آيات الزواج , الاعجاز في الرحمة والمودة والزواج

الإعجاز العلمي في السكن و المودة و الرحمة في آية الزواج

لقد حث الله عز و جل في كتابه العزيز على الزواج و رغّب فيه ترغيباً شديداً فقال ممتناً على عباده:

و رغّب فيه النبي صلى الله عليه و سلم ترغيباً شديداً بقوله الشريف: ” النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني ، و تزوجوا ؛ فإني مكاثر بكم الأمم ، و من كان ذا طول فلينكح ، و من لم يجد فعليه بالصيام ، فإن الصوم له وجاء “(أخرجه ابن ماجة و غيره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة).

عندما يقول الله تبارك و تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ) فإن هناك آية معجزة يخبرنا سبحانه وتعالى بها، والمعجزة في آية الروم هي: “معجزة خلق الأزواج للسكن والمودة والرحمة “.
وهل هناك أسمى من أن يجعل الله الزواج آية من آياته؟
و الآية هي الشئ العجيب الذي يقف أمامه العقل مندهشاً دهشة تورث إعجابا ، وإعجاباً يورث يقيناً بحكمة الخالق جل و علا ، ومن هذه الآيات العجيبة المبهرة (أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) يعني من جنسكم و من نوعكم ،
فمتى كان الزوجان من نفس ***** ، كان بينهما تآلف ، بخلاف *****ين ، فإنه يكون بينهما التنافر ، وهي ذات الحكمة في بعث الرسل من جنس بني آدم .
والاختلاف في النوع اختلاف تكامل لا اختلاف تعاند وتصادم كما يحاول أن يوهمنا أدعياء التحرر و المدنية الحديثة بمفاهيمهم الخاطئة.
فالمرأة للرقة و الليونة و الحنان ، و الرجل للحماية و القوة والجهد.. فهي تفرح بقوته وحمايته ، وهو يفرح بحنانها وأنوثتها فيحدث التكامل الذي أراده الله و قصده ، بل و حث عليه في قرآنه الكريم ، فهو سبب لسعادتهما معاً- إن أقاما منهج الله و اتبعا سنة رسوله عليه الصلاة و السلام-
وهو أيضاً السبب المباشر للتكاثر في بني الإنسان و إدامة النسل على وجه الأرض
ويؤكد على ذلك الحديث الذي أخرجه الشيخان عن ‏‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏‏، قال رسول الله ‏ ‏‏ صلى الله عليه و سلم: ‏“استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً ” اللفظ للإمام البخاري-كتاب النكاح.
خلق الذكر بجانب الأنثى آية على وجود الله:
و من الدلائل على وجود الله خلق الأنثى بجانب الذكر ، قال تعالى : (ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) فوجود الأنثى بجانب الذكر لأجل النسل ، ودوام بقاء الحياة للنوع الإنساني من البراهين القوية على وجود الله وعلى وجود القصد في هذا الكون ، و هذا يدحض الزعم القائل بقيام الكون على المادة دون سواها
فإذا تأملنا ما يقوله الملحدون بأن الكون خلق صدفة بلا فاعل مريد مختار، وإن الصدف المتكررة توصلت إلى تكوين رجل ،فهل يعقل أن المصادفات تكوّن كائنا ًآخر مماثلاً له تماماً في الشكل الظاهري و مبايناً له في التركيب الداخلي وهو المرأة بقصد عمارة الأرض بالناس و إدامة النسل فيها ؟
ألا يدل هذا على أن في الوجود خالقاً مريداً مختاراً أبدع الكائنات ، بقدرته وغرز في كل نوع غرائز ، و أمده بمواهب يقوم بها أمره و يرقى عليها نوعه؟ .
وفي قوله تعالى: ” من أنفسكم” ذكر كبار المفسرين كابن جريرٍ الطبري والقرطبي و ابن كثير- رحمهم الله- أن الله خلق حواء من ضلع آدم أي أنها قطعة منه. ويعضد هذا المعنى بجلاء قول الله تعالى في آية صدر سورة النساء: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” ( النساء-1).
العلة الأصيلة في الزواج
” لتسكنوا إليها…“
السكن
سكن الذكر و الأنثى بالزواج آية من الله:
أما قوله تعالى: ” لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ” .. فهذه هي العلة الأصيلة في الزواج : أي يسكن الزوجان كلاهما للآخر ، و السكن لا يكون إلا عن حركة ، فالرجل يتعب طوال يومه في حركة العمل والسعي لتدبير لوازم المعاش ، و يتمنى أن يسكن آخر يومه إلى من يريحه فلا يجد غير زوجته عندها السكن و الحنان والرقة و العطف ..
و المرأة أيضاً تتعب في تدبير شئون بيتها و تربية أولادها ولا تجد في آخر يومها من تسكن إليه و ترتاح في كنفه سوى زوجها وفي هذا السكن يرتاح كلاهما ويسعد و يهدأ و يستعيد نشاطه للعمل في غدٍ
ويسخر الله عز و جل العلم الحديث ليكشف لنا أوجهاً من إعجاز هذه اللفظة القرآنية “لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ” فيكشف العلم بإذن ربه أن اللقاء الزوجي يؤدي لمجموعة رائعة من التفاعلات المتتالية، مما ينتج عنها: القضاء على القلق والتعب والمرض تحت دفع الهرمونات المحررة من قبل الجسم (وهو ما يؤدي إلى السكن بمعنى الراحة أو السكون).
فالجسم يقوم بإفراز مجموعة هرمونات (كوكتيل هرموني) مُشَكَّل من مجموعة هرمونات : (PEA)الفينيل إيثيل أمين، والدوبامين، و اللوليبيرين،واللبتين والتستوستيرون في الذكور (وهو هرمون الذكورة ) أو الإستروجين في الإناث (وهو هرمون الأنوثة).
وهذه تركيبة السكن والمودة التي يستحيل إنتاجها معملياً رغم الكثير من المحاولات فيصبح كل من الزوجين جميلاً جداً ، مرغوباً جداً، رائعاً جداً في نظر زوجه أو بالتعبير القرآني الجليل الجميل يكون كل منهما “قرة عين” للآخر
فالقرآن الكريم علمنا أن ندعو ربنا إدامة هذه النعمة علينا بل وجعل الله التزام هذا الدعاء من صفات عباد الرحمن ، و ذلك في قوله تعالى:” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ” (الفرقان- 74).
فالمداعبات والكلمات الحنونة والقبلات تؤدي لإفراز هرمون اللوليبيرين المسئول عن الرغبة والذي يؤدي أيضاً لتسريع إفراز الدوبامين. و هنا سبقٌ نفسي و علمي نسجله لقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري من حديث جابر رضي الله عنه لما تزوج فسأله النبي صلى الله عليه و سلم :” تزوجت بكراً أو ثيباً ؟ ” وأجابه بأنها ثيب ، فقال : ”هلا بكراً تلاعبها و تلاعبك “.وفي رواية ” مالك للعذارى و لُعابها” أي أن النبي صلى الله عليه و سلم يحث على الملاطفة والملاعبة قبل الجماع.
وعلى الزوج المسلم المتبع لهدي النبي عليه الصلاة و السلام قبل الجماع أن يمازح زوجته ويلاعبها ويعانقها ويقبلها .
ومن السبق النفسي لمعاملة الزوجة في الإسلام قول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى”(أخرجه ابن ماجة و الترمذي و الطبراني و المنذري و صححه الألباني وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين).
ولنا في الرسول صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة فتقول أم المؤمنين عائشة عنه: ”كان إذا خلا بنسائه ألين الناس، أكرم الناس ، ضحاكاً بساماً“
(رواه السيوطي في الجامع الصغير بسند حسن و أخرجه الخرائطي والحاكم عن عمرة)
وتلتقط الحواس إشارات الزوج في المخ كما في الجسد فتبدأ تفاعلات متتالية بالحدوث..
هذه الحالة تحفزها مادة عضوية طبيعية تسمى الفينيل إيثيل أمين أو (PEA) فتنشط النيورونات ( الخلايا العصبية)، تمسح التعب وتخدر أي شعور بالضيق أو الهم.

الدوبامين يبدأ العمل وتغمر المخ وتؤدي لشعور بالسعادة. وهكذا يقبل الزوج على زوجه..
وهنا يبدأ الجهاز العصبي بإرسال الإشارات للغدد *****ية لزيادة مستوى إفراز هرمون التستوستيرون (هرمون الليبيدو ) (ويقابله هرمون الإستروجين لدى المرأة): فتتسارع النبضات ، وترتفع الحرارة الداخلية ، ويزداد الضغط الدموي بتدرج ، وأيضاً تفرز الهرمونات بشكل مستمر.
وعندئذ يحين دور اللقاء الزوجي، وهنا فإن نسبة هرمون الأوكسيتوسين (هرمون المتعة) ترتفع بشكل كبير، ويساعد هرمونا الدوبامين والسيروتونين للوصول للنشوة ((orgasm
وهنا يشعر الأزواج بالاسترخاء و الراحة بشكل تام وبالرضا الكامل، ويقوم الجسم ههنا بإفراز الإندورفينات، وهي مضادات حقيقية للاكتئاب، وقريبة في تركيبتها من المورفين، وتقوم هذه الهرمونات أيضاً بزيادة إفراز الدوبامين وتقلل من إفراز اللوليبيرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى