مجموعة توماس سريلو.. على ماذا ستتفاوض؟

بقلم فرانسيس مايكل

هددت المنظومة الإقليمية "الإيقاد" بتصنيف مجموعة المعارضة التى تقودها الجنرال توماس سريلو و التي رفضت التوقيع على إتفاق السلام الأخير، على أنها مفسدة للعملية السلمية في جنوب السودان، وقد شكل هذا التهديد منعطف أخر في موقف هذه المجموعة، وقد هدد نائب رئيس الجمهورية جيمس واني إيقا من قبل، بتصنيف هذه المجموعات بإنها إرهابية، الامر الذي إستنكرته المجموعة.

وعليه يظل السؤال المطروح حول عما إذا كانت الحكومة مستعدة لخوض الحرب مجدداً ضد هذه الحركة المسلحة خلال الفترة الإنتقالية، وبالمقابل عما إذا كانت مجموعة سريلو هي الأخرى على إستعداد لمحاربة حكومة في الفترة الإنتقالية، وكيف ستتعامل مع تهديدات الإيقاد بإعتبارها الوسيط الذي يتعامل مع كل الحركات المعارضة لتحقيق السلام وليس لإستمرار الحرب؟. يبدو ان الطريق لايزال شاق أمام جميع الأطراف لتحقيق السلام الحقيقي في جنوب السودان في ظل استمرار وجود خلافات سابقة فيما بينها، وبرغم أن الإتفاق الأخير قد عكس هدوء نسبي في جميع أرجاء البلاد واسكت صوت السلاح ، إلا إن رفض مجموعة توماس سريلو للإتفاق له سلبياته وإيجابياته.

فمطلب الفدرالية التي تتبنها المجموعة بشكل صريح هي العقبة التي تقف امام إنضمامها لإتفاق السلام بعد الإنشقاقات التي حدثت في تحالف المعارضة (سوا) وإنقسامها إلى مجموعتين واحدة تدعم مسيرة السلام وأخرى رافضة بقيادة سريلو. فإذا كانت الفدرالية هي مطلب شعبي على حسب قناعة الحركة فإن من الخطاء التمسك به دون الرجوع للشعب بإجراء إستفتاء يعبر فيه كل مواطن عن رأيه في نظام حكم البلاد، وهذا ما توصلت إليه لجنة الحوار الوطني في أن معظم الأراء تشير الى ضرورة العودة الى نظام تقسيم جنوب السودان إلى ثلاث أقاليم ويتم رئاسة البلاد بالتناوب، أي بمعنى أخر تطبيق الفدرالي، ولكن هل الفدرالية التي تنادي بها المجموعة تعبر حقا عن رأي المواطن؟، فهذه هي الربكة السياسية للحركة، تقود الى ضرورة أعادة صياغة رؤيتها من جديد وتحديد أهدافها السياسية لإقناع الناس بصورة عامة حتى لا يكونوا ضحية المرحلة المقبلة من العملية السلمية.

احتراما للديمقراطية فإن اقامة نظام فدرالي يتطلب السلام وليس التعصب والتشدد السياسي القبلي، وأن كان الحرب قد ولدت القبلية، فتطبيق الفدرالية الإجبارية ليس إلا إنذار مبكر لتشتت الدولة.

فالمهم في الوقت الحالي هو ضرورة تبني مجموعة سريلو لرؤية واضحة تحدد فيها الأهداف التي تنشدها وتتنازل عن مواقفها المتشددة وتلحق بركب العملية السلمية، ونسبة لان عملية السلام تلخصت في توزيع على مناصب السياسية وعدم مقدرة الأيقاد في مخاطبة جذور المشكلة، فإن هذا الوضع سيشكل تحدي أخر أمام إنضمام حركة سريلو للعملية السلمية في إطار إيجاد وضعية مقبولة لها من قبل الأطراف في الإتفاق الجديد.

فالضغط على المجموعة يشكل تحدي أخر حال رفضهم أو قبولهم لمقترح الجلوس في طاولة التفاوض مجدداً، ولما كانت الحركة قد أكدت مرارا وتكراراً إستعدادها للتفاوض مجدداً، يصبح السؤال مطروح هو ..على ماذا ستتفاوض مجموعة سريلو، والكل قد نال نصيبه من الإتفاق المنشط.. وهل ستتفاوض في سبيل الحصول على جزء من السلطة، أم اقامة نظام فيدرالي أم وضع السلاح جنباً وإنتظار الإنتخابات المُقبلة مع نهاية الفترة الإنتقالية.؟

واذا تلخص تحقيق السلام في جنوب السودان في تقاسم السلطة بدلاً من مُخاطبة جذور الأزمة، فإن مجموعة سريلو ستكون في مفترق الطرق مابين السلطة ومزاعم تطبيق الفدرالية ومخاطبة جذور الأزمة. وهذا يضعها أيضاً ما بين سندن الحكومة ومطرقة الأطراف الموقعة على الإتفاق ودول الإقليم لإعادتهم إلى العملية السلمية.

على كل حال يظل تحقيق السلام في جنوب السودان بحاجة الى ضم اي مجموعة مسلحة إلى أتفاق السلام لإتاحة الحريات السياسية لمعارضة السلمية من الداخل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى