اجراء عملية قلب مفتوح لرسول الاسلام-تفضل وأقرأ

بعد عودة حليمة السعدية بالرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى ديار بني سعد بأشهر، و كان عمره اذ ذاك أربعة أعوام ,بعث الله تعالى مَلَكين لشق صدره الشريف وتطهيره، فوجداه صلى الله عليه وسلم مع أخيه من الرضاع (إبن حليمة السعديه) خلف البيوت، فأضجعاه وشقا صدره الشريف وطهراه من حظ الشيطان.وكان ذلك الشق بدون مدية ولا آلة بل كان بحالة من خوارق العادة ، ثم أطبقاه، فذهب ذلك الأخ إلى أمه حليمة وأبلغها الخبر، فخرجت إليه هي وزوجها فوجداه صلى الله عليه وسلم منتقع اللون من آثار الروع ، فالتزمته حليمة والتزمه زوجها حتى ذهب عنه الروع ، فقص عليهما القصة كما أخبرهما أخوه. وقد أحدثت هذه الحادثة عند حليمة وزوجها خوفًا عليه، فعادت به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وأخبرتها الخبر، وتركته عندها مع ما كانت عليه من الحرص على بقائه معها.

عن عتبة بن عبدٍ السلمي أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟ قال: كانت حاضنتي (حليمة السعدية)من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا، ولم نأخذ معنا زاداً، فقلت: يا أخي، أذهب فأتنا بزاد من عند أمنا، فانطلق أخي ومكثت عند البهم، فأقبل طيران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هذا؟ قال: نعم.فاقبلا يبتدراني فأخضاني فبطحاني إلى القفا، فشقا بطني، ثم استخرجا قلبي، فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين، فقال أحدهما لصاحبه: ائتني بماء ثلج فغسلا به جوفي، ثم قال: ائتني بماء بردٍ فغسلا به قلبي، ثم قال: ائتني بالسكينة، فذرّاها على قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه، اجعله في كفه، واجعل الفاً من أمته في كفه، فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي، أشفق أن يخر عليّ بعضهم، فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم، ثم انطلقا وتركاني، وفرقت فرقاً شديداً، ثم انطلقت إلى قومى، فأخبرتهم بالذي لقيته، فأشفقوا عليّ أن يكون ألبس بي، قالوا: نعيذك بالله، فرحلت بعيراً لهم فجعلونى على الرحل، وركب أحدهم خلفي حتى بلغنا إلى أمي حليمه، فقالت: أو أديت أمانتي وذمتي، وحدثتها بالذي لقيتُ، فلم يرعها ذلك، فقالت: إني رأيت نوراً خرج منك ,فأضاءت منه قصور الشام. ولهذا الحديث شواهد الصحة والحسن.

عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان عندما كان فى الرابعة من عمره، فأخذه فصرعه، فشقّ عن قلبه، فاستخرج القلب،واستخرج منه علقه،فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمهُ ( أي ضمّ بعضه إلى بعض ) ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسمعون إلى أمه، فقالوا: إن محمداً قد قُتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.

قال السهيلي: الطست قد تكون من طسم، وهي من عبارات القرآن، وأما كونه من الذهب، فإنه أنقى، وأغلى، وأثقل، وأنفس، وأجمل، وأتوا بماء زمزم في بعض الروايات وفي رواية بثلج، فنضحا قلبه عليه الصلاة والسلام، وأخرجا علقة سوداء فرموا بها، وهذه العلقة توجد في كلّ واحد منا، وأما هو صلى الله عليه وسلم فأخرجها الله منه، وطهره ونقّاه، وهذه العلقة تمثل الحقد، والحسد، والغش، والخيانة، والشهوة، والشبهة،و الغدر, فخرجت منه فطهر قلبه. قال الملك للآخر: اغسل قلبه غسل الوعاء، وغسل بطنه غسل الملاء، والملاء هو الثوب، فنضحاه صلى الله عليه وسلم، ثم أخذا عرقاً عند كتفه فسلاه وأخرجاه.

قال السهيلي: هذا العرق ينزغ الشيطان منه، وهو مدخل الشهوة، وفي لفظ: إن الشيطان يجثم على قلب ابن آدم. والحديث أصله صحيح، ويُقال: يبقى الشيطان كالضفدع، فإذا سكت الإنسان عن الذّكر، وسوس، فإذا ذكر الله خنس، ولكن الله عصم رسوله من الشيطان، والشهوات، والشبهات، ومن الشرك كله. فصار طاهراً مهديًّا معصومًا محفوظًا بحفظ الله، فهنيئاً له.

وقد فسّر بعض أهل التفسير قوله – سبحانه – : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) [الشرح: 1] أي شقّه له ربه. والصحيح أنه شرحه ووسعه، فكان رحباً وسيعاً فسيحاً، أوسع من السموات والأرض لما فيه من الإيمان، والحكمة، واليقين، والنور.
ولقد خافت أمه حليمة بعدما علمت بهذه الحادثة، وقالت: والله، لا يبقى معي بعدها، أخاف عليه أن يُقتل أو يُغتال. فتتحمل المصيبة والدية والمسؤولية أمام الناس، وأمام العرب، فأخذته وعادت به إلى مكة وسلّمته إلى أمه آمنة، وأخبرتهم بالقصة، فقال عبد المطلب: لا، إن ابني هذا محفوظ، لا يأتيه بأس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى