اجابة سؤال ما تأثير المسلسلات الأجنبيه على الشباب

بريقٌ أخَّاذ طبع الكلمة والصُّورة الآتية من وراء البحار عبر مختلف وسائل الإعلام والاتِّصال، المقروءة والمسموعة والمرئية، أغلبها أجنبية وافدة من الغرب أو متأثِّرةً به، ولا ريْب أن تأثيرات هذه الوسائل قد ضربت الأخلاق والمبادئ الإسلاميَّة في الصَّميم، وأثَّرت على توجُّهات قطاع كبير من أبناء الأمَّة وبناتها فكريًا وسلوكيًا، ولعلَّنا لا نبالغ لو قُلنا: إنَّ الإعلام العربي سهَّل مهمَّة دُعاة الغرب وتلقَّف كل منتن منهم، ليروِّج له في أوساط مجتمعاتنا على أنه الطَّبيعي والعادي.

ذاك هو الإعلام وما يُقدِّمه من سمومٍ في شكلٍ يروق النَّاظرين، ولن نجانب الصَّواب لو قُلنا أيضًا: إنَّ المسلسلات المدبلجة هي من أخطر ما وفد إلينا عبر وسائل الإعلام.
وعلى هذا الأساس تتمحور إشكاليَّة هذه الدِّراسة المتواضعة حول تساؤلات جوهرية ومنهجية أهمّها:
– ما هي أهم القيم غير الإسلامية التي تمرَّر عبر المسلسلات المدبلجة؟
– كيف استطاعت هذه المسلسلات إبهار المشاهدين وكسب متابعتهم؟
– ما هي القنوات التي تبثُّ هذه السُّموم بشكلٍ أكبر؟
– كيف تؤثِّر المسلسلات المدبلجة على شخصيَّة ونفسيَّة المراهق الجزائري -خصوصًا- والذي يمثِّل صورة واقعية وعاكسة لبقيَّة الشَّباب في البلدان العربيَّة الأخرى؟
– وهل من حلول للحدِّ من هذا التَّأثير الهدَّام، بما في ذلك دور الإعلام الهادف في تغيير القيم السِّلبية التي تتركها هذه المسلسلات في عقول المشاهدين؟
وقد قسَّمتُ الدراسة إلى قسمين، قسم تنظيري وآخر تطبيقي، بحيث خصَّصت القسم الأوَّل للحديث عن أهم القيم الدَّخيلة التي تنطوي عليها هذه المسلسلات، ووسائل جلب الجمهور إليها، وقراءة في عناوين المسلسلات ثم اقترحت مجموعة من التوصيات القابلة للتنفيذ.
في حين أفردتُ القسم الثَّاني من الدِّراسة لعرض نتائج الاستبانات التي مُلئت من طرف (200) من تلاميذ المرحلة الثَّانوية بالجزائر، ثم قمتُ بالتَّعليق عليها.
وسأعرِض ما تقدَّم في أجزاء مقسَّمة حسب العناوين التي اخترتُ أن أضبط بها هذه الدِّراسة:
القسم التنظيري من الدراسة:
إنَّنا لا نختلف لو قُلنا أن الإعلام يقوم على خمسة ركائز، أولاها: المرسل، وثانيها: الرِّسالة الإعلامية، وثالثها: الوسيلة الإعلامية النَّاقلة للرِّسالة، ورابعها: المستقبِل وخامسها التَّأثير.
فماذا لو كانت الرِّسالة الإعلامية مجموعةٌ من الأفكار والقيم الدَّخيلة المستترة في مسلسلات قادمة من خارج حدودنا، لتلِج عقر ديارنا وتعشِّش تفاصيلها في عقول بناتنا وأبنائنا؟

لنقف بدءًا عند بعض المصطلحات التي ستتحَّكم في مسيرة هذا البحث، فأما التلفاز أو التلفزيون أو الرائي، فهو وسيلة من وسائل الإعلام والاتِّصال التي تعتمد على الصوت والصورة والحركة لنقلها إلى المشاهد.
بينما تُعرَّف القناة على أنها محطَّة بها مجموعة من التَّجهيزات وطاقم عامل بها، تعمل على بثِّ برامجها المختلفة عبر الهوائي إذا كانت قناة محليَّة، أو بوساطة الطَّبق اللاَّقط مرورًا عبر الأقمار الصِّناعية إذا كانت قناة فضائية، وتختلف القنوات التلفزية ما بين مفتوحة وأخرى مُشفَّرة، وما بين حكومية وأخرى خاصَّة.
في حين يُعرَّف المسلسل المدبلج إلى العربية على أنَّه كل مسلسل يقوم بتمثيله مجموعة من الممثِّلين غير العرب وبغير اللُّغة العربية، ويأتي من يُترجِم كلامهم صوتيًا حتى يُخيَّل للمُشاهِد أن الممثِّل الأصلي هو من يتحدَّث، وقد تكون الترجمة حرفية فقط بإدراج العبارة المناسبة للحديث مكتوبة في شريط أسفل الشَّاشة.
والرَّائج في المجتمعات العربية حاليًا هو وجود مسلسلات مدبلجة من تركيا والمكسيك والهند وكوريا وأمريكا، وأمَّا السَّائد في الدبلجة فهو استخدام اللَّهجة السُّورية خصوصًا.
أمَّا في ما يخصُّ الدِّراسة التَّطبيقية، فكانت العيِّنة المدروسة من فئة المراهقين، وليس من السَّهل تحديد فترة المراهقة عمليًا، نظرًا للصُّعوبة التي تُواجه المختصِّين في تحديد نهاية وبداية فترة الطُّفولة ومرحلة المراهقة، لأنَّ “التغيُّرات التي تحدُث فيهما تتمُّ في مُدَّة تتراوح ما بين تسع سنوات وعشر، ويختلف الأطفال فيما بينهم في السنِّ التي يبدؤون فيها الدُّخول في مرحلة المراهقة، كما يختلف البنون عن البنات، إذْ تسبِق البنات البنين بسنةٍ أو اثنتين”[1].
أوَّلًا: أهم القيم غير الإسلامية التي تُمرَّر عبر المسلسلات المدبلجة:
يُعدُّ التلفاز من أكثر الوسائل الإعلامية انتشارًا بين فئات المجتمع المختلفة، ومن أشدِّها تأثيرًا مقارنة بالوسائط الإعلامية الأخرى، فنجد هذا الجهاز يبثُّ الغثَّ والسَّمين، ويستقطب الصِّغار والشَّباب، الرِّجال والنِّساء، ولعلَّ المسلسلات المدبلجة قد أخذت نصيبًا مُعتبرًا من أوقات تتبُّع البرامج التلفزية، فنلفيها قد أثَّرت بطريقة سلبية على سلوك شبابنا وجعلته يتشرَّب قِيمًا دخيلة عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى