هل سمعتي آخر خبر؟؟؟ 2019

هل يحدث كثيرا أن ينتابك الملل والضجر يوم إجازتك الأسبوعية ولا تتحمسين لفعل أي شيء مفيد لقضاء الوقت، وفجأة يرن هاتفك الجوال، فتردي عليه بخمول وتكاسل، لتجدي على الطرف الآخر إحدى صديقاتك التي تبادرك بالجملة السحرية: “هل سمعت آخر الأخبار؟؟!! لن تصدقي ما سأقوله لك!”. وهنا يتبخر الملل والكسل، وتلمع عيناك وتعتدلي في انتباه لتسمعي أحدث الشائعات وعبارات النميمة التي تلقيها صديقتك على مسامعك حول صديقات أو زميلات أخريات نشب بينهن شجار حامي الوطيس لأسباب سرية أو حتى عن بعض مشاهير الفن والسياسة: فهذا تزوج، وهذه زوجها يخونها وثالث متورط في بعض الأعمال غير المشروعة…. إلى آخره. وقد يمتد الحديث بينكما لساعات وساعات دون أن تشعري بمضي الوقت، ودون أن تدركي فداحة ما تقومين به، والذي لا مسمى واقعي آخر له سوى الغيبة والنميمة وإطلاق الشائعات والأكاذيب، بل وتصديقها في بعض الأحيان والزيادة عليها ونقلها للآخرين! هل هذا هو أكثر شيء تبرعين فيه وتجيدين فعله؟!
للأسف معظم الفتيات – بل والفتيان أيضا- في مرحلة ما قبل العشرين تكون هذه هي وسيلتهم المفضلة لقضاء الوقت. الأمر من وجهة نظرهم يكون مجرد لهو بريء وتسلية وتبادل الحديث مع الأصدقاء حول الدنيا وأحوال الناس، لكن الحقيقة هو أن ما يفعلونه أمر مرفوض تماما.
بل إن الغيبة والنميمة في حقيقة الأمر ذنب كبير كما تحدث عنهما الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم قال تعالى : “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا. أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه”. صدق الله العظيم، وفي آية أخرى: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” صدق الله العظيم.
هذا من الناحية الدينية، والتي تتكامل معها أيضا الناحية المجتمعية. واجهي نفسك بهدوء وناقشي الأمر في عقلك بشكل منطقي: هل هذا التصرف ضار بالآخرين أم لا؟ هل تحبين أن تصبحي أنت نفسك مادة للغيبة والنميمة في أحد المجالس بين الفتيات؟ وإذا جادلت في الأمر بقولك أنك لم تبدئي بالخوض في مثل هذا الحديث، بل إن إحدى الصديقات هي من بادرت بإبلاغك تلك الأخبار وكل ما فعلته هو الاستماع إليها والتعليق على ما قالته، وربما نقله بعد ذلك لأشخاص آخرين. لكن اسألي نفسك: ما الذي يمنع تلك الفتاة التي نقلت إليك نمائم عن الآخرين أن تتحدث عنك أنت نفسك للآخرين وتنقل أشياء قد تكون حقيقية أو مختلقة تشوه صورتك أو تسيء إليك؟ هل ترضين بذلك؟
وإن كنت لا ترضين بذلك، فلماذا تسمحين لنفسك بأن تكوني جزءا منه منذ البداية؟ الأمر يحمل في طيته سوء نية وحقد على الآخرين ورغبة في الإضرار بهم، لذا فهو أمر غير سوي وغير مقبول على الإطلاق.
لذا حاولي أن تنأي بنفسك عن الخوض في أحاديث النميمة والغيبة، وإذا بادرت إحدى الفتيات بنقل أخبار لك عن الآخرين، انهريها بحزم واطلبي منها تغيير الموضوع لأنك لا تحبين التحدث عن الآخرين من خلف ظهورهم. وإن كانت تصر على الحديث، فلتنتظر حتى يتواجد الأشخاص الذين تتحدث عنهم حتى تقول ما تريد في وجودهم.
إذا فعلت ذلك، ستشعر صديقتك تلك بالإحراج، وستتوقف عن بث سمومها في أذنيك، وتعرف أنك تكرهين الغيبة وأحاديث النميمة الفارغة. أما عن التسلية وتمضية الوقت، فأنت بالتأكيد لن تعدمي أكثر من وسيلة للاستفادة بأوقات فراغك فيما يفيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى