وزير النفط والمعادن “أزهري عبد القادر” يتحدث: نحتاج إلى (110) ملايين دولار شهرياً لتوفير الجازولين..

ظلت البلاد تعاني خلال الأشهر القليلة الماضية من أزمات متلاحقة في المواد البترولية.. الجازولين والبنزين، فما أن تنقشع الأزمة لأسبوعين، حتى تعاود الإطلالة في الأسبوع الثالث، فما الذي يحدث في دهاليز الحكومة؟ وماذا تفعل وزارة النفط لمحاصرة الأزمة؟ وما هي خطتها لاستقرار الإمدادات من المشتقات النفطية على المدى الطويل؟

أسئلة.. وأسئلة تتجاوز الحاضر إلى رحاب المستقبل حول مشروعات البترول في السودان، حملناها إلى وزير النفط والمعادن السيد (أزهري عبد القادر) وهو أحد مهندسي ملحمة استخراج وتصدير النفط السوداني، فقد كان مدير الاستكشافات بالوزارة في وقت بلغ فيه إنتاج السودان الموحد (500) ألف برميل يومياً!!

الرجل المثابر والعالم في مجال النفط، بالغ الأدب والتهذيب، جلس إليَّ لأكثر من ساعة ونصف الساعة بمكتبه بوزارة النفط في ساعة متأخرة من الليل، فكان ما يلي حصيلة أول حوار صحفي موسع معه منذ تسلمه الوزارة.

* السيد الوزير .. مرحباً بك في (المجهر) .. نعلم أنك عملت خارج السودان طويلاً في مجال النفط .. حدثنا أولاً عن رحلتك العملية بين دولة الإمارات .. والولايات المتحدة الأمريكية؟

– أنا تخرجت في جامعة الخرطوم عام 1980م مرتبة الشرف في جيولوجيا النفط، بعدها أتيحت لي فرصة العمل لفترة قليلة في شركة “شيفرون” الأمريكية، ومنها إلى المؤسسة السودانية للنفط، ونلت درجة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعدها انتقلت للعمل في دولة الإمارات .. أبوظبي حتى العام 2004م حيث تقدمت باستقالتي من العمل وعدت إلى السودان، أول شركة عملت بها “أبكو”، بمنصب نائب مديرها، ثم شركة(CNPC)، ثم انتقلت إلى الوزارة مديراً عاماً للاستكشاف لمدة (4) سنوات ونصف، في فترة وفرة إنتاجنا النفطي، كنا ننتج (500.000) برميل في اليوم، بعدها إلى شركة “النيل الكبرى” للبترول، ثم عدت إلى “سودابت”، ثم عملت مستشاراً للوزير الأسبق للنفط د. “محمد زايد”، بعدها أحلت للمعاش، ثم استدعيت مرة أخرى وزيراً للنفط .

* إلى ماذا تعزو انخفاض كميات الإنتاج في السودان الشمالي بعد انفصال الجنوب .. بالنسبة لبترول الشمال الذي كان نحو(125)ألف برميل يومياً .. دعك من بترول الجنوب؟

– إنتاجنا كان(500.000) برميل قبل انفصال الجنوب، ولكن انخفضت حصتنا بنسبة(75%) ، في الشمال وصلنا إلى إنتاج (125.000) برميل.

* مقاطعاً : لكنها انخفضت إلى (80.000) برميل يومياً؟

– بل أقل من ذلك هي الآن (75.000) وكان عند استلامي الوزارة (72.000)، دعني أخبرك أن الانخفاض الذي ذكرناه لا يعني أن الخام غير موجود، الجميع يعلم أن الدولة تخلت عن مصادر الدخل الأخرى باستثناء النفط ، وبانفصال الجنوب تعرضنا لفقدان الكمية المنتجة، ومن ثم تعرضنا إلى إشكالية ندرة توفير الكميات المطلوبة للمصفاة ، أضف إلى ذلك اضطررنا إلى أن نستهلك من نصيب الشركاء المستثمرين في السودان ، وأضحت العلاقة تشوبها بعض الإشكالات، والنتيجة النهائية أن المستثمر الأجنبي أصبحت لديه صورة ذهنية تفيد بأن هذا الاستثمار غير جاذب، وبالتالي انخفضت الكمية نتيجة ضعف ضخ النقد الأجنبي في عمليات الإنتاج حتى يستمر العمل بشكله الطبيعي، مضافاً إلى ذلك انخفاض أسعار النفط في 2014م مما زاد الطين بلة، وقلَّ حماس الشركاء للاستمرار، وهناك عامل ثالث لا يقل أهمية عن سابقيه، وهو المقاطعة الأمريكية التي تضرر منها قطاع النفط بصورة واضحة ، نسبة لصعوبة الحصول على التقنيات، وتعطل حركة الأموال ، فقد وصلنا إلى مرحلة ألا نتمكن من تحويل مبلغ(5000) دولار فقط!

* ولكن كيف تمكنا – السودان – من اكتشاف واستخراج البترول منذ البداية في نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي ، ثم تصديره في ظل العقوبات الأمريكية؟

– لم يكن تطبيق المقاطعة من الجانب الأمريكي بالشكل الذي حدث في السنوات الأخيرة ، خاصة بعد انفصال الجنوب ، فقد أحكمت علينا الحلقات بشكل أقوى، وأظنكم سمعتم عن البنوك الفرنسية والألمانية التي كانت تعمل معنا وتمت معاقبتها بمليارات الدولارات . ربما اعتقدوا في البداية أن قرار المقاطعة كافٍ لإحباط المشروع، ولكن بعزمنا في الوزارة والدولة وعلاقتنا مع الصينيين ، تصاعد الإنتاج وقاومنا كل العقبات حتى المقاطعة الأمريكية، لكنها استفحلت بعد انفصال الجنوب، حتى وصلنا إلى مرحلة الشح في الإنتاج .
* ألا تعتقد أن سوء الإدارة أيضاً تسبب في إنقاص إنتاجنا من (125.000) إلى (75.000) برميل في اليوم ؟

– في قطاع النفط لم يكن هناك سوء إدارة، وأنا أتحدث هنا عن الإدارة الفنية لمنظومة إنتاج النفط ، ولكن هناك شح في الموارد المالية ، أحيانا تحتاج آبارنا لتغيير “طلمبة” ونعجز عن تغييرها .
* هل كان العجز بسبب وزارة المالية ؟

– وزارة المالية لا علاقة لها بسداد النفقات المعنية بالنفط ، إنما الشركاء هم المسؤولون عن التمويل ، وهؤلاء أحجموا ، والآن نعمل على استعادة نشاط الشركاء .

* هل في تقديرك .. انسحاب الشركاء أسبابه اقتصادية فقط ، أم أن هناك جوانب سياسية بأن تم التأثير عليهم من الولايات المتحدة الأمريكية .. مثلاً؟

– لا أعتقد أن هناك جانباً سياسياً في القضية . بنص الاتفاقية هم مجبرون على المواصلة في العمل ، ولكن ليس من المنطق أن يضخ المستثمر أموالاً ويعجز عن الحصول على أرباح . وهذه شركات وطنية في بلادها ومطالبة بجلب الأرباح.

* بعد تعيينك وزيراً للنفط .. ما هي خطتك الآن لزيادة الإنتاج في حقول الشمال ، أو عودته لسابق عهده(125) ألف برميل يومياً؟

– سؤال جيد .. أشكرك عليه كثيراً .
بالطبع لي علاقة وطيدة بالوزارة ، وخاصة فترة وفرة الإنتاج أنا كنت المشرف على ذلك، استكشافاً وإنتاجاً ، وأعلم جيداً وضع المستثمرين، وأمد الاتفاقيات ، وأعرف أيضاً إشكالات المستثمرين في السودان، وأعرف أن حل هذه القضايا لا يتم بين يوم وليلة ، وأعلم جيداً أن هناك مشاكل أخرى باستثناء ضعف الاستثمار وعائداته، منها جوانب إدارية بمعنى العلاقة بين الوزارة والمستثمرين الأجانب . وعندما تقرأ كل هذه المعطيات مع بعضها ستصل إلى نتيجة مفادها: الحل ليس في يد المستثمرين حالياً ، ولكن المشكلة قابلة للحل ولكنها بحاجة إلى زمن .. عامين على الأقل .
حسناً، أنا عُينت وزيراً في رمضان، في أوج أزمة المحروقات ، وأعلم أن الحل في الوفرة ، لدينا في باطن الأرض نحو (6) مليارات برميل ، ولكن ما يمكن استخراجه أو الاحتياطي حوالي (مليار وستمائة مليون برميل) ، لكي أوضح أكثر مسألة الـ(6) مليارات برميل، أقول إن النفط في الأرض موجود في مسامات ، وهناك جزء منه لا يخرج، وهذا ما نسميه المخزون الكلي.

هناك مشكلة آنية، شغلت تفكيري حول إيجاد حل مستدام ، وهذا الحل يأتي من الوفرة ، وهي بالطبع تأتي من إنتاجنا المحلي ، ولكن في كل الأحوال بترول الجنوب موجود ، وهناك حقول لا تحتاج سوى القليل من الاجتهاد لاستخراج الخام .

* هل مبادرة التوجه نحو الجنوب وعودة التعاون في مجال النفط مع دولة جنوب السودان كانت منك ، أم هي قرار سياسي تم تحويله لوزارة النفط؟

– يوم تكليفي بالوزارة كنت خارج السودان ، وقبل التكليف كانت فكرتي دائماً متركزة على ضرورة إحلال السلام بين الدولتين الجارتين (السودان وجنوب السودان) ، لابد من التكامل الاقتصادي، والمصالح المشتركة، وأسلم طريق هو طريق النفط ، كنت دائماً أحدث الأخ الوزير الذي عملت مستشاراً له بضرورة الاتجاه جنوباً .
يوم تكليفي قفزت الفكرة إلى رأسي مجدداً، وبعدها تزامنت مع مبادرة الأخ رئيس الجمهورية للوساطة بين حكومة الجنوب والمعارضة ، وأنت تعلم فشل (الإيقاد) في الوصول إلى تسوية بين البلدين .
حتى السلام يحتاج تثبيته إلى مال، والمال الموجود هو النفط .
كل ما ذكرته عن التعاون مع الجنوب هو رافعة في الوقت الراهن وليست حلاً جذرياً لأزمة الوقود بالسودان . بالطبع نما إلى مسامعكم وصول (مليون برميل) من نفط الجنوب إلى ميناء بورتسودان عبر الأنابيب . بدأنا الإنتاج من حقل (توماساوث) يوم(25 أغسطس)، بـ(10.000) برميل، واستمر يومياً حتى وصل إلى مليون برميل حالياً في الميناء ، وسيتسمر الإنتاج .
أول ناقلة ستبحر في أول أسبوع من ديسمبر القادم، تحمل (600.000) برميل.

* لماذا (600.000) برميل فقط، هل ينقصكم التسويق، لماذا لا تبيعون كل المتوفر حالياً .. المليون برميل؟

– لا نواجه مشكلة تسويق، وبإمكاننا أن نبيع باخرتين في ذات التوقيت، ولكن الأمر متعلق بسعات البواخر.

* كم تبلغ قيمة الباخرة أو الـ(600.000) برميل؟

– الأسعار انخفضت قليلاً، البرميل يباع بـ(70) دولاراً.

*حسب الاتفاق الساري الآن ، كم نصيب السودان من هذه الكميات؟

– نصيب السودان في الرسوم، وهي قرابة (28) دولاراً في البرميل، وتختلف حسب مناطق الإنتاج، الآن هم ينتجون في المنطقة الشرقية لجنوب السودان(فلوج) ، الرسوم تختلف عن منطقة “سارجاث”، حيث ترتبط بمعالجة الخام ، إذا تمت لدينا ستزيد الرسوم، وتعتمد أيضاً على الخط الناقل أيضاً، حيث يعتبر خط “بترودار” أقصر ، بينما خط “هجليج” أطول ، بالتالي نحن بدأنا حالياً بـ(20.000) برميل يومياً ، بقية الحقول ستأتي تباعاً، حيث زرنا (الجمعة) الماضية حقل “الوحدة” ، وهو الحقل الأكبر في هذه المنظومة، ينتج قرابة الـ(40.000) برميل، سيدخل الإنتاج نهاية ديسمبر .
عندما وصفت لك نفط الجنوب بـ(الرافعة) ، أقصد أن نفط الجنوب سيساهم قليلاً في حل الأزمة في الشمال ، وتشغيل المصفاة .

* ألا تعتقد أن الكميات المنتجة بعيدة عن الكميات الأولى، لأن إنتاج الجنوب بلغ قبل الانفصال نحو (350 ألف برميل)؟

– هناك إنتاج مستمر الآن ، (125.000) من حقل “فلوج ” ، لم يتوقف على الإطلاق، ظل يعمل، توقف فترة قليلة بعد الانفصال، ولكنه عاود العمل سريعاً.

* أين عائدات السودان من الكمية التي ذكرتها .. حقل “فلوج”؟

– لدينا عائد منها في الرسوم . هذه الرافعة سترفع عن كاهلنا عبء صفوف الوقود، والصفوف الحالية مسألة آنية ما في ذلك شك.

* الآن .. ما هي خطتكم لزيادة الإنتاج المحلي في حقول الشمال؟

– نعمل في ذات الوقت بالتوازي كمربع ” تو بي”، وهو ينتج (21) ألف برميل، ويقع في “هجليج” ، سيزيد إنتاجه .. فقط نحتاج لرأسمال، سنوظف عائدات الرسوم في إنجاز هذه المرحلة ، كما قلت من قبل فإن الحل في الإنتاج من هذه الأرض.

* ذكرت آنفاً .. بأن احتياطي النفط السوداني يبلغ ملياراً وستمائة مليون برميل، أين مواقع الاستكشافات؟

– المربعات التي يتوفر فيها احتياطي النفط، (تو بي)، (تو إيه، مربع 17) وهذه مملوكة لحكومة السودان تنتج (23) ألف برميل ، (مربع 6)، الإجمالي (75) ألف برميل ، مربعا (4،6) تشاركنا فيهما بعض الشركات ، خاصة مربع (4) تشاركنا فيه (CNPC)، “بتروناس” و(ONGC)، وسودابت، مربع (6) تشاركنا فيه الشركة الصينية وحدها، أما حقل “الراوات”، جنوب النيل الأبيض ، فهو جاهز للإنتاج، يحتاج للتمويل فقط، تم استكشاف البترول به، وهو مربع (25).

* السيد الوزير.. تحدثت عن استكشافات في حقل “الراوات” بجنوب النيل الأبيض.. ما هي الكمية المتوقعة من إنتاج الحقل؟

– متوقع أن ينتج ما بين (7-10) آلاف برميل، وبه استكشافات جديدة حيث تم اكتشاف عدة طبقات جديدة زادت الاحتياطي بنسبة مقدرة، ليصبح حوالي (200) مليون برميل بإمكاننا استخراج (30) مليون منها، مع احتمال الزيادة.

* هل هنالك استكشافات حقيقية للنفط في البحر الأحمر وبقية ولايات السودان؟

– نعم.. بالتأكيد، مربعات (20، 21، 23، 24، 8، 10، 9، 19، 12).. وفي الشمالية ونهر النيل، وارد أن يكتشف فيهما بترول، مثلاً مربع (8) الدندر حفرنا وتأكدنا من وجود النفط، وهناك شركات أبدت الرغبة في العمل به، وتم اكتشاف غاز مكثف، ومربع (15).. البحر الأحمر به (400) مليار قدم مكعب من الغاز المكثف، وجدنا (100) برميل مكتشفة من الغاز السائل في طبقة واحدة، كما أن هناك استكشاف للنفط في مربع (9) الخرطوم، إضافة إلى منطقة غرب الحصاحيصا التي اكتشفنا بها خام النفط ولكنه ثقيل، يحتاج لعمل الكبير. كذلك اكتشفنا بترولاً بمربع (11) شمال كردفان. كل ذلك يعني أننا نمتلك منظومة كبيرة من النفط ولكنها بحاجة لعمل وعون الشركات.

* في مسألة الغاز لا نلحظ نشاطاً واضحاً لتفعيله.. هناك دول صديقة تملك قدرات كمصر التي اكتشفت غازاً في مياه البحر المتوسط إضافة إلى دولة قطر.. لماذا لم نستفد من خبرات وإمكانيات هذه الدول الصديقة؟

– الإنتاج الحقيقي للنفط قادته الصين، كان هدفهم خام النفط. لم نتحدث بشكل جاد عن الغاز في الاتفاقية التي أبرمت بيننا، حتى في مرحلة الاستخراج عندما يجدون الغاز يتفادونه.. الغاز يحتاج لحل متكامل ليس كالنفط، والحل يبدأ من الإنتاج وحتى التسويق.

خام النفط يمكن تخزينه، الغاز لا يحتمل ذلك، نحن أيضاً كنا مركزين مع النفط أكثر، أثناء إنتاجنا للـ(oil) كان يظهر الغاز، وأحياناً نقوم بحرقه، لم نتملك ضاغطات تخصه، وحرق الغاز يحدث في أي مكان، الغاز الآن موجود في السودان ونحن نتحدث حالياً عن (5) مليارات قدم مكعب، وقابل للزيادة.

* هذا يعني أن الكمية التي لدينا أكبر من المكتشفة في البحر الأبيض المتوسط؟

– هم يتحدثون في غاز البحر المتوسط عن مليار (متر) مكعب، ونحن نتحدث عن (5) مليارات (قدم) مكعب.

* لماذا لم تبرموا عقوداً مع شركات في قطاع الغاز بعيداً عن عمليات الاستكشاف الخاصة بالنفط؟

– وقعنا في سبتمبر المنصرم اتفاقية في الصين مع شركة ستعمل على ذلك، ستنتج غاز طبخ، وغازاً نطيفاً يمكن منه إنتاج الكهرباء، الغاز مطلوب في كل العالم لأنه يعطي طاقة أرخص. توجُهنا الحالي أن يصبح للغاز دور رئيسي في اقتصاد السودان.

كانت قضيتنا الأساسية إيقاف تدهور الإنتاج، عندما عُينت في الوزارة كان الإنتاج (72) ألف برميل وزاد إلى (80) ألفاً، ثم استقر في حوالي (75) ألف برميل يومياً. ولكن هناك معضلة حقيقية هي عدم توفر الأموال لمواصلة الإنتاج، وما أنجزناه بدون توفير أموال جديدة هو إعادة ترتيب الأولويات، بشكل فني أكثر فاعلية.. استطعنا إيقاف التدهور.

* كم يبلغ إنتاجنا من الجازولين الذي ظللنا نعاني من شح في كمياته منذ نحو عام؟

– الجازولين يعتمد على المصفاة ونوعية الخام، بمعنى الخام القادم من “الفولة” يوفر لنا (52%) جازولين، لكن النفط القادم من هجليج يعطي جازولين أقل، حاجتنا للجازولين أكثر من البنزين، والآن نصدر قليلاً من البنزين.

* هل تقصد أن معدل الإنتاج البالغ (76) ألف برميل نفط يحقق فائضاً من البنزين؟

– نعم.. ولكن في البنزين فقط، حيث نصدر بمعدل (300) طن في الشهر إلى إثيوبيا، مقابل مد السودان بكهرباء، تناقصت إلى (180) طناً في الشهر.

* ما هو الموقف الآن؟

– الحل الجذري أن نتمكن من العودة لإنتاج النفط من أرضنا، نحن بحاجة لإيقاف هذا التدهور.. وهذا ما يتم في الوقت الراهن بالفعل، بدأنا زيادة الإنتاج حتى وصلنا إلى مرحلة الحاجة لضخ الأموال للتمويل، تواجهنا صعوبات كما هو معلوم للجميع في الحصول على النقد الأجنبي.

نتوقع في القريب العاجل أن تأتينا رؤوس أموال، ليصل الإنتاج إلى (80) ألف برميل يومياً. لقد قمنا بجولات عالمية خلال الأيام الماضية لعودة المستثمرين، وجدنا إقبالاً كبيراً على السودان.

* ألا تتوقع أن تؤثر الضغوط الغربية.. الأمريكية تحديداً على إقبال المستثمرين على السودان؟

– هم الآن بانتظار رفع العقوبات الأمريكية بشكل كلي، لكن حالياً هنالك شركات أمريكية تعمل في السودان، كشركة (بيكر هيوز)، وهي واحدة من أكبر شركتين متخصصتين في مجال خدمات البترول في أمريكا، وتعمل الآن في حقل “الراوات”.

* متى يبدأ الإنتاج من حقل “الراوات”؟

– عند توفير التمويل اللازم، أي ما يفوق الـ(150) مليون دولار، بإمكانه الإنتاج في غضون عام، لأنني أحتاج لمحطة معالجة للخام، ثم نقله للجبلين للمعالجة المركزية ثم إلى المصافي.

* السيد الوزير.. الآن.. ما هي المشكلة الحقيقية التي تواجه الوقود في السودان.. ما سبب كل هذه الصفوف المتطاولة أمام محطات الوقود.. هذا هو حديث الناس ومركز اهتمامهم؟

– السودان يستهلك من الجازولين (8.800) طن يومياً، نحتاج في الشهر لحوالي (7) بواخر، والباخرة الواحدة تحمل ما بين (40-42) ألف طن شهرياً، المصفاة توفر لنا حمولة حوالي (4) بواخر، إذن حاجتنا من الجازولين المستورد شهرياً (3) بواخر، أي نحو (105-110) مليون دولار شهرياً.

لا شك أن الجميع في بلادنا يعلم أنه تواجهنا مشكلة في توفير النقد الأجنبي، الجازولين المنتج في السودان يوفر (55-60%) من حاجتنا الشهرية، والباقي نستورده، أما البنزين فننتج منه (3200-3400) طن يومياً، استهلاكنا اليومي (3650) طن في اليوم، أي ننتج (90%) ونستورد (10%) فقط.

* المشكلة الحالية لشح الوقود.. هل هي إدارية داخلية أم أنها متعلقة بعدم توفر النقد الأجنبي؟

– أكيد مشكلة نقد أجنبي، وهذا ليس سراً، أنت تستورد ولا تملك النقد الأجنبي الكافي.. هنا تتعسر عملية الاستيراد، وفي ذات الوقت مطلوب من الحكومة توفير القمح، الدواء …الخ. إذن هي مجموعة أشياء تحتاج لترتيب أولويات، وحسن إدارة.

* هل تواجهون مشاكل إدارية أو تلاعباً بالجازولين بين الولايات أو تهريبه عبر الحدود.. أو مشاكل في النقل؟

– نعم.. بالطبع، نحن نستهلك (8.800) طن جازولين في اليوم، لكن في هذا اليوم هناك صفوف في محطات الوقود، وبإمكانك شراء أية كمية تحتاجها من السوق الأسود!! ونشرت الصحف قبل يومين معلومات تفيد بالقبض على تجار سوق أسود للجازولين من قبل الأمن الاقتصادي، هذا يعني أن هناك خللاً في المتابعة والمراقبة، والمتابعة الأمنية صعبة واقعياً.. الحل يكمن في الوفرة.

* ظهرت هذه الأيام أزمة بنزين في الخرطوم.. وعادت صفوفه جنباً إلى جنب صفوف الجازولين.. ما هو السبب مع أن إنتاجنا المحلي من البنزين يكفي (90%) من استهلاكنا؟!

– استهلاك الخرطوم وحدها من (2600) طن إلى (2700) طن في اليوم ونحن نوزع بها يومياً فقط (3000) طن.

ما حدث هو عطل صغير في المصفاة خلال اليومين الماضيين أدى لنقص الكمية.. عطل صغير في المصفاة وتمت معالجته، اثره لن يكون كبيراً.

* رأيت قبل أيام (تانكر) صغير يتزود بالوقود من داخل إحدى محطات الوقود في مدينة بحري قد يكون تابعاً لمشروع زراعي.. هل مسموح لديكم في الوزارة أن يشتري أحدهم (تانكر) وقود من محطة؟

– لا أعلم عن هذا الموضوع.. ولا أعتقد أن هنالك تصاديق لـ(تانكر) من محطة وقود، هذا يعني أن هناك تجارة أزمات.. سأسأل عن هذا الأمر. مضاف إلى ذلك.. تواجهنا مشكلة في النقل من مصفاة الجيلي لمدن العاصمة.. اجتمعت بغرفة النقل وعلمت أن الشركات تفضل النقل من الجيلي إلى الولايات وليس الخرطوم!! لأن الولايات تدفع للناقلات أكثر من الخرطوم.. أخبروني أن النقل للخرطوم غير مجزٍ وهي شركات قطاع خاص.

* أليست هناك شركة نقل تابعة للوزارة.. لماذا لا تستخدمون شاحناتكم؟

– الحكومة تملك شركة نقل ولكنها تعمل في خط بورتسودان، نسعى في هذه الفترة لمعالجة مشكلة النقل.

* هل بالإمكان طرح عطاءات للشركات في مجال النقل وأن تقبلوا الأقل تكلفة كما سيحدث في موضوع الدواء؟

– النقل مسؤولية شركات التوزيع، وليس مسؤوليتنا نحن كوزارة.

حاوره: الهندي عز الدين

الخرطوم: (صحيفة المجهر)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى