نبذة مختصرة عن شاعر شعراء زمانه…………..

نبذة مختصرة عن شاعر شعراء زمانه…………..

اسمه همام بن غالب وهو من أشرف بيوت تميم من مجاشع بن دارم ، فقد عرف جده صعصعة بن مجاشع بأنه محيي الموءودات ، أنه كان في الجاهلية يفتدي كل فتاة يهم أبوها أن يئدها ، أما أبوه غالب فكان بدويا صاحب إبل وأنعام ثم نزل البصرة وسكنها واشتهر بكرمه ، وأم الفرزدق اسمها لينة من قبيلة ضبّة ، أما جدة الفرزدق لأبيه فكان مشهورة وهي أخت الأقرع بن حابس ..

ولد الفرزدق بكاظمة وهي التي تسمى حاليا الجهرة شرقي مدينة الكويت ، وكانت ولادته في خلافة عمر رضي الله عنه ، ونشأ نشأة بدوية ، وقد غلب عليه لقب الفرزدق لقبح وجهه لأن الفرزدقة معناها الرغيف بعد أنا يخرج من الرماد مبرقعاً..

لما بدأ ينظم الشعر حمله أبوه وهو في الخامسة عشرة من عمره على الإمام علي رضي الله عنه ، وهو في البصرة وجعله ينشد أمامه شيئاً من شعره فنصحه الإمام علي بحفظ القرآن فحفظه..

وكان الفرزدق يتشيع بآل البيت ، ويعتقد بحقهم في الخلافة ، ولكنه كان مع ذلك يمدح بني أُمية لينال عطاءهم ، لأن العلويين كانوا في ظلال الحكم الأموي فقراء ..

وقد عرف الفرزدق باشتباكاته مع جرير في الهجاء والنقائض ، ذلك الاشتباك الذي استمر مدّة طويلة على أن توفي الفرزدق سنة 114هـ ..

مقالات ذات صلة

وكما ذكرنا من قبل فإن الفرزدق كان قبيحاً دميماً في صفاته الجسمانية وفي صفاته الخلقية:
فقد كان قصيراً ، ضخماً ، مجدور الوجه ، أصلع ، دميم الخلقة .
وأما من حيث خُلُقه فقد كان فاسقاً ، ماجناً ، مجاهر بالفسوق ، مما جعل الخلفاء ينفرونه مراراً بسبب خلاعته ، ومن الخلفاء الذين نفوه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وقد هجاه في هذا جرير فقال له..

نفاك الأغرُّ بنُ عبد العزيز=مثلُك يُنفى من المسجدِ

ويروى أن الفرزدق كان متغطرساً كزاً ، مما أفقده الكثير من شعبيته فمال الناس عنه إلى جرير ، وكان الفرزدق مزواجاً ، فقد تزوج بنت عمه نوار على كره منها ، ثم طلقها ، ثم تزوج أخرى اسمها حدراء ، وكانت نصرانية من شيبان ، وتزوج زنجية ولدت له ابنته مكيّة ، ثم تزوج بعدئذٍ امرأتين اسم إحداهما رُهمية والأخرى طيبة ، وبلغ من بداوته وجفوته أن سمى بناته الأربع اللاتي من نوار: لَبَطَة ، وسَبَطَة ، وخَبَطَة ، ورَكَضَة
وكان في حياته الزوجية غير موفق بسبب خشونته..

وكان إذا مدح بالغ إلى حد النفاق ، والخروج عن حدود الشريعة فقد مدح يزيد بن عبد الملك الذي عُرف باللهو والمجون ، فقال فيه:

ولو كان بعدَ المصطفى من عبادِهِ =نبيُّ لهم منهم لأمر العزائم
لكنت الذي يختارُهُ الله بعدَهُ=لحملِ الأمانات الثِّقال العظائم

يقول هذا مع انه كان في مطلع حياته شيعياً يتشيع لآل علي.
ولكن يقال إنه تاب إلى ربه آخر حياته وندم على مااقترف من آثام ومما يصور توبته التي خاطب بها إبليس ، ومنها قوله:

أطعتك يا إبليسُ سبعين حِجّةً=فلما انتهى شيبي وتمَّ تمامي
فررت على ربي وأيقنتُ أنني=ملاقٍ لأيّامِ المنونِ حِمامي

وبالنسبة لشاعريته فقد اعتبر كثير من النقاد أن الفرزدق أعظم شعراء العصر الأموي ، ولكنَّ هذا القول في الحقيقة مبالغٌ فيه ، ولاشك أن الفرزدق عَلَمٌ ضخمٌ من أعلام الشعر العربيّ ، وبسبب بداوته اتخذ اللغويون شعره مصدراً كبيراً من مصادر اللغة.. حتى قال بَعضُهم : ((لولا شعرُ الفرزدق لذهبَ ثلث لغةِ العرب))، وكذلك كان الفرزدق في شعره مصدراً تاريخياً لكثرة حديثه عن أيام العرب ومناقب القبائل ومثالبها ، حتى قال بعض مؤرخي الأدب : ((لولا شعر الفرزدق لذهب نصف أخبار الناس)).
وقد خاض الفرزدق في شعره أغراضاً كثيرة ، وكان جرير يفوقه في معظمها ، تفوِّق على جرير وعلى غيره من الشعراء في غرض واحد من أغراض الشعر وهو الفخر ، وذلك لأنّ ظروفه وبيئته ونسبه كلُّ هذه هيأته للتفوق في هذا الفنّ.

أما المديح فكان دون جرير ، وكذلك في الغزل والرثاء ، وذلك لأنه كان جافياً وخشناً ، وهذه الفنون تتطلب عاطفة رقيقة ، وتلك كانت بعيدة عن جفوة الفرزدق وبداوته ، وقد روي أنّ النساء بكين زوجة الفرزدق يوم ماتت مرددات أبياتا من رثاء جرير في زوجته أم حزرة ، ولم يرددن شيئاً من رثاء الفرزدق..

ولا يظهر أثر القرآن والإسلام في شعر الفرزدق إلا في مدائحه ، مع أنه كان يحفظ القرآن ، وهذا أيضاً أثر من أثر مزاجه..

ومع هذا فمن حيث فخامة الأسلوب وقوة التراكيب وفصاحة اللفظ وتوليد المعاني في الفخر يعد الشاعر سابقاً في حلبة شعرنا لايُشَقُ له غبار..

كما انه راوي أفضل بيتين في الفخر التي هيا…

أولئك آبائي فجئنِي بمثلهم=إذا جمَعتَنا يا جريرُ لمجامعُ
فيا عجباً حتى كُلَيبٌ تسبُّني=كأنَّ أباها نَهشَلٌ أو مجاشِعُ

ونموذجاً لشعره ، قصيدة من قصائد الفخر ذات الشهرة ، قصيدة فائية للفرزدق اخترت منها هذه الأبيات:

لنا العزَّةُ القعساءُ والعددُ الذي=عليه إذا عُدَّ الحصى يتخلّفُ
ولا عزَّ إلا عزُّنا قاهرٌ له=ويسألنا النَّصْفَ الذليلُ فيُنصَفُ
ومنَّا الذي لا ينطِق الناس عندَهُ=ولكنْ هو المستأذَنُ المتنصَّفُ
تراهمْ قعوداً حولَهُ وعيونُهم=مُكسّرةُ أبصارُها ما تصرَّفُ
وبيتان:بيتُ اللّهِ نحنُ وُلاتُهُ=وبيتٌ بأعلى إيلياءَ مُشَرَّفُ
إذا هبطَ الناس المحصِّبّ من مِنَى=عشَّية يومِ النحر منء حيثُ عرَّفوا
ترى الناسَ ما سرْنا يسيرونَ خلْفَنا=وإنْ نحنُ أومأْنا إلى الناس وقَّفوا
فإنك إذ تسعى لتدرك دارِماً=لأنْتَ المُعنّى يا جريرُ المكلّفُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى