استخبارات المقاومة أداء مُتطوّر وضربات مؤلِمة … حمزة ابو شنب

السودان اليوم

مثّلت عملية خانيونس الاستخبارية الإسرائيلية المُعقّدة انتصاراً لاستخبارات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزَّة، مقابل فشل ذريع لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، بعدما أفشلت اليقظة الأمنية لعناصر المقاومة مهمّتها في قطاع غزَّة، بتوقيف القوّة الإسرائيلية والسيطرة عليها والعمل على اعتقالها وإحضارها مُكبَّلة للموقع العسكري للمقاومة، إلى أن تدخَّل الطيران الحربي الإسرائيلي بتنفيذه ما يُقارِب الثمانين غارة بطائرات الـــF16 .

لم يتوقّف تفوّق المقاومة عند هذا الحد، بل تمكَّنت من الحصول على معلوماتٍ هامةٍ تتعلّق بنشاط القوّة الاستخباري، وسيطرتها على معدَّات ومقدرات فنية وتقنية ستُساهم في إحباط عمليات لاحقة لها، والتعرّف على آليات العمل والأدوات المُستخدَمة وتفاصيل مُتعدّدة تتعلّق بأساليب الاستخبارات الإسرائيلية.

كما أن نَشْر المقاومة الفلسطينية صوَر الوحدة الإسرائيلية، تحمل أبعاداً أمنية لا تحصرها جغرافية قطاع غزَّة، فإن الأفراد المُنفّذين هم أعضاء في سرية (سيريت متكال)، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والمُناط بها تنفيذ مهام استخبارية مُعقَّدة، على مستوى فلسطين المحتلة وخارجها، ما سيدفع العديد من الدول “أعداء وأصدقاء” العدو الإسرائيلي لمتابعة كل معلومة تنشرها المقاومة عن العملية.

الخشية الإسرائيلية من نَشْر الصوَر هو اكتشاف أنشطة خارجية سرّية للفريق خارج حدود فلسطين المحتلة، ما سينعكس بالضرر على منظومة الاستخبارات لجيش العدو، بعدما فلحت المقاومة في إحباط المُخطّط الاستخباري في قطاع غزَّة، ما دفعها إلى المُسارعة في فرض الرقابة العسكرية لمنع نَشْر الصوَر، وعملت على تسويق إنجازات أمنية لجهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”.

عملية خانيونس “حد السيف” كما سمّتها المقاومة هي تتويج لتطوّر أداء المقاومة على الصعيد الاستخباري والأمني، فقد أولت قيادات المقاومة أهمية بالغة لأدواتها الاستخبارية، ما ينعكس على أداء المقاومين الميداني في مواجهة العدو الإسرائيلي، بما يمكّنها من توجيه ضربات مؤلِمة لجيش الاحتلال، كما جرى في إصابة باص الجنود بصاروخ كورنيت قبل أيام وبثّها على وسائل الإعلام.

تراكم عمل رجالات أمن واستخبارات المقاومة هو المسبِّب الرئيس لنجاحاتها المُتتالية، وحقّقت العديد من الضربات المهمّة للعدو، ففي شهر مايو من العام الجاري تمكَّنت المقاومة من إفشال مهمّة لاستخبارات العدو كانت تهدف إلى زرع جهاز تنصّت على شبكة اتصالات المقاومة ( وهي شبكة آمنة جاءت نتيجة لتجربة حزب الله في لبنان ونقلت للمقاومة في غزّة) للسيطرة المعلوماتية على اتصالات المقاومة، سعي العدو للتنصّت على اتصالات المقاومة هو محاولة لتجاوز فشله في عدوان 2014 في تقدير موقف وسلوك قيادة المقاومة في إدارة المواجهة معه.

كما نجحت المقاومة في تفكيك لُغز اغتيال الشهيد مازن فقها في مارس من العام الماضي، واعتقال الفاعلين في العملية في فترةٍ وجيزةٍ مقارنة بأدوات المقاومة المُحاصرة بالنسبة لأدوات العدو الصهيوني، أيضاً وجّهت العديد من الضربات الأمنية المُتلاحِقة لجهاز الشاباك عبر اكتشاف واعتقال عملائها المُخضرمين والمُتلقّين لتدريباتٍ أمنيةٍ دقيقةٍ في الأراضي المحتلة عام 48.

لم يتوقّف أداء استخبارات المقاومة على الجانب الوقائي فقط، بلا إن الاستخبارات الهجومية ظفرت بمعلوماتٍ حسّاسةٍ وبالغةِ الأهمية عن أنشطة العدو، باختراق مئات الهواتف النقّالة لجنود الاحتلال، وتُساهم استخبارات المقاومة في توجيه الوحدات القتالية بناء على مُعطياتها المعلوماتية في استهداف مواقع وتحصينات جيش الاحتلال بالصواريخ، وقد نفّذت العديد من العمليات الاستخبارية خلف خطوط العدو ربما لم يحن الوقت لكي تكشف عنها المقاومة.

قد لا تُبدي المقاومة كافة قدراتها الاستخبارية، وأنشطتها الهجومية ضدّ العدو الإسرائيلي، فصراع الأدمغة بينها وبين العدو على أشدّه، في ظلّ ما يمتلكه العدو من مُقدّرات وتكنولوجيا وتعاون استخباري مع العديد من الدول، كما لا يمكننا تجاهل بأن ما تحقّقه المقاومة بأدواتها لا يحدث تفوّقاً استراتيجياً على العدو، إلا أن المقاومة في معارك التحرير تراكم إنجازاتها.

لقد بنى العدو الصهيوني لنفسه في أذهان العالم العربي _ منذ اغتصاب أرض فلسطين _ صورة غير مسبوقة من القوّة والقدرة الأمنية، ما يدفع بعض المُهرولين العرب نحو التطبيع، إلا أن المقاومة ومحورها قد هشّمت صورته وأثبتت زيف ادعائه للحصانة الأمنية، ولربما كانت أبرز صوَر تآكلها تجنيد إيران وزير الطاقة الإسرائيلي فظفرت بمعلوماتٍ قيّمة عن المصالح الحيوية للعدو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى