إلا ضحى الغد !.. بقلم الفاتح جبرا

السودان اليوم:

دريد بن الصمة فارس من فرسان العرب، عاش الجاهلية معظم حياته وأدرك الإسلام لكنه لم يسلم، حينما خرج لمحاربة المسلمين في حنين كان قد بلغ من العمر عتياً، وقد حمله جماعته معهم حملاً للاقتداء برأيه ومشورته في حربهم ضد المسلمين (خبير وطني يعني)، وقد ورد ذكره في كتاب الأغاني للأصفهاني ضمن شعراء النصرانية وأطال في ذكر مناقبه ورجاحة عقله.
كان لدريد أخ يدعى عبدلله (زول بتاع مشاكل ونهب وقلع) كثيراً ما حذره دريد قائلاً: (يوم ح تجيب لينا كفوة)، في أحد الأيام قام عبدالله بغزو قبيلة (غطفان) وساق أموالهم ومضى بها ولما ابتعد عنهم قليلاً قال لقومه:
– انزلوا بنا هنا في منعرج اللوى (وهي مكان زي لفة الكلاكلة مثلاً)..
– فقال له دريد: الجماعة ديل ح يجوا يحصلونا هسسه ناشدتك الله أن لا تنزل فإن غطفان ليست بغافلة عن أموالها (وما ح تخلي حقها).
فأبى عبدالله الا أن ينزل في ذلك المكان (راسو ناشفة وكده)، وبينما هما يتحدثان إذا بغبار قد ارتفع (والعجاجة قامت) فإذا هي غطفان قد لحقت بهم بمنعرج اللوى واقتتلوا، واستنقذ بنو غطفان أموالهم وقتل عبدالله شر قتلة رثاه بعدها دريد بمرثية عصماء مطلعها:
أرث جديد الحبل من أم معبد *** بعاقبة أو أخلفت كل موعد
وهي طويلة، ومنها:
نصحت لعارضٍ وأصحاب عارضٍ *** ورهط بني السوداء والقوم شهدي
أمـرتهم أمـري بمنعــرج الـلوى *** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
فلما عصوني كنت منهم وقد أرى *** غوايتهم أو أنني غير مهتد
وهل أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت، وإن ترشد غزية أرشد
و(غزية) هم قوم دريد، و(أم معبد) هي امرأة دريد، طلقها دريد لأنها لما رأته شديد الجزع و(خايف طوالي على أخوهو)، عاقبته على ذلك وصغرت من شأن أخيه وسبته.
وقال دريد شعراً كثيراً في رثاء أخيه ومن أجمل قاله في رثاء في أخيه (عبدالله بن الصمة) هذه القصيد:
فإن يك عبدالله خلى مكانه *** فما كان وقافاً ولا طائش اليد
كميش الإزار خارج نصف ساقه *** بعيد عن الآفات طلاع أنجد
قليل التشكي للمصيبات حافظ *** من اليوم أعقاب الأحاديث في غدٍ
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه *** فلما علاه قال للباطل أبعد
دعاني أخي والخيل بيني وبينه *** فلما دعاني لم يجدني بقُعدد
والقعدد هو المتخلف عن القتال لخوفه وضعفه (والمعنى واضح!) وقد قال دريد القصيدة أعلاه بعد أن ضعفت علاقته بزوجته (أم معبد) التي كانت تعاتبه على استمراره في رثاء أخيه عبدالله فطلقها واستمر في رثاء أخيه في أجمل القصائد وعرفت من جيد المراثي عند الشعراء.
قالت امرأة دريد له يوماً: لقد أسننت وضعف جسمك وقتل أهلك، وفني شبابك، ولا مال لك ولا عدة فعلى أي شيء تعول إن طال بك العمر وعلى أي شيء يخلف أهلك إن قتلت فقالت دريد:
أعاذل إنما أفنى شبابي
ركوبي في الصريخ إلى المنادي
ويبقى بعد حلم القوم حلمي
ويغني قبل زاد القوم زادي
مع الفتيان حتى كل جسمي
وأقرح عاتقي حمل النجاد
أعاذل ما يدريك أن منيتي
إلى ساعةٍ في اليوم أو في ضحى الغد
وحكينا القصة الطويلة دي ليه؟ عشان نقول إنو عدم الأخذ بالنصح سفاهة ومن لا يتخذ له بطانة صالحة ترشده وتنصحه وتقدم له المشورة، فإنه سوف ينفرد برأيه أو من هم حوله الذين يجاملونه ولا يعترضون عليه حتى وإن كان ذلك الرأي (ح يودي الناس في ستين داهية)!
كسرة:
أعتقد أننا (لا) نسير في الاتجاه الصحيح! يبدو أن القوم لن يستبينوا النصح إلا ضحى الغد..
تنبيه: يوجد (واو) جديد
كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 104 واو – (ليها ثماني سنين وتمانية شهور)..
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 63 واو (ليها خمس سنين وتلاتة شهور).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى