آدم عليه السلام أبو البشر، خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض، وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أول الأنبياء. خلق آدم عليه السلام: أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ). ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أو إلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم – بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق – يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له, ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته ! هذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم.. أمر جائز على الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم من الله، وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه في علمه، ولا يعرفون حكمته الخافية، ولا يعلمون الغيب . لقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). وما ندري نحن كيف قال الله أو كيف يقول للملائكة . وما ندري كذلك كيف يتلقى الملائكة عن الله ، فلا نعلم عنهم سوى ما بلغنا من صفاتهم في كتاب الله . ولا حاجة بنا إلى الخوض في شيء من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه . إنما نمضي إلى مغزى القصة ودلالتها كما يقصها القرآن . أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده. جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر – ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة – ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفن الطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذا الطين؟ سجود الملائكة لآدم: من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له . . ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ? الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود . أما كيف كان السجود ? وأين ? ومتى ? كل ذلك في علم الغيب عند الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً.. فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . فردّ بمنطق يملأه الحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) . هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ? أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم . قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص) هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئة الله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين . وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن – سبحانه – إرادته . وحدد المنهج والطريق: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) . فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين . فأرسل إليهم المنذرين هذا والله اعلى واعلم

أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..

والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

وبعد

أيها المحب للحبيب صلى الله عليه وسلم ، يا من رق قلبه وخشعت جوارحه و دمعت عينه ..
اعلم بأن الحب الحقيقي ليس دمعة تسكبها العين و ليس كلمات جميلة ترددها الألسن ولكن الحب الصادق ، الاقتداء به واستعمال سنته واتباع أقواله وأفعاله , امتثال لأمره ، اجتناب لنهيه , التأدب بآدابه في عسره ويسره، ، وقوف عند حدوده ، نصر لسنته ، اتباع لشريعته ، رفع لراية دعوته ، اتباع لسنته ، صلاة وسلام عليه و آله وسلم ،

اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقاً في حبه، وكان مدعياً

فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه

إن حبنا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يتطلب منا أن نحرص كل الحرص على الإقتداء بهديه وأن لا نهمل ونغفل عن السنن ولا نحرم أنفسنا أجراً عظيماً بإتباعنا لهديه .

قال الله تبارك وتعالى:

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].

فالمحبة الحقيقية هي الإتباع والطاعة.

قال الله تعالى:

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [ آل عمران:31 ] .

فهل أنت كذلك يا من تدعي حب محمد صلى الله عليه وسلم ؟

هل أنت من المُسَلِمين لأمره، الوقافين عند شرعه، المتبعين لسنته، الملتزمين طريقه ونهجه؟

قال ابن القيم:

” فإذا لم تحصل المتابعة فليست المحبة بحاصلة “.

وقال أيضاً:

” وعلى ذلك فإنه لا تنال محبة الله عز وجل إلا بإتباع الحبيب صلى الله عليه وسلم “.

أخي ألا تريد أن تكون ممن قال فيهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :

” كل أمتي يدخلون الجنة ” .

أعلم أنك تريد.. وبصدق أيضاً، ولكن لنقرأ الحديث من أوله..

عن أبي هريرة عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

” كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى , قالوا يا رسول الله: ومن يأبي؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ” [ رواه البخاري ] .

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :

” من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد ” [ حديث صحيح ].

وقال صلى الله عليه وسلم:

” أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ” [صحيح الجامع:1353].

وقال ذو النون المصري :

” من علامة المحبة لله عز وجل ، متابعة حبيبه صلى الله عليه وسلم في أخلاقه ، وأفعاله، وأوامره وسننه ” .

وقال الحسن البصري :

” فكان علامة حبهم إياه ، إتباع سنة رسوله ” .

وإن منزلة المؤمن تقاس باتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم فكلما كان تطبيقه للسنة أكثر كان عند الله أعلى وأكرم .

والله أمرنا بالاقتداء به فقال سبحانه :

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر

وقال حبيبنا صلى الله عليه وسلم:

” من رغب عن سنتي فليس مني ” [ رواه البخاري ومسلم].

وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام :

” المتمسك بسنتي ، عند اختلاف أمتي كالقابض على الجمر ”

الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 6676

خلاصة الدرجة: حسن

وهناك نصوص كثيرة أخرى تدعو إلى اتباع كتاب الله وسنة رسوله ، وعدم ابتداع عبادات جديدة، أو طرق جديدة في العبادة.

لذلك وجدنا أنه من الواجب علينا أن نذكركم أحبتي وأنفسنا بسنن الرسول صلى عليه وسلم .

فوائد الإلتزام بالسنة

محبة الله لعبده المؤمن

كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري وفيه :

” و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ….الحديث

أن المحافظة على النوافل تجبر كسر الفرائض

لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال :

” إن أول ما يحاسب به الإنسان يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال : يقول ربنا عز وجل لملائكته ـ وهو أعلم ـ انظروا في صلاة عبدي أتمها أم أنقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال : أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم”.

أن للمتمسك بالسنة فضل كبير ويزداد فضله رفعة كلما كان في زمن إعراض عن السنة وإيذاء لمن تمسك بها

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“.. فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم”.

وقال عبد الله بن المبارك :

” وزادني غير عتبة: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم قال : بل أجر خمسين منكم ” قال الترمذي حديث حسن غريب .

إن للعامل بالسنة مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً وفي ذلك الحديث في مسلم

وفيه قال الرسول صلى الله عليه وسلم :

“من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء “.

قال النووي في شرح مسلم على قوله :” من سن ” فيه الحث على الابتداء بالخيرات .

وحقه صلى الله عليه وسلم علينا محبته وطاعته واتباعه وتوقيره واحترامه من غير غلو ولا إفراط ، كما قال صلى الله عليه وسلم :

” لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ” .

ومن حقه علينا صلى الله عليه وسلم ومن مقتضى صحبته اجتناب ما نهى عنه وتطبيق سنته التي باتت مهجورة لدى اغلب المسلمين

فلنحرص على نقل سيرته وحياته وأحاديثه الصحيحة والمسندة صلوات ربي وسلامه عليه

وفي هذه الحملة سنتطرق إن شاء الله لباقة من السنن المهجورة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم مدعومة بأحاديث صحيح

نذكرها تباعاً عسى الله أن يوقظ قلوبنا وأن يستعملنا لنصرة دينه , وأن تكون ذات فائدة عظيمة بقراءة الحديث وتطبيق السنة إن شاء الله ..!

أين المشمرون ؟

أين الذين يُحبون الرسول صلى الله عليه وسلم

ويتمنون أن يُحشروا معه ..

هلموا معنا أخوتي في الله..

وليكن شعارنا :

سنة الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم

أحيا الله من أحياها

أحيا الله من أحياها

أحيا الله من أحياها

فالله الله يا أمة الإسلام في سنن رسولكم صلى الله وعليه وسلم

أحيوها في واقع حياتكم، فمن لها سواكم

فهي دليل المحبة الكاملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

وعلامة المتابعة الصادقة له صلى الله عليه وسلم.

هدانا الله وإياكم سبل الهدى والرشاد وجعلنا وإياكم ممن يحيون سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم بالقول والعمل ويجنبنا الله وإياكم طريق الزلل و الزيغ والفساد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى