احترموا آل المهدي.. بقلم محجوب عروة

السودان اليوم:

قد لا يعلم الإمام الصادق المهدي وأبناؤه وأسرته الممتدة وكيانه الأنصاري وقيادات وقواعد حزبه، أنَّ أحد أهم أسباب خلافي مع قيادات الحركة الإسلامية عقب الإنقاذ هو ما ناله منهم السيد الصادق المهدي من معاملة قاسية تجريحاً وهجوماً بالقول واعتقالاً متعسفاً في بيوت الأشباح وغيرها، لمجرد أنه لم يؤيد النظام الجديد وانتقاده له باللسان. كنت أقول وأجادلهم بأنه من غير اللائق تلك المعاملة له ولحزبه بل الأوفق هو احترامه والحوار معه، ليس فقط بحكم أنه رئيس وزراء سابق وزعيم سياسي سلبت منه السلطة غلاباً بل أهم من ذلك، أنه حفيد الإمام محمد أحمد المهدي الذي حرر السودان من الغاصب والظالم الأجنبي ووحد أطرافه وجدد الدين الذي تدعو إليه الحركة الإسلامية. بل أجادل بأنَّ آل المهدي وحزب الأمة وكيان الأنصار كانوا حماة للحركة الإسلامية وقياداتها عندما كانت ضعيفة في بداياتها فأين الوفاء؟ وحين يقال لي إنَّ السيد الصادق ينتقد النظام فأقول هذا شيئ طبيعي وهل تتوقعون منه أن يؤيد من سلب منه السلطة عبر صندوق الذخيرة بانقلاب عسكري وليس عبر صندوق الانتخابات. كما أنَّ السيد الصادق حتى ذلك الوقت لم يرفع سلاحاً بل يتحدث بلسانه، وأخشى إن استمر ذلك التعسف معه أن يتحول إلى حمل السلاح وقد حدث.
وإن أنسى لن أنسى تلك الحادثة المؤسفة التي تدل على قصر النظر في عام 1991، عندما كنت عضواً في المجلس الوطني وطلب مني بعض الإخوة أذكر منهم التجاني عبد القادر وحسن مكي والهاشمي الحامدي، أن أدعو السيد الصادق لتقديم محاضرة حول العالم الإسلامي وليس السودان، فذهبت إليه ووافق مشكوراً ولكن تم اعتقالي رغم حصانتي البرلمانية، ولم أتمكن من الذهاب للمحاضرة وعندما حضر السيد الصادق والمدعوون للقاعة منعت المحاضرة وتم اعتقال السيد الصادق.. حدث كل ذلك وكانت قيادة الحركة الإسلامية تعتقد خطأً أنني أصبحت من منسوبيه ولا يعلمون أنني رغم احترامي للصادق، كنت عندما ألتقيه في أي مناسبة أو في منتدى الصحافة والسياسة أختلف معه في بعض أطروحاته وبعض مواقفه السياسية، حتى داخل حزبه وأكون صريحاً معه ومنها انتقادي له في أحد مقالاتي لكيف قبل بإمامة الأنصار وهو منصب شمولي لا يتفق معه كرئيس حزب ديمقراطي. وللحق كان السيد الصادق يقبل النقد والملاحظات ويرد عليها بتواضع وأدب جم ولا يجرحك في الرد..
صحيح أنَّ السيد الصادق تأرجحت مواقفه السياسية وصار عدواً لدوداً ومنتقداً لنظام الإنقاذ لدرجة خروجه من البلاد وتحالفه مع قوى سياسية، ومنها حركات مسلحة وما كان ينبغي له أن يتحالف مع حاملي السلاح. ولكن عندما يقرر العودة لوطنه أليس من الحكمة وكياسة السياسة وتطابق القول بالفعل حين يعلن رأس الجمهورية ويكرر دعوته للحوار والتوافق الوطني ويردد قوله تعالى كما قرأ في مؤتمر الحركة الإسلامية قبل يومين: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35). أن تلتزم أية مؤسسة سياسية أو عدلية أو أمنية بذلك القول والموقف السليم من الرئيس؟ إلى متى نتصرف هكذا فنهدر الطاقات الوطنية؟.
ارحب بعودة الدكتورة مريم الصادق متمنيا أن تكون عودتها دفعا للتوافق الوطني والحوار الصادق والمنتج للاستقرار والسلام والحكم الرشيد والازدهار الاقتصادي.

محجوب عروة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى