مر آلقطآر ولآبديل عن آلإنتظآر … بعد سن آلثلآثين 2019

ثمّة نساء تجاوزن الثلاثين وربّما الأربعين بلا زواج، ليس بسبب عدم مجيء فارس الأحلام، وإنّما لعدم الاستعداد لدخول “القفص”.
مرّ بها الزمان كالقطار السريع. عاشت سنين الحياة لحظة بلحظة، ولم تبقى على شيء لأن نظرتها كانت دائماً على الحاضر الشاب، فلا هي فكِّرت في الغابر من الأيام، ولا استوقفها المستقبل. حظيت بنصيب وافر من النجاح؛ فقد أكملت دراسة الماجستير، وحصلت على ترقية في العمل، حتى باتت محسودةً بين أقرانها من الرجال الذين تحول بعضهم من زملاء إلى مرؤوسين يعملون تحت إمرتها. وعندما شاغلها نداء خفي بأن تبحث عن عواطفها وتفتش عما بقي لها من فرص الأمومة؛ تأمُّلت مرآتها، ونظرت إلى بطاقة هويتها، واستوقفها كثيراً عمرها الذي تجاوز الرابعة والثلاثين.
كم من الفرص بقيت في الحياة لكي تحقق تلك الأحلام العائدة بعد طول اختفاء؟ وأي نوع من الفرص ذلك الذي يتاح لإمرأة ثلاثينية كثيراً ما “طنّشت” نداءاتها الأنثوية، وهاهي في الرابعة والثلاثين تستعجل اللحاق بما فات؟

هذه خلاصة ما أرادت “ر. س” التعبير عنه وهي تكتب عن أزمة الثلاثين في عمر المرأة العزباء، وتنشره على مدونتها. وهي تريد لخواطرها أن تضيء تلك المساحة المعتمة في حياة العديد من النساء اللاهثات وراء النجاح المادي من دون أن يفكِّرن في مستقبلهنّ العائلي؛ تلك المساحة المنسية من التفكير في وقت أصبحت القيم فيه مرتبطة بالمادة فحسب.

في زماننا لم تعد كلمة “عانس” تصلح لوصف الحال؛ فقد قيلت هذه الكلمة في وصف نساء أصغر بكثير من سنّ الثلاثين، يوم كانت المرأة تبدأ مشوار الإنتظار والبحث في مطلع العشرينيات، وربّما قبل ذلك. ففي عالم اليوم ثمّة شريحة واسعة من النساء بلغن الثلاثين وربّما الأربعين بلا زواج لعدم الاستعداد لإستقباله قبل أن تفرغ المرأة من تحقيق شروطها الخاصة ووعودها الخاصة. بعضهنّ ينشدن منصباً رفيعاً، وأخريات يسعين إلى النهل من العلم والشهادات العليا، وفريق منهنّ يفكِّرن في المليون الأوّل أكثر بكثير من استعدادهنّ لإستقبال الحب الأوّل.

– نقاش الثلاثين:
ونقاش “الثلاثين” ليس حكراً على مجتمع دون غيره، إنّما هو نقاش عالمي بامتياز. وعلى موقع “……” للتفاعل الإجتماعي أطلقت فتاة حواراً مفعماً حيث بدأت بسؤال يقول: “هل تعتقدون أنّ النساء في الثلاثينيات يجدن صعوبة في العثور على زوج؟”. وجاءت الإجابات من كل طيف ولون، وهاهي بعض تلك الإجابات:

ك. ب : نعم بالتأكيد، وخصوصاً بالنسبة إلى امرأة مثلي. إنّ حياتي تنقسم إلى مرحلتين؛ قبل الثلاثين وبعد الثلاثين. وفي الأولى كنت أصم أذني وأغلق عيني عن كل العروض التي جاءتني، وهي لا تعد ولا تحصى. أمّا في المرحلة الثانية، فإنّ الحظ يصمّ أذنيه وعينيه حتى لا يلتفت إليَّ. لست متلهفة كثيراً على الزواج، ولكنّي وضعت نفسي في حالة استعداد لدراسة أوّل عرض ملائم، والمشكلة أنّ العروض الحقيقية صارت شحيحة للغاية.

ج.ك : المرأة الثلاثينية تنتظر مجيء العريس من الرجال الثلاثينين، ولكن هؤلاء لا يتطلعون إلى سنّ الثلاثين عند بحثهم عن النصف الآخر، إنّما يبحثون عنه في فئة العشرينيات. الرجال يحبّون البحث عن فتيات أكثر شباباً منهم، لهذا تجد الرجل الثلاثيني عندما يفكِّر في الزواج لا ينظر إلى امرأة تجاوزت الثلاثين أو حتى اقتربت منها.

ى.و : صحيح أنّ الرجال يتطلعون إلى بنات العشرين، لكن ليس بغرض الزواج. وأنا أعتقد أن مَن يفكِّر في الزواج إنّما يريد امرأة ناضجة تستطيع التعايش معه وفهمه بشكل صحيح، وبنات العشرين لسن ناضجات بما يكفي.

ب.ح : بعض الرجال يبحثون بالفعل عن زوجات أصغر سناً، ولكن هؤلاء يفشلون على الأغلب؛ فوهج السن الصغيرة سرعان ما يختفي بعد سنوات قليلة من الزواج، وتبقى أمور أخرى أكثر أهمية في نظري. إنّ الموضوع أشبه بالزواج من أجل المال، فعندما يستحيل التعايش مع الشريك الزوجي، لا يهم إن كان مليونيراً أو معدماً.

ف.ا : دعونا لا نطلق الأحكام جزافاً. أقول لكم: إنّ المشكلة تكمن في المرأة أوّلاً وأخيراً. فسن الثلاثين ليست سن شيخوخة، ولكن ضعف اهتمام المرأة بنفسها يجعلها شيئاً شبيهاً بذلك. لماذا يتضاءل اهتمام المراة بأناقتها وجمالها مع الوقت؟ المطلوب هو العكس؛ فإن كانت الفتاة العشرينية تمتلك شباباً يعوضها الاهتمام بأناقتها، فإنّ على بنت الثلاثين ألا تساوم في اهتمامها بمظهرها ورشاقتها. عليها أن تفكر في ما تلبس، وما تأكل، وما تفعل …إلخ.

لنتذكر أنّ الرجل يعشق بالعين؛ إنّه ذو ثقافة بصرية كما نعلم. ولكن مهلاً، هذا لا يعني أنّ على المرأة أن تكون كعارضة الأزياء في قوامها ورشاقتها وأناقتها. كم تبلغ نسبة عارضات الأزياء في حياتنا؟ إنّها لا تزيد على واحد في الألف. وعلى رغم أنّ الصورة الطاغية من خلال وسائل الإعلام هي للمرأة التي تستمد جمالها من نحافتها المفرطة، فإنّ الغالبية العظمى من النساء لا يتمتعن بتلك النحافة، ومع ذلك فإن نسبة الجمال والجاذبية لدى تلك الغالبية من النساء عالية. وصدق مَنْ قال: إنّ كل امرأة فيها من عناصر الجمال ما يكفيها، بشرط أن تحسن التعامل مع متطلّبات مظهرها وشخصيتها. أنا أرى أنّ المرأة الثلاثينية، ولو كانت تعيش وضعاً صعباً، فإنّها تبالغ حين تقول: إنّ القطار قد فات، وإنّ الرجال لم يعودوا يهتمون وما إلى ذلك. أعتقد أنّ الرجل الثلاثيني قد يقع في حب امرأة ثلاثينية. وأقصى ما يمكن أن يحدث هو أن يبدي الرجل فضولاً في محاولة معرفة السبب في تأخرها في الزواج. وقد يرغب في معرفة تاريخها العاطفي؛ كم مرّة خفق قلبها لرجل، وهل خُطبت من قبل أم لا.. إلخ. المسألة تذكرني بمقولات المرأة المطلّقة، فهي تدعي بسهولة أنّ الرجل مازال غير قادر على تقبُّل الإرتباط بإمرأة مطلقة.
وهي تقول ذلك لمجرّد أنّ الرجل يطرح عليها أسئلة عن تجربتها السابقة، ويبدي قدراً عالياً من الفضول. ولكن ألا تبدي المرأة الفضول نفسه عندما تتعرف إلى رجل مطلق؟ ألا يدفعها فضولها إلى معرفة كيف عاش تجربته السابقة، ولماذا فشل فيها، وما المشاعر التي يحملها تجاه تلك التجربة وتجاه شريكته السابقة؟.. أكرر وأؤكِّد أنّ ليس كلّ الرجال يبحثون عن الفتيات العشرينيات. وبقدر ما هنالك نساء غير ناضجات، فهنالك أيضاً رجال غير ناضجين، وهؤلاء هم من يضعون العمر شرطاً شبه وحيد للإرتباط بامرأة.

أخيراً يأتي تعليق امرأة أطلقت على نفسها اسم “ل.م”: معشر النساء، السؤال لا يتعلّق بما إذا كان الرجل الثلاثيني يقبل الزواج بامرأة ثلاثينية. السؤال هو: لماذا تفكِّر امرأة في الثلاثين بالزواج برجل في الثلاثين؟ لماذا لا تتطلّع إلى ابن الأربعين، وما أكثر الرجال في تلك السن الذين إما أنّهم لم يتزوجوا وإما أنّهم ترملوا أو طلقوا. إنّ الرجل الأربعيني هو رجل أكثر نضجاً من النواحي المادية والعاطفية وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى