ولع لي .. النحرقو.. بقلم د ناهد قرناص

السودان اليوم:

لا أعتقد أن هناك أمة على ظاهر الأرض عانت من الحرائق مثل أمة الأمجاد.. حاولت أن أرصد في ذاكرتي الخربة عدد الحرائق في الفترة الأخيرة.. تداخلت عندي الصور.. حرائق مكاتب رسمية.. حرائق المحاصيل.. حرائق النخيل.. وأخيراً وليس آخراً.. حريق سوق أم درمان.
كوارث مثل هذه.. إلا تجعلنا نتوقف.. وننظر إلى أنفسنا ونتساءل أين يكمن الخطأ؟.. وكيف تتم معالجة التقصير؟ لماذا نحاول بقدر الإمكان التخفيف على أنفسنا بأن (قدر أخف من قدر).. ونربت على كتف المكلوم بأن (الجاتك في مالك سامحتك).. ومن ثم يأتي المسؤول.. ياخد كم صورة.. و(يقف) على حجم الخسائر.. و..و..و..و.. بس خلاص .
أتذكرون حريق السيارات في حظيرة جمارك وادي حلفا؟ حين لم يجد المنكوبزن عربة إطفاء.. فتدخل الدفاع المدني المصري عابراً للحدود وأطفأ الحرائق وعاد من حيث أتى؟ ترى بعد تلك الكارثة.. هل فكرت هيئة الجمارك في شراء عربات إطفاء حديثة كاملة التجهيز لتكون على أهبة الاستعداد لمقابلة أي حريق في المستقبل يهدد حظائرها الموزعة في أرجاء الوطن؟؟ لا يأتي أحد ليقول لي (منين يا حسرة) رسوم جمارك بضعة سيارات يمكنها أن تشتري عدة سيارات إطفاء على أحدث طراز.. ونحن عارفين.. وإنتو عارفين إنو نحن عارفين.
كل المحلات التجارية.. ملزمة بدفع رسوم للدفاع المدني كل عام.. أين تذهب هذه الرسوم؟ أين تذهب الضرائب؟ إذا لم تكن هناك خدمات طوارئ وعربات إطفاء تسرع إلى المكان بمجرد وصول الاستغاثة؟؟؟ من ستر الله علينا وعلمه بحالنا وقلة حيلتنا.. حدث الحريق بالمساء حيث تقل الحركة.. والا لكانت خسائر الأرواح بالمئات.
ثقافة التأمين ضد الحريق.. والاستعداد للطوارئ تكاد تؤول إلى الصفر في العقل السوداني.. والأمر ينطبق على الجميع بلا استثناء إلا من رحم ربي.. قل لي متى كان سلم الطوارئ شيئاً ضرورياً في خرطة المباني العامة؟ وهل هناك قانون يلزم إدخال شبكة أجهزة إنذار الحريق.. والأجهزة الحساسة لأي ارتفاع في درجة الحرارة؟ لماذا لا يفكر التاجر في تزويد محله بأجهزة إنذار الحرائق؟.. أو تلك التي ترش المياه بمجرد التقاطها إشارات انبعاث الدخان.. لماذا يغامر بنفسه وممتلكاته وأرواح الآخرين؟؟ لابد من رفع نسبة الوعي بمثل هذه الأمور.. حتى نصل مرحلة أن يفعلها المواطن تلقائياً وليس فقط اتباعاً لمتطلبات تصديق المحلات أو المتاجر.
أخيراً وليس آخراً.. عملاً بالمثل القائل: (الجفلن خلهن.. اقرع الواقفات).. يا تجار سعد قشرة.. والسوق الشعبي وسوق بحري.. سوق ليبيا.. وكل من كان على شاكلة سوق أمدرمان.. سارعوا باقتناء أجهزة إنذار الحرائق.. ضعوا الطفايات في كل محل.. في نهاية اليوم.. افصل الكهرباء من المحل.. قم بكل الإجراءات التي تحفظ سلامتك وسلامة ممتلكاتك.. طبعاً أنا لم آتِ على ذكر الجانب الحكومي.. ليه؟؟ تلك قصة مقال آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى