ما هي أنواع الذكاء الثمانية

الذكاء

الذكاء هو قُدرة الفرد على حلّ المسائل والتعلُّم وفهم البديهيات إضافةً إلى إحداث التفكير التأمّلي، وقد اختلف عُلماء النفس في تعريفهم لهم، مما أدى إلى ظهور عدة تعاريف له، فمنهم من عرّفه حسب وظيفته، ومنهم حسب بنائه، وآخرون عرّفوه تعريفاً إجرائياً.

إنّ الذكاء من حيث الوظيفة له عدّة تعاريف؛ فحسب ترمان (بالإنجليزية: Terman) الذكاء هو قدرة الفرد على التفكير المجرد، وحسب شترن (بالإنجيزية: Stern) الذكاء هو قدرة الفرد العامة على تكييف عقله مع مواقف ومشاكل الحياة الجديدة، ويُعرّف كلفن (بالإنجليزية:Colvin) الذكاء على أنّه قدرة الفرد على التعلم، أمّا كهلر (بالإنجليزية: Kohler) عرف الذكاء على أنّه قدرة الفرد على الاستبصار، وهي قدرته على الإدراك والفهم الفجائي وذلك بعد محاولاتٍ فاشلة من الممكن أن تطول أو تقصر، وعرّف جودارد الذكاء على أنه القدرة على الاستفادة من أيٍّ من الخبرات السابقة في حل المشكلات الواقعة في الحاضر والقدرة على التنبؤ بمشكلات المستقبل.[١]

الذكاء من حيث بنائه وتكوينه له عدّة تعريفات أيضاً، منها تعريف بينيه (بالإنجليزية: Binet) حيث يقول إنّ الذكاء يتألّف من أربع قدرات وهي: الفهم، والابتكار، والنقد، والقدرة على توجيه التفكير في اتّجاهٍ مُعيّن واستبقائه في الاتجاه نفسه، أمّا سبيرمان (بالإنجليزية:Spearman) فيُعرّف الذكاء على أنّه قدرة فطرية عامة تؤثر على جميع نشاطات العقل أياً كان موضوعها وشكلها، كما يُعرّف ثورندايك (بالإنجليزية: Thorndike) الذكاء بأنه مُحصّلة مجموعة من القدرات المستقلة عن بعضها البعض.[١]

أجرى العلماء أبحاثاً كثيرة حول الذكاء البشري أدّت إلى ظهور عدّة نظريّات حوله، ومن أهمّ الدراسات والاستنتاجات تلك التي ظَهرت على يد الدكتور هاوارد جاردنر وهو أستاذ في جامعة هارفارد، حيث استنتج أن الذكاء ليس فردياً، كما أنه لا يعتمد على تصنيف الأفراد تبعاً لدرجة ذكائهم، وإنما يُصنَّف اعتماداً على طبيعة الذكاء الذي يتمتعون به.[٢]

أنواع الذكاء

أطلق عالم النفس هاوارد جاردنر كتابه أُطر العقل في عام 1987م، وقد أورد فيه سبعة أنواع من الذكاء، وعرّفه بأنّه مجموعة من القدرات التي يَمتلكها الشخص في مجالات كثيرة وتكون هذه القدرات مُستقلّةً عن بعضها البعض، كما ترك هاواراد المجال مفتوحاً لإضافة أنواع أخرى من الذكاء.[٣]

الذكاء اللغوي

الذكاء اللغوي (بالإنجليزية: Linguistic Inteligence) هو قُدرة الفرد على التّعبير اللغوي واستِعماله للكلمات، وهذه القدرة قد يَمتلكها اشخاص اكثر من غيرهم، مثلاً يَمتلكها الخطباء ورُؤساء القوم، وتستغل بعض الفِئات هذه المهارة للوصولِ إلى عقول الناس، ومن الأمثلة على ذلك مسرحيّة يوليوس قيصر لشكسبير؛ حيث يظهر بروتوس فيها وقد كسب الرأي العام لصالحه مُعتمداً على قوّة خطابه، ومن أمثلة التاريخ العربي على ذلك أيضاً الحجاج بن يوسف الذي امتاز بقوّة تعبيره وبلاغته.[٣]

يَقول هاوارد إنّ الأطفال والصُّم لهم لغتهم الخاصة بهم والتي يُطوّرونها عِندما لا يَملكون خياراً آخر لعَدم قُدرتهم على الكلام، وقد تمّ في الآونةِ الأخيرة اكتشاف العلاقة القويّة بين العقل واللغة؛ حيث إنّه توجد في المخ منطقة تُدعى بروكا، إذا أصابها أي ضرر مادي سوف تتأثر قدرة الشخص على الكلام، وعلى الرّغم من أن المُصاب يفهم الكلمات إلا أنه عاجز عن تركيب الجمل، فالقدرة على فهم اللغة وبناء الجمل تختلف من فرد إلى آخر، إلّا أنَّ هذا لا يغير من حقيقة أن اللغة سمة معرفية وظاهرة عالمية.[٣]

يُعرّف الذكاء اللغوي أيضاً على أنّه القدرة على استخدام الكلمات والإبداع في ذلك، وإيجاد الفرد للمصطلحات التي تصف أدق التفاصيل، بالإضافة إلى القدرة على خلق لغة مؤثرة في المحيط بشكل فعال، وهذا النوع من الذكاء هو الأكثر أهميّة لأنه يَرتبط بوسيلة التواصل الأساسّية بين الناس، وهذه الوسيلة هي الكلمات، فمن يُتقن الذكاء اللغوي أو اللفظي هو الأكثر إقناعاً لمن حوله، وهو الأكثر دقة في التعبير عن نفسه ومشاعره ممّا يجعله متميزاً بين أقرانه.[٤]

الذكاء المنطقي الرياضي

الذكاء المنطقي الرياضي (بالإنجليزية: Logical-Mathematical Intelligence) هو الأب النموذجي للذكاء، فباستعمال الفرد لأدوات التفكير بطريقة صحيحة مثل التعميم والاستنتاج وغيرها من العمليّات المَنطقية يَستطيع أن يصل إلى التفكير السليم، ويتميز هذا النوع من الذكاء بأنّه لا يحتاج إلى تعابير لفظية عادة؛ حيث يستطيع الشخص أن يُعالج مسألة رياضية داخل عقله دون أن يُعبّر لفظياً أو لغوياً، ويستطيع الأفراد الذين يملكون قدرةً حسابيةً عالية أن يُعالجوا المسائل التي تعتمد على قوّة المنطق.[٣]

إنّ الذكاء الرياضي هو نمط للتعلم المنطقي والذي يشير إلى قدرة الفرد على التفكير والتعلم باستخدام الأرقام، وتَحليل العلاقات بين الأسباب والنتائج، ويتميّز الأشخاص الذين يملكون هذا الذكاء بأنّهم منهجيين ويُفكرون بطريقة منطقية، كما يكونون ماهرين في حل المشكلات الراياضية وقادرين على حل الألغاز والألعاب المنطقية.[٥]

الذكاء الاجتماعي

الذكاء الاجتماعي (بالإنجليزية:Interpersonal Intelligence) هو قدرة الأفراد على التواصل مع الآخرين، ويتميز السياسيون الذين يحظون بشعبية كبيرة وواسعة بهذه القدرة، كما يتمتع بها الأشخاص المتميّزون بجاذبيتهم. إنّ الإنسان رغم مقدرته على العيش وحده إلّا أنه كائن اجتماعي بطبيعته، لا يستسيغ الحياة بعيداً عن الناس؛ حيث إنّ الحياة مع الناس لا تهدف فقط إلى الحاجات الاقتصادية فحسب وإنما هي حاجة نفسية وجسدية أيضاً. يقول جاردنر إنّ الذكاء في العلاقات المتبادلة بين الأفراد هو القدرة على فهمهم لبعضهم البعض، وفهم ما الذي يُحرّكهم، وكيف يُمارسون أعمالهم، وكيف يتعاونون فيما بينهم، وقد حدّد أربع مواصفات للشخصية الاجتماعية وهي القيادة، والقُدرة على تنمية العلاقات والمُحافظة على الأصدقاء، ومَقدرة الفرد على حلّ الصراعات، إضافةً إلى مهارته في التحليل الاجتماعي.[٣]

الذكاء الفراغي (الفضائي)

الذكاء الفراغي (بالإنجليزية: Spatial Intelligence)، هو القدرة على تصوّر أشكال الأشياء في الفراغ، وتتمّ الاستِعانة به عندما يريد الأشخاص صُنع تمثال أو استِكشاف النجوم في الفضاء، ويرتبط هذا النوع من الذكاء بما يسمى بإدراك التواجد في المكان، وتختلف هذه المهارة من فرد إلى أخر، فبعض الأفراد تختلط عليهم الأماكن مثلا عند السفر لا يعرفون المكان الذي يتواجدون فيه، وهناك البعض الاخر الذي يستطيع العودة إلى مكان كان فيه قبل سنوات، وهناك بعض الأشخاص الذين لا يستطيعون تحديد الجهات حتى في المكان الذي يسكنون فيه.[٣]

يَرتبط الذكاء الفراغي بمنطقة تقع في النصف الأيمن من المخ؛ حيث إنّها لو تَضرّرت لسبب ما يَفقد الإنسان قدرته على تمييز الأماكن حتى المعروفة لديه، كما يَفقد القدرة على التعرّف على أقرَب الأشخاص له، وغالباً ما يَخلط النّاس بين هذا النوع من الذّكاء وبين ملكة الرؤية في العين التي تعتمد على حاسة البصر؛ إذ يجب التمييز بينهم فالذكاء الفَراغي مُستقل عن حاسّة البصر.[٣]

الذكاء الجسدي

الذكاء الجسدي (بالإنجليزية:Bodily – Kinesthetic Intelligence) هو الذكاء الذي يُسميه جاردنر بالذكاء الجسدي والحركي، ويُعدّ هذا النّوع من الذكاء من أكثر الأنواع التي اختلف حولها العلماء، ويُعرّف بأنه القدرة على تحكّم الفرد بنشاط جسمه وحركاته بشكل بديع، ويعتبر هذا الذكاء مهارة يمتلكها الرياضيون، وعارضو الأزياء، والراقصون، والأفراد المُتأنّقين بأجسادهم، ويُمكن لأيّ شخص سليم أن يتحكّم بجسمه وبتوازنه، ومع زيادة التمرّن على ذلك يستطيع أن يزيد من هذه المهارة، إلّا أن بعض الأشخاص يمتلكونها من دون أداء التمارين مثل لاعبي كرة القدم المتفوقين، ويُشار إلى أنّ لهذه المهارة علاقة وطيدة بالمخ؛ حيث إنّ كل نصفٍ من المخ يتحكّم بالجزء الآخر المضاد له من الجسم.[٣]

الذكاء الإيقاعي الموسيقي

الذكاء الموسيقي (بالإنجليزية: Musical Intelligence) هو الذكاءالمُرتبط بحبّ الناس للموسيقى، فنجد أنّ بعض الأشخاص لديهم إحساس بالموسيقى والإيقاع أكثر من غيرهم، سواء كانوا قد تعلّموا الموسيقى أم لا، وهناك بعض الأشخاص يكونون غير موسيقيين على الإطلاق، وذلك لا يؤثّر على مجرى حياتهم أبداً.[٣]

يُعرّف الذكاء الموسيقي بأنّه القدرة على التفاعل مع المادة الموسيقية قد يكون الذكاء الموسيقي مُتمثّلاً بدرجة العزف لمقطوعة موسيقيّة، أو توجيه الوعي في تدفّق الموسيقى مثل الحفاظ على وتيرة المَقطوعة الموسيقية.[٦]

الذكاء الروحي أو الخارجي

الذكاء الروحي أو الخارجي (بالإنجليزية: Intrapersonal Intelligence) هو الذّكاء المُرتبط بوعي الإنسان لنفسه وللعالم من حوله، كما يَرتبط بإدراك الإنسان للعلاقات التي تربط الأمور والظواهر المُحيطة به ببعضها البعض مهما كانت هذه الأمور بعيدةً أو منفصلة، أمّا وعي المرء لنفسه فيعني أن يتعمّق في نوعية مشاعره وماهية وجوده في الحياة، ويؤدّي هذا الوعي بدوره إلى تقدير الإنسان لنفسه والاعتزاز بها، وبالتالي تقوية شخصيته. إنّ ضَعف الذكاء الروحي من شأنه أن يقود إلى ضعف شخصيّة المرء، وضعف اعتزازه بنفسه، وبالتالي انقطاعه عن محيطه.[٣]

الذكاء العاطفي

إنّ ما يُميّز نظرية جاردنر أنّه أبقى الباب مفتوحاً لدخول أنواع جديدة من الذكاء غير المُشار إليها في كتابه؛ فقال إنّ هناك ما يقارب عشرين نوعاً من الذكاء غير التي ذكرها، وقد اجتهد غيره في إيجاد أنواع أخرى من الذكاء، وكان الذكاء العاطفي أحدها (بالإنجليزية: Emotional Intelligence) وهو حسب ما عرّفه جولمان قدرة الفرد على حثّ نفسه باستمرار لمُواجهة اي إحباط، إضافةً إلى القُدرة على التحكّم في النزوات، والقدرة على تنظيم الفرد لحالته النفسية، ومنع وقوع الأسى أو الألم والحزن عليها؛ حيث يؤدّي ذلك إلى إيقاف قدرته على التفكير.[٣]

الفائدة من تنوع الذكاء

إنّ تنوّع الذكاء له فائدة وأهميّة كبيرة؛ فهو يَزيد من تقدير الناس للقُدرات والمواهب المُختلفة التي لم تَكُن معروفةً على أنها من أنواع الذكاء، وخاصّةً بين الأهل والمُربّين؛ فلاعب كرة القدم المُتفوّق هو شخص ذكي وإن لم يكن متفوقاً في الحساب، أو لم تكن لديه القدرة على إلقاء كلمة أمام حشد من الناس، فهذه الأنواع من الذكاء نادراً ما يصفها الناس بأنّها ذكاء، بل يُقدرونها على أنها نوع من الشواذ أو الطفرات في المجتمع، ويَهدف هاوارد من فصله لأنواع الذكاء إلى أنّ امتلاك شخص لنوع منها يجعله مُستقلاً عن امتلاكه لأنواع أخرى، فمثلاً يتفوّق طالب في الحساب بينما يتفوق آخر في اللغات، وهكذا.[٣]

يُمكن أن يمتلك الفرد أكثر من نوعٍ واحد من الذكاء؛ فمثلاً من الممكن أن يكون المرء رياضيّاً وموسيقياً في الوقت نفسه، ويمتلئ التاريخ البشري بمثل هؤلاء الأشخاص مُتعدّدي المواهب بامتلاكهم لأكثر من نوع من أنواع الذكاء، ومن فائدة هذا التنوّع أنه عندما يُريد الفرد أن يختار وظيفة ما ليُؤدّيها فإنّه يَستطيع أن يؤدّي أكثر من وظيفة واحدة بإتقان.[٣]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى