أهل المعارضة مرة أخرى

بقلم : محمد عتيق

المتأمل في الحالة السياسة السودانية يلاحظ ان تحركات ومواقف قوي المعارضة – في اغلبها – هي اما :

ردود افعال علي افعال الحكومة وحزبها الحاكم ، مثلاً الحكومة تعلن عن انتخابات فتهرول احزاب المعارضة بالتعليق قولاً – بالاتفاق والاختلاف ، جزئياً او كلياً ..

او انها تنهش في بعضها وتتحارب اكثر من حربها وعملها ضد النظام : فئة منها تعلن ان التفاوض بشروط واضحة ومحددة مع النظام هو من وسائل تفكيكه فتهيج عليها فئة اخري متهمة إياها انها تريد مصالحة النظام و (ترتيقه) ، معارض بارز وكبير أقام خارج البلاد اضطراراً وقرر العودة فيقوم بعض من صقور النظام بفتح البلاغات باتهامات كبيرة ضده ، فينبري بعض الاحزاب والأفراد ، وفي تناغم مع صقور النظام (حتي وان لم يكن تناغماً مقصوداً او متطابقاً) تقوم بإطلاق الاتهامات وحملات التشكيك علي الرجل بانه عائد لإجراء تسوية تلحقه بالحكومة .. قوي المعارضة في خندقيها (نداء السودان وقوي الاجماع) لماذا لا تتنادي الي تنظيم لقاءات موسعة بينها لمناقشة كيف تمسك بزمام الفعل في يديها بديلاً عن وضعها الحالي في خانة رد الفعل ؟؟ فمثلاً ، ومن الواقع الراهن ، يمكن لقوي المعارضة في الكتلتين ان تجتمع لمناقشة بند واحد هو عودة السيد الصادق وكيفية استثمارها بما يفيد قضيتهم اجمعين في مواجهة النظام ، وبما يسهم في ، ويعزز من ، صمود السيد الصادق امام الحزب الحاكم وبلاغاته ضده (فهو علي الأقل زميلهم في المعارضة حتي الان واسم كبير محلياً ودولياً لا يجوز تركه للنظام ينفرد به) .. واشكال البرامج والمواقف في ذلك كثيرة لن يصعب علي قيادات المعارضة ان تبتكرها وتبتدرها اذا ارادت ذلك ..

من ناحية اخري ، بلادنا تذخر بالمستنيرين من الكتاب والمثقفين والناشطين المستقلين – نساءاً ورجالاً – ومن المؤكد ان عددهم أضعاف أقرانهم من الحزبيين في مختلف احزاب المعارضة السياسية ، فإذا كانت الاحزاب تستمع الي عضويتها من هؤلاء المستنيرين فمن الذي يستمع للمستقلين منهم ؟؟ انهم طاقة فكرية وذهنية ضخمة لمصلحة شعب السودان ولكنها مهدرة .. يمكن لاحزاب المعارضة في الكتلتين ، بل يجب عليهم ، فرادي وجماعات ، ان تستمع اليهم ولأفكارهم ومقترحاتهم بصيغ مبتكرة ، واجزم انها واجدة فيها ما يفيدها في برامج عملها ونشاطاتها ومبادراتها ، فلماذا نهدر مثل هذه الثروة الوطنية الاساسية ؟؟ الطاقات الفكرية من اهم الأعمدة في نهوض الامم .. اذ لماذا نتفق جميعنا علي أهمية وأولوية التعليم مثلاً ؟ لانه ببساطة ينبوع الطاقات الذهنية والفكرية التي تبني الأوطان وتصنع التقدم .. هنا اذكر مثلاً واحداً من أمثلة كثيرة في هذا الباب :

الكاتب الاستاذ مهدي زين ( لم أتشرف بمعرفته او لقائه ) طرح مقترحاً قبل اكثر من شهر اسماه (مذكرة الرحيل) ، قال في مقدمتها انها نتاج عصف ذهني مع بعض أصدقائه وزملائه ممن يشاركونه الهم الوطني .. ملخص المقترح ان تقوم لجنة من الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الفئوية والشبابية ‏بكتابة مذكرة تحتوي فقط علي عشرة بنود من إخفاقات النظام وتطالبه بالرحيل ، يتم نشر المذكرة بحيث يعلم بها كل الشعب ، وفي موعد واحد يخرج الشعب داخل وخارج القطر في مسيرة يتقدمها اساتذة الجامعات والمحامون ورؤساء الاحزاب لتسليم المذكرة (مذكرة الرحيل) لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وقائد عام الجيش وولاة الولايات في عواصم ولاياتهم وسفراء السودان في الدول التي تسمح قوانينها بمثل تلك المسيرات السلمية .. واختتم المقترح بقوله : (… نطرحها اليوم لنلقي بها في بركة الحلول الراكدة ، ونأمل ان تنال حظها من النقاش والحوار ، ثم السير بها قدماً لخلاص الوطن من الشرور المحدقة به ، وعلي الله قصد السبيل ..) .. الفكرة تأتي بالفكرة .. للأسف لم اجد ما يفيد بان حزباً اوتنظيماً من المعنيين بالمقترح قد ناقشه مجرد نقاش ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى