان بانحطاط الحركة الإسلامية؟” مراوحة عند عنوان “ماذا خسر العالم

وأقول كثيراً إن ما خسارة السودان من كبوة الحركة الإسلاميين أكثر من خسارة السودان بكبوة الشيوعيين. فالماركسية ما تزال “غريب ديار” على أنها توطنت بين الكادحين ومسألة العدالة الاجتماعية كما لم تفعل حركة قبلها أو بعدها بل كما لم تزعم حركة أنها فعلت أو قد تفعل. ولكنها “بنت وافدة البحار” ما تزال. فما تكأكأت الأحزاب على ذلك الوافد حتى ضربوا علينا عزلة سألنا أستاذنا أن نتملاها في العمق. وبينما يمكن للمسلمين في السودان الاستغناء عن الماركسية (وهو شيء لا أفرح له) ولكنهم لن يستغنوا عن حركة إسلامية يبتلون بها الحداثة.}

ونقتطلف أيضاً من مقاله السابق في 1 يوليو 2014 بعنوان ( الحركة الإسلامية: لا فرقة ناجية ):

{لم تسنح فرصة للحركة الإسلامية للتحالف حول تنزيل ذكي ديمقراطي للإسلام في بئية سياسية معقدة كالسودان حتى أهدرتها. كان الانفتاح هو الإستثناء بينما كان الإنغلاق لحفظ بقية السودان أوالدين هو الأصل. وهكذا ضاعت من بين أيدينا حركة ولدت في بيئة للحداثة، واستعانت بالديمقراطية متى استصوبت ذلك، فأحسنت الديمقراطية لها. وسيبقى على الحركة متى أرادت أن تكون فينا رحمة وبركة أن تستنقذ نفسها من آثار عشوائيتها المتراكمة وأن تعيد اختراع نفسها من أفضل صلصالها. وهذا من عزم الأمور}

(3)

وبروفيسور “عبدالله ” كثير الإعلان عن أنه ماركسي ومسلم ولا يرى بأساً في ذلك، ولكن الحركة التي يدافع عنها ترى بأساً شديداً في خياراته، وهو يعلم أنه هنا يتحدث عن هويته الخاصة التي سارت معه طوال تاريخه، ولا ينازعه فيها أحد، ولكن دفاعه الخفي والمعلن عن حركة الإخوان المسلمين، مرجوم بمسلكها الانتهازي في كل حين. ويكتب هو بخسارة السودان بانحطاط الحركة الإسلامية، ويعُد منهاجها لتسلم السلطان عبر تاريخها واستعجالها النتائج، بأنها أخطاء تكتيك. في حين أن الحركة الإسلامية في ديباجة دستورها تقول:

{إن الحركة الإسلامية قد كافحت بالإسلام العلمانية والماركسية واشتراكية هاربة من مضارب الدين وديمقراطية مستنكفة عن التسليم لرب العالمين.}

أنها تلبس لباس العقيدة، خالطة المقدس بغيره،لا بركة ولا رحمة في هذا الأمر، وتسكت هي عن الفظاظة والاعتقال والقتل. تفترسك حين تخالف منهجها، وكل دعوة للحوار لا ترى هي فيها خيراً، تثب عنده إلى النتائج وثباً. تزري بمن يخالفونها، وتوصمهم بنابي القول. وتصفهم بالخروج عن الملّة. وحتى بروفيسور “عبدالله”، رغم تعاطفه معها، تستدنّيه أن يتوب في أعرافها، وأن يتوضى بالتراب آخر المطاف، ويهجر ماركسيته وعلمانيته !.

(4)

ليس الأمر هويّة وجدان ومعتقد خاص، ولا دين تسامح، ولكنه منهج الإخوان المسلمين الاستئصالي. لا يرى للسودان هويات متنوعة. ولا يكتفون هم بالدعوة، رغم أن القرآن الكريم وجه النبي الأكرم، بأن ما عليه إلا البلاغ. بل تقفز الحركة الإسلامية إلى الإنقلاب وخطف السلطة وقهر الآخرين، وتصنيف المواطنين السودانيين إلى مسلمين وكفرة.

لم ينص القرآن على منهج حكم للناس، سوى آية الشورى، وهي نظام عام. وتاريخ الخلافة والخلفاء دامٍ ينطق بالأغرض والهوى. أخضعت الحركة الإسلامية الدّين لتصورات التنظيم، وطَلت سوأتها بغشاوة الرحمة، إذ تقول إنها تعتمد الشورى منهجاً ملزماً وتسعى لتطوير نظمها و إجراءاتها في الأمور. كلها دنيوية. ومن أهدافها إقامة الدين وبسط العدل والشورى ونشر الدعوة وإقامة دولة الإسلام التي تحمل الرسالة وتحكِّم الشريعة. وتحفظ الحقوق وتحمي المجتمع وتزكيه، والدفاع عنه، وتتخذ البيعة والسمع والطاعة لولي الأمر في حدود طاعته لله ورسوله. تلك رسالة فضفاضة تنسى المحاسبة والعدل والشفافية. وتنسى اعتماد الكسب الحلال وطهارة اليد من المال العام ومحاربة الفساد وتحريم موارد الكسب الحرام. وتتفرّد بالسمع والطاعة لولي الأمر الذي تنتخبه الأمة طوعاً وهذا الانتخاب. لوثة لا علاقة لها بالدين!

ونذكر كلنا أن الدستور الذي صنعته الحركة الإسلامية يقول {لا يجوز حل الحركة الإسلامية إلا بموجب قرار يجيزه ما لا يقل عن 75 % من عضويةالمؤتمر العام في اجتماع قانوني لا يقل حضوره عن 80 % من عضوية المؤتمر العام. }. وهذا هو الأمر الذي سخر فيه عضو الحركة من المؤسسين ” أحمد عبد الرحمن”، من الأمين العام حين دعاهم بعد حلّ التنظيم، ووزع نسخ من القرآن الكريم للرعيل الأول!.

عبدالله الشقليني

22 نوفمبر 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى