مدينة القيروان

بناة الحضارة

لم يكن دخول المسلمين إلى مناطق جديدة من العالم محض تسلية، أو لكسب منافع معينة، فقد كانوا يبذلون مجهودات جبارة من أجل بناء حضارة حقيقية متماسكة استطاعت أن تحفر اسمها على صفحات التاريخ الإنساني.
استطاع المسلمون الأوائل تشييد العديد من المدن الهامة في مشارق الأرض ومغاربها، ولا تزال هذه المدن تمارس دورها الحضاري إلى يومنا هذا، كما أن آثار المسلمين البيضاء لا تزال ماثلة، دالة على عظمة هذه الأمة. ومن أبرز المدن التي شيدها المسلمون مدينة القيروان التونسية، وفيما يلي بعض المعلومات عنها.

باني مدينة القيروان

تقع مدينة القيروان في دولة تونس الواقعة في شمالي القارة الإفريقية، حيث تبعد عن مدينة تونس عاصمة البلاد قرابة ثمانين كيلومتراً تقريباً. يرجع تاريخ مدينة القيروان إلى منتصف القرن الأول الهجري، الموافق للقرن السابع الميلادي، وقد بناها القائد المسلم عقبة بن نافع –رضي الله عنه-.
هدف من خلال بناء هذه المدينة إلى تأسيس مستقر للمسلمين، خاصة بعد توغل الجيوش الإسلامية في أعماق الشمال الإفريقي. هذا وتعتبر مدينة القيروان التونسية واحدة من أهم المدن الإسلامية على امتداد التاريخ الإسلامي، كما وتعتبر أول مدينة إسلامية في منطقة المغرب العربي، ومن هنا فقد كانت هذه المدينة انطلاقة رائعة لتأسيس الحضارة الإسلامية العربية في المغرب والتي امتدت عبر القرون المتعاقبة واستمرت إلى يومنا هذا.
أما القائد عقبة بن نافع –رضي الله عنه- فهو من أشهر القادة المسلمين الذين لمعت أسماؤهم عبر التاريخ الإسلامي، وهو قائد عربي قرشي، يرتبط بصلة قرابة مع الصحابي عمرو بن العاص –رضي الله عنه-.
ولد عقبة في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، قبل الهجرة النبوية الشريفة بعام واحد تقريباً على الأرجح، وبرز في عهد الصحابي الجليل عمر بن الخطاب خلال حركة الفتوحات الإسلامية التي تمت في عهده.
من أشهر الأعمال التي قام بها عقبة بن نافع –رحمه الله- بناؤه لمدينة القيروان التونسية، واسم القيروان يعني المحطة المخصصة للجنود، وهذا الاسم مرتبط إلى حد بعيد بالوظيفة التي من أجلها أنشئت هذه المدينة. وقد استشهد عقبة بن نافع –رضي الله عنه- في العام الثالث والستين من الهجرة.
بنى عقبة بن نافع في مدينة القيروان مسجداً لا يزال قائماً إلى يومنا هذا ويطلق عليه اسم مسجد عقبة بن نافع، وقد كان هذا المسجد في بادئ الأمر بسيطاً جداً، غير أنه أخذ بالتوسع مع الزمن، حيث يعتبر هذا المسجد واحداً من أهم المساجد في منطقة المغرب العربي خاصة، وفي العالم الإسلامي عامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى