أسلوب الإيماجو (العلاج بالصورة الذهنية) – لزيادة الوعي في العلاقة بين الزوجين 2019

يبحث الأشخاص ضمن العلاقة بين الزوجين على شخص يستوفي المعايير التي وضعوها لأنفسهم ومنها: المظهر, الصفات, الطبع وغيرها, ولكن في الطريق تحدث أمور إضافية.
يبحث كل انسان عن شريك لحياته, يوفر له احتياجاته الاساسية, التي لا يعيها هو نفسه. وعلى ما يبدو، فان الحاجة الاساسية والاولية للانسان هي العثور على شخص يعتني به ويشفي جراح طفولته. يحمل الشريك الذي يقع الاختيار عليه مواصفات قريبة من مواصفات الاهل, ولذلك فان اللاوعي يصنف الشريك على انه مسؤول عن وجوده, تماما مثل الاب المسؤول عن وجود طفله. وهذا الامر يوضح لنا التبعية في العلاقة بين الزوجين من جهة, والحساسية الكبيرة بين الزوجين, عندما يقوم احدهما باهانة, ايذاء او جرح مشاعر الاخر من جهة اخرى. فهو لم يجرحه فقط, بل بما انه يمثل شخصية الاب/ الام بالنسبة اليه، فقد زعزع ثقة الطفل (الشريك) بنفسه. يحاول اللاوعي في العلاقة بين الزوجين ، بمساعدة الشريك, ان يخلق، من جديد, الظروف التي ترعرع فيها, لكي يحل كل المسائل العالقة التي يحملها معه منذ الطفولة.
وثمة حاجة اساسية اخرى هي العثور على الانا الضائع. يولد الانسان كمخلوق كامل, ولكن مع نموه وتطوره الاجتماعي, يحصل من الاهل ومن البيئة المحيطة به على ردود فعل بخصوص تصرفاته وسلوكياته. يبدا الانسان بالاكتشاف ان هنالك عواطف ممنوعة وتصرفات غير مقبولة. يتعلم الانسان كيف يكبت هذه الاجزاء من شخصيته, ويكون هنالك ثمن لرضوخه لمتطلبات البيئة المحيطة به – فقدانه لذاته او “الانا”.
عندما تنشا علاقة عاطفية بينه وبين انسان اخر يحمل صفات تكمل الصفات التي قام هو بكبتها, يشعر بانه يكون انسانا كاملا الى جانب هذا الشريك, ذلك ان كليهما يندمجان ليشكلا انا اكبر واكثر كمالية. نستطيع العثور على المفهوم القائل بان الزوجين نصفان ويشكلان معا كيانا واحدا كاملا, في المراجع التاريخية للحضارات القديمة. فالتاريخ يدل على ان الانسان قد ادرك انه ليس مستحسنا ان يبقى انسانا هادئا, وانما عليه ان يبحث دائما عن عمل. فقد شجعه اهله على ذلك, وهو يشعر الان بانه غير كامل, لذلك يقرر ان يبحث عن امراة تتسم بما لا يملكه هو, الهدوء والسكينة, وهي صفة كانت قد كبتها في طفولته, حينما تعلم من ردود فعل البيئة المحيطة به ان هذه الصفات غير محبذة. وعلى العكس من ذلك, فقد ترعرعت المراة في بيت تم فيه كبت شخصيتها ومنعها من ان تعبر عن رايها, ولذلك فان الانا خاصتها يكون جزئيا, وعندما تعثر على شريك يتيح لها التعبير عن شخصيتها ويقوي من قدرتها على التطور, فسوف تشعر بانها كاملة.
يكون الزوجان محملين بالكثير من التوقعات, من بينها ان يحب احدهما الاخر, كما لم يشعرا بالحب من قبل ابائهما وامهاتهما. من المفترض ان يلبي الشريك احتياجات الطفولة التي لم يقم الاهل بتلبيتها, كما يتوقع منه ضمن العلاقة بين الزوجين, بان يكمل الاجزاء الضائعة من الانا الخاص بنا, ان يهتم بنا على الدوام بكل حب, وان يكون متفرغا لنا, في كل مرة نحتاج فيها اليه. بعد ان تنتهي المرحلة الاولى من الزواج، او ما يطلق عليها “مرحلة شهر العسل”, تبدا مرحلة لا تكفي فيها الوعود والتوقعات لتلبية احتياجات الشريك, وانما يبدا الشريك في هذه المرحلة بالمطالبة بتحقيق الوعود على ارض الواقع. ويتوقع كل من الطرفين تلبية احتياجاته العاطفية, ولكنه يفتقر الى الدافع لتحقيق تطلعات شريكه. هذه هي بداية مرحلة تدعى “مرحلة صراع القوى”.تطرا في هذه الفترة تغييرات اضافية على الزوجين, اذ يبدا الطرفان باكتشاف الصفات السلبية لدى بعضهما البعض. حتى اذا كانت هذه الصفات تعجب الشريك في السابق, فقد تضحي مصدرا للازعاج بالنسبة له (على سبيل المثال, اذا كان طموح الزوج واهدافه التي يبغي تحقيقها في حياته مدعاة لاعجاب الزوجة في السابق, وكانت تعتقد بان ذلك يكملها, فهي تبدا الان بالتركيز على الثمن الذي ستدفعه بسبب هذه الصفات: الامال والتوقعات التي لا تتحقق, الامر الذي يسبب الاكتئاب, خيبة الامل والغضب. كثيرا ما تذكرنا الصفات السلبية لدى الشريك بصفات سلبية لدى الوالدين, الامر الذي يكون بمثابة رش الملح على الجروح القديمة التي لم تلتئم بعد. اذا كانت المراة قد عانت في طفولتها من نوبات غضب ابيها, فقد اختارت لها زوجا يحمل نفس الصفة (الغضب), ولكن هذه المرة لكي يحبها كما هي دون ان ينفجر غضبا، كما كان يفعل والدها, مما يساهم في شفائها من جراح الطفولة (كل هذه العملية تتم تحت تاثير اللاوعي). تثير هذه الحالة القلق بين الزوجين, احيانا وتكون النتيجة ان ينظر الشريكان الى بعضهما، في مرحلة صراع القوى, نظرة انتقادية فينتقدون امورا يكرهونها وينكرونها, وهي نفس الامور التي كانوا يكرهونها لدى ابائهم وامهاتهم.
قد تكون مشاكل التواصل في العلاقة بين الزوجين نابعة من عوامل في اللاوعي, اذ كثيرا ما تنشا النزاعات بين الزوجين ويتم توجيه وتبادل الانتقادات ويطفو على السطح غضب وتوتر, بينما تكون جميع هذه العواطف نابعة من اللاوعي- من توقعات لم يتم تحقيقها على ارض الواقع, ومن حاجات لم يقم الشريك بتلبيتها. جميع هذه العوامل تجعل الانسان يدرك بانه، وللاسف, ليس انه لن تتم تلبية حاجاته, فقط، بل ان شريكه قد يجرحه بنفس الطريقة التي جرحت بها مشاعره بواسطة والده/ والدته في الماضي.
يطلق على الحل اسم “الزواج الواعي”. بموجب هذه الطريقة, يكون الانسان المتزوج واعيا لحاجاته ولحقيقة وجود توقعات وحاجات لشريكه ايضا. في اطار هذا الحل, يكون الزوجان مسؤولين عن التعبير عن احتياجاتهما بشكل مباشر, وليس عن طريق توجيه الانتقادات. اضافة الى ذلك, يتعلم الزوجان طرقا وتقنيات فعالة لتلبية احتياجاتهم، بدلا من اللجوء الى صراع القوى وتوجيه الاتهامات الواحد نحو الاخر. كما يتعلم كل واحد من الزوجين كيفية التواصل بشمل موجه وكيفية التحكم بردود الفعل الصادرة عنه, بحيث يفكر الواحد منهم قبل ان يقوم برد فعل معين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى