أنواع الكُسوف

كسوف الشمس

كسوف الشّمس هي ظاهرة كونيّة طبيعيّة تحدث خلال ساعات النّهار عندما يكون القمر واقعاً بين الشمس والأرض، بحيث تكون الشمس والقمر والأرض على خط واحد واستقامة واحدة، ويحدث ذلك دائماً عند نهاية الشهر القمري، لأنَّ القمر يجبُ أن يكون في مرحلة “المحاق” (أي يكُون دائرة مُظلمةً تماماً، وهو عكسُ البدر الذي يكون قمراً مُكتملاً)، فهنا يحجب القمر جزءاً من الشمس وأشّعتها عن مناطق مُحدّدة من الأرض أثناء عُبوره في مداره الطبيعي، وبذلك يفرض ظلّه وظلامه على الأرض، وفي هذه الحالة يُسمّى الكسوف كسوفاً جزئيّاً. أمّا الكسوف الكليّ للشمس فيحدث عندما يحجب القمر الشّمس كلّها ويكون أقرب للأرض.[١] كسوف الشّمس يستغرق عدّة ساعات في أوضاعه العاديّة، وقد تحدث حالات الكسوف هذه خمس مرّات في السنة في أقصى حالاتها، لكن معظمها تكون كسوفات جزئيّة.[٢]

تعريفُ الكسوف

في علم الفلك يُمكن القول عن أيّ عُبورٍ لجسمٍ في السّماء أمام جُرمٍ سماوي آخر إنَّه “كسوف”، فلو مرّ أحد الكواكب أمام الشمس وحجب جُزءاً من ضوئها فذلك كُسوف، ولو مرّ كوكبٌ أمام نجم وحجبه فذلك أيضاً كُسوف، لكن مثل هذه الأحداث نادرة جداً، ومُعظمها لا يُمكن أن تُرى إلا بأدواتٍ فلكية مُتطوّرة جداً، ولذلك فإن المألوف لعامة الناس هو كسوف الشمس والقمر فقط، أو ما يُعرَف بالكسوف (عند مُرور القمر أمام الشمس بالنسبة لراصدٍ على الأرض) والخسوف (عند مُرور الأرض أمام الشمس بالنسبة لراصدٍ على القمر).[٢]

سببُ حدوث الكسوف

في الحقيقة لا يُمكن لظاهرة الكسوف أن تقع بشكلها هذا إلا لوُجود صُدفة استثنائية جداً، وهي تكمنُ أنَّ حجم الشمس والقمر يبدوان مُتساويين تقريباً من سماء الأرض. والحقيقة أنّ الشمس أكبرُ بعشرات آلاف المرات من القمر، ولكنّها أبعدُ عن الأرض بكثير، وبالتالي يشغلُ الاثنان المساحة نفسها من السّماء (ظاهرياً). ولم تكُن هذه الحال دائماً، فالقمر يبتعدُ عن الأرض باستمرارٍ وبمُعدّل أربعة سنتيمترات في كلّ عام، ولكنه الآن على المسافة المثالية من الأرض التي تجعلُ قطره في السّماء حوالي نصف درجة، حيث تنقسمُ السماء إلى 3655 درجة تُقاس بها المسافات الفلكية، وقُطر الشمس مُتطابقٌ معه تقريباً.[٢]

الكسوف بالنّسبة للإنسان الراصد

والكُسوف بطبيعته حدثٌ ظاهريّ، فعندما يحدثُ الكسوف يكون على كوكب الأرض فقط، بل وعلى جُزء صغير من الأرض نفسها، وهو لا يُؤثر في أيّ جسمٍ آخر في الفضاء، فلا يُمكن لراصدٍ على المشتري أو زحل مُلاحظة كسوفٍ على الأرض. والسَّببُ في ذلك أن الكسوف عملياً يحدثُ عندما يسقطُ ظلُّ القمر على الأرض. وبما أنَّ القمر ليس جسماً كبيراً، وبسبب المسافات الشاسعة في الفضاء، فإنَّ ظلَّه لا يبدو ضخماً جداً. وبالتالي عندما يحدثُ الكسوف فإنَّه يحدثُ على بُقعة صغيرة من سطح الأرض فقط في كلِّ لحظة، ولكن مع دوران الأرض حول نفسها تنزاحُ هذه البقعة قليلاً، ولذا يُمكن أن تحصل عدّة بلدان أو قارات على الفُرصة لمشاهدته. في العادة لا يُمكن رؤية الكسوف الأساسيّ – في اللحظة نفسها – إلا من دائرة قُطرها 150 كيلومتراً تقريباً من سطح الأرض.[٣]
وعندما يقعُ ظلّ القمر على الأرض في خلال الكُسوف، يتكوّنُ من جزأين: أحدهما يكونُ دائرة مُظلمة تماماً، وهي البُقعة التي يقع عليها الظلّ المُباشر للقمر، والأخرى تكونُ نصف مُظلمة. وتشهدُ البقعة الغارقةُ في الظلام ظاهرة كسوفٍ كلي، حيث يكونُ قرص الشمس محجوباً بالكامل عن أيّ شخصٍ يقفُ على الأرض. وفي مُعظم الأحوال يشهدُ جزء ما من الأرض كسوفاً كلياً، لكنه قد يكونُ بكامله في مياه البحر، لأنَّ قُطر دائرة الكسوف الكلي لا يتعدّى مئة وخمسين كيلومتراً، وبالتالي لن يستطيع أحدٌ مشاهدته. وفي أحيانٍ أخرى لا يشهدُ أي جُزء من الأرض سوى كسوف جزئي، ويقعُ الكسوف الجزئي في دائرة أكبر بكثير يُغطّيها ظلّ القمر غير المُباشر، حيث يحجب القمر جُزءاً مُعيّناً مع أشعّة الشمس فحسب، وليس كُلّها، ولذا يبدو وكأنَّه يُغطّي الأرض بظلِّ خفيف.[٣]

كيفيّة مُشاهدة الكسوف بأمان

إنّ النظر إلى الشّمس في حالات الكسوف خطرٌ جداً، إلّا في حالة استخدام نظّارات خاصّة للشمس. والسَّببُ في ذلك ليس لأن النظر للشمس يصبح أكثر خطورة خلال الكسوف، بل لأن إمعان النظر في أشعتها خطر دائماً، فالنظرُ للشمس في أيّ وقتٍ من العام يُمكن أن يُصيب العين بالتَّلف، ويُخلّف عمى مُؤقتاً أو دائماً. ولكن التحذيرات تزدادُ عند حدوث الكسوف بسبب رغبة الناس (وخُصوصاً الأطفال) بالنظر والمُشاهدة، وبالتالي هناك تخوُّفٌ من قيامهم بذلك دون اتخاذ إجراءات الأمان الكافية.
ويُمكن النظر للشمس بأمانٍ تامٍّ أثناء الكُسوف بمُجرّد الاستعانة بنظّارات خاصّة تُسمّى “نظارات الكسوف”، وهي مُصمَّمة خصِّيصاً للنظر إلى الشمس، ولا يجبُ استعمال النظارات الشمسية العاديّة أبداً لأنَّها ليست قويَّة مثل نظارات الكُسوف. وعند إشراف هيئة فلكيّة أو مُختصّين على مُشاهدة الكسوف وإعطائهم التعليمات فعادةً ما تكونُ خطورته شبه معدومة.[٤]

مقالات ذات صلة

أنواع الكُسوف

للكُسوف عِدّة أنواعٍ تعتمدُ على موقع الراصد على الأرض وعلى الطبيعة الفلكيّة للشمس والقمر، وفيما يلي أهمُّها:[٥]

الكسوف الجزئيّ

عندما تقعُ الأرض والشمس والقمر على خطٍّ مُستقيم يحجبُ ظلّ القمر ضوء الشمس عن الأرض، لكن ظلَّ القمر أصغرُ بكثير من أن يُغطّي الأرض كُلّها، ولذلك ما يحدثُ بالنّسبة لمُعظم الناس على الأرض أنَّهم يقعُون في ظلّ القمر الجُزئي، حيث لا يستطيع القمر أن يحجبَ سوى جُزء صغير من أشعّة الشمس عنهم. وهذا يُسمّى بالكسوف الجزئي، وقد يحجبُ الكسوف الجزئي ربع قُرص الشمس، أو نصفه، أو أيّ جُزءٍ منه أقلّ من الكامل، وقد يستمرُّ لعدة ساعات.

الكسوف الكليّ

في البُقعة الصغيرة من سطح الأرض التي تقعُ بظلّ القمر الكامل يحدث الكسوف الكلي. خلال هذا الكسوف يمرُّ قرص القمر تماماً أمام قُرص الشمس، وعندها ستُظلم السماء كُلّها كما لو كان الوقتُ ليلاً، وستظهرُ للعيان الهالة الشمسية، وهي الغلاف الجويّ الخارجي للشمس. يدومُ هذا الكسوف لأقلّ من خمس دقائق، وبعدها يعودُ كسوفاً جزئياً.

الكسوف الحلقيّ

الكسوف الحلقيّ هو ظاهرةٌ مُماثلة فلكياً للكسوف الكليّ، لكن مع فارقٍ صغير، فعندما يقعُ الكسوف الحلقي يكونُ القمر أبعد عن الأرض من العادة، أو تكون الأرض أقربَ للشمس من العادة، أو الاثنان معاً، وبالتالي تبدو الشمسُ أكبر من حجمها المُعتاد بمقدارٍ بسيط، بينما يبدو القمر أصغر قليلاً. وبالتالي عندما يعبرُ قُرص القمر أمام الشمس لا يستطيعُ حجبها بالكامل، رُغم أنَّه يقعُ أمامها بالضَّبط، بل تبقى حلقةٌ من أشعّتها حوله، ومن هُنا أتي اسم الكسوف الحلقي، ويدومُ مُدّة الكسوف الكلي تقريباً.

المراجع

  1. Matt Williams, “WHAT IS A TOTAL ECLIPSE?”، Universe Today, Retrieved 21-10-2016.
  2. ^ أ ب ت Joe Rao, “Solar Eclipses: What is a Total Solar Eclipse & When is the Next One?”، Space.com, Retrieved 21-10-2016.
  3. ^ أ ب “Eclipse | Astronomy”, Britannica, Retrieved 21-11-2016.
  4. B. Ralph Chou, “EYE SAFETY DURING SOLAR ECLIPSES”، NASA, Retrieved 21-10-2016.
  5. “How Solar Eclipses Work”, HowStuffWorks, Retrieved 21-10-2016.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى