افهمنى يا بابا .. عشان خاطرى 2019

إن كنت نائما فاستيقظ ، وإن كنت في عملك فدعه وتعال ، وإن كنت تسمر مع أصحابك ففارقهم وأدركني دون توان ..
يا أبتي هناك من أصابني بسهامه .. هناك من يلعب بعواطفي ويدغدغ مشاعري بكلام لم أسمعه أبدا .. !هناك من أوجد لي ما كنت أرجوه وأطلبه منك ومن أمي وإخوتي منذ زمن .. نعم يا أبي هناك من أمسكني من اليد التي تؤلمني .. !

لا أعلم كيف انسقت إليه .. ؟ أسرتني كلماته التي أحس أنها كالحبل المحيط بعنقي ، والتي أشعر أنها تقودني إلى ما كنت أخشاه وتخشاه أنت من قبلي .. صدقني لا أعلم يا أبي كيف حدث هذا .. ؟
في لحظة فراغ وعبث وبحث طائش عن تغذية عاجلة أروي بها ضمئي وعاطفتي ؛ وقعت من حيث لا أشعر بشاب تقول كلماته أنا من سيروي لك هذا الضمأ .. أنا من سيوفر لك الحنان والسعادة اللتين ضاق بهما منزلك ، تقول كلماته أنا من سيحترمك ويقدرك ويناديك بأحب الأسماء والألقاب إليك ، تقول كلماته يا أبتي أشيااااء كثيرة لم أظن في يوم من الأيام أنني سأسمعها فضلا عن أن توجه لي .. !!

كانت كلماته يا أبي تحيط بعنقي وتجذبني إليه دون أي مقاومة أو عناء مني .. ! بل لا أكذب إن قلت لك أنني لم أشعر إلا وأنا أجري خلفها بلهف .. ! نعم يا أبي كنت أجري خلفه وأنا على يقين تام بأن هذه الكلمات وإن برقت لي إلا أنها ستقودني إلى ضياع الشرف والعفة والطهر وكل معان النزاهة التي تنتظرها مني .. !
كنت أعلم ذلك .. لكن نفسي الفقيرة ووجداني الخاوي من عطفك وبرد حنانك ؛ هما الذان دفعاني وحثاني على أسراع الخطى خلف ذلك الشاب ( الماكر ) الذي استطاع بذكائه أن يفعل معي مالم تفعله أنت وأمي وإخوتي جميعا .. !
بل لا أبالغ إن قلت لك بأنه أشعرني بأنني إنسانة من الممكن أن يكون لها احترامها وتوقيرها بعد أن كانت قناعتي في ذلك أن البنت مثلي ليست لها كرامة ولا وزن ، وإنما حقها أن تُنهر وتلام وتضطهد تحت وطأت التسلط والسيادة .. !

كنت وأنا أسمع كلمات هذا الشاب – الذي لا أعلم كيف لقيت – استرجع بذاكرتي ما كنتَ تعاملني به من قسوة مقذعة ليس لها مبرر .. ! كنت أسترجع تحطيمك المتواصل لي بين إخوتي وأخواتي .. ! كنت استرجع ضربك الذي يكون على أتفه الأمور .. ! كنت أسترجع بذاكرتي الأليمة بعدك عني رغم وجودي معك في سكن واحد وتحت سقف واحد !
كنت أتذكر وأنا أتذوق كلمات هذا الشاب ما كانت تفعله أمي بي بين زميلاتها وقريباتها ..! من طردي من المكان الذي هم فيه عند وقوعي في أي خطأ أو تأخير في تلبية طلب لها .. ! إي والله يا أبي كانت كلمات هذا الشاب تنبش جراحي وتوهمني بلملمتها من حيث لا أشعر .. ! كل هذا يا أبي أذكره بألم تقرعه كلمات هذا الشاب الذي لا زلت أصر على أنه ماكر يصطاد في الماء العكر .. حتى أصبحت في صراع معه ومع نفسي وذاكرتي الحزينة التي تتربع أنت على أكبر سهم فيها .. !

أسرع يا أبتي العزيز وأدركني قبل أن أغرق في مستنقع الرذيلة وأكون بعد ذلك قصة تلاك وتعجن في كل مكان .. ! أشعرني بكياني أرجوك وبوجودي كإنسانة لها عزة وكرامة .. لا إنسانة تشعر بأنها ضيف ثقيل تنتظرون فراقه في أي لحظة يطرق الباب فيه خاطب .. !
أسرع يا أبتي وعوضني ذلك النقص الذي يساومني عليه هذا الشاب ويساوم أسرتي معه ..
صدقني لا أريد المستحيل ولا أطلب المطالب الصعبة أبدا .. كل الذي أريده أن تعاملني كما تحب أن يعاملك الناس ..
عاملني برفق ولين بدلا من العنف والقسوة الذين تلبسهما أمامي وتخلعهما أمام الناس .. ! عوضني هذا النقص الذي أبحث عنه ، والذي يريد هذا الشاب أن يصطادني من خلاله .. أروي عاطفتي من أجل أن تقطع الطريق على كل من يريد الظفر بي وإسقاطي .. نعم يا أبي أريد منك ( الدلال ) .. الذي فقدته من سن السابعة أو العاشرة .. أريد ذلك الدلال الذي يربطني بك وبأسرتي ويغنيني عن كل عابث .. تنازل يا أبي عن جبروتك وعزتك وأنفتك ورفع صوتك .. وانزل إلى مستوى ابنتك التي توشك أن تفلت بسببك .. ! انزل إلى مستوى ابنتك التي يكفيها منك أحيانا الابتسامة أو الثناء البسيط على أي عمل تقوم به .. !

صدقني لست مغفلة يا أبي .. وأرجو ألا تظن ذلك يوم أن علمتَ أنني انسقتُ خلف هذا الشاب .. بل والله إنني لست ساقطة يوم أن كلمته أو هاتفته على غفلة منك ومن أمي .. كل مافي الأمر أنني أعيش بلا حنان .. أعيش فراغا عاطفيا أوهمني هذا الشاب بأنه من سيعوضه ويحققه لي بأسرع وقت .. هذا الفراغ يا أبي إن لم تملأه أنت ببرد أبوتك وعطفك فقد يملأه عبث العابثين من المتخصصين في سرقة الطهر والعفاف .. !
أرجو ألا تفهمني خطأ يا أبي .. فأنا لا أبرر لنفسي ولا لأي فتاة أن تقع في الخطاء مقابل إساءة معاملتها .. بل الفتاة مطالبة بأن تعف نفسها بنفسها وأن تكون حذرة فطنة من الذئاب من حولها حتى وإن كانت في بيت عقيم من الحنان .. لأن شرف الفتاة وسمعتها كالزجاجة إذا انكسرت صعب جبرها .. فليس لأي فتاة عذر في أن تضيع هذا الشرف بحجة البحث عن عاطفة .. وليس لها الحق في أن تعالج الخطأ بخطأ أسوء ..

فقط كل الذي أردت إيصاله يا ابي .. هو أن تعلم بأن القسوة والجفاء خشبتان من الممكن أن تُعلق بهما عفة الفتاة وينحر بعد ذلك تحتهما شرفها ولات حين مناص .. !! لا أعلم حقيقة يا أبي هل ستهزك كلماتي هذه وتحثك على إسراع الخطى من أجل إنقاذي وانتشالي من هذا الخطر المحيط .. ؟ هل ستدفعك كلماتي إلى التغيير تجاهي ؟ أم ستقرأها على أنها من فتاة مبالغة ليس لها خبرة في الحياة .. فتاة طائشة تتحدث بكلام لا تعيه .. !
باختصار شديد يا أبي أنا أشكو لك من جرح عميق أنت طبيبه وإن وصل إليه غيرك أفسده وأعطبه .. ! فماذا أنت فاعل .. ؟!
ابنتك من على حافة الهاوية .. !
———

نعم هذه هي الحقيقة التي يجب الا يغفل عنها كل أب وكل أم .. يجب أن يعلم الآباء والأمهات وكل معني بالتربية أن السنارة التي يرميها هذا الشاب وأمثاله على أمثال تلك الفتاة البائسة .. لم تكن لتُصب لو كانت هناك معاملة حسنة .. هذه السنارة ستقع بعيدا كل البعد عن كل فتاة تعيش في ظل حنان الأبوة والأمومة .. هذه السنارة ستنكسر بيد الفتاة نفسها إن هي أشبعت وغذيت بتغذية أسرية نافعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى