إدريس سليماننرحب بعودة الصادق ولا نريد اية اوضاع استثنائية في البلد

السودان اليوم:
كشف وزير التعاون الدولي السابق ادريس سليمان في حوار موسع أجرته معه (الإنتباهة) عن وجود تقاطعات بين عدد من الوزارات والولايات والإدارات المختلفة على مستويات الحكم أثرت في الأداء العام، وقال إن وزارة التعاون الدولي كان لديها تقاطعات مع عدة وزارات مثل الخارجية، المالية، الضمان الاجتماعي، وأضاف ان هناك تنازعاً في كثير من الملفات. وفي منحى آخر قال إن السودان من ناحية فنية مستحق لاعفاء الديون وهو من ضمن الـ ( 38) دولة المستحقة للاعفاء، مشيراً إلى اعفاء (36) دولة من هذه الـ (38)، والباقي فقط دولتان هما السودان والصومال، مؤكداً أن عدم إعفاء السودان جاء لاسباب سياسية ووجود السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب، وأضاف الوزير قائلاً: (مازلنا في السودان لدينا هدر حتى في مواردنا المحلية وليس ما ياتي من الخارج فقط، وأن البلد لا تنقصها الموارد فقط تنقصها الادارة والتخطيط)، وزاد قائلاً: (هناك سوء الادارة وغياب الارادة السياسية)… وانتقد الصرف على الدورة المدرسية، وأكد أنها عمل جميل لكنها ليست اولوية، والاولوية بالنسبة له في دارفور ان يدخل اي طفل سوداني المدرسة… كل ذلك وقضايا أخرى في هذا الحوار، فإلى التفاصيل:
> من هنا يمكن ان نقول انه كان هناك صراع بينكم وبين الوزارات التي ذكرتها؟
< نعم كان هناك صراع.
> فيم تمثل هذا الصراع؟
< مثلاً اللجان الوزارية كانت فيها مشكلة، والعون الإنساني كان يعاني من مشكلات.
> كيف تم حسم هذه الصراع؟
< حاولنا عمل استراتيجية وطنية للتعاون الدولي، واحضرنا كل اخواننا في هذه الوزارات والمسؤولين واتفقنا عليها.
> ماه و ملخص هذه الاستراتيجية؟
< الاستراتيجية ملخصها ان التعاون الدولي كله يجب ان تكون حوكمته واحدة، على مستوى التنفيذ الفني.. نعم الوزارة المعنية او الولاية المعنية التي يتم بواسطتها التنفيذ هي معنية بالملف من ناحية فنية… مثلاً منظمة الصحة العالمية على مستوى الحوكمة تابعة لوزارة التعاون الدولي، وهي من توقع معها الاتفاقيات الكبرى بالتشاور مع الوزارة الفنية) (الصحة)، ونوقع مع المنظمة الاتفاقية الاطارية، وبعدها المتابعة من نصيب التعاون الدولي، وتنفيذها على المستوى الفني معنية به الوزارة المعنية… وتوافقنا مع كل هذه الوزارات على هذه الاستراتيجية، وكنا ننتظر تنفيذ هذه الاستراتيجية لكن الآن الامور اصبحت كلها معلقة.
> ماذا عن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية؟
< الانضمام للمنظمة ليس نزهة، ولكن تترتب عليه التزامات محددة في التفاوض بأسس معينة حتى نضمن مصالح السودان الكلية، وحتى نطالب بفترة سماح لأن الانضمام يعني تثبيتاً جمركياً ونظاماً ضريبياً محدداً، والنظام التجاري لا بد ان يكون محدداً.. مراعاة الملكية الفكرية محددة وهكذا … صحيح انها تفتح اسواقاً ضخمة لأن 98% من التجارة العالمية والدول التي تدير التجارة العالمية منضوية تحت لواء هذه المنظمة، فهي تفتح آفاقاً كبرى، لكن في ذات الوقت تفتح بلدك للآخرين ويصبح السوق السوداني مفتوحاً، والانضمام فيه فوائد وفيه سلبيات، وهي محاولة زيادة المكاسب والحد من الخسائر.
> ما هي المشكلة الاساسية التي منعت السودان من الانضمام؟
< لا يوجد ما يمنع، والسودان فقط عليه تنظيم قوانين التجارة وتحسين اداء القطاع الصناعي لينافس وتهيئة نفسه في مجالات حقوق الملكية الفكرية، وغيرها من الترتيبات واستمرارية التفاوض.
> في آخر جولة في بوينس إيرس السنة الماضية كان متوقعاً انضمام السودان لمنظمة التجارة الدولية.. ماذا حدث؟
< في آخر جولة كان متوقعاً ان تطرح فيها عضوية السودان، وحدث ان الجولة كلها فشلت، فانفضوا على امل ان يلتقوا مرة اخرى لمواصلة النقاش.
> هل الجولة سنوية؟
< لا تقريباً كل سنتين.
> معنى هذا انه لم يكن هناك اي عائق لانضمام السودان للمنظمة؟
< لم يكن هناك اي عائق.. وهناك مزيد من العمل الداخلي وتوجهات يقوم بها السودان، والعائق الوحيد كان يمكن ان يكون شروط الانضمام، لان هناك تفاوضاً وجولات للوصول لصيغة انضمام مريحة بافضل شروط.
> كوزير سابق في مجال اقتصادي وكمهتم.. كيف ترى التجنيب وتنظر اليه؟
< لن يكون هناك اقتصاد وطني مع وجود التجنيب، وهذه مشكلة الاقتصاد السوداني، فهو يعاني من مشكلات كلية، لكن يعاني من مشكلتين اساسيتين اولاهما ان الاقتصاد معظمه موازٍ، وقد كانت هناك ظروف، اما الآن فالظروف يفترض ان تكون انتهت وبعدها يرجع الاقتصاد كله للمجرى الاساسي، حتى نستفيد كلنا كشعب بحيث لا يكون محدوداً يزيد الاغنياء غنى ويزيد الفقراء فقراً .. مثلا المصارف لماذا لا تعمل؟ اكيد لديها اشكالياتها، لكن من مشكلاتها ان كل الكتلة النقدية موجودة في المنازل خارج النظام المصرفي.
> هذا تم اخيراً طبعا بعد مشكلات السيولة؟
< لا لا.. عندما حدثت المشكلات أخيراً، وكانت 83% من الكتلة النقدية خارج البنوك.. ولما حدثت المشكلة خرج الباقي.. اي الآن 90% من الكتلة النقدية خارج المصارف، لكن حتى قبل ان تحدث مشكلات في البنوك وقبل نقص النقد كانت 83% من الكتلة النقدية خارج المصارف، والدولار كله كان خارج المصارف.
> لماذا؟ هل هي عدم ثقة في النظام المصرفي؟
< ليس عدم ثقة، لكن هناك مجموعات ترتاح لوجود اموالها تحت ايديها وتتصرف فيها كما تريد ، وكلها لا تدور في الانتاج بل في اشياء سريعة الارباح، ولو لم تكسر هذه الحلقة ويصبح الانتاج متقدماً لن ينصلح الاقتصاد، ولو لم تتغير القاعدة التي يقوم عليها الاقتصاد السوداني كله واصبح المنتج يربح اكثر ممن يتاجر في الدولار، اذا لم يحدث ذلك، سيظل الاقتصاد ضعيفاً وشائكاً وكله يدور حول حلقة مفرغة، والسودان به سيولة واموال ضخمة جداً، وبعد المقاطعات وعدم التحويل خرجت (2000) شركة من السودان وتم تسجيلها في دبي. ولو افترضنا ان كل شركة لديها عشرة ملايين دولار فهذا يعني ان لدينا في دبي وحدها عشرين بليون دولار.
> وحالياً؟
< هذا كله اقتصاد سوداني ضخم جداً لو وجه توجيهاً سليماً ووجد بيئة مواتية ومحسنة، لاستفادت البلد كلها وتحسن الاقتصاد واستقام عوده. والمشكلة الثانية بالنسبة للاقتصاد الوطني هي عدم الحوكمة.. والحكومة ذاتها اياً كانت اموالها اذا كانت محدودة او غيرها فهي غير محوكمة، فكيف ندير بلداً بهذه الصورة؟
> في رأيك كيف تحل المشكلة.. وهل مشكلة الاقتصاد السوداني وصلت مرحلة اعيت كل الاقتصاديين والخبراء؟
< المشكلة لا تحتاج الى خبرة، الخبراء قالوا قولهم وهناك قرارات، مثلاً في الميزانية السابقة من اهم قراراتها وتوصياتها التي بصمنا عليها كمجلس وزراء سيادة وزارة المالية على المال العام لكن لم تطبق، ما ونحتاجه ارادة سياسية وارادة تنفيذ، وفي السودان ليست لدينا مشكلة موارد، فقط هناك سوء ادارة.
> هل المواطن فقد ثقته في النظام المصرفي السوداني؟
< النظام المصرفي السوداني من احسن النظم، وكثير من الخبراء في كثير من دول العالم من المصرفيين السودانيين، ولا يوجد مصرف او بنك اخذ اموال احد، فهي ملكك وقتما احتجتها أخذتها.
> وماذا عما يدور الآن؟
< نعم في مثل هذه الايام يمكن ان تحدث المشكلات ويتولد عدم الثقة.
> ماذا عن قانون الانتخابات الذي تمت اجازته من قبل البرلمان؟
< بالاجازة هذه المؤتمر الوطني خرق تعهداً اساسياً، وهو انه لن يجاز القانون الا بتوافق سياسي.. ونريد انشاء قواعد لادارة الانتخابات القادمة في عام 2020م، ولا بد من الاتفاق عليها من الجميع، ولا يستطيع حزب ان يفرضها على الآخرين، ولا بد ان نتوافق عليها جميعاً ولا بد من الشفافية، وهذا هو الحوار الوطني.. وحكومة التوافق الوطني.. والحوار الوطني تم بالتوافق.. والتوصيات تمت بالتوافق وتطبيقها لا بد أن يكون بالتوافق.. ومن اهم الاشياء التي نطبق عليها مسألة التوافق قانون الانتخابات. وكان يمكن بقليل من الصبر على بعضنا ان نصل الى توافق كامل. لأن هذا القانون ما لم يتم التوافق عليه لن يخدم غرضاً وسيظل السودان في الدائرة المفرغة، عدم استقرار سياسي، صراع سياسي، ونزاع سياسي احياناً يؤدي الى نزاع مسلح، والاحزاب المحاورة كانت معقولة جداً وتوافقت على تسعة عشر تعديلاً في قانون الانتخابات.
> تم قبول تعديل سبع عشرة نقطة ولم يتبق الا نقطتان.. اعتقد ان ذلك كثير ومرضٍ؟
< لم يتم تعديل (17) نقطة، لكن بعد التحاور مع المؤتمر الوطني كان الاصرار على خمس نقاط فقط من التسع عشرة، وكنا مصرين على خمس فقط ، وبدأ التوافق على هذه النقاط الخمس، ولكن للاسف الشديد استعجل المؤتمر الوطني.
> كيف يكون هناك استعجال وهذه النقاط قاربت على الشهر تقريبا (25) يوماً؟ الا يعتبر هذا زمناً كافيا؟
< لو جمعنا كل الايام التي تفاوضنا فيها فإنها لا تزيد عن خمسة او سبعة ايام، والحوار الجاد حول نقاط الخلاف لم يزد عن ثلاثة ايام، وتم اتخاذ خطوات (كويسة) لا بأس بها، وكان ممكن ان تقود في النهاية لتوافق كامل حول القانون، وكان مطلوباً يوماً او يومين، لكن تم حسم المسألة بالاغلبية الميكانيكية.
> كيف يتم التوافق الكامل في رأيك؟
< ان يستمر الحوار لنصل لتوافق كامل لهذا القانون، وليس قوى الحوار الوطني فقط بل حتى قوى المعارضة ينبغي ان يطرح عليها هذا القانون، ويمكن من خلال اخذ رأيها في هذا القانون ان نجذبها لانتخابات 2020م، وبالتالي حل مشكلة البلد ونقلها لتداول سلمي للسلطة.
> بما انك ترى ان هناك استعجالاً في حسم قانون الانتخابات.. ففي رأيك ما هو الهدف؟
< هناك عنجهية من بعض الافراد في المؤتمر الوطني، ويرون ان الآخرين لا يستحقون كثير كلام، وليس هناك سبب ولا يوجد فرق بين ان تؤجل قضية يومين وتحصل فيها على تراضٍ كامل، وبين ان تحسمها وحدك وتحدث فيها مشكلة كبيرة.
> اهم نقاط الخلاف؟
< اولاً انتخاب الوالي ما بين التعيين والانتخاب، وقد حدث توافق على انتخاب الوالي، لكن في الصياغة تم ادخال عزل الوالي من قبل المجلس التشريعي، وهذه لم يتم التشاور حولها. وثانياً المغتربون تصويتهم فقط لرئيس الجمهورية، ونحن اعترضنا وقلنا يصوتون لرئيس الجمهورية ولكل في الدوائر النسبية، وحدث في ذلك اتفاق.. وثالثاً مسألة المستقلين، فقد اصبحوا ظاهرة مهمة جداً، وفي البرلمان الماضي المستقلون كانوا (36) عضواً، واغلب الشعب لا يرتضون الاحزاب ويعتبرون تمثيلهم من خلال المستقلين، فلماذا لا يسمح لهم بالتكتل مع الاحزاب؟ لم يذكروا ابداً لا بحق ولا باطل في هذا القانون… رابعاً ايام الانتخاب، فمخرجات الحوار الوطني تقول يوم واحد لا يمكن من ذلك، واصبح الخلاف حول يوم او اكثر. وخامساً السجل الانتخابي، هل نعمل سجلاً انتخابياً ام لا؟ واذا عملناه ماهي قاعدته ؟ المؤتمر الوطني مصر على الرقم الوطني فقط..
> ماذا بعد رفضكم كمؤتمر شعبي هذا القانون؟
< سنجتمع مع كل شركائنا للتداول حول ما حدث.
> من هم شركاؤكم؟
< هم الاربعة وثلاثون حزباً الذين خرجوا من جلسة البرلمان لبلورة رؤية واحدة لنذهب بها للمؤتمر الوطني، ومازلنا في التفاوض مع المؤتمر الوطني تمهيداً لـ 2020م ولا بد من تحقيق كل متطلباتها.. اليس من الصعوبة ان يتوافق الكل حول قضية ما؟ لا بد من وجود اختلاف؟
اذا وجد نشاو فهذا شيء آخر.. لكن في هذه الحالة لا تسمى نشاز فالاغلبية رفضته، وحتى المفوضية لا بد ان يكون عليها توافق، واهم ما يمكن ان تتقدم كل هذه الاشياء هي الحريات، ولا بد ان تتيح القوانين قدراً من تمكيننا من اجراء انتخابات حرة ومنافسة حرة، ولا بد ايضاً من السعي في هذه الفترة من أجل تحقيق الوئام والوفاق والسلام خلال هذه السنة في كل ارجاء السودان.. والآن هناك وقف للحرب فلا بد من تطور ذلك لاتفاقيات سلام مع الجميع.
> هل ترى ان المتاح من الحريات كافٍ؟
< تحقق قدر من الحريات والحمد لله، ولا يوجد اعتقال حالياً، وايقاف الصحف قل شيئاً ما، وحرية الحديث توسعت نوعاً ما لكن مازالت غير كافية وغير مؤمن عليها بالقوانين، ولا بد من تثبيت الحريات وجعلها حقوقاً حتى لا تكون منحة ويمكن سلبها في اية لحظة، ولا بد من حرية التعبير.
> ماذا عن عودة الصادق المهدي؟
< نرحب بعودة الصادق ولا نريد اية اوضاع استثنائية في البلد.. ونرحب بعودة كل المعارضين بالخارج، ونعتقد ان المعارضة من داخل البلد افضل للبلد وللاحزاب وللحكومة، لأن المعارضة في الخارج تعني ان تكون متاحاً للآخرين للتأثير والاغراء وادخال اجندتهم ضد البلاد.
> البشير شخصياً رحب بعودة الصادق، لكن يبدو ان الامور الاخيرة وامر القبض حدثت بعد اتفاقه مع بعض الحركات المسلحة؟
< لا بد من تشجيعه في تفاوضه مع الحركات المسلحة، ونحن نريد من هذه الحركات المسلحة أن تأتي بنفسها ونتفاوض معها ونقنعها بترك السلاح والوصول لحلول سلمية بكل هداوة، لأنه بالسلاح لن نصل لحل، لذلك لا بد من وضع السلاح ارضاً ونتحاور كابناء وطن ونصل لكلمة سواء، وحتى الاقتصاد كان يمكن ان يتطور وينمو لو وضعت الحركات السلاح، لأن ما يصرف على القوات المسلحة وعلى التسليح كان يمكن ان يطور الاقتصاد ويصرف على التنمية.
> دعنا ندلف قليلاً الى المؤتمر الشعبي وما يثار حول ضعفه بعد الترابي وانه تضعضع كثيراً؟
< الترابي شخصية فذة وعبقرية قل ان يجود بمثلها الزمان، وربما نحتاج الى (500) سنة ليأتي من هو مثله، واوضاعنا في الشعبي بخير ونعمل في كافة الجبهات التي تفيد البلاد. وكل ما نقوم به يعتبر خيراً وبركة، فقد اجتهدنا مع الحركات المسلحة من أجل ان تجلس للمفاوضات والسلام.. ولدينا مساعٍ كثيرة في جبهات عدة نعتقد انها تقود في النهاية لمصلحة البلاد.. وفي الاقتصاد الآن ندلي بدلونا ليس في اطار الانتقاد فقط بل نقدم حلولاً، ولا نرمي الكلام على عواهنه لمجرد احراز نقاط ضد آخرين، لكن نقدم تصوراً ومنهجاً كاملاً بغض النظر عن الاخذ به ام لا.
> البعض يلاحظ وجود تقارب بين الشعبي والوطني اكثر من الاحزاب الاخرى؟
< تقاربنا مع الجميع وليس لدينا ود خاص مع جهة دون الاخرى، وحتى المعارضة متواصلون معهم وفق رؤية معينة وليست (مطايبات) فقط.. ونستمع للجميع، وما لا يدرك كله لا يترك جله، ونحافظ على شعرة معاوية التي يمكن أن تربطنا مع الجميع من أجل الوطن.

الانتباهة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى